الصناعة المصرية تواجه في الوقت الحالي تحديات عديدة تؤثر في قدرتها علي النمو والحركة, وهو الأمر الذي يؤثر بالتأكيد علي الصادرات وعلي مدي استيعاب الصناعة لفرص العمل الجديدة.
وإذا كانت هذه التداعيات تؤثر سلبا علي الاقتصاد المصري باعتبار الصناعة هي محرك أساسي للنشاط الاقتصادي.. فإن إصلاح المناخ الصناعي وإزالة العقبات التي تواجهه يعني بصورة مباشرة الدخول في مرحلة تحقيق نمو صناعي واقتصادي تحتاجه مصر بشدة في الوقت الحالي.. وقد كان أول ما حرص عليه المهندس حاتم صالح وزير الصناعة والتجارة الخارجية فور توليه مهمة الوزارة هوالتعرف الدقيق علي مشكلات الصناعة والتصدير والاستيراد والعمل علي وضع حلول حاسمة لعلاجها.. بحيث يتم تفادي اسلوب المسكنات الذي قد يهدئ ولكنه لايشفي.. والاتجاه بدلا من ذلك إلي أسلوب العلاج الحاسم لاستئصال المشكلات من جذورها. وفيما يلي نص الحور مع المهندس حاتم صالح وزير الصناعة والتجارة الخارجية:
> سيناء من أهم المناطق في مصر والتي تحتاج إلي تنمية عاجلة.... فهل يمكن توضيح الجهود المبذولة لتحقيق ذلك ؟
ـ إن سيناء وهي جزء أساسي من مصر ولها أهمية استراتيجية كبيرة ومع ذلك فقد تم تجاهلها في العقود السابقة وقد يرجع ذلك إلي عدم وجود جدية ورغبة حقيقية في الماضي لتنمية هذا الجزء المهم من ارض مصر ولكن الوضع اختلف تماما حاليا فهناك اهتمام كبير وإرادة سياسية من رئيس الجمهورية لتحقيق تنمية فعلية في سيناء والاستفادة بمواردها الكبيرة في تحقيق ذلك. وقد تم تشكيل لجنة من وزراء الاسكان والاستثمار والنقل والصناعة تتولي مهمة تخطيط ومتابعة تعمير وتنمية محور قناة السويس والتي تعتبر سيناء جزءا أساسيا منها وقد قررت الدولة بالفعل تخصيص مليار وثلاثمائة مليون جنيه خلال العام المالي الحالي لتنمية سيناء. وفي الوقت نفسه فإن وزارة الصناعة تدرس أعداد خطة متكاملة من الحوافز لتشجيع الاستثمار في سيناء ومنها تقديم حوافز للمشروعات الجديدة التي تقام هناك بحيث تلتزم هذه المشروعات بتشغيل خمسين في المائة من فرص العمل الجديدة المتاحة بها لأبناء سيناء مما يسهم في إعطاء الأولوية لمواطني سيناء في العمل بتلك المشروعات, وفي نفس الوقت فإن ذلك يتيح المجال لجذب مواطنين من مختلف محافظات مصر للإنتقال للعمل بهذه المشروعات بجانب أبناء سيناء. كما أن خطة التنمية تشمل أيضا أنشطة زراعية وسياحية مهمة سيتم توضيح تفاصيلها في الفترة القريبة المقبلة.
> من أهم الصعوبات التي تواجهها الصناعة المصرية..الإضرابات والاعتصامات التي انتشرت لتمتد إلي عدد كبير من المصانع في كثير من المحافظات.. فما هو تأثير ذلك علي الصناعة وكيف يمكن حل هذه المشكلة ؟
ـ تعتبر ظاهرة الاعتصامات والإضرابات مشكلة كبيرة تهدد الصناعة المصرية.. وإذا كانت الإضرابات حقا مكفولا وهو امر لاخلاف عليه فيجب أن تتم بصورة منظمة طبقا لما يحدده القانون وبصورة لاتؤثر علي الإنتاج وتوفير احتياجات المواطنين من السلع في السوق المحلية وتنفيذ الخطط التصديرية ولكن غالبية ما يتم حاليا من اضرابات ومظاهرات واعتصامات هو أمر يتم بصورة غير شرعية وبدون الحصول علي موافقات الجهات المختصة مما يتسبب في أضرار جسيمة للمصانع واستمرار الوضع بهذه الصورة سيؤدي إلي خسائر كبيرة علي الاقتصاد المصري مما يهدد بتدهور اقتصادي سيعود بالضرر علي جميع الأطراف في مصر. ولا أحد يختلف علي حق العاملين في المطالبة بزيادة الدخول أو الحصول علي مزيد من الحوافز ولكن استمرار المطالبات بهذا الشكل المتزايد والدخول في اضرابات غير منظمة طبقا للقانون يزيد من حدة المشاكل وبصفة عامة سيتم التعامل مع هذا الموضوع من خلال محورين أساسيين.. الأول هو توعية العاملون بالصناعة بتداعيات واخطار استمرار الاضرابات والاعتصامات بهذا الشكل غير الشرعي.. وقد اجريت اتصالات مع اتحاد الصناعات حول هذا الموضوع.. حيث سيقوم الاتحاد في الفترة المقبلة بحملة توعية للعاملين بالمصانع لتعريفهم بأهمية أعطاء فرصة للاقتصاد المصري ليسترد انفاسه ويتجاوز الصعوبات التي يواجهها بحيث يبدأ التعافي والعودة إلي نشاطه وتحقيق معدلات نمو كبيرة وفور تحقيق ذلك يكون العاملون بالصناعة أول من يستحق الاستفادة بنتائج وثمار هذا النمو والحصول علي ما يطلبونه من زيادة في الأجور وحوافز ومزايا. أما في الوقت الحالي فإن تحقيق العديد من هذه المطالب يعتبر أمرا صعبا.. أما المحور الثاني فهو ضرورة الالتزام بأن تكون الاعتصامات والإضرابات طبقا لما يحدده القانون.. حيث سأقوم بإرسال خطاب لاتحاد الصناعات يتضمن القواعد التي تحدد كيفية قيام العاملين الراغبين في القيام بإضراب.. بتنفيذ ذلك طبقا لما تحده القوانين بحيث يقوم الاتحاد من خلال الغرف الصناعية الست عشرة التابعة له بتوزيع هذه القواعد علي المصانع في كل أنحاء مصر للالتزام بها بحيث تكون أي اضرابات واعتصامات تتم بعد ذلك طبقا لهذه القواعد علي أن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدالمخالفين في أي اعتصامات أو اضرابات تتم دون تطبيق تلك القواعد أو في حالة أي انتهاك أو مخالفة تتم خلال الاعتصامات تؤدي إلي تلفيات بوحدات الإنتاج أو تصيب بالضرر عاملين او مواطنين أخرين لم يشاركوا في هذه الاضرابات والاعتصامات.وقال أن أهم القواعد التي حددتها القوانين لتنظيم الاضرابات تشمل ما تضمنه قانون العمل رقم12 لسنة2003 والذي تضمن في المادة192 منه أن للعمال حق الإضراب السلمي ويكون إعلانه وتنظيمه من خلال منظماتهم النقابية دفاعا عن مصالحهم المهنية والاقتصادية والاجتماعية, وذلك في الحدود وطبقا للضوابط والإجراءات المقررة في هذا القانون. وفي حالة اعتزام عمال المنشأة ذات اللجنة النقابية الإضراب في الأحوال التي يجيزها هذا القانون, يجب علي اللجنة النقابية بعد موافقة مجلس إدارة النقابة العامة المعنية بأغلبية ثلثي عدد أعضائه ــ إخطار كل من صاحب العمل والجهة الإدارية المختصة قبل التاريخ المحدد للإضراب بعشرة أيام علي الأقل وذلك بكتاب مسجل بعلم الوصول. فإذا لم يكن بالمنشأة لجنة نقابية يكون الإخطار باعتزام العمال الإضراب للنقابة العامة المعنية, وعلي الأخيرة بعد موافقة مجلس إداراتها بالإغلبية المنصوص عليها في الفترة السابقة القيام بالإخطار المشار إليه, وفي جميع الأحوال يتعين أن يتضمن الإخطار الأسباب الدافعة للإضراب والمدة الزمنية المحددة له, كما تضمنت المادة195 من هذا القانون أيضا أنه يترتب علي الإضراب المشار اليه في المادة192 من هذا القانون احتساب مدته أجازة للعمل بدون أجر.
> ما هو رأيك في أفضل الأساليب المطلوبة لتوفير احتياجات الصناعة من الطاقة ؟
ـ حل أي مشكلة يتطلب التعامل الصريح معها لتحديد أبعادها وأسبابها.. ثم وضع الحلول المناسبة لها.. وبالنسبة لمشكلة الطاقة فيجب أن نقول بوضوح أن إنتاج مصر من الغاز لايكفي احتياجات الاستهلاك المحلي خاصة أن حجم الاستهلاك المنزلي من الكهرباء قد حقق زيادة بنسبة تزيد عن المعدلات السنوية الطبيعة لنمو هذا الاستهلاك يضاف إليها النمو في الاستهلاك الصناعة, وبرغم الجهود الكبيرة لتحقيق اكتشافات جديدة من الغاز يجب أن نضع في اعتبارنا ان أي اكتشاف جديد للغاز يؤتي ثماره بعد فترة تصل في المتوسط إلي نحو ثلاث سنوات ونصف السنة أي أننا سنواجه فجوة بين الإنتاج المحلي من الغاز وتوفير الاحتياجات المحلية اللازمة منه ستستمر لفترة لن تقل عن ثلاث أو أربع سنوات مقبلة. وبالتالي فحل هذه المشكلة بالنسبة لقطاع الصناعة يجب أن يكون من خلال ثلاثة محاور أساسية الأول..هو السماح للقطاع الخاص باستيراد الغاز وذلك بالتنسيق مع وزارة البترول, حيث يعتبر الغاز عنصرا أساسيا لتشغيل محطات الكهرباء لتوفير الكهرباء للمصانع وأيضا يستخدم الغاز كخامة للإنتاج في بعض المصانع, وبالطبع فإنه يمكن استيراد المازوت كبديل آخر لتشغيل محطات الكهرباء ولكن الغاز يحقق كفاءة افضل في تشغيل هذه المحطات وهو أفضل كذلك من المازوت بالنسبة لمتطلبات الحفاظ علي البيئة, والمحور الثاني هو التوسع في تشجيع إقامة محطات تقليدية لإنتاج الكهرباء من الغاز بنظام الـ بي.أو.تي لزيادة الطاقة الكهربائية المتاحة, أما المحور الثالث فهو تعديل التشريعات بما يسمح للقطاع الخاص بإقامة مشروعات للطاقة الجديدة والمتجددة باستخدام الرياح والشمس بحيث يمكن إنشاء محطات للحصول علي الطاقة المنتجة بهذه الأساليب ونقلها للشبكة الرئيسية للكهرباء في مصر بما يؤدي إلي زيادة كبيرة في الطاقة المنتجة في مصر.
> هناك اهتمام كبير في الوقت الحالي بالصناعات الصغيرة والمتوسطة في مصر.. فما هي أسباب ذلك, وكيف يمكن تنميتها وزيادة نشاطها؟
ـ تعتبر الصناعات الصغيرة والمتوسطة من أهم القطاعات الصناعية التي نستهدف تطويرها وتنميتها خاصة أنها تعتبر من أقل الصناعات في تكلفة تشغيل فرص العمل الجديدة فإذا كانت تكلفة فرص العمل في الصناعات الكبيرة تتراوح في المتوسط بين مائتي ألف إلي ثلاثمائة ألف جنيه وتزداد إلي مليون جنيه في صناعات كالأسمدة والأسمنت.. فإن تكلفة فرصة العمل في الصناعات الصغيرة والمتوسطة تصل إلي مايتراوح بين عشرين وثلاثين ألف جنيه. وبالتالي فإنه يتم التركيز علي تنمية هذه الصناعات الصغيرة والمتوسطة من خلال عدة محاور أساسية تشمل تشجيع إقامة مواقع صناعية بأسلوب الكلاسترزأو العناقيد.. والتي تضم تجمعات للصناعات الصغيرة في مجالات إنتاجية متشابهة مع تقديم كافة الخدمات التي تحتاجها هذه التجمعات كالتدريب والتكنولوجيا ومعاونتها في التسويق المحلي والخارجي وأيضا سيتم العمل علي ربط هذه الصناعات بالصناعات الكبيرة لمعاونتها بما يتيح مجالات كبيرة لتسهيل حصولها علي الخامات, ومن ناحية أخري يتم حاليا بحث إجراء تعديلات تشريعية لايجاد حوافز لضم الاقتصاد غير الرسمي ليصبح اكثر تنظيما وداخل مظلة اشراف الدولة, بحيث تتعامل تلك المشروعات والانشطة مع الجهات الحكومية المختلفة دون اية مطالبات عن التزامات سابقة سواء ضرائب او تامينات او رسوم تراخيص, وهذه رسالة مهمة لهذا القطاع وهي انه سياخذ مزايا اكبر بكثير عندما يعمل بصورة رسمية وتحت مظلة وإشراف الدولة.
> كيف سيتم العمل علي توفير الأراضي اللازمة لإقامة مشروعات جديدة خاصة أن هناك طلبات عديدة لإقامة المشروعات في انتظار الحصول علي اراض لبدء الدخول في مرحلة التنفيذ؟
ـ الأراضي هي عنصر اساسي لإقامة مشروعات جديدة ولتحقيق التنمية الصناعية وقد تم بالفعل تخصيص خمسة ملايين متر مربع أراضي صناعية لإقامة مشروعات جديدة وذلك بعد موافقة مجلس الوزراء حيث سيتم طرح أكثر من ألف قطعة أرض بإجمالي مساحة خمسة ملايين متر في تسعة ومدن ومناطق صناعية خلال الفترة القريبة المقبلة ولكن مصر تحتاج إلي ما لايقل عن سبعة ملايين متر مربع أراض سنويا وبالتالي فإننا ندرس عودة نظام المطور الصناعي والذي يقوم بأعداد الأراضي وتجهيزها وأيضا يقوم بالتسويق المحلي والدولي لتشجيع أقامة مشروعات صناعية بالاستفادة من هذه الأراضي, وذلك مع مراعاة أن يتم تفادي أي سلبيات شابت نظام المطور الصناعي في الماضي والتركيز علي تأكيد أيجابيات هذا النظام.
> وماذا بالنسبة لبعثة المشتريات الصينية التي تم الاتفاق علي ارسالها لمصر, وما أهمية هذه الخطوة؟
ـ هذا الاتفاق يحدث لأول مرة بين الصين ودولة خارج الاتحاد الاوروبي, وبالنسبة لمصر فسوف ترسل الصين العام المقبل وفدا من ممثلي السلاسل التجارية الصينية يضم العديد من المستوردين الصينيين وذلك للتعرف علي امكانية استيراد احتياجاتهم من المنتجات المصرية, واهمية هذه الخطوة ان هذه السلاسل تتعاقد لفترات طويلة وبقيمة تعاقدات كبيرة.
> لكن هناك مخاوف من ان تؤدي الاتفاقيات مع الصين إلي دخول عدد كبير من السلع الرديئة؟
ـ هذا غير صحيح, حيث نطبق نظام الفحص المسبق قبل شحن البضائع من الصين, بجانب الالتزام بتقديم شهادة جودة ومطابقة للمواصفات القياسية والمعروفة باسمCIQ للرسائل الواردة من الصين, وهذه الشهادة هدفها ضمان الا تدخل الاسواق المحلية اي منتجات غير مطابقة للمواصفات.
> هناك شكوي من تأخر برنامج مساندة الصادرات في صرف مستحقات المصدرين, متي تنهي تلك المشكلة؟
ـ أولا هناك تعليمات للقائمين علي ادارة صندوق مساندة الصادرات بسرعة صرف مبالغ المتأخرات للمصدرين بالكامل وفور انتهاء الاجراءات المعتادة, ثانيا فقد تمت زيادة مخصصات برنامج مساندة الصادرات من مليارين وستمائة مليون جنيه الي نحو ثلاثة مليارات ومائة مليون جنيه وهو ما سيمنحنا القدرة علي صرف المستحقات اولا بأول دون تكرار لهذا التأخير. وبجانب هذا فهناك مشاورات مع وزارة المالية لإيجاد آلية جديدة لتحويل المخصصات المالية للصندوق, حيث ان المالية طبقا للنظام الحالي تحول دفعات علي فترات زمنية محددة في كل فترة في حين أن متطلبات التصدير تحتاج إلي سرعة أكثر في تحويل المخصصات المالية للمساندة خاصة مع أن بعض الصادرات تتم بصورة موسمية, ونحن ندرس آليات تسريع التحويل المالي حتي لا يحدث اي تأخير.
> متي تدخل اتفاقية الميركسور مرحلة التنفيذ؟
ـ نحن مهتمون بتفعيل اتفاقية الميركسور مع دول البرازيل والارجنتين وباراجواي وارجواي والتي تم التوقيع عليها اواخر عام2010 حيث ندرس اجراءات التصديق عليها فور وجود برلمان, وعموما فهناك اهتمام كبير بتفعيل كل الاتفاقيات التجارية التي وقعتها مصر سواء الكوميسا او التيسير العربية وذلك نظرا لاثارها الايجابية علي خطط زيادة قيمة الصادرات.