<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
أشتد العدوان Aggression فى العصر الحديث وأصبح ظاهرة سلوكية واسعة الانتشار تكاد تشمل العالم كله ولم يعد العدوان مقصور على الأفراد وإنما اتسع نطاقه ليشمل الجماعات بل ويصدر أحيانا من الدول والحكومات , ولم تلتفت أيضا الطبيعة من شر العدوان المتمثل فى إبادة بعض عناصرها أو تلويث البعض الآخر , والعدوان معروف وملاحظ فى سلوك الطفل الصغير والمراهق والراشد وفى سلوك الإنسان السوى وغير سوى وإن اختلفت الدوافع والوسائل والأهداف والنتائج ويعد الإرهاب أو التطرف من السلوكيات التى تعبر عن العدوان .
والإرهاب كلمة حديثة فى اللغة العربية وهى كلمة مشتقة أقرها المجتمع اللغوى وجذرها " رهب " بمعنى خاف وكلمة إرهاب هى مصدر الفعل أرهب وأرهبه بمعنى خوفه وقد خلت المعاجم العربية القديمة من كلمات الإرهاب والإرهابى لأن تلك الكلمات حديثة الاستعمال ولم تكن شائعة فى الأزمنة القديمة .
والإرهابى من يلجا إلى الإرهاب لإقامة سلطته , والإرهابيون فى المعجم الوسيط وصف يطلق على الأفراد الذين يسلكون سبيل العنف والإرهاب لتحقيق أهدافهم السياسية .
وفى هذا الصدد نجد أن غالبية الأفراد الذين أصبحوا إرهابيين أو منفذين لعمليات انتحارية تشكل فى أغلبها من الفئة العمرية "15ـ21" سنة أى فى مرحلة المراهقة وبالتحديد فى مرحلتى المراهقة المتوسطة والمتأخرة ولقد أصبح من المسلم به أن مرحلة المراهقة تبدأ فى سن الثانية عشر وتنتهى فى سن الحادية والعشرين تبعا للأفراد والطبقات والمجتمعات , وذلك حسب مقاييس تقوم على أرقام معدلة إحصائيا .
وتلعب كثير من الأفكار والتوجهات المتطرفة العقائدية أو الأيديولوجية على جذب هؤلاء الأفراد فى هذه الحالة ـ مرحلة المراهقة ـ لإدراكها المسبق بسهولة دخول الأفكار فى وجدا، المراهقين المتمتعين بغريزتهم إلى المخاطرة والمغامرة , حيث يمتلك كل مراهق فى الغالب ميزة المحلق فى الجو الدينى أو الأيديولوجى كشرط فى خياله أو لا شعوره مفهوما هلاميا مستترا مثل " أنه مختار من قبل إدارة إلهية عليا ويرجع اختيارها له أو اصطفاؤه بهدف مهمة التعديل والتغير الملقاة على عاتقه "
فالمراهق الذى هو من هذا النوع سرعان ما يجد المتنفس فى ثنايا بعض النصوص الدينية المحاكية لقصص وسير الجهاد والعنف التاريخى وبطولات الشخصيات والأعلام المتجسدة والمتخلية فى ذهنه وخياله فيسقط أحداث الماضى على الواقع المعاصر ليسهل بذلك تبرير المنطلق أمام ذاته لأى سلوك عدوانى قادم تجاه المجتمع أو انتحارى ضد الأهداف والأفراد وفق التصور الأيدولوجى المسبق والإسقاط فى علم النفس الحديث هو تفسير الحديث هو تفسير الأوضاع والمواقف والأحداث بتسليط خبراتنا ومشاعرنا عليها والنظر إليها من خلال عملية انعكاس لما يدور داخل نفوسنا " والعدوانية لها وجود غريزى أصلا وتختلف من مراهق إلى آخر تنشىء علاقة تبادل وثيقة بين الأيديولوجيا والمراهق " المؤدلج " والأيدولوجيا الدينية عندما تكون بعيدة عن أهدفها الروحية تصبح مركبة من التطرف وعدم تقبل الآخر بمساعدة الفتوى التصورية والتفكيرية ومفهوم "نحن فى الجنة وهم فى النار "أنا وجماعتى على صواب والآخرون على خطأ .. إلخ .
وفى مرحلة المراهقة يبدو أن الفرد يميل إلى السلوك العدوانى , وهذا ما يتضح فى سلوكه نحو الكبار المحيطين به من أبوين ومعلمين ومصادر السلطة فى المجتمع ولأنه فى مرحلة لا هو فيها طفل ولا رجل فإن المراهق يتحرك ضد الناس وذلك فى بحثه عن الدور الذى يرغب فى تحقيقه فى الرشد أما فى الرشد والكبر فقد نجد أسلوب التحرك بعيدا عن الناس فمع تقدم السن بالفرد يجد أنه لم يعد فى حاجة إلى أن يدور فى المجتمع بحرية على النحو ما كان يفعل فى مراهقته .والأيدولوجيا الدينية هى أحد اهتمامات البحث لدى المراهقين لتحقيق الذات لديهم ولإثبات تفوقهم والأيديولوجيا الدينية ليست أبدا هى الدين فى صفاء تطلعاته الكونية بل هى توظيف الدين لأغراض دنيوية وسياسية على الأرجح وتبعا لأهواء منظريها .
وهناك نمط آخر من المراهقين , الذين فشلوا فى دراستهم أو لم يحققوا نجاحا متعارفا عليه فى المجتمع يلجئون إلى الهرب تجاه التشدد الدينى ويعتبرون ذلك مخرج وحام لهذا من نظرة الآهل والمجتمع السلبية جراء فشلهم فى الدراسة .
ومن ناحية أخرى نجد أن عامل الإحباط النفسى يلعب دوار أساسيا لدى المراهقين فى إبراز السلوك الإرهابى إلى العلن وذلك عندما تغيب القنوات الديمقراطية السانحة للتعبير والتنفيس عن الرأى والفكر وكذلك الشعور بالقمع والخوف المصاحب والإحباط هو " مجموعة مشاعر مؤلمة تنتج عن عجز الفرد عن الوصول إلى هدف ضرورى لإشباع حاجة ملحة لديه " فعندما يكون الفرد مهيئا لتحقيق هدف ما ومستعدا لعمل ما يوصله إليه ثم يجد عائقا يمنعه أو يعوقه عن تحقيق هدفه فإن الفرد يشعر بالتوتر والضيق وإذا لم يستطيع الفرد إزالة هذا العائق بالأساليب التوافقية المباشرة واستمرت رغبته شديدة فى الهدف زاد توتره وضيقه وشعر بالآلام والحسرة وأدراك العجز والفشل , وربما ينتج عن ذلك ظهور استجابات لبعض السمات الشخصية كالعدوان إذ أن التوتر المتزايد والتنائج عن الإحباط الدائم عادة ما ينفس عنه بالانفعال العدوانية التى تبدو أنها تهدىء على الأقل من الإحباط تهدئة وقتية .
وبالتالى نضيف إلى عامل العدوانية عاملا آخر الا وهو الإحباط النفسى كسببين لظهور السلوك الإرهابى لدى المراهقين .
وكلاهما ـ عامل العدوانية وعامل الإحباط النفسى خلل أو اضطراب نفسى ولذلك فالتعرف على مستوى العدوانية وشدتها لدى المراهقين يظهر القابلية لمن لديه ميل واتجاه سلوكى عدوانى أو إرهابى أو انتحارى بصفة عامة .
وأخيرا فإن هناك العلاج النفسى والسلوكى ومن أهمها تحديدا والذى يتمركز حول إخراج المريض " العميل ذو التوجه المتطرف أو الإرهابى " من تقمصه الدينى المتشدد إلى فرد غير ذلك وفق النوعية الإيحائية وثقافة المعالج أو " الأخصائى النفسى " فى عملية أشبة بغسيل المخ من خلال الإيحاء أو التنويم المغناطيسى والذى يتم فيه أيضا إخراج ما هو مكبوت فى اللاشعور من التجارب السلبية أو العقد الدفينة أو العميقة والتغلب عليها وإحلال إيجابيات التقييم الذاتى أو الإرشاد لمكامن الخطوات السائدة المتوافقة وتوجه المجتمع العام فى الاعتدال والمسالمة من خلال غرس مفاهيم القيم والتى منها المحبة والتسامح والسلام والتعاون مع المجتمع والنظام .
وحتى يتم غرس مفاهيم القيم السابقة فيجب على مؤسسات المجتمع المدنى متمثلة فى منظمة حقوق الإنسان وكذا مؤسسات الدينى ومؤسسات الدولة أن تعمل فى تعاون وتوافق وانسجام فى مصلحة الفرد تحت نطاق القانون وذلك لكبح جماح الإرهاب والتطرف والأفكار المنحرفة من الاستغلال المراهقين .
ساحة النقاش