الشاعر و الاديب علي الفشني

<< الحروف تبني صرحا إذا أوقدتها مشاعر صادقة >>

الحوار ومدى تأثره بشخصية الكاتب

الكاتب والروائي/ علي محمد الفشني

يلعب الحوار دورا كبيرا في انجاح الرواية ونقل الأحداث من مجرد الاستماع إلى الراوي بواسطة السرد إلى المشاهدة بعين الخيال لحوار يتجاذبه أبطال الرواية في عالمها الذي يبرزه الحوار ويوضحه.
كما أن الحوار يرسم شخصيات الرواية ببراعة أكثر من سرد الصفات سواء كانت مادية أو معنوية تكلم حتى أعرفك فالحوار يبرز الشخصية ويوضحها من أجل ذلك يعد الحوار عنصرا أساسيا في بناء الرواية وعنصرا يجلب المتعة والإثارة إذا حسن استخدامه ويستخدم كذلك في صنع الحبكة الروائية.
والحوار الناجح لا يبرح مخيلة القارئ وربما استوطنت بعض جمله وكلماته عقل القارئ فكلنا نتذكر جملة العبقري وروائي نوبل الاديب الكبير نجيب محفوظ في رائعته بين القصرين .. بضاعة أتلفها الهوى  والروائي العالمي وليم شكسبير في رائعته هملت .. أكون أو لا أكون والكثير والكثير من العبارات التي ما زال صداها يتردد بين القراء.
ولكن ثمة خطأ فادح يقع فيه الكثير من الكتاب بدون قصد حيث يتأثر الحوار بشخصية الكاتب فيبدو الحوار في الرواية وكأنه صادر من شخصية واحدة وهي شخصية المؤلف فأحيانا نجد لزمة في الحوار اكتسبها الحوار من شخصية المؤلف ونجدها تتكرر مع أكثر من شخصية في الرواية فتهوي بالحبكة الروائية إلى بئر سحيق وتخرج بالقارئ من عالم الرواية إلى عالم المؤلف ذاته واختزاله في شخصه.
لذا يتوجب على المؤلف أن يغادر ذاته أثناء كتابة الحوار ويتمثل في الشخصية التي يجري على لسانها الحوار ويتحدث بكل معطيات هذه الشخصية وإن شاء يخلق لها لزمة تناسبها وتتسق مع مكنونها.
ولما كان الحوار لبنة أساسية في بناء الرواية وعاملا رئيسيا في انجاحها لابد للمؤلف أن يستفرغ ما في وسعه لصياغة الحوار على النحو الذي يتفق مع الشخصية فيدع الحوار يتأثر بسمات الشخصية ويتشبع بها ويجعل بينه وبين الحوار حجابا لا يتجاوزه حتى يتناغم الحوار مع شخصيات الرواية وعالمها فيتمخض النتاج الذهني عن رواية تكون جديرة بالاطلاع.
وأما عن لغة الحوار فيرى البعض أن تتطابق مع اللغة الدارجة للشخصية فإن كان زمن الرواية معاصرا ويغلب عليه اللغة العامية حبذ كتابة الحوار بالعامية وهذه جريمة أعدها من الموبقات فالعمل الأدبي لابد أن يكون سليم البنية اللغوية فاللغة العربية الفصحى تكسب الحوار رونقا وجمالا ولا تؤثر في جودة الحوار وتعارضه مع الشخصية فهي وسيلة يتوجبها العمل الأدبي لنقل مرادف سياق الحوار بمفردات سليمة لغويا ولا يعد ذلك تأثرا بشخصية الكاتب شأنه شأن السرد ربما تكون لغة  الراوي العامية ورغم ذلك لا يكتب السرد إلا باللغة العربية الفصحى.
ويرى البعض أن العامية في الحوار ضرورة ملحة يغض الطرف عنها لنجاح الرواية والترويج لها لمسايرتها للغة القارئ وهذا خطأ كبير متى كانت اللغة العربية الفصحى ثقيلة على القارئ فرغم أن اللغة العربية غير شائعة في المحادثات والحوارات بين الناس في مجتمعنا المعاصر إلا أنها الأكثر تداولا في اعلامنا المرئي والمسموع والمطبوع وفي الأعمال المترجمة والمدبلجة وأكثر رواجا وأكثر متعة وإثارة.
فالحوار لابد أن يتأثر بالشخصية التي يجري على لسانها الحوار في سياق مرادفاتها وثقافتها مع الاحتفاظ ببنيته اللغوية مثله مثل السرد لا ينفصل عنه في بنيته اللغوية وكذلك لابد أن يتمتع باستقلالية تامة لا ينبغي أن يكون الحوار وكذلك السرد معبران عن شخصية الكاتب حتى لا تغادر الرواية عالمها إلى عالم المؤلف ويتفتق ذهن المؤلف في نهاية المطاف عن عمل أدبي مشوها مزدحما بالعيوب ويصبح فريسة يلتقمها النقاد ويرغب عنها القارئ.  

alihamed

علي الفشني

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 279 مشاهدة
نشرت فى 17 إبريل 2023 بواسطة alihamed

ساحة النقاش

علي محمد حامد

alihamed
أنا قلم متصل بالوجدان مداده سيل العواطف المتدفق من منابعه و الجاري على صفحات الحياة طابعا عليها بواعث الأمل »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

192,841