ماهو الاعتماد المدرسي ؟
![]()
يعد الاهتمام بجودة التعليم أحد أهم مؤشرات تقدم أي دولة، وفي الآونة الأخيرة أصبح هناك اهتمام كبير بتطبيق المعايير الدولية في مجال التربية والتعليم، في المدارس والمعاهد على وجة الخصوص، باعتبار أن التعليم يمثل حجر الأساس للتطور والنمو الاقتصادي والحضاري لأي دولة. ولم يعد تحقيق الأهداف في مستوياتها الدنيا الغاية التي تقف عندها جهود الأفراد والمؤسسات وإنما أصبح الوصول لدرجة عالية مقبولة من التميز في إتقان العمل وارتفاع مستويات الأداء هو ما تسعى اليه المجتمعات والدول المختلفة. وحتى تلحق المدارس بركب التجديد، فقد انتقل مصطلح الجودة من مجال الصناعة لمجال التعليم، ويرجع ذلك لعدة عوامل، منها أن التعليم يعتبر من أهم عوامل إحداث التغيير في المجتمع وتنمية الموارد البشرية. وتشير الكثير من الدراسات إلى أن أغلب المشكلات الجذرية في المجتمع المدرسي مشكلات تنظيمية، يمكن مواجهتها بشكل جاد بالأخذ بنظم الجودة، التي توضح مواطن الضعف والقوة.
وقد أوضحت الدراسات الحديثة فشل محاولات الإصلاح في التعليم في معالجة عدد من المشكلات الأساسية وهي:
1) التركيز غير المناسب على الموضوعات الأكاديمية.
2) نقص التقويم.
3) الأداء الضعيف لهيئات التدريس.
4) غياب القيادة.
ويحتاج الإصلاح تغييرًا أساسيًا كما توضح نظريات المنظمات، وأن التغيير يصبح منهجيا عندما تتبناه المدارس في منظومة متكاملة، في أدائها، وثقافتها، وبنائها.
وقد قامت المدرسة - بوصفها ركنا مهما من أركان الحضارة الإنسانية - بدور بارز في استمرارية انتقال معارف الإنسان من جيل إلى آخر، وفي كونها الوعاء الذى يستوعب التراكمات الحضارية والحقائق الموثوقة، وهو الأمر الذي حفظ حضارة الإنسان وجعله يتعامل بوعى مع متغيرات العصور المتعاقبة مواكبًا ما يستحدث فيها، دون نكوص لنقاط بداية جديدة كل حين أو تردد، أمام مفاجآت غير متوقعة يحملها له المستقبل.
قامت المدرسة بدورها منذ فترات سحيقة في تاريخ البشرية، وربما عاصرت بداياتها تعلم الأبجدية وتسجيل الإنسان لأولى خبراته ومعارفة بهدف حفظها ونقلها للآخرين.
وحققت المدرسة أهدافها بأساليب متنوعة، وبدرجات مختلفة اكتسبت بها رضاء المجتمعات المتباينة التي عملت فيها من خلال تعبيرها عن رؤى وأهداف هذه المجتمعات، كما أوفت بأغلب المتطلبات التي عهد لها القيام بها.
غير أن روح المنافسة الشديدة في العصر الراهن، التي اتسعت آفاقها نتيجة لثورة الاتصالات، والاختلافات في نوعية المتعلم المستهدف وما يتوقع منه من مهارات، وحجم الاستثمارات المجتمعية التي أصبحت تخصص للتعليم، ومفهوم التميز الذى أصبح أكثر إلحاحا في عصرنا الراهن، كل ذلك أدى لبروز احتياج جديد يحكم النظرة إلى التعليم ككل بوصفه منظومة شاملة يتعين أن تحكمها فلسفة مختلفة تماما تنطلق به إلى عهد جديد يستوفي اشتراطات ومعايير تعبر عن التميز وتتضمن رؤية استراتيجية للمستقبل.
تمثل هذا الاحتياج الجديد في مفهوم «الاعتماد» الذي اكتسب قوته منذ حوالي نصف قرن ليكون بمثابة حزمة محددات لوحدات المنظومة المدرسية المتكاملة في مراحلها المختلفة، وهي المنظومة التي تشمل التلميذ وما يتعلمه ومواصفات ما يتعلمه، والطريقة التى يتعلم بها، والمكان الذي يتعلم فيه ومواصفاته، والإمكانات المتاحة، والوسائل المتوفرة فيه لتقديم العناصر التعليمية المختلفة، وإمكانات الوصول المباشر إلى مصادر المعلومات، والإفادة من كل الإنجازات التقنية في مجال المعلومات والاتصالات.
منظومة شاملة تتضمن إتاحة الفرص أمام التلميذ لتطبيق واختبار مهاراته التي تعلمها في بيئة المدرسة المقننة، وفي إطار أوسع يمتد باتساع المجتمع كله يتيح له حرية الاختيار وإعمال روح المبادرة، مجتمع يوفر له فرص المشاركة في أنشطته البناءة والاستمتاع بأنشطته الترفيهية كجزء من برنامج إعداده وتعليمه، انطلاقة للتلميذ في مجال أوسع للاختيارات، وأكثر وضوحًا في الالتزامات والمسؤوليات.
تشمل المنظومة أيضًا المعلم، وتأهيله وتدريبه، ورؤيته لدوره، وطرق تفعيل هذا الدور، مشاركته في تنمية تلاميذه، وفي تنمية قدراته والانفتاح على مصادر الخبرة والمعلومات بلا وسيط وبلا حدود أو قيود، والمشاركة في صناعة السياسة التعليمية واتخاذ القرارات، ومواجهة متطلبات المجتمع والصمود والنجاح في اختبارات المجتمع ومحاسباته.
منظومة تشمل رسالة المدرسة وفلسفتها وسياساتها وأهدافها، كما تشمل بنيتها التنظيمية، والقواعد واللوائح التي تسيرها وتحكمها، وأساليب التقييم التي تخضع لها والمعايير التي تستوفيها، والمحكات التي تحكم أداءها.
أصبح كل ذلك مجتمعا هو ما يتلخص في مفهوم موجز وواضح هو مفهوم « الاعتماد المدرسي»ACCREDITATION SCHOOL.



ساحة النقاش