<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->

يقصد بمفهوم الذات أدراك الفرد لخصائصه العامة كما يراها هو عن نفسه وليس كما يراها الآخرون عنه وقد يدرك هذا الفرد خصائصه العامة من منظور عضوي فقط حيث يصف شكله ومظهره العام ، مرتبطا بجنسه وعمره دون أن يتعرض لخصائصه الأخرى ، في محاولة للإجابة عن تساؤل يتردد كثيرا في ذهنه أو يوجه أليه من غيره يكون هو فقد يذكر الفرد اسمه وعمره وجنسه وطوله ووزنه ولون عينيه وشعره وبشرته وقد يجيب فرد آخر عن هذا التساؤل من منظور تفضيلي يتضمن ما يتميز به عن غيره من قدرات عامة وخاصة ، واستعدادات وميول واهتمامات ودوافع وحاجات واتجاهات على فرض إدراكه لنفسه من خلال عرض ما يحبه وما يكرهه ،ومن خلال ما يتميز به عن غيره . وقد يجيب فرد ثالث عن هذا التساؤل من منظور التفاعلات الثنائية والعلاقات الاجتماعية بينه وبين المحيطين به من حوله حيث يذكر أدواره التي يمارسها في حياته اليومية العادية ، ممثلة في أنه زوج أو أب أو موظف في أي عمل كان .

وبناء عليه يتضمن مفهوم الذات عند الفرد كافة الخصائص التي تميزه عن غيره في مجالات شخصية الأربعة الساسية المجال الشخصي ، المجال المهني . وقد يتشابه الفرد مع الآخرين في عدد من الخصائص العامة المشتركة بينهم ، ولكنه غالبا ما يختلف عنهم في كثير من الخصائص الأخرى فمثلا قد يتشابه شخص ما مع غيره في طوله وزنه ولون عينيه وشعره وبشرته ولكنه يختلف عنه في عمره وثقافته ومهنته وادواره الاجتماعية التي يمارسها في حياته العادية اليومية وقد يتشابه شخص آخر مع غيره في ثقافته ومهنته وأدواره الاجتماعية ولكنه يختلف عنه مثلا في تفصيلاته الشخصية لكثير من الأمور لذلك فان الفرد غالبا ما يجيب عن سؤال يوجه أليه عمن يكون هو ؟ بمفهومه الخاص عن نفسه والذي يعتقد ان أحدا لا يعرفه عنه ، فلا يجيب هذا الفرد مثلا بأنه رجل مصري لان ذلك شيء بديهي معروف ، ولكنه بأن له اهتمامات مثلا في علم النفس الاجتماعي ، لأنه قد لا يعلم ذلك عنه أي شخص آخر .

ويرى كاتب هذه السطور أن سؤال الفرد عمن يكون ؟ وحده لا يحقق المعنى المقصود من مفهوم الذات لان الجابة عن هذا السؤال توحي بوصف خصائصه العامة في المجال الشخصي فقط الذي ستضمن سماته الشخصية وصحته العضوية والعقلية ، وأخلاقياته وقيمه وديانته . لذلك يقترح المؤلف إضافة سؤال آخر عن : ماذا يكون هو ؟ بحيث يرتبط السؤالين مع بعضهما ولا يمكن الفصل بينهما لاستثارة الإجابة التي تدل على مفهوم الذات كاملا من جميع جوانبه الشخصية والاجتماعية والتربوية والمهنية . وبذلك عندما يثار أي فرد كان لوصف ذاته بناء على مفهومه هو الشخصي لها ، فيجب طرح السؤالين مترابطين معا على النحو التالي:

1.   من تكون أنت ؟ ومن الهمية بمكان ضرورة التفرقة بين مصطلحات مفهوم الذات واحترام الذات وتأكيد الذات وادراك الذات ووعي الذات على كيفية رؤية الشخص الذاتية لنفسه ووضعها كما يراها هو بشكل عام وليس كما يراها الآخرون .

ويدل مصطلح احترام الذات على مدى تقبل الشخص لنفسه بما فيها من إيجابيات وسلبيات ومدى تقديره لخصائصها العامة حيث يتضمن تقويما شاملا لكل جوانبها الشخصية والاجتماعية والتربوية والمهنية وكلما انخفض تقويمه لذاته كان أقل تقبلا لنفسه وتقديرا لها .

ويدل مصطلح تأكيد الذات على قدرة الفرد على التعبير عن انفعالاته وآرائه ووجهات نظره حول أي أمر من الأمور سواء كان متعلقا بذاته أو بالآخرين وذلك بصورة سوية وإيجابية بحيث تكون مقبولة من المجتمع الذي يعيش فيه وقد ذكر غريب 1986 أن السلوك التوكيدي الذي يدل على تأكيد الذات يتضمن التعبير الملائم بأي انفعال ما عدا القلق تجاه شخص آخر .

ويدل مصطلح أدراك الذات على مدى مراقبة الفرد لافعاله وسلوكياته وتفسيرها في ضوء معتقداته واتجاهاته وغالبا يدرك الفرد نفسه بمراقبة أفعاله وسلوكياته التي تعتبر محصلة بهائية لاتجاهاته ومعتقداته التي يؤمن بها ويختزنها في عقله ووجدانه حيث يفسر هذا الفرد أي سلوك يصدر عنه بناء على ما يؤمن به ويعتقد فيه من نظام للقيم يتضمن اتجاهاته المختلفة نحو الظواهر الاجتماعية السائدة في مجتمعه ، وذلك لأن سلوك الفرد يعتبر المصدر الوحيد الذي يعكس معتقداته واتجاهاته الدفينة في أعماقه . ويدل مصطلح وعى الذات على مدى ما يشغل الفرد من تفكير بغيره أو بالمواقف الاجتماعية التي يمر بها في حياته العادية اليومية في المجتمع الذي يعيش فيه . لذلك يرتبط وعى الذات عند الفرد بمدى تركيزه على نفسه وما يشعر به في لحظة تركيزه هذه بالقياس الى تركيزه على الآخرين والظواهر المحيطة به أو النشطة التي يمارسها ويقوم بها يوميا .

ويمكن سرد بعض الأمثلة التوضيحية التي تدل على كل معنى من معاني مصطلحات التي تتعلق بالذات والتي يمكن صياغتها على النحو الذي يفسر محتواها كما يلي :-

1.   مفهوم الذات أنا زوج ، وأب لثلاثة أطفال .

2.   احترام الذات :أنا زوج محب لزوجتي وأب حنون على أطفال الثلاثة

3.   تأكيد الذات : بصفتي زوج محب لزوجتي فأنني أرفض خروجها سافره حيث أصر على الالتزام بشرع الله في ضرورة تحجبها وبصفتي أب حنون على أطفالي الثلاثة فأنني التزم بتنشئتهم على الأسس النفسية السلبية في إطار الشريعة الإسلامية السمحاء .

4.   أدراك الذات : غالبا ما أتعامل مع زوجتي وأطفالي بما يرضي الله ورسول والمؤمنين ن وإذا اختلفت في شيء معهم فأنني أرده الى الله والرسول واحتكم الى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة .

5.   وعي الذات : أنا لا أفكر في نفسي بقدر ما أفكر في أسرتي الصغيرة التي تتكون من زوجتي وأطفالي الثلاثة حيث أحاول دائما أن أوفر لهم ما يلزمهم وما يشبع حاجاتهم بناء مفهوم الذات تعتمد العلاقات الاجتماعية بين أعضاء الأسرة الواحدة على فهم كل منهم لنفسه فهما جيدا ومحددا خصائصها العامة في مجالاتها الشخصية والاجتماعية والتربوية والمهنية بحيث يدركون جميعا من هم ؟ وماذا يكونون ؟ ان مجرد فهم كل من الزوجين لخصائص شخصيته العامة التي يختلف فيها عن شريك حياته كفيل بأن يمكنه من التصرف على ضوء وفقا لإمكاناتها وقدراتها بدون خجل وبلا تردد في جو أسرى يتميز لذاته وأبعادها وحجمها حول واجباته التي يجب ان يؤديها نحو الطرف الآخر وحقوقه التي يجب ان يحصل عليها منه ، كفيل بأبعادها عن جو الخلافات المشحون بكثير من المشكلات التي تعترض حياتهما الزوجية ومن ثم يمكن للزوجين اللذين يفهمان نفسيهما جيدا أن يساعدا أولادهما على بناء مفهوم الذات لديهم . وبناء عليه يجب على كل من الزوجين مساعدة الطرف الآخر على قهم نفسه وتبصيره بذاته لمعرفة أبعادها وحدوها وإمكاناتها وقدراتها بدون سخرية وتجريح ، وبلا لوم وتحقير في جو من التقبل والاحترام والتسامح المتبادل بينهما حتى يتمكن كل منهما من ممارسة أدواره العامة في حياته داخل بين الزوجية وخارجه بما لا يدع مجالا للنقد واللوم والعتاب والعقاب من أيفرد سواء أكان في نطاق الأسرة أم في حيز الجيزة السكنية أو في محيط العمل .

6.   وإذا عجز الزوجان عن بناء مفهوم الذات لديهما بمفردهما فلا حرج في الاستعانة بغيرهما من الوالدين لأي منهما أو الأقرباء والأصدقاء المخلصين المقربين لهما أو اختصاصيين في مجال الإرشاد النفسي الزواجي والأسري ولعل توافر التفاعل الثنائي الإيجابي والتواصل الجيد بين الزوجين المدعمين بالتغذية الرجعية البنائية من كل منهما للآخر كفيل ببناء مفهوم الذات عندهما . ويقع على الآباء المسئولية الكبرى في مساعدة أطفالهم على بناء وانماد مفهوم الذات لديهم حتى يتمكن كل منهم من فهم نفسه جيدا ، ودقة مما يمكنهم من التصرف في ضوئها ووفقا لإمكاناتها وقدراتها وبالتالي يتجنبون كثيرا من المشكلات التي تعترضهم والتي قد تعوق نموهم في مظاهره المختلفة . ان عمليات التنشئة الاجتماعية الجيدة بناء على الأسس النفسية السليمة كفيلة بتدعيم بناء مفهوم الذات عند الأطفال وكفيلة بتنميتها لدرجة تجعلهم قادرين على تقويمها بما يحقق احترامهم لانفسهم ولغيرهم وقادرين على تأكيدها بما يحقق لهم حرية الرأي وإبداء وجهات النظر بما لا يتعارض مع نظام القيم السائد في مجتمعهم وقادرين على إدراكها بما يحقق لهم مراقبة أفعالهم وسلوكياتهم وتنقيتها مما يشويها وتعديلها بما يتفق مع اتجاهاتهم ومعتقداتهم وقادرين على الوعي بها بما يحقق التوازن بين التفكير فيها والتركيز عليها وبين التفكير فيمن حولهم والتركيز عليهم . ومن المهم بمكان ضرورة تركيز الآباء على الخصائص العامة الجيدة في شخصيات أطفالهم بكافة سبل التدعيم والتعزيز من أجل تعميقها في نفوسهم وترسيخها في أذهانهم مما يخلق ويبني مفهوم الذات الإيجابي عندهم فيسهل ويفسر عمليات التنشئة الاجتماعية المستمرة والمتعاقبة خلال مراحلهم العمرية المختلفة لان سلوكياتهم قابلة للتشكيل الجيد ولأنهم سيكونون متجاوبين مع أي مطالب للتغيير والتعديل نحو الأفضل . ويجب على الآباء إطفاء كل صفة غير مرغوب فيها تتصف بها شخصيات أطفالهم أولا بأول ولا يجعلونها تلتصق بها ، ولا يتهاونون في أزالتها عنها والتخلص منها وذلك من خلال توجيههم المستمر لهم نحو الأفضل ومساعدتهم على استبصارهم لأنفسهم والتعرف على الخصائص الرديئة منها ، ومحاولة التخلص منها بأنفسهم دون ضغط ملحوظ من الآباء عليهم لا عنف أو قهر يمارس ضدهم .

7.   ان الرسائل النفسية الإيجابية المتميزة الاستحسان والتشجيع والتسامح والتقبل والمحبة والموجهة من الآباء الى الأبناء تسهم الى حد كبير في بناء وتدعيم مفهوم الذات واحترامها وتأكيدها وإدراكها والوعي بها عندهم ، ذلك على عكس الوسائل النفسية السلبية المتصفة بعبارات اللوم والتأنيب والتوبيخ والرفض الموجهة من الآباء الى أبنائهم حيث أنها تتسبب في عرقلة مفهوم الذات عندهم وخلجتها واهتزازها مما يخلق شعور عام لديهم بقلة احترامهم لانفسهم وعجزهم عن تأكيد ذاتهم بالطرق السوية المشروعة ، وعدم اهتمامهم واكترائهم بمراقبة تصرفاتهم وسلوكياتهم لتنقيتها مما يشوبها وازدياد وعيهم بذاتهم مما يخلق الشعور بالأنانية والعزلة عندهم .

المصدر: د.ماهر محمود عمر كلية الآداب قسم علم النفس

ساحة النقاش

هدى علي الانشاصي

alenshasy
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

10,408,281