سمعت مدرسا مرة يصرخ فى تلميذ قائلا : كفى صراخا ! وبالطبع ارتبك التلميذ . فأستاذه يطلب منه بالفظ الأ يصرخ ولكنه يقدم له قدوة مناقضة بالصراخ . التلميذ يتلقى الأمر ونقيضه فى ذات الوقت . عليه ان يصرخ ولا يصرخ . والمحصلة هى صفر : ألا ينطق .. او يصرخ باستمرار .. أو يصرخ أحيانا ويسكت أحيانا ..
علمتنى يا أبنتى بإصرار بألا أرفع صوتى فوق أصوات من هم أكبر منى والأ أجرى الحوار عبر المسافات " اللهم أن كان بواسطة الوسائل التكنولوجية الحديثة " والأ أنادى الناس من وراء الحجرات " أستطيع أن أطرق الباب أو الجرس وأن أستاذن قبل الدخول " الصوت العالى كصوت الحمير انه صوت نكير .
أرى بعض الناس حولى يرفعون من أصواتهم فيزعجون من ليسوا أطرافا فى الحديث ويفرضون عليهم أن يرفعوا هم أيضا من أصواتهم حتى يسمعوا وأرهم يتحدثون فى بيوتهم بما يوقظ جيرانهم أو يزعجهم .
الصوت العالى عدوان واختراق للحدود الذى يحتمى فيها الانسان ويجعل منها دنياه التى تخصه . الهدوء المطلوب يقرب الانسان من نفسه ومن ربه .
ولكن الأدهى من ذلك هى تكنولوجا الضوضاء . هل أسوأها هو صوت النفير الذى حل محل الحنجرة لدى كل من يحتمى فى داحل حدود سيارته .
آلة التنبيه أو آلة الازعاج هى آلة عدوانية يخترق بواسطتها كل منا حدود الآخر ويعتدى عليه .
ثم تأتى أجهزة المذيع والتلفزيون التى يستخدمها أصحابها ليغرقوا أنفسهم فى حمام من الضوضاء الصناعية التى تغطى على ما عداها . مثلما يحك الانسان جلده بأظافره مؤلما اياه ليخفف عنه ألما آخر هو ألم التمنيل أو " الأكلان " .
ثم يأتى الميكروفون الذى يذيع أغانى وأناشيد الأفراح وتلاوة القرآن . والناس لا تسمع ولا تنصت وتخالف القول الالهى بأن علينا أن ننصت ونخشع إذا قرأ القرآن .
اننا نعيش فى مستنقع من الضوضاء يزعجنا بما يرفع من سرعة دقات القلب ويرفع الضغط ويقلص الشراين . انه يصيب الآذان بالتلبيد وفقدان الحساسية .
كيف يمكن أن نقترب من الله ونحن وسط هذه الضوضاء المعتدية المخترقة ؟
هكذا وجدت فى الترحال فى الحبال والصحارى والوديان بعيدا عن المدن خطوة تقربنى من خالقى .
ساحة النقاش