مؤسسة المشاركة المجتمعية للتنمية (شارك)

الحوكمة طريق التنمية

2010/03/30 الساعة 17:45:13

عادل معزب

  تطرح قضية إدارة الحكم(الحكمانية governance  )  بقوة اليوم في الأدبيات السياسية والاقتصادية باعتبارها مفهوما واصطلاحا جديدا من الممكن أن يتصدى للكثير من المتغيرات ويحاول تبوبها وتحليلها تحليلا علميا أصيلا بعيدا عن الانحياز، وتأتي عملية قياس مدى إمكانية نجاح أو عدم نجاح إدارة الحكم في التنمية بعموم البلدان العربية امرأ ليس بعيدا عن ما يحصل في العالم من متغيرات وتطورات أدت بطبيعة الحال إلى تسليط الضوء على العديد من المعوقات والمشاكل التي تقف حائلا عن تحقيق التنمية المنشودة في البلدان النامية والعربية منها على وجه الخصوص.

 ومن أجل تحقيق التنمية البشرية التي يطلبها العالم اليوم فلابد من الانتقال من الإدارة التقليدية إلى الإدارة المجتمعية التي تمثل إدارة شئون الدولة والمجتمع ،  الذي يستغل موقع الصدارة بين مختلف المعطيات العالمية ،كالعولمة والتحول الديمقراطي ، وقد أثار هذا المفهوم  جدلاً واسعاً بين مؤيد ومعارض وخاصةً وأنه يسعى إلى بلورة الشكل الذي يجب أن تكون عليه  طبيعة العلاقة بين كل من الدولة والحكم من ناحية ومؤسسات المجتمع المدني من ناحية

أخرى ،  لذلك لا يقتصر تطبيق هذا المفهوم على الحكومة أو الدولة فقط ولكنه يشتمل أيضاً القطاع الخاص والمجتمع  المدني ، ولهذا يتميز بالاتساع الشديد  ليمكن الأفراد والجماعات من التعبير عن حقوقهم والتمتع بها في ظل الديمقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة.

كما أصبح التزام الدول النامية بمنهجية الحكمانية الجيدةGood Governance) ) أمراً في غاية الأهمية ، لما ينطوي عليه ذلك من تكامل الأدوار (الإدارة الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني ) من خلال المشاركة والتشارك لإعادة رسم الأدوار لكل منهما ليتسنى تحقيق التنمية المجتمعية ذات الكفاية والفعالية والاستجابة للمواطنين وطموحاتهم ، وفق ما تركز عليه الحكمانية الجيدة من مميزات تعكس الشفافية والمساءلة والتشارك في تحمل المسئولية والمشاركة في رسم السياسات وتعزيز دولة القانون واللامركزية لتقريب صنع القرار من المواطنين .

ويعتبرمفهوم governance) الحكمانية ) خاصة وهو مفهوم حديث لاحق لاستخدام العولمة ، وهو من صنع منظمات دولية وشركات متعددة الجنسية ، وفى مقدمتها البنك الدولي ، وهو اقرب إلى مفهوم الحكم لغة ومضمونا التي تعنى المعرفة والعدالة والحكمة قبل أن تعنى السلطة ، وكما جاء في لسان العرب العلم والفقه والقضاء بالعدل ، غير أن الاستخدام الحالي للكلمة لايوحى بنفس المعاني لذلك وجدت اجتهادات مثل حاكميه والأكثر غرابة حكمانية والأكثر طولاً ووضوحاً (إدارة شئون الدولة والمجتمع ) ،أما الحكم الصالح فيراه البعض متمثلاً في الكفاءة ،حكومة غير مركزية قابلة للمساءلة ، فعالية شفافة خفة في الجهاز الإداري فعالية النظم القانونية ومحاربة الفساد وتطوير الحريات العامة والحوار المعلن وحرية الصحافة والتنظيمات واحترام حقوق الإنسان .

وبالرغم من بعض الاختلافات في تسمية هذا الاصطلاح بين المراكز والمؤسسات الأكاديمية التي تهتم بهذه القضايا، إلا أن المحصلة واحدة، حيث أن إدارة الحكم (Governance) هو تعبير استخدمه بيت الحرية (Freedom house) في العديد من دراساته وتقاريره السنوية

ومع بداية عقد التسعينات من القرن الماضي  بشكل واسع  ظهر المفهوم  من قبل المنظمات الدولية كالبنك الدولي ، ومشروع الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ، وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية ، كمنهجية لتحقيق التنمية المجتمعية في الدول النامية ،  نتيجة لقصور الإدارات الحكومية عن تحقيق ذلك بفعالية وكفاية كافيتين ، كما أن الفكرة السابقة غدت في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي على قدر كبير من الأهمية للدول ، سواء المتقدمة أو النامية  على حدٍ سواء لتحقيق طموحات المواطنين فيها بتوفير التنمية الشمولية وإدامتها ، إلا إن الأمر أصبح أكثر إلحاحاً على الدول النامية بشكل خاص نتيجة التحديات العالمية والإقليمية (العولمة – التجارة العالمية – الأسواق التجارية المفتوحة – الفقر – الفساد وغيرها ).

ويتوقف نجاح التنمية على طبيعة المؤسسات التي يتم عبرها ومن خلالها وضع السياسات التنموية وتنفيذها وتمويلها ومراقبتها ، وعلى المنظومة العامة لإدارة الحكم كيفية توزيع ممارسة السلطة ، فإذا كان تطوير وإصلاح الأُطر التشريعية يعد أمراً ضرورياً لتحديد التوجهات الديمقراطية للدولة ، كون مؤشرات التنمية البشرية تمثل انعكاساً لطبيعة بني مؤسسات الدولة وأجهزتها .

ففي اجتماع اللجنة الوزارية لمنظمة التنمية الاقتصادية (OECD) الذي عقد في باريس في مارس 1996 ربط رئيس اللجنة بين جودة  فعاليات وأسلوب إدارة شئون الدولة والمجتمع ،  ودرجة رفاهية المجتمع ، وأكد على أن المفهوم يذهب إلى أبعد من ذلك ؛ وهو كيفية تطبيق الديمقراطية لمساعدة الدول على حل مشكلاتها التي تواجهها ، بدلا من توجيه اللوم إلى المسئولين نتيجة الإخفاق في عملية التنمية والذي كان سببه خطط واستراتيجيات الحكومة بدون إعطاء المجتمع المدني والقطاع الخاص حقهم كشركاء للتنمية لذلك برزت الحاجة إلى إعادة النظر في دور الحكومات وعلاقتها بكل من القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني حيث يصبح للآخرين تأثير فاعل على السياسات العامة .

المصدر: التغييرنت
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 57 مشاهدة
نشرت فى 4 إبريل 2011 بواسطة adelmozab

ساحة النقاش

مدونة الدكتور / عادل معزب

adelmozab
موقع متخصص فى الحكم الرشيد ومكافحة الفساد فى اليمن »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

9,075