أسمع الكثير من النساء يتذمرن لحياتهنّ التي يعشنها، ويشتكين من أنّ هذه الحياة ليست أمنيتهنّ أو مبتغاهنّ. وإنهنّ قضين كل حياتهنّ يعطين ولا يأخذن، وأفنين أعمارهنّ وهن يلبين احتياجات ومتع وهوايات وأغراض الزوج والعيال، وتجاهلن أنفسهنّ، بينما الآخرون لا يشعرون بهنّ.
للمرأة التي ترفع هذه الشكوى أقول: توقفي عن الشكوى، وقولي لنفسك: "أنا، ومن بعدي أنتم". نعم.. ضعي أولوية.
الحقيقة أنّ الوضع الطبيعي هو أنّ الإنسان يلعب اللعبة متساوية (أنا والآخرون) ولكن للمرأة التي تشتكي من حالة الهجران الذاتي، أقول إن معالجة الشكوى بالتركيز على الذات مسألة جيِّدة.
إنّ معظم الذين يهملون أنفسهم يصابون بكآبة عالية إحتجاجاً على من حولهم، ويبدؤون سيل الإتهامات بأنّ الآخر هو السبب.
وحتى نوقف سيل الإتهامات هذا، كل الذي نحتاج إليه هو أن نوقف هذا الأمر وبسرعة، ونقوم بما اسميه "خطة الإنقاذ"، والتي قد تبدو صعبة، ولكنها في الحقيقة سهلة.
ضعي على ورقة عشرة أمور تقومين بها وترين أنّها تتعبك، نفسياً أو بدنياً، واشطبي نصفها على الأقل من برنامجك اليومي، ثمّ ضعي عشرة أشياء كنت أو مازلت تحبين القيام بها، وقومي بها أو ببعضها.
بكل أسف، كثيرات من النساء حين يأتينني للعيادة، وأطلب منهنّ أن يضعن القائمة، يجدن الفكرة سخيفة، وأسمع منهنّ جواباً: "أنا أعرف ما في رأسي، ولا أحتاج إلى أن أضعه على ورقة". كما أسمع من بعضهنّ إجابة مفادها أنّه لا فائدة من أن تكتب الواحدة منهنّ لائحة بأشياء تزعجها في حين أنّ هذه الأشياء هي في مصاف الواجبات.
وفي هذه الحالة أقول: إذا لم يكن عندك وقت لذاتك، فمتى سيكون عندك وقت لها؟ إنّ إيجاد وقت لذلك أمر مهم. لذلك، هيا.. ضعي ورقة واكتبي ما تحبين القيام به. وفي كل يوم اعملي على الأقل شيئين من الأشياء التي تحبينها، وسترين أنك بدأتِ تتغيّرين، وسوف تتغير حتى أحاسيسك تجاه الآخرين. فحالة القلق والتذمر ستقل عندك لأنك انتصرت لنفسك.
نحن ننسى أنفسنا في زحمة الحياة. وتذكُّر أنفسنا أفضل طريقة لمواجهة ضغوط الحياة، كأنّ نقوم بعمل نحبه وتركناه، ثمّ نعود له. صديقة لي كانت تحب الرسم، وما إن عادت للفرشاة والألوان حتى حصلت لها "معجزة". كما تقول. صديقة أخرى كانت تحب الخياطة، وما إن اشترت ماكينة الخياطة، أصابتها حالة غبطة وسعادة، عبرت عنها بالقول: "وحتى حركة جسدي تغيرت".
وهناك كثيرون لديهم أمانيُّ كان بودهم تحقيقها، وما إن بدؤا في تحقيقها حتى دبت فيهم الحياة.
فهيا.. قومي بشيء كنتِ تقومين به ويسعدك منذ الطفولة، أو شيء كان جزءاً من "شيطنة" المراهقة أو حلماً تأجل. قومي بأمر، واشعري بالسعادة والحياة تدب فيك من جديد.
المصدر: د. فوزية الدريع
نشرت فى 1 فبراير 2012
بواسطة alenshasy
هدى علي الانشاصي
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
10,397,498
ساحة النقاش