<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

قبل البدء في هذا الموضوع نود أن نفك اشتباكا لفظيا يؤدي كثيرا الى تحولات وجدانية وسلوكية تحول بيننا وبين روعة جزء عظيم من التاريخ الإنساني ، فكثيرا ما يطلق على الحضارة المصرية القديمة أنها حضارة فرعونية ف فتصحو في الأذهان كلمة فرعون مصحوبة بدلالاتها السالبة من الاستبداد السياسي والقهر الاجتماعي والاستعلاء والتأله ، ثم ترتبط هذه الصفات بما ورد بحق فرعون في التراث الديني فتخلق حواجز نفسية تجاه هذا النتاج الفرعوني أو المتفرعن . والحقيقة غير ذلك تماما ، فالحضارة المصرية القديمة بكل إبداعاتها الخالدة ليست نتاجا فرعونيا ، وانما هي نتاج قول امتلأت بمعاني التوحيد والخلود ووجد أنات امتلأت بمشاعر القداسة ، وصدور انشرحت لتلك المعاني والمشاعر فتلقت الجمال الكوني وصاغته فنا خالدا .. وقد اخترنا الانسان المصري كنموذج نظرا لتقلبه في الخبرات الدينية المتعددة بدءا من الديانات المصرية القديمة ومرورا بالمسحية وانتهاء الاسلام .. وفي هذا المقال لن يكون منهجا الاستقصاء التاريخي وانما الاستقصاد النفسي الذي يرتبط مباشرة بالإبداعات الحضارية الموجودة بين أيدينا ، وبمظاهر التدهور الشائعة بيننا .. فالأيمان بالغيب هو مفتاح تلك الحضارة المصرية القديمة على الرغم من الاعتقاد الخاطئ السائد لدى محدودي الرؤية بأنها حضارة وثيقة ، والمتأمل لآثار هذه الحضارة سوف يلمح بسهولة إلحاح فكرة الإله أو الآلهة على الإنتاج المعرفي المنقوش وعلى الإنتاج الفني المنحوت ن وسوف يلحظ انشغالا هائلا بالحياة الأخرى والخلود ، لذلك أهتم الانسان المصري القديم ببناء المعابد والمقابر أكثر من انشغاله ببناء القصور ، أي أنه كان اكثر وعيا بالحياة الباقية من الحياة العابرة .. وفرق كبير بين ان يعمل الانسان ليعمر حياة قصيرة منتهية لا محالة وبين أن يعمل لحياة خالدة ن في الحالة الأولى سيقنع بالأدنى وفي الثانية سيسعى للأرفع والأسمى .. وفي الحالة الأولى سيرضى بآي لذة عابرة وفي الثانية سيسعى لملذات هائلة ودائمة .. ولما كانت فكرة الخلود مسيطرة على الانسان القديم جاءت الحضارة قوية وممتدة ورائعة فالإحسان هو الثمرة النهائية للأيمان بالغيب (حامد سعيد 1994 - أساسيات الشخصية المصرية ) وكانت المعابد والمساجد بنظافتها وصفوها منابت لمشاعر القداسة حيث روعة الوحدة الكامنة خلف الظاهر المتعدد وحيث تتلاشى ضوضاء النفس وضرورات الجسد فيقوي جوهر الروح التي تجوب في رحاب المقدس وتعود محملة بأشواق العلو وحنين العودة الى الجمال والصفاء والمحبة ، ويعود الانسان صاحب هذه الروح فيبدع في عمارة المعابد والمساجد ما يدعم هذه المعاني ويعززها فنجد العلو في البناء بما يفوق ضرورات استخدام المكان ،، وارتفاع المآذن والقباب التي تقوم على قواعد أكثر اتساعا ثم تلملم أطرافها كلما اتجهت نحو الذروة وكأنها تلتقي قرب السماء عند نقطة واحدة تأكيدا لمعنى التوحيد ومعنى التلاقي .. والقبلة كامنة في حضن الجدار تنتهي في أعلاها بقبو حان وكأنها تحتضن في رفق كل من قصد المحراب .. والأيونات المقوسة أو نصف الدائرية تواصل عملية الحنو على السائرين والقائمين والراكعين والساجدين .. وحدات الأرابسك العاشق والمعشوق) في الشبابيك والشرفات والمشربيات توحي بالترابط والتماسك والنظام والتناغم الهادئ البسيط ووحدات الفن الإسلامي البسيط (المربعات والمستطيلات والمثلثات ) تتشابك لتكون منظومات غاية في الدقة والنظام والجمال وهذه المنظومات الفنية توحى بالالتزام وتوحي باحترام القوانين الكونية المنضبطة ن وهي على الرغم من بساطة وحداتها الا أنها حين تتشابك تشكل تراكيب متعددة توحى بالتراكم والثراء والتعدد في غير ازدحام أو تعقيد أو اشتباك . ونلحظ ثبات هذه القواعد في بناء المعابد والمساجد عبر المراحل التاريخية المختلفة على الرغم من تطور وتغيير المفاهيم والأساليب المعمارية ولا يفسر هذا الثبات الا أنها انعكاسات للتراكيب المعرفية والمشاعر الدينية يستقبلها الانسان من المقدس السامي والحاني ويعيد إسقاطها على عمارة دور العبادة ليراها رأي العين فتتعزز مرة أخرى داخل نفسه.. والأيمان وعي اعمق والعمل الصالح الالتزام وإتقان . وفي فترات الصعود الحضاري كانت تتسع دوائر الأيمان وتتعمق مستويات الوعي ويتبع ذلك عملا صالحا مؤيدا بعقيدة الإتقان والإحسان فتظهر التراكيب المعمارية والفنية رحبة شامخة متقنة أما في عصور الاضمحلال فقد كان الأيمان يتسطح والوعي يتقلص ويتكلس والهمم تضعف والطموحات تدنو فتقترب من الحضيض ويظهر العمل واطئا قميئا مشوها عشوائيا قذرا وكذلك يصبح الانسان .واقتران الأيمان بالعمل عي عدد هائل من الآيات .الذين آمنوا وعملوا الصالحات 9 يبدو دليلا على العلاقة التآزرية بينهما فالأيمان كرؤية توحيدية شمولية رائعة للإله مرورا بكل إبداعاته من المخلوقات .. لا بد وان يدفع الى عمل على نفس مستوى هذه الرؤية من الروعة والشمول والإتقان ، ومن ناحية أخرى فان العمل والإتقان ومن ناحية أخرى فان العمل المتقن الشامل الذي يؤديه الانسان وهو منشرح الصدر سوف يفتح آفاقا جديدة لأدراك أوسع وأروع يؤدي الى ايمان ارقي ثم الى عمل أكثر إبداعا وروعة وهكذا في علاقة تآزرية متصاعدة .. وفي فترات النكوص حين يختزل الأيمان او يتشوه تتحلل هذه الرابطة التآزرية فينتج العمل تائها مغتربا غوغائيا عدوانيا عشوائيا قبيحا ويصبح البيت والشارع والإنسان كذلك.. والصلاة واجبة لدوام الاتصال والتواصل بين الرحاب المقدسة ا وبين النفس الباحثة عن السلام والطمأنينة فهي معراج يومي عبر مستويات الرقي والمعرفي والوجداني الى ما بعد سدرة المنتهي حيث إذا تجاوز الانسان اخترق واذا تجاوز غيره احترق...وعندما يحدث هذا التوجه للقلب المجتمع وتكون أبواب الإدراك قد تفتحت ، والعزائم قد اشتدت واستعدت واشتاقت الى تحقيق الذات الجديدة في دنيا الواقع حتى تتدافع الخطوات من بعد ذلك كدقات القلب عندما يبدأ النبض ويستمر يأخذ ليعطي ، ويعطي ليأخذ من جديد عندما يحدث هذا على مستوى الفرد أو مستوى الجماعة تحدث صلاة تحدث صلة بين الداخل المجتمع على أمر ، والخارج المدرك الذي تدفقت اليه مال القلوب لتتحقق في أعمال منجزة كلما تحقق ذلك على قدر أكبر من الشمول الظاهر والباطن المستور كلما كانت الصلة والصلاة أقدر على الإنجاز الرائع والعمل الشافي لتوتر الأعماق واعدادها لدفعة جديدة من دفعات القلب الخلاق (أساسيات الشخصية المصرية) وفي فترات القهر تصبح الصلاة عملا نمطيا قهريا تتثاقل الرؤوس عن أدائه وتصبح مكبرات الصوت فوق المآذن وفوق أسطح المنازل مصدرا للضجيج والنداء على الأموال الضائعة والتائهين وتصبح خطبة الجمعة عبارات جامدة لاكتها الألسن ملايين المرات ومع هذا يصر ملقوها على استبقاء المصلين يتململون من طول الجلوس لمدة ساعة على الأقل وهم بين نائم ونصف نائم وشارد او لافض أو متألم ... وحين ينطلق الناس بعد ذلك تجدهم يقولون مالا يفعلون ويفعلون عكس ما سمعوا وكأنهم يمارسون عدوانا سلبيا على من وعظهم(أو قهرهم) والميزان في الوجدان الديني يبعث الشعور بالعدل والتوازن ويهيئ النفس للحساب ليس فقط في الآخرة بل في الدنيا الحاضرة .فتتكون ملكة المحاسبة ، تلك الملكة التي تهذب النفسي وتشذب الأطراف الشاردة فيها ، وتعدل معوجها وتزيل قبحها ودمامتها ن وتوازن بين الذات وبين الآخر .. شيء من معني الاستقامة والترفع والورع والاحتشام والتوازن .. شيء من الدقة ومراعاة المسافات والمساحات في العمل الفني سواء كان بناءا أو زخرفة أو سلوكا قويما .. شيء من احترام النظام الكوني اللطيف المتناغم احترام ينم عن قلب مطمئن بالعدل رقيب على نفسه وحسيب ط شيء يتبلور في أعماق النفس عندما تدرك القانون ن عندما ترى الكل الشامل عندما تستشعر الوحدة الكبرى .. شيئي من الخشية والوعي بالحساب .. خشية تشيع في أنحاء الذات لما تلمسه من شيوع الحساب وحساب يتولد تلقائيا يقنن ويقدر حتى لا يكون العمل نشازا خارجا عن سياق اللحن الشامل ... شيء يشيع في الفن المصري يخلطه بعض الناس بالجمود هو مظهر التوقف .. جمودا الوصفة تتكر آليا وهذا أمر موجود في الفن المصري ولكن هذا الشيء بخلاف ذلك الجمود ن بل هو بعيد عنه كل البعد... أنه تعلق النفس بالقانون ن واملها أن تصبح واحدا معه .. أن تتلاشى وأن يكون (حامد سعيد 1994 – أساسيات الشخصية المصرية ) ... وفي مراحل التحلل الديني يختل الميزان فلا يقوم الناس بالقسط وتضعف ملكات المحاسبة والمراقبة فتجور النفوس وتمتد الأيدي تأخذ بغير حساب ، ويضطرب القانون الأخلاقي ويضطرب معه القانون الجمالي فتظهر الأعمال خالية من الدقة والإتقان ن وتظهر الأشكال مضطربة المسافات والمساحات بشكل منفر وتصبح الخطوط معوجة والشوارع والأساليب ملتوية والتخطيطات عشوائية وواجهات البيوت ملطخة باللافتات والغسيل القذر وحزم الثوم والبصل ورشح مواسير المجاري ويصبح الانسان كذلك.. والله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء والمنكر والبغي .. وقد وضع الميزان ليقوم الناس بالقسط وهو سبحانه

المصدر: د. محمد المهدي استشارى الطب النفسي

ساحة النقاش

هدى علي الانشاصي

alenshasy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

10,408,163