المدربُ
أتانا في الصف الثالث الابتدائي، لم يكن أطولنا ولا أضخمنا، بيد أنه سريع الحركة، رابط الجأش، واسع الحيلة، شيطانٌ من شياطين الإنس، باسم الثغر، ذرب اللسان، باطش اليد، صعب المراس، لا يدع ساكنًا إلا حركه، ولا متحركًا إلا أثبته، ولا ناطقًا إلا أسكته، ولا صامتًا إلا أنطقه، زنان كيعسوب، دوار كحجر الرحى، لا يهدأ، ولا يسمح لغيره بالهدوء، يلكز هذا ويرفس ذاك، يشد شعر ثالث، ويطوح حقيبة رابع، إذا لم يجد إنسيًّا يُثقِلُ عليه، شد ذيل كلب؛ فطوحه في الهواء، أو عرك أذن قطة؛ فماءت كالبكاء، إذا شكوناه ترصد لنا، وإذا تركناه ابتدرنا، أمضى معنا ست سنوات عجاف، فرقت المدارس الثانوية بيننا، بعد سنوات بدا لنا التجمع في أحد النوادي البحرية، اتصلنا بعدد من قدامى الزملاء، تحاشينا أن يكون هو منهم، أمضينا وقتًا رائعًا. قبيل الانصراف نشبت مشاجرة، لا ندري لها سببًا؛ ولسنا طرفًا فيها، تطوع بعضنا؛ ليفض الاشتباك بين المتنازعين، رفض طرفا النزاع تدخلنا، اجتمعوا علينا، لم ينقذنا من أيديهم إلا ظهور المدرب؛ حامل الحزام الأسود، بادروا بالاعتذار، صافحوه باحترام شديد، وانصرفوا، كان هو! أحمد عبد السلام_مصر