هوى في دمي -
محمد شنوف
من ديواني الجديد : إليكِ انتهى الأمْرُ
______________
كمَا الطيرُ زهْوًا شَدا عَدَّدا
مَفاتِنَ رَوْضٍ لهُ مُنتدَى
أُغَنِّي الوُجُودَ هوًى في دَمي
جَرى لحْنَ خُلدٍ صَدًى في المَدى
أنا البلبلُ الأطلسيُّ الذي
يَرَى في الثُّريا لهُ مَقعَدا
بلادي النَّوابغُ مِنها عَلتْ
مَزاراتِ علم تُنيرُ المَدَى
و أرضُ الجَوامِع فيها بَدَتْ
مَناراتِ حُبٍّ زَهَتْ مَشهَدا
و أرضُ الثقافاتِ فيها ارْتدَتْ
سَلامًا وئامًا بهِ يُقتَدَى
عَرينٌ لأُسْدٍ على أُهْبةٍ
تُزمْجِرُ رَعْدًا بوَجْه العِدا
هنا مُلتقى المَوْج حَيْثُ اسْتوَتْ
و لُدْنُ القِوام انبَرَى أغْيَدا
هُنا حَيْثُ مُوسَى ارْتَضَى مَوئِلاً
هُنا الخِضْرُ أمْسَى لهُ سَيِّدا
و في عَينِها الشَّمْسُ مَالتْ هَوًى
كراهِبَةٍ رَاوَحَتْ مَعْبَدا
كمَريمَ حَلَّ المَخاضُ بِها
قصَتْ تبْتَغِي مَرتَعًا أرْغَدا
و مِنْ تحْتِها السَّلسَبيلُ جَرَى
و مِنْ فوْقها الرِّزقُ يأتي جَدا
و فِيها الأمُومةُ بَثّتْ هوًى
بقلبي نَمَا صارَ لي مَرصَدا
و مِن حَولِها جَاشَ عِشقُ الوَرَى
بِحَارًا توَالتْ لها سُجَّدا
و هذي يَراعي رَوَتْ مِنْ دَمي
لها سيفَ حُرٍّ و لنْ يُغمَدا
و لي همَّةٌ لستُ أرْضَى أرَى
لها عَيْشَ ذلٍّ جُعِلتُ الفِدى
و تَظمأ رُوحي لها إنْ نَأتْ
و لوْ كانَ زمْزمُ لي مَوْرِدا
و إنّي و إن جُلْتُ كلَّ الدُّنا
إليها حَنيني يُديمُ النِّدا
سَأبقى وفِيًّا لها ما حَييتْ
و يَوم أمُوتُ و بَعدَ الرَّدى