كلمة "البَلْطجة" أصبحتْ مِن المرادفات المتكرِّرة بكثرة في لهجة شبابنا وتصرُّفاتهم، وأصبح الشاب (البلطجي) أو الشاب (الفتوة) مِن الرموز الأكثر (روشنةً) بين الشباب!
والبلطجة تعني: فرضَ الرأي بالقوَّة والسيطرة على الآخرين، وإرهابهم والتنكيل بهم، وكلمة بلطجة أصلُها ليس عربيًّا؛ حيث إنَّها كلمة تركية بمعني: (بلطة جي) أي حامِل البلطة، وقد كانتْ (بلطة جي) فرقة في الجيش العثماني، إبَّان حُكم العثمانيِّين لمصر، وقامتْ بتمرُّد عامٍّ، ونشروا الفساد في أرجاءِ البلاد، وتَمَّ تحريف الكلمة بعد ذلك؛ لتدلَّ على الشخصية التي تَستخدم العنفَ في تعاملاتها اليوميَّة.
وللأسف فقد يعتقد بعضُ الشباب أنَّ البلطجة هي الأسلوب الأمثل للحصول على ما يُريد، سواء كان حقه أم لا، وتطوَّر الأمر لمرحلة القتْل واستخدام السلاح، وليس فقط التهديد به في بعضِ الأحيان، خاصَّة مع بعض حالات الفلتان الأمني التي تُعاني منها بعضُ الدول عقِبَ ثورات الإطاحة بالحكَّام، فلم يعُد هناك رادع لاستخدام البلطجة!
فساد حكومي = بلطجة
حاولنا رصْدَ آراء الشباب نحوَ اتِّجاه الكثيرين منهم نحوَ البلطجة خلالَ معاملاتهم اليوميَّة، وأسباب ذلك، وهنا يبدأ إبراهيمُ مِن مصر حديثه قائلاً: "أعتقد أنَّ انتشار البلطجة لا يحدُث إلا في مجتمع يُعاني من فساد القضاء، وعدم حصول أصحاب الحقوق على حقوقهم، سواء بأن يتم "تلبيس" أي قضية لمجرِم لم يفعل شيئًا، ويخرج الجاني الحقيقي بريئًا، فيضطرُّ المجنيُّ عليه أن يأخذَ حقَّه بنفسه، فيلجأ إلى البلطجة، أو إلى استئجار بعض البلطجية".
ويتَّفق معه هاني - مِن الكويت - قائلاً: "أعتَقِد أنَّ انتشار البلطجة في الشوارع وتفشيها بشكلٍ كبير مثلَما نجد في بعضِ الدول؛ ككولومبيا، أو المكسيك، هو صفارة إنذار لانتشار الإرهاب - بمعناه الحقيقي - من تعدٍّ على أرواح وأموال وحقوق الأبرياء، والبلطجة والإرهاب لا تفرِّق بين عربي وغربي".
ولأسماء - من مصر - رأي آخَر، حيث تقول: "للأسف البلطجة لا ترتبط بالرِّجال فقط، ففي الجامعات والشوارع والمدارس نجِد بعضَ الفتيات اللاتي يستخدمنَ العنف خلالَ تعاملهنَّ مع المعلِّمات والطالبات، وأذكر عندما كنت بالصفِّ الثانوي أنَّ إحدى الطالبات تشاجرتْ لفظيًّا مع إحدى هؤلاء البلطجيات، فما كان منها إلا أن كسرتْ زجاجةَ مياه غازية، وأخذتْ قطعة مِن الزجاج المتناثر وأصابتها في وجهها بها! أعتقد أنَّ هذا نابعٌ من تأثير وسائل الإعلام؛ حيثُ يعتقد الكثيرون أنَّ البلطجة هي مصدر القوَّة".
وتضيف صفاء - من سوريا -: "أعتقد أنَّ ممارسة بعضِ الفتيات لأعمالِ العُنف والبلطجة ناتجٌ عن بعض الاضطرابات النفسيَّة؛ لأنَّ الله - عزَّ وجلَّ - خلق المرأة ناعمةً وحنونة، وقد يكون محاولة منها لإثبات ذاتها بشكلٍ غير صحيح، وعمومًا فقدْ يكفي البلطجي أنْ يرتكب أفعالاً عنيفة مرَّةً واحدة؛ لكي يهابه الناس ويخافوه، ويتجنبوا الاحتكاك به؛ بل يخضعوا لكلِّ ما يطلبه.
كما أنَّني أظنُّ أن توجه بعض الفتيات لممارسة أعمال العنف والبلطجة قدْ يكون بسبب حدوث بعض أعمال العنف داخلَ الأسرة، كأنْ يكون والدها يتطاول على أمِّها أمامَها، فتعتقد أنَّ القوة ستحفظها من تَكْرار عنف أبيها مع أمِّها - معها داخل إطار المجتمع، وكذلك نفس الحال بالنسبة للشباب".
ساحة النقاش