القياس النفسى

لمحة تاريخية عن قياس الفروق الفردية: 12

من العجيب أن حركة قياس الفروق الفردية لم تبدأ على أيدي رجال علم النفس ولكن كانت البداية لعلماء الفلك إذ طرد أحد العلماء مساعده في مرصد جرينتش لأنه تأخر عنه في رصد أحد النجوم فترة تقرب من الثانية فأرجع العالم هذا إلى إهمال مساعده وكانت الطريقة المتبعة في الرصد آنذاك هي الاعتماد على السمع والبصر ولم تكن هذه العملية تتطلب القدرة على التوفيق بين المؤثرات السمعية والبصرية فحسب بل كانت تتطلب أيضا القدرة على إدراك المسافات.

ثم جاء أحد العلماء ليقرأ هذه القصة ويبدأ في الاهتمام بما عرف وقتئذ “بالمعادلة الشخصية ” وكان يقصد بها في بادئ الأمر الفروق بالثواني بين تقدير أثنين من الراصدين لحركة نجم من النجوم وكانت هذه المعلومات هي أولى المعلومات التي سجلت عن الفروق الفردية.

- أما حركة التجريب في علم النفس فقد بدأت من خلال المعمل الذي أنشأه فونت عام 1876 بألمانيا إلا أنها تأثرت بعلم وظائف الأعضاء إذ أنحصر التجريب في قياس الاحساسات السمعية والبصرية وزمن الرجع والحركات العضلية.إلى أن جاء فرنسيس جالتون ليبدأ حركة قياس الفروق الفردية على أسس سليمة.

وهكذا أخذت حركة الفروق الفردية وقياسها في الازدهار وما كاد القرن التاسع عشر أن ينتهي حتى أخذ علم سيكولوجية الفروق الفردية في التبلور والذي كانت من أهم مشكلاته:

(  أ  ) تحديد طبيعة ومدى الفروق في الحياة النفسية للأفراد والجماعات.

( ب ) تحديد طبيعة العوامل التي تؤدي إلى هذه الفروق أو تؤثر فيها سواء أكانت هذه العوامل وراثية أم بيئية.

( ج  ) كيف تظهر هذه الفروق وكيف يمكن قياسها.

* مشكلة قياس الفروق الفردية النفسية:

لقد كان من السهل على العلماء قياس الفروق الفردية بين الأفراد في الصفات الجسمانية كالطول والوزن لوجود مقاييس لمثل هذه العوامل كما هو الحال في كل الظواهر الطبيعية.

وتمتاز هذه المقاييس بثبات وحدة القياس ، كما أن القياس يتم بطريقة مباشرة. أما الظواهر النفسية فلا يمكن قياسها بطريقة مباشرة فالذكاء مثلاً لا يرى بالعين ولا يمكن لمسه وإنما يتم قياسه من خلال المقاييس المختلفة.

مستويات القياس: 12

تنقسم مستويات القياس إلى أربعة مستويات رئيسية أو أساسية هي:

الميزان الاسمي:

وفيه يتم تعين الأرقام لتحديد الفئات التي ينتمي إليها الأفراد أو الأشياء مثال لذلك “وضع أرقام على فانيلات لاعبي كرة القدم “، أذن فالعملية الحسابية الموجودة في هذا النوع من الموازين هي ” العـد ” ولا يمكن جمع أو طرح هذه الأرقام.

 الميزان الترتيبي:

والذي من خلاله يمكن ترتيب الأفراد أو الأشياء من الأقل إلى الأعلى أو العكس طبقاً للخاصية التي نقيسها كأن نقول مثلاً ” أن أحمد أعلى درجة من عمرو ، عمرو أعلى درجة من حسين ” ولكننا لا نعرف قدر الفارق في الدرجات.

الميزان الفئوي:

تتميز الموازين الفئوية على الموازين الترتيبية بقدرتها على تقدير الفارق بين شيئين أو شخصين فإذا طبقنا ذلك على المثال السابق يمكن أن نقول أن عمرو أعلى درجة من حسين بستة درجات ولكن وبالرغم من ذلك نجد أن الميزان الفئوي يعاني من قصور واحد هو عدم وجود نقطة الصفر الحقيقية.

فمثلاً إذا حصل أحد هؤلاء الطلاب على درجة صفر في أحد المواد فإن هذا لا يعني عدم معرفته أي شي في المادة التي درسها.

ميزان النسبة:

وهو أعلى مستويات القياس وفيه يمكن استخدام كل العمليات الحسابية ولموازين النسبة كل خواص الموازين الفئوية بالإضافة إلى وجود نقطة الصفر.

 

طرق التعبير عن الترتيب النسبي:

1- المتوسطات:

وفيها تتم مقارنة درجات الفرد بمتوسط درجات الأفراد الذين هم من نفس سنه وبعد تطبيق نفس الاختبار عليهم.

2- الترتيب المئيني:

يعبر الترتيب المئيني عن ترتيب الفرد بالنسبة لمئة ممن هم من نفس عمره الزمني وللتوضيح يمكن أن نقول أن الطالب الذي يكون ترتيبه المئيني (30) معناه أن درجته أعلى من درجة 30% من الطلبة ممن هم في نفس سنه.

3- الدرجات المعيارية:

وهي أحدى الطرق التي تحدد درجة الفرد بالنسبة لمتوسط درجات أقرانه فعلى سبيل المثال إذا طبق اختبار للذكاء ( بينيه ) على مجموعة من الأفراد وكان متوسط الدرجات 100 ، ومعامل الانحراف 16 فأننا نجد أن ثلثي المجموعة تقع درجاتهم بين (116: 84) وإذا اعتبرنا أن معامل الانحراف وحدة واحدة أي أن 16= 1 فأن التلميذ الذي درجته 116 يمكن التعبير عن ذكائه بأنه يزيد بمقدار وحدة عن المتوسط أي +1 درجة معيارية.

4- المعاملات:

من أشهر المعاملات التي تستغل لتحديد درجة الفرد بالنسبة لمجموعة في الذكاء هو معامل الذكاء.

معامل الذكاء يساوي (العمر العقلي / العمر الزمني) × 100 ويتم ضرب حاصل القسمة في 100 للتخلص من الكسور.

 مفهوم أداة القياس:

ظهرت تعريفات وتفسيرات متعددة لمفهوم أداة القياس وقد أجمعت كلها على أنها تمثل الطريقة أو الأسلوب الذي تقاس به صفة ما أو ظاهرة ما.

وتظهر في عدد من الصور ، الاختبار (Test) والمقياس (Scale) وقائمة التقدير (Rating Checklist). وغيرها.

وفي مجال التربية الخاصة أمثلة على أدوات القياس سوف يتم الحديث عن بعضها في الجزء القادم.

شروط أدوات القياس:

تعتبر عملية القياس، عملية أساسية في عمل الأخصائي النفسي الذي يعمل في هذا الميدان بصفة عامة ، وفي ميدان التربية الخاصة بصفة خاصة. وذلك نظراً لطبيعة وظروف عملية القياس وإجراءاتها مع الأطفال غير العاديين. حتى تعطي عملية القياس نتائج تساعد أصحاب القرار القدرة على اتخاذ القرارات الناسبة. ولذلك لابد وأن تتوفر في هذه الأدوات بعض الشروط من أهمها الصدق والثبات.

صدق الاختبار:

يعتبر صدق الاختبار شرطاً أساسيا من شروط أدوات القياس الفعالة ويقصد بصدق الاختبار أن هذا الاختبار يقيس بالفعل ما وضع لقياسه.

ثبات الاختبار:

يعتبر ثبات الاختبار ثاني أهم شروط المقياس الفعال ويقصد به أن هذا المقياس يعطي نتائج متماثلة أو متقاربة عند قياسه لأحد المظاهر السلوكية وذلك عند إعادة تطبيقه من خلال نفس الفاحص أو من خلال فاحصين مختلفين.

أساليب قياس وتشخيص الإعاقة العقلية(13)

تقع فئة الإعاقة العقلية في يسار منحنى التوزيع الإعتدالي للقدرة العقلية وقد ظهر أكثر من اتجاه في محاولة لقياس وتشخيص الإعاقة العقلية منهم الاتجاه السيكومتري والذي وجه إليه كثير من النقد نظراً لاعتماده على محك واحد وهو درجة ذكاء الفرد مما أدى إلى ظهور أكثر من اتجاه أخر منهم الاتجاه الاجتماعي والتربوي بجانب الاتجاه الطبي إلى أن ظهر ما يعرف الاتجاه التكاملي والذي حاول أن يجمع بين جميع هذه الاتجاهات.

 


(12)  سعد جلال، القياس النفسي، صـ 15 : 17

(12) المرجع السابق

(13)  أ.د / فاروق الروسان، أساليب القياس والتشخيص في التربية الخاصة، طـ 1 ، فـ 2 ، صـ 39 ، (الجامعة الأردنية)

 

abdoucom

الكاتب الاجتماعي والاديب والشاعر : نزار عبد الرزاق .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 358 مشاهدة
نشرت فى 22 سبتمبر 2014 بواسطة abdoucom

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

68,522