<!--[if !mso]> <style> v\:* {behavior:url(#default#VML);} o\:* {behavior:url(#default#VML);} w\:* {behavior:url(#default#VML);} .shape {behavior:url(#default#VML);} </style> <![endif]--><!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

دفعني إلى كتابة هذا البحث العديد من العوامل نجعلها فيما يلي :

1.   أن تخصص الباحث في مجال علم النفس و الأمراض النفسية قد أكدت له عمق مأساة الإنسان المعاصر من حيث زيادة ضغوط إيقاع الحياة مما أوقعه فريسة للعديد من الإمراض النفسية و العقلية و الانحرافات السلوكية و يؤكد كل ذلك العديد من الشواهد و الملاحظات و الإحصاءات و الحالات المرضية و لعل أهم أسباب هذه الأمراض و الانحرافات عدم تغلغل الدين في النفس و لان الإيمان يعصم و يقي الإنسان من شرور عديدة .

2.   أن كافة الدراسات – في مختلف أنحاء العالم – قد أكدت علي ضرورة أن يكون للإنسان عقيدة و أن لا يكون هناك انفصام بين ما يعتقد و يؤمن به وبين سلوكه الفعلي و أن هذا الانفصام يقود إلى العديد من الاضطرابات أهمها الاغتراب عن النفس و الآخرين بل و عن الله و لذا فان العديد من الدراسات تفرق مثلا بين التدين الظاهري و التدين العميق و شتان ما بين الاثنين من فوارق و اختلافات .

3.   أننا نستطيع أن نصف و نحدد و نشخص العديد من مظاهر الانفصام بين العقيدة و السلوك في الشخصية المسلمة و لعل التشخيص هو أولى خطوات العلاج .

4.   توجد لدي العديد من المفكرين و العلماء بعض التصورات الخاطئة عن الإيمان و العقيدة و الإسلام مثل عجز الإسلام مثلا عن وضع حلول للعديد من المشاكل إذ أن الإسلام يجب أن يكون في جانب و العلوم في جانب آخر و انهما أشبه بخطي القطار لا يلتقيان .

و الواقع أن هذه النظرة خاطئة بدليل أنني سأقدم علاج الإسلام للعديد من أمراض العصر ( القلق – الاكتئاب – الإمراض السيكوسوماتية – و كذا علاج الإدمان ) .

و لا ذلك استبعاد الإسلام عن علاج المشاكل الأخرى و لكن لضيق الوقت و المساحة نكتفي بذلك .

1.   أهمية التدين للإنسان :

إذا كان أرسطو قد عرف الإنسان بأنه حيوان ناطق أي مفكر فقد عرفه غيره من الفلاسفة بان حيوان متدين . فذهب هيجل مثلا إلى أن الإنسان وحدة هو الذي يمكن أن يكون له دين و أن الحيوانات تفتقد إلى الدين بمقدار ما تفتقد إلى القانون و الأخلاق ذلك لان التدين عنصر أساسي في تكوين الإنسان والحس الديني إنما يكمن في أعماق كل قلب بشري بل هو يدخل في صميم ماهية الإنسان مثله في ذلك مثل العقل سواء بسواء و الإنسان بفطرته لا يملك أن يستقر فهذا الكون الهائل فلابد له من رباط معين بهذا الكون يضمن له الاستقرار فيه و معرفة مكانه في هذا الكون الذي يستقر فيه و لذا لابد له من عقيدة لان حاجه الإنسان إلى العقيدة حاجة فطرية مركزة في فطرته مغروسة في شعوره و مخلوطة بدمه و عصبة و ذلك لان العقيدة تحدد علاقة الإنسان بربه عز و جل و لذلك قال الرسول ( ص ) في حديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه ( ما من مولود إلا يولد علي الفطرة ) .

و لذا فان الأصل هو الإيمان بالله بالرغم من أن البعض قد لا يصل إلى هذه الفطرة إلا أن الاعتراف تربوية الله وحدة فطرة في الكيان البشري و أن التوحيد ميثاق معقود بين فطرة البشر و خالق البشر منذ كينونتهم الأولى .

و العجيب أن كلمه ( الكفر ) في اللغة العربية تؤيد هذا المعني فكفر يعني غطي و ستر و الكافر هو الزارع لستره البذر بالتراب و هو الليل المظلم لأنه ستر بظلمته كل شئ و بهذا المعني يكون الكافر بالمعني الديني هو الذي يغطي إيمانه و معتنقة من الظهور و لذا فان التدين شئ غريزي في الإنسان ويعد أمرا عاما بين جميع الناس و يصبح الإنسان في حاجة إلى من يوقظ هذا الاستعداد الفطري و يبعده عن النسيان و يبعثه من أعماق اللاشعوري فيظهر راضيا جليا في الإدراك و الشعور و بذلك تتحقق الوحدة بين الإنسان و الكون .

و لقد كرم الله الإنسان بالعقل و جعل التفكير فريضة إسلامية علي حد زعم العقاد إلا انه في نفس الوقت أودع فيه نفسا أمارة بالسوء و لذا فان الإنسان يعيش في صراع بين عقلة الهادي إلى الصراع و بين نفسه الأمارة بالسوء و لذا فقد جاءت الرسل لهداية الإنسان و تحديد طريق الله .

و بالرغم من تعدد الديانات إلا أن الخط العام المشترك بين الديانات جميعا هو تصحيح العقيدة أولا ثم معالجة الإمراض الخلقية و الاجتماعية الموجودة في تلك البينات .

قال الله تعالي ( و لقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) .

و قال الله تعالي ( و ما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) .

و قال الله تعالي ( شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا و الذي أوحينا إليك و ما وصينا به إبراهيم و موسى و عيسي أن أقيموا الدين و لا تتفرقوا فيه ) .

و لعل الإسلام قد أكد كل ما سبق .

و لذلك فان الإنسان حين يؤمن و تتكون لديه العقيدة فانه يطيع دون حاجة إلى رقيب فالرقيب في النفس و الله حاضر شاهد تراه عين البصيرة و لا يغيب عنها قط و هذا ما يمثله قول الرسول ( ص ) : ( أن تعبد الله كأنك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك ) .

كما أن الإيمان يشفي من جميع الأسقام و العلل و المحن و الشقاء و التعاسة .

و لذا فان عدم الإيمان يجعل الشخص عرضة للوقوع فريسة لمحن الحياة و مشاكلها سواء بالانتحار أو إدمان الخمر و المخدرات لذا لا عجب أن نجد العديد من الدراسات ( في بيئات مختلفة ) قد ذكرت مثلا أن التدين يقي الإنسان من الوقوع في أمراض العصر خاصة القلق و الاكتئاب كما أن المتدينين أقل تعرضا للضغوط النفسية و ما يترتب عليها من أمراض عصرية مثل الضغط و السكر و أمراض القلب و غيرها كما وجدت أيضا العديد من الدراسات أن المتدينين اقل عرضة للوقوع في الإدمان أو الأقدام علي الانتحار ذلك لان التدين و الثقة بالله تجعل الإنسان مطمئنا واثقا و متقبلا لكافة متغيرات الحياة لأنه موقن في قرار نفسه أن كل ما يأتي من الله للإنسان فهو خير سواء كانت نعما أم نقما .

مشكلة الدراسة تتلخص في :

يعاني العديد من المسلمين بعض المشكلات إلا أن المشكلة التي سنختار تناولها هي :

التناقض بين أقوال المسلمين و أفعالهم مما يعرف في لغة العلم الحديث بوجود انفصام بين القول و الفعل هذا التناقض لاشك يقود إلى العدد من الاضطرابات سواء علي المستوي العام ( مستوي الشعوب و الدول ) أو مستوي خاص ( مستوي الأفراد ) و أن كنا نظن أن هذا التقسيم ( العام و الخاص ) يقصد به فقط التوضيح و الدراسة لان كلا المتويين يؤثر علي بعضهما البعض حيث يصبح ما يعد خاصا عام و العكس بالعكس .

تحديد المفاهيم :

سوف نتناول ثلاثة مفاهيم هي : الانفصام – العقيدة – الدين السلوك .

أولا : الانفصام :

و نعرف إجرائيا بوجود فجوة أو هوة بين الاتجاه اللفظي ( ما يقوله الشخص لنفسه و الآخرين ) و بين الاتجاه العملي ( أي ما يسلكه فعلا في مواجهة مواقف محددة ) .

و لقد شغلت هذه القضية العديد من علماء علم النفس الاجتماعي – كمثال – و استفاضوا في بيان أسباب ذلك و اختراع العديد من المقاييس و الاختبارات التي تحاول سبر أغوار هذه الظاهرة .

ثانيا : الاعتقاد :

و يعرف في معجم العلوم الاجتماعية ( 1975 ) بأنه :

1.   عقد الحبل ربط و الاعتقاد في مدلوله اللغوي ضرب الارتباط بأمر معين .

2.   و في مدلوله الاصطلاحي التصديق الجازم بشيء ما و اليقين و الإيمان اسمي درجات الاعتقاد .

3.   درس الاعتقاد سيكولوجيا و اجتماعيا و لوحظ أن للوجدان و العاطفة و خلافة و كذا العقل إضافة إلى الثقة و احترام بعض الشيوخ و رجال الدين .

و يقترب من معني الاعتقاد كلمة الدين و يعني لغويا : الجزاء و المكافأة يقال ( دانه ) بدين ( دينا ) أي جزاه و يقال كما تدين أي تجازي بفعلك و بحسب ما عملت .

و من الجدير بالذكر أن دراسة الأديان قد بدأت تهتم بها العديد من العلوم الإنسانية مثل الانتربيولوجي – الفلسفة – الاجتماع – علم النفس و الذي علي سبيل المثال قد تطور إلى العديد من الفروع مثل علم النفس الاجتماعي الديني و علم النفس التربوي الديني و هكذا .

ثالثا : السلوك :

و هو موضوع علم النفس ذلك الذي يدرس السلوك الإنساني بأوسع معانية بحيث يشمل نشاط الإنسان في تفاعله مع بيئته و عناصرها المختلفة .

و السلوك بهذا المعني يشمل نشاطه الظاهر كما يتضمن ما هو غير ظاهر أو غير مدرك إلا من صاحبة مثل التفكير – التخيل – التذكر كما يتضمن ما لا يستطيع أن يدركه الشخص ذاته مثل ما يكمن داخل النفس من دوافع و رغبات لا يشعر بها صاحبها لأنها لا شعورية .


المصدر: د. محمد حسن غانم

ساحة النقاش

هدى علي الانشاصي

alenshasy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

10,398,377