أسس وقواعد الرواية والدراما من القرآن .. فتحى حسان محمد

شهداء التحرير أبطال التراجيديا القومية العظيمة

أنـــــــواع التراجيديا

التراجيديا الشخصية ، التراجيديا القومية

ويصنفان إلى :   التراجيديا السوداء –العظيمة –الإلهية

التراجيديا القومية العظيمة

     وهم القوم المطيعون للقوة العليا – لله - غير معاندين له ، مستعدين أن يضحوا بحياتهم فى سبيل الله ، أو سبيل الوطن ، أو سبيل قيمة عظيمة ، أو هدف نبيل 0

 جماعة من الناس يربطهم العرق أو الجنس أو اللون أو اللغة أو الدين أو المكان أو المعتقد أو حاجة ما وهدفا ما هو الذى يجمع ويوحد بينهم وهنا نبل الحاجة وعظم الهدف هم الذين يحددون عظم المأساة القومية من وضاعتها ، ويحدد نوعها  سواء كانت  سوداء أم عظيمة  ، أم إلهية 0 وتنتهي حياتهم بفاجعة تقضى على حياتهم ، أو على بعضهم دون الآخر .

توافق شباب التحرير على مجابهة النظام  مستعدين لبذل كل غال ونفيس حتى لو فقدوا حياتهم على ألا يتراجعوا حتى ينتصروا على الفسدة والفساد والانحراف والمنحرفين وغيرهم ، وذلك بالانتصار على الخوف والجب ، وتوافقوا على حاجة عظيمة تتمثل فى إسقاط النظام الفاسد الذى أذل العباد ، والذى يمثله الطاغية حسنى مبارك وحبيب العادلى وجنودهما ، وهدف نبيل وهو الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ، توافقوا على الحاجة والهدف فى العالم الافتراضى وهو المتفجر فى نفوسهم وضمائرهم ، عاملون على حشد بعضهم البعض متوافقين على التضحية والفداء بمجابهة الخوف والانتصار عليه ، وخرجوا إلى الميادين العامة حتى توافقوا على ميدان التحرير وتشبثوا به  يتحملون كل ما يحدث لهم ويجابهونه بعزيمة وقوة فولاذية ، وقد واجهوا الأهوال من جنود العادلى ومبارك ، ولكنهم تحملوا وواصلوا جهادهم ، ولحق بهم الملاين من المصريين ، وهبوا فى ثورة سلمية متقبلين أن يفجعوا فى حياتهم ويستشهدوا فى سبيل حاجتهم العظيمة وهدفهم النبيل ، واستشهد من استشهد حتى تحقق النصر المبين ، ورحل الطاغية ورجاله وجنده عن الحكم .

التراجيديا القومية العظيمة  تتشابه كثيرا مع الملحمة فى القصة القولية الروائية ، حتى لو كنا فى الملحمة نخصص لها بطلا ومساعدا له أول وثان ، وهنا يجب أيضا فى التراجيديا القومية العظيمة رغم انه يقوم بها قوم أو جماعة إلا انه لابد عند تناولها فى الدراما يجب أن يكون لها بطل ، وثورة التحرير فى الواقع لم يكن لها بطلا معروفا بل الجميع أبطال ، ولكننا عند صياغتها عملا دراميا أو أدبيا لا نستطيع أن نتحدث عن الجمع بل لابد من بطل .

ولذلك نعرفها على هذا النحو:

   هى حدث كبير جليل مثير ومدهش  ومفزع  ومشوق  ومقنع و تام ، والتام ما له بداية ونهاية ومكون من حوادث وأحداث عظام ، فهى تتمتع بقدر كبير من الحاجات والأهداف التى يريد القوم تحقيقها ، ويمثلونها فى أشخاص يلقون عليهم مسئولية القيادة والتنفيذ ، وهم يعينونهم ، ولذا لها أكثر من مسئول ، بطل شخصية أولى ، ومساعد شخصية رئيسية، ومساعد آخر شخصية أساسية  لأن الحاجة القومية والهدف القومى عظيما الشأن والمكانة والجلال ولذا لا يترك فى يد شخص واحد ليتحمل مسئوليته وحده   وكامل والكامل ما له طول من الزمان معين يستوعب أحداثه وصراعه المنظم القوى، المبنى بحبكة شديدة الإتقان ، القائمة على المستحيل الممكن المحتمل الوقوع ، وتكون كما ينبغي أن تكون حتى ولو كانت ثابتة فى التاريخ.

 

التراجيديا القومية العظيمة تعنى من بين ما تعنى مثل الملحمة  المقاتلة فى الواقعة العظيمة   من اشتباك الناس واختلاطهم وظلمهم فئة قوية باغية كثيرة على فئة ضعيفة مستكينة قليلة ، والمقاتلة لا تكون إلا بين فريقين ، فريق قليل ضعيف يمثل الحق والخير والعدل والصلاح  وفريق قوى كبير يمثل الباطل والطغيان والظلم والجبروت والشرور،

الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول : أنا نبي الملحمة أى نبي القتال من أجل الإصلاح وتأليف الناس على الخير والعدل والرحمة 0 ونفهم منه ونستدل على أن الملحمة تكون من أجل مقاتلة فساد فى القيم ، وانحراف فى السلوك ، وانحلال فى الأخلاق ، وضلال فى القلوب ، وطمس للأبصار التى لا ترى الحق ، وغيام فى فهم العقول .

- البطل ( الشخصية الأولى ) يكون معها ، شخصية رئيسية تتبعها ، وشخصية ثانوية تساعدها0

- لا يشترط أن يصل البطل ويحقق هدفه لانه سيفجع فى حياته ، على أن يصل إلى حاجته ، و يحقق هذا الهدف تابعه أو مساعده اللذان تعلما منه وصارا مثله وهذا يعكس سمو الهدف ونبله وكماله وإخراجه من طور ما هو شخصي إلى ما هو عام ، ولا يقلل من بطولة البطل فى شىء إن أكمل مساعده وأتم ما هو منتقص منها ، فإن ذلك من دواعي سموها وتعاظم هدفها عن عظم القائم بها والمحقق لها، والتمجيد والتبجيل يكون للمقاصد الكلية والهدف الأسمى ، لا إلى شخص البطل الذي إن أوجدها وأتمها كاملة فليس ببعيد أن ينصب عليه العظم ونترك ما هو أعظم ، المتمثل فيما أحدث من هدف كلى لجمع من البشرية ، أو للبشرية جمعاء تفيد العالم أجمع .

- الحاجة والهدف لا يخصان البطل لشخصه وإن كان فيه بعض الخاص ، بل كلاهما عام - يخصان جماعة من الناس يربطهم العرق أو اللغة أو العقيدة أو القومية أو الدولة الجغرافية أو التاريخ المشترك 0

- تكثر فيها الوقائع والأحداث العظام المتفرقة والتي تصنع قصصا مستقلة بمفردها  تكون لبنة من لبنات بناء الملحمة ، على أن يربطها داخل النسيج لحم من خلال إحداهما تكون سببا والأخرى تكون نتيجة ، ولا يهم التتابع أو التوازي بينهما ، إذ من الممكن أن تفصل بينهما أحداث أخرى محتملة الوقوع أو حتمية الحدوث ، على شرط أن يكون البطل طرفا فيها0

- التلاحم بين ما هو مفكك لتربطه ببعضه ليكون قويا متآلفا ويصبح مفيدا من أجل هدف عظيم ونبيل 0 والتلاحم بمثابة الحبكة الجيدة ، بل هو نفسه الحبكة ، وهذا التلاحم أو الحبكة مفاده الترابط ولحم هذه الأحداث وتلك القصص الفرعية ، البطل طرف فيها وهو الرابط بينها والمتسبب فيها ، أو على الأقل  بسببه  ؛ لتصنع جسد الملحمة ،عظيم الطول ، به صعوبة ليدركه العقل ويعيه من أول وهلة ، إذ لابد من إعمال فهم العقل على أشده وإلا انفلت منه ، ولا يكون عيب المؤلف بل عيب المؤَلَّف له0

7- لا يشترط أن تبدأ حياة البطل الخارجية من قبل مولده أو من مولده ، ولكن تبدأ حياته منذ اللحظة التى تبدأ فيها الأحداث ويفصح ( البطل ) عن حاجته .

8- الإحكام والإصلاح والترابط  لشخصية عظيمة تقوم بعدد من الأعمال المتفرقة ، ولكن الرابط بينهم هو حاجة الشخصية التى يريد الحصول عليها وهى الإصلاح لما هو فاسد ، والهدف النبيل الذي يريد أن يحققه وهو جمع شمل الأمة على ما هو مفيد لها وجامع خير0 وهى بذلك أكثر طولا وأشمل عظما من التراجيديا الشخصية العظيمة  نظرا لتعدد أحداثها ووقائعها فى حدود التمام الكامل لما تحتاجه وتهدف إليه شخصية البطل0

 

الملحمة تتعدد الحاجة ويتعدد الهدف للشخصية الأولى 0ولكن أهداف كليهما الكلية واحدة لأن أهداف ونتائج القصة بكل أنواعها واحدة ، وهى التطهير والعلاج والراحة والذكر والإمتاع والعظة والتعلم0

من الشخصية الرئيسية ؟ ما فكرة القصة ؟ وما الحالة التى نريد تناولها ؟

 

 

    هذا هو نموذج بطل المأساة العظيمة صاحب النفس المطمئنة ، أو اللوامة ، إن بطلها يسير نحو الشهادة بإرادته الحرة القوية ابتغاء مرضاة الله وحده ، يطمع فى جنته وصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم فى دار مقامته فى جنة الخلد ، ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن نقول إن نهايته محزنة على الإطلاق فهل بوسع إنسان أن يضمن الجنة ويحزن ؟!! سؤال لا يحتاج إلى إجابة ، ولكن النهاية محزنة بالنسبة لنا!! وكما قلت إنه حزن جميل مطهر لنا من الرياء والتكبر والغطرسة والقنوط  ، شاف لنا من اليأس والحقد والغل والحسد ، حزن مطهر للنفس من أدرانها وأحقادها ، حزن مخلص من الكبر والتعالي ، حزن فى أنبل وأجل وأعظم معانيه ، حزن مهذب للنفس الفاسدة مفرح للنفس العامرة بالإيمان ، حزن ممزوج بفرح ، حزن من نوع خاص تمتزج فيه دموع الحزن بدموع الفرح من عين واحدة 0 من استشهد عزيزا لهم تبارك وتهنيء الناس أهله ، ولهذه الخصوصية يكمن عظم وإجلال  المأساة العظيمة التى لم أجد لها اسما أشرف وأحسن وأجمل من ذلك0

 

aldramainquran

أسس القصة بصفة العموم الروائية والدرامية: البداية - الابتلاء - الزلة - العقدة - الانفراجة - التعرف - النهاية القواعد : الصراع - الحبكة - التغير - الانقلاب - اللغة المكونات : الاحداث - المكان - الزمان - المؤثرات - الفكر - الفكرة

  • Currently 35/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
11 تصويتات / 428 مشاهدة
نشرت فى 20 مارس 2011 بواسطة aldramainquran

ساحة النقاش

nazrat

تحية لعودتك أخي الكريم , غير أني عاتب عليك عدم الاتصال , وتحية لمقالك

فتحى حسان محمد

aldramainquran
أديب روائى ودرامى وكاتب سيناريو، مؤلف كتابيى أسس وقواعد الأدب والرواية من القرآن الكريم ، وأسس وقواعد الدراما من القرآن الكريم ، ومجموعة من سيناريوهات الافلام والمسلسلات التى فى عقالها. »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

128,935