<!--<!--<!--[if gte mso 10]>
<style>
/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:"Table Normal";
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:"";
mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt;
mso-para-margin:0in;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:"Times New Roman";
mso-ansi-language:#0400;
mso-fareast-language:#0400;
mso-bidi-language:#0400;}
</style>
<![endif]-->سوف أنطلق في تناول هذا المفهوم من خلال بعدين أساسين يكمل أحدهما الآخر كمدخل في التعرف على هذا المفهوم:
1- نمو الذات هو اللبنة الأولى للتكيف مع الواقع والبيئة المحيطة، معيار التكيف هو أحد أهم المعطيات للصحة النفسية والعقلية.
2- الانتماء لحقبة زمنية ما من حيث المعاش المعاصر مبني على عدة انتماءات للماضي والمستقبل.
فمفهوم البيئة المحيطة اختلف اليوم وبات غير قابل للحصر بانفتاح العالم الدولي هذا الانفتاح المجتمعي الدولي بكل الحدود وكل الاتجاهات، وهذا الانفتاح بات معيار للتكيف مع العصر الحديث وعدم العزلة عن التاريخ ويكون التساؤل المطروح لكلّ منا بأن الانتماء لبلد ما أم الانتماء الكوكبية الأرضية والجواب يكون دائماً جدلي غير نهائي. كما أن تطور الحضارة ونشوءها لامست الإنسان في اكتشافه لنفسه ولغيره ولا يمكن حصرها بشعب واحد، بل هي نتاج لكل ثقافات الشعوب، العولمة اليوم تهدد الهوية بحيث طالت ثقافة الشعوب وتقاليدها التي كانت إلى عهد قريب عوالم تكتنفها الغرابة والقداسة والخصوصية.
في أوربا والعالم الثالث: اختلط المفهوم الثقافي بالمفهوم الحضاري ردحاً من الزمن، من حيث أن الحضارة لها بعد مادي والثقافة لها بعد استناري وتهذيب للذوق وتقوية ملكة النقد والمعايير النقدية التي تحتوي على المعارف والمعتقدات والأخلاق في مجتمع ما. بالإضافة لهذا الفرز لمفهومي الثقافة والحضارة التي صنعهما في النهاية الإنسان، يلزمنا لتوضيح مفهوم الهوية الإنسانية الرجوع إلى الانتروبولوجيا والخوض فيما توصلت إليه البيولوجيا،.
في هذا السياق تأتي النظرية النشوئية التي طالت الإنساني في تيارين يتحكمان في تطوره وتقدمه:
الأول: التاريخ شهد على تطورات هائلة للإنسان والمجتمع من حيث اعتناق الأديان والمبادئ الأخلاقية، الذي نقل الإنسان من الظلام إلى النور ومن الجهل إلى العلم ومن الهمجية إلى الإنسانية. ومن الأنانية إلى التعاونية. هكذا طور الإنسان مفاهيمه وقيمه ومعتقداته بتراث تاريخي دون توقف.
الثاني: علم حديث يعتمد على التحولية والتغير في ضوء المكتشفات العلمية النباتية والحيوانية وعلم الفلك والتيار البيولوجي علم نشوء الإنسان والأحياء إلى علم الاستنساخ اليوم، فهذا التطور في المجال البيولوجي يأتي كجواب على التغيرات التي يمكن أن تطرأ على الكائن الحي دائماً. الفلسفة النشوئية تمثل خلاصة التيارات العلم نفسية والخضوع لمبدأ الارتباط كل ذلك ضمن علم الأعصاب وعلم النفس / سبنسر/ يشابه بين نشوء الإنسان وبين نشوء المجتمع إذ يرى أن هناك تأثير مستمر مابين النفسي والاجتماعي، فتطور المجتمع لاشك لا يأتي إلاّ بتطور المفاهيم النفسية وهنا وعلى رأي "سبنسر" أيضاً تكون الصراعات ما بين الاجتماعي والفردي على صعيد الميول والغرائز والكف عن أسبابها في سبيل الحفاظ على صور الجماعة.
وهذا المحور هو الأساس في النظرية "الفرويدية" التي غيرت الفهم للإنسان وحاجاته ونموه النفسي، وكان من اكتشافات في هذه النظرية أربعة أمور هي كما يلي:
1- النظرة القطبية للعالم والحياة: الشعور واللاشعور، غريزتي الموت والحياة، الاكتئاب والاهتياج....
2- اللغـة: للغة موقع أساسي في النظرية الفرويدية، حيث كان المنهج العلاجي للإمراضية النفسية وفق النظرية الفرويدية / التداعي الحر للأفكار المعبر عنها بالكلام التي يسهم في تحرر المريض من الأوهام والأرق والقلق، لأن اللغة في تكوينها وبنيتها تعطي التصور للمصير المشترك الحقيقي للنفس البشرية، الإنسان كليم الله/موسى كليم الله، عيسى ابن الله، محمد والإعجاز اللغوي الذي جاء على يديه، من هنا أسئ فهم النظرية الفرويدية لأنها رجعت إلى الأديان والأساطير واعتبرتها ميراث ثقافي لا يمكن إغفاله إذا أردنا فهم الإنسان، رغم أن "فرويــــد" دخل إلى الفهم النفسي من منطلق الفهم البيولوجي والعصبي حيث لا يخفى عليكم أنه كان طيباً.
"الفرويدية" أعلت من شأن اللغة بكل أشكالها الشفهية وزلات اللسان وزلات القلم في فهم اللاشعور البنية الأولية للإنسان من حيث هو ثقافي متراكم تختزنه ذاكرة الجسد، إلى أن الفرويديين الجدد طوروا هذا الفهم للغة لأبعد من ذلك ولاسيما المفكر و المحلل النفسي الفرنسي "جاك لاكان"، الذي قال بأن اللاشعور مبني كبناء اللغة وهذا التوجه يزيد من إعلاء شأن اللغة في أساس فهم البنية النفسية، وكذلك مصطفى صفوان الذي أكد في كتابه / الكلام أو الموت / الذي ركز فيه على أن امتلاكنا للتعبير والإفصاح هو معيار حياتنا وفعاليتنا وعندما تتعطل لغة الكلام يكون الموت قد حل بالإنسان. هناك مثل انكليزي يقول: "يتناقل أو نتحاور".
3- المعطى الثالث للنظرية التحليلية: هو الجنس بما له من أهمية في حياتنا والتكلم عنه بصراحة وفق المستوى العمري أمر هام للغاية، لأن يبقى في حقل اللا يقال / الكبت / والكبت الذي ثبت علمياً أنه الأصل في كل العلل.. لذا موضوع التربية الجنسية محور هام من المهارات الحياتية التي ينبغي العمل عليها مبكرا، لأنها تهيئ الناشئة للأدوار الاجتماعية التي تنتظرهم في حياتهم ما بعد الدراسة، فالجنس هو المنطلق الأولي من مبدأ الهوية الجنسية، نقول لشخص ما هي جنسيتك، على جواز السفر لكل شخص الجنسية تعني هوية البلد، سوري، مصري، فرنسي... والكلمة تشير إلى الجنس والتجانس والجنسية وكلها تشير إلى الفارق التشريحي الذي يميز الطفل الذكر من الطفلة الأنثى، فهناك العلاقة بين الذات والذات الأخرى، ابتداء من العلاقة الذاتية للإنسان مع نفسه، فعندما يفكر لوحده لا يمكن أن يخرج من أناه في نظر الأخر، فالأنا الفردية والنمو الاجتماعي في اتصال مستمر بين الطرفين.. فلنأخذ الإنسان العربي مثلاً ليس عنده تصورات لذاته من دون الجماعة الفردية والعكس يجعله منبوذاً وكل شيء من حولنا يشير إلى هذه المشاركة الساحات، الصلاة، الجامع، الجمعة، الأعراس وطقوس الوفاة.
وهذه الفلسفة الدينية التي تحيي روح الجماعة وتناسي الروح الفردية، الآن في برامج التنمية البشرية يركز عليها من خلال عمل الفريق والاستثمارات المساهمة إلى آخره من الأشكال الأخرى للعمل الجماعي. فالفرد دائماً تواق إلى الأخر الاجتماعي / القيمة الاجتماعية / "جاك لاكان" يسميه الأخر الكبير الذي هو مصدر شقائنا وسعادتنا فلا يمكن تلافيه في أي نظرية نفسية لأنه جزء من الواقع النفسي، يميز "لاكان" مفهومين للأخر، الآخر الصغير / القرين، الآخر الكبير / الأنا المثالي، فالذات في اتصال دائم مابين الخارج والداخل، فما هو داخلي يصبح خارجي مرات وما هو خارجي يصبح داخلي، فهذه النفس متواصلة وموزعة إلاّ في علاقتها في حقل الآخر الكبير، والانفتاح الحاصل من خلال التأثير الذي يطال المعتقدات والعادات الثقافية الخاصة بكل شعب مما يسبب البلبلة والارتباك سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي أو النفسي التحليلية والخبرة اليومية تؤكد أن الإنسان إذا تكلم قال أكثر مما يعرف.
والسؤال من أين تأتي هذه المعرفة التي تعدت حدود الكلام، عند التحليلين النفسيين اللاوعي مصدر هام لمعرفة تجهلها الأنا الواعية بالاستناد إلى تراثنا وثقافتنا الموروثة عبر الأجيال، فاللاشعور الجمعي عند "يونـــغ" أكدت ذلك، وهناك عالم نفس تحليلي آخر هو "غريزنجـــر" يقول: أن محور الأنا، أساس للتعامل مع الداخل والخارج فقوة الأنا وصلابتها ووحدتها تحدد مدى تعرض الشخص للإمراضية النفسية.. فالأنا قابلة للتغيير حسب العمر والظروف الخاصة والعامة، "ماينــرت" الفرنسي يقول الأنا تظهر منذ الولادة وهي ما نسميها الأنا البدائية ومن ثم تتكون الأنا الثانوية التي بحكم الخبرة واكتساب المعرفة يصبح لها قدرة الرفض والأبعاد أي بمعنى الكبت مستنداً على قاعدة عضوية لهذه الأنا مركزها الدماغ المكون من خلايا متعددة الأجناس ترتبط ببعضها بسلسلة الظهر مصدر الحركة. اللغة عند "ماينرت" ليست إلاّ نتيجة للترابط الحر أي الصوتي مابين الصور المرئية والتقائها بالأصوات المسموعة أو الأشياء المحسوسة أو الأشياء المحسوسة الملموسة.
بهذه النظريات علم النفس انفصل عن الفلسفة وأخذ نتيجة نحو علم نفس فيزيولوجي مبني على الاختبار وتشريح الأعصاب انطلاقاً من الوظائف العصبية المبسطة إلى نظرية تكّون الفكر والعاطفة واللغة.
النظريات الحديثة لفهم الإنسان اعتمدت النظرة الشمولية من كون الإنسان كائن حي يتحرك في العالم ضمن إطار شبه هرمي انطلاقاً من الوحدة الحسية الحركية إلى البعد العاطفي ومن ثم في قمة الهرم تحكم العقل. وهناك النظرية الأخلاقية التي ابتدأها "جان جاك روسو" الذي يؤكد على أنه على التربية أن تساهم في التطور المستمر وتساعد على كبت المرحلة السابقة لأنها لا تتجانس مع المفهوم الحضاري الحديث. "ريبوت" العالم الفرنسي فرق بين المنطق العاطفي والمنطلق العقلاني لفهم الإنسان وتشكيل الأنا وبالتالي الهوية، المنطق العقلاني هو نتاج تجارب الشعوب مجتمعة ويؤكد على ثلاث مراحل لفهم المنطق العقلاني وتبعاً للنظرية النشوئية في فهم تطور مفهوم الأنا/الهوية. كما يلي:
1- الهالة البدائية الفوضوية التي كانت تسودها إباحية العلاقات الجنسية دون تحريم.
2- التعريف بالأم وتحريمها نظراً للعلاقة العضوية ما بين الأم والولد لا يحتاج إلى افتراض الغيب بل هي علاقة حسية واقعية عيانية.
3- التعريف بالأب واكتشاف دور الأب كان له التأثير الأساسي في تحويل الفكر من المنظور إلى الغير منظور، الشيء الذي مهد لانتقال الفكر من الحقل العضوي الموضوعي إلى الرمزي التجريدي/القانون.
وبذلك الفهم المؤثر لمفهوم الذات ينطوي الحديث حول أهمية الجنس ومعرفة نشوئه، حيث أن المعرفة الجنسية تبدأ من الطفولة الأولى وتتكون من خلال الهوامات انطلاقاً مما يرى الطفل ويسمع ويصبح عنده الفهم لجنسه قبل نهاية العام السادس من عمره. حيث أن الشعور بالذات يبدأ من إدراك ذاتنا في عيون أبوينا ولاسيما عين أحد الأبوين من الجنس المختلف لجنسنا. إذ بإدراك الاختلاف والتشابه تكون بداية بزوغ الأنا، لأن مفهوم الهوية يحصل من أحادية الدال الذي يتماهى به الطفل مع الجنس المختلف للأبوين، فالفهم لمعنى الهوية الجنسية الأولي لا لموضوع نقصان بالنسبة للطفل لا يكمل هذا النقصان إلاّ عن طريق الجنس المختلف لأحد الأبوين.
لكي يحصل التعريف بالهوية الجنسية لابد من وصف لغوي تجد فيه الكلمات معناها وتفك رموزها من خلال الطلب عند الآخر الكبير المتمثل بالأم من خلال اللغة الأم وبذلك الاهتمام بالتربية الجنسية جزء هام من الاهتمام بالنمو العام وتكوين الشخصية والسلوك والعادات المتبعة في المجتمع، أما مفهوم الجنسية في التحليل النفسي فهو مرادف لمفهوم الحب بأوسع معانيه فهو يتضمن حب الذات وحب الوالدين والأولاد والصداقة وحب الإنسانية عامة إلى الحب الدال على الاتحاد الجنسي بين الزوجين الذكر والأنثى إلى التعلق الحميم بالموضوعات العيانية والأفكار المجردة أي الحب الوجودي الذي هو إفصاح عن الوجه الإنساني للإنس والمؤانسة / التكاثر والتوالد فقط وإنما التعاون والتعارف، التعارف من المعرفة ولاشك أن المعرفة في نهاية الأمر نشاط عقلي إنساني اجتماعي لأن الحياة ليست الفرد بل هي حب الناس ولا كيان للفرد إلا بوجود الآخرين. فالجنس عند الإنسان متغير تابع لا متغير مستقل والتغير في أشكال الحياة الجنسية يقع من التغيرات التي تطرأ على الحياة الإنسانية في أشكال العمل والإنتاج وأشكال التحولات الإيديولوجية والعقائدية، فدخول الإنسان عالم الآخر الكبير هو الذي يحدد هويته الجنسية والنقصان الذي يتبعه من هنا تنشأ الرغبة وتتكون لأن طلب الحب بعد إكفاء الحاجة هو الضمانة الرمزية لاستمرارية هذا الحب.
في المراهقة نجد أنه تصبح للمراهق هويتان الأولى هوية شخصية، والثانية هوية جنسية والهوية الشخصية تتأسس على نمو الهوية الجنسية فمثلاً الخبرات الحسية الحركية التواصلية هي التي تجعل الفتاة تكون على مستوى قدرتها على الانتماء والتزاوج والرباط العاطفي مع الأم في الطفولة الأولى له الأهمية المحورية في النضج النفسي، فإذا حظي الطفل بالقبول غير المشروط والرعاية في علاقة وثيقة ومستقرة مع الأم تتكون لديه الطمأنينة القاعدية وينمو الفهم الايجابي عن الذات والعلاقات الاجتماعية عموماً. إذ أن الفهم الصحيح للهوية الجنسية في عالم البشر يؤدي إلى أن يصير الذكر رجلاً والأنثى تصبح امرأة وهذا الانتقال من الطبيعة / الفهم الغريزي إلى الشريعة / الفهم الأخلاقي والقانوني.
المحللة النفسية الشهيرة "فرانسواز دولتو" تركز على ضرورة تعليم الأولاد إلى جانب التنشئة الاجتماعية الخاصة بالحياة البيولوجية للتكاثر تعليمهم القيم الأخلاقية للحب والرغبة في الإنجاب والمحرمات بين الأخوة والأخوات والابن والابنة التي هي بالنسبة إلى “دولتو” أمور أساس في التربية الجنسية، لأن الهو يقع خارج دائرة الأخلاق الاجتماعية وليس لمفهوم المحارم أي دلالة بالنسبة له، مثلما هو الحال عند الثعلب أو الأسد فليس لمفهوم القوة أي دالة عندهم بل هو فهم غريزي اندفاعي. فاللبيدو أو الطاقة الجنسية يحتوي على الاندفاعات الغريزية النزوية بالإضافة إلى كونه بنية تكوينية للذات تمكن الإنسان من المضي والتطور بالحياة عبر وعي حاجاته وتحكمه باللغة وتحجيم مخاوفه عن طريق الترميز والتخفيف من وطأة المجهول وهذا الأمر مرهون بالتطور المعرفي الذي تحدث عنه "جان بياجيــه" الذي يرى أن التطور والارتقاء المعرفي يحدث أولاً ثم يتبعه الارتقاء اللغوي، هذا النمو اللغوي المؤسس للهوية الشخصية من حيث التعبير عن النفس عبر اكتساب المفاهيم والمعتقدات الخاصة في كل بلد، فهوية البلد من هوية أبنائه وقيمه من قيمهم وموروثهم الثقافي والعكس بالعكس.
أما أننا اليوم في هذا الزمن المعاصر، نجد أن الكونية مبنية ليس على الخصوصية للأفراد أو البلدان بل على الانصهار في المجموع وضياع التفاصيل التي تحكم التنشئة للأفراد من خلال المفاهيم الجديدة التي نسمعها، من كون العالم قرية صغيرة، القرية الكونية... هذه المفاهيم التي روجت لها الدعاية والإعلام من خلال ثورة المعلومات التي كان من نتيجتها زيادة عصاب القلق ومقدار الجهد الذي يلزم أن يبذل لتحقيق التكيف مع المتغيرات السريعة في البيئة المحيطة. فغدا المعيار الحضاري اليوم مرهون بمقدار ما يستطيع الشخص استهلاكه من المنتجات والاستفادة بأكبر قدر من المعطيات التكنولوجية لهذا العصر، وهذا ما ولّد نمو للعولمة العنيفة، ففي حين العولمة تعني التشابه والتوحيد في مظهرية الشكل في الاستمتاع، إذ نجد أن النموذج الأمريكي في الاحتكار وليس النموذج القيمي أو الثقافي فمثلاً، الببسي أصبح بلا منازع هو المشروب المشترك في كل المجتمعات ومشروبات كثيرة محلية استبعدت بل وتغدو أن تنسى. فالنموذج الأمريكي يروج بأنه هو القابل للعولمة بحكم قوة الإنتاج والاحتكار.
لن أنهي كلامي بهذه الفكرة القاسية المتشائمة، بل أؤكد على أهمية المناعة النفسية التي نتشربها من الأمهات الرائعات المدركات والمحبات لوظيفتهن الأمومية بشكل كبير، من كون الأم لا تعطي فقط الحليب بل تعطي التماسك والثقة والطمأنينة اللازمة في التعامل مع المتغيرات الجديدة في حياتنا العامة والخاصة، من خلال التنشئة القيميّة التي نتشربها من خلال العلاقة المتفهمة والغير مستعجلة على نمو طفلها بل تعطيه الوقت الكافي في الاستكشاف واللعب والاحتواء، العالم الفيزيائي الشهير "باسكـــال" يقول: الكثير من المعرفة العلمية يقربنا من الله والقليل منها تبعدنا عن الله، لذا أتلمس أن يكون إيماننا بالتطور المعرفي القائم على الشك والبحث والتمعن بمقدرة الخالق لا التمسك الديني المبني على التقليد والحفظ والاستظهار بل على الاستبصار، وبذلك يكون صمام الأمان للحفاظ على هويتنا الثقافية العربية...
المصدر: الكاتب: د. مرسلينا شعبان حسن
نشرت فى 31 يوليو 2012
بواسطة alenshasy
هدى علي الانشاصي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
10,408,416
ساحة النقاش