<!--<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman"; mso-ansi-language:#0400; mso-fareast-language:#0400; mso-bidi-language:#0400;} </style> <![endif]-->
مع تنوع وتعدد الأنظمة النظرية التي تتصدى لدراسة الإساءة الوالدية تتأكد أهمية الدراسات التي تأخذ خبرة الطفل في الاعتبار، ومدى إدراكه وتفسيره للسلوك الوالدي، ان هذا الإدراك هو الذي يؤثر في الطفل وليس السلوك الوالدي الفعلي الموضوعي ولذا فإذا أدرك الطفل أنه يعامل معاملة سيئة من والديه سبب له ذلك نوعا من الألم النفسي تختلف شدته بالاختلاف شدة الإساءة الوالديه المدركة ، وانعكس ذلك على مفهومة ذاته وتقديره لذاته وعلى توافقه النفسي الاجتماعي وعلى الأساليب التي يتبعها في التفاعل مع الآخرين.
والواقع أن ذلك ليس من قبيل الافتراضات أو التوقعات فهناك دراسات أوضحت أن هناك علاقة بين أدراك الطفل في المرحلة الابتدائية للقبول الوالدي وبين التوافق النفسي الاجتماعي لديه ، وأن إحساس الطفل بالسعادة يتوقف الى حد كبير على النجاح في إسعاد الوالدين . كما تبين وجود علاقة موجبة بين نبذ الوالدين للطفل وبين عدوان الطفل. كما تبين أيضا وجود علاقة سلبية بين الرفض الوالدي للأبناء واستعداد الأبناء الذهني وتحصيلهم الدراسي .
الواقع أن الإساءة الوالدية للأطفال تنمي لديهم مفهوما سلبيا للذات –. كما أن الضغوط الحياتية على الوالدين تؤثر على مفهوم الطفل عن ذاته وذلك يعوق تكوين صورة إيجابية عن الذات نتيجة المناخ الوالدي المشحون بالضغوط .. ويمكن القول بقدر من الثقة أن الدراسات التي تناولت اساءة الوالدين للأبناء أكدت أن تلك الإساءة لها تأثير سلبي على الأبناء وتسهم مساهمة فعالة في إرساء دعائم شخصياتهم وبنائهم النفسي .
لقد حظى موضوع الإساءة الوالدية للطفل باهتمام كبير منذ السبعينات فهي مشكلة اجتماعية تهدد كيان واستقرار وتماسك الأسرة وتلقي بظلالها الكئيبة على المجتمع بأسره مما يجعلنا بحاجة الى فهم هذه الظاهرة. ولقد أوصى الله سبحانه وتعالى الأبناء بالآباء ولم يوصى الآباء بالابناء.. إذ يكفي ما أنزله في قلوبهم من رحمة وحب أبناءهم . آذن كيف يتحول الآباء والأمهات من بيئة حاضنة وحافظة وآمنة الى بيئة حاضنة وحافظة وآمنة الى بيئة طاردة ومنفره ومهددة.. والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هو ما المقصود بالإساءة الوالدية ؟ الواقع أن الإساءة الوالدية هي كل أشكال السلوك اللفظي وغير اللفظي والتي تؤذي الطفل وتسبب له نوعا من الألم النفسي أو الجسمي كما تتضمن كل أشكال الإهمال بالاضافة الى عدم تلبية احتياجاته والإساءة الوالدية لها عدة أشكال منها:
الإساءة الجسمية والمقصود بها استخدام القوة بالقصد بهدف إيذاء الطفل وأحداث الضرر به ، وهي متفاوتة في الشدة وقد ترجع الإساءة الوالدية الجسمية للطفل الى الضغوط الخارجية التي تسبب نوعا من الضغط النفسي على الوالدين ويتم التعبير عنه بالعدوان . ومن أشكال الإساءة الجسمية الصفع والركل والحرق والعض والضرب سواء باستخدام أداة أو بدونها.
الإساءة الوجدانية أو النفسية والمقصود بها كل الأفعال التي تؤذي الطفل على المستوى النفسي وقد ترجع الى بعض المتغيرات في شخصية الآباء أنفسهم (اضطرابات نفسية أو عقلية ، مشكلات مهارية ، أو بسبب مشكلات اجتماعية أو ظروف بيئية ضاغطة عليهم) وقد ترجع الإساءة الوجدانية الى الطفل نفسه (خلل أو إعاقة) أو الى التفاعل بين الأبناء والآباء وهي تشمل الرفض وافتقاد المدح والتشجيع والحب ونقص المودة والآلفة ونقص الرعاية المستمرة أو الحماية الزائدة والعقاب غير البدني وغير المناسب (مثل غلق غرفة النوم على الطفل) ..
والشكل الثالث للإساءة الوالدية هو الإهمال ، والواقع أن تعريف الإهمال أمر بالغ الصعوبة لتداخل السلوكيات التي تعبر عن درجة الإهمال مع السلوكيات التي تنتمي تحت أنواع أخرى من الإساءة كالإساءة النفسية أو الوجدانية ، ومع ذلك يمكن أن نحدده بأنه غياب السلوك الذي ينبغي أن يكون استجابة لاحتياجات البناء . هنا الوالدين لا يؤذون الطفل جسميا أو لفظيا ولكن لا يلبون له احتياجاته ويهملون مشاعره وأهدافه وحاجاته ومن أشكاله الهجر والتخلي عن الطفل وإهمال طعامه ونقص الدفء ونقص الملابس المناسبة والظروف المنزلية غير الصحية وعدم حمايته من الأخطار ، ونقص الأشراف المناسب لعمره والإخفاق في رعايته مدرسيا ... ويضيف بعض العلماء الإساءة الوالدية تصنيفا يضم ستة أنواع وكل نوع يمكن تقسيمه الى اساءة إيجابية وإساءة سلبية وذلك على النحو التالي:-
الإساءة الجسمية : إيجابية مثل الضرب أو الرفس وسلبية مثل الضرب أو الرفس وسلبية مثل الإهمال ..
الإساءة الكيميائية : إيجابية مثل سوء استخدام الأدوية وسلبية مثل إهمال العلاج..
الإساءة النفسية : إيجابية مثل المعاملة القاسية والإذلال والتخويف والسخرية والاستهزاء وأما السلبية مثل عدم الاهتمام بالطفل أو اللامبالاة تجاهه .
الإساءة الجنسية : إيجابية مثل الإساءة للأعضاء الجنسية وكافة أشكال الإيذاء الجنسي وأما السلبية مثل تقديم مواد جنسية..
الإساءة الاجتماعية الاقتصادية :-
إيجابية مثل اساءة استعمال وسائل الراحة والسلبية مثل التنازل عن استعمال وسائل الراحة..
العنف البنائي :-
إيجابية مثل الأنظمة الهيراركية والاضطهاد والظلم وأما السلبية مثل أي معايير أو أنظمة لا توجه أي انتباه الى حقوق الطفل وحمايته وآمنه..
النظريات المفسرة للإساءة الوالدية :-
يمكن القول ان هناك اتجاهين في تفسير الإساءة الوالدية
الأول يمكن أن نطلق عليه الاتجاه ذو البعد الواحد وهو الذي يفسر الإساءة الوالدية من خلال منظور واحد فقط كالخبرات المبكرة والطفولة التعيسة التي عاشها الوالدين من قبل أو سمات معينة في شخصية كل من الوالد أو الابن ومن أهم نظريات هذا الاتجاه نظرية التحليل النفسي التي تفسر الإساءة الوالدية من خلال العدوان الكامن في اللاشعوري لدى الآباء والأمهات ، فالوالدين أو أحدهما قد تعرضا لأذي في طفولتهما مما يدفعه الى إيذاء أطفاله وتعتبر النظرية البيولوجية أيضا من النظريات التي تؤكد على البعد الواحد حيث تفسر سلوك الإساءة الوالدية للطفل بسبب وجود خلل عصبي أو تخلف عقلي لدى أي من الأطراف الثلاثة(الأب – الأم- الطفل) أو عوائق عصبية (النظرية النيورولوجية) أو أن المخ لدى الآباء ليست لديه القدرة على أن يواكب متطلبات الطفل بشكل مناسب فالخلل هنا فسيولوجي .وقد بينت الدراسات أن الوالدين اللذين يسيئان لابنائهما لديهما مشكلات صحية أكثر من هؤلاء الذين يسيئون لابنائهم .. وهناك دراسات في الآلفة يعبر مضمونها عن تعلم اجتماعي وتوقع فالعلاقة المفعمة بالحب التي تقدم للرضيع تكون نموذجا للعلاقات المتبادلة فيما بعد.. وبالتالي فالطفل الذي عومل معاملة فيها اساءة يتوقع الرفض من الآخرين وتكون استجابته نحوهم بطريقة تتسق مع هذه التوقعات . ولذلك فالخبرات المبكرة يمكن أن تؤثر في نوعية العلاقات المتبادلة بين الأشخاص فإذا تعرض الشخص لاساءة والديه في الطفولة فقد يمتد تأثير الضغط النفسي المصاحب للإساءة أليه فيما بعد .. أما الاتجاه الثاني الذي يفسر الإساءة فهو الاتجاه المتعدد الأبعاد واصحاب هذا الاتجاه يرون أن المشكلة في الإساءة الوالدية هي مشكلة في التفاعل وليس في الشخص فالتركيز في هذا الاتجاه ليس على عوامل منفصلة ولكن على تفاعل هذه العوامل ..ومن أبرز نماذج هذا الاتجاه نموذج عرضه أحد الباحثين تضمن أربع مستويات من الإساءة للطفل وفي كل مستوى عوامل ترتبط بعدم الإساءة أطلق عليها عوامل الخطر.. وهناك نموذجا آخر أشار ألي ان الإساءة الوالدية يمكن النظر أليها على إنها متصل من السلوك العدواني في العلاقات الأسرية المتبادلة ..وهناك نموذجا ثالثا أعتبر الإساءة الوالدية نتيجة عوامل شخصية وأسرية وعوامل ثقافية وهي مجتمعة تعتبر مسئولة عن الإساءة للطفل وهي كلها عوامل متفاعلة سواء داخل الأسرة أو خارجها
ساحة النقاش