القيادة الإلهامية
قسم: القيادة, مقالات تنموية
أضيف بتاريخ: 23 أغسطس 2013 - 397 زيارة
القيادة النظرية الروحية الإلهامية التحفيزية
نظربات القيادة
ان قرار القائد بإلهام الأتباع كي يعثروا على أنفسهم، ويستثمروا إمكانيّتهم، يأخذ القائد مباشرة إلى عمق المشاكل المؤسساتية كانخفاض الثقة لانعدام القدوة الحسنة، أو انعدام الرؤية والقيم المشتركة، أو اختلال التوافق بين البنى والأنظمة، لذلك لا نتحدث عن القيادة كمنصب، بل كمبادرة تهدف إلى جعل الناس من حولنا يكتشفون قيمتهم ومواهبهم، وتوحيدهم كفريق متكامل لزيادة نفوذ المؤسسات والمشاريع المهمة.
النقطة المهمة هنا، هي في قدرة القائد على صنع الفريق المتكامل من مجموعة الأتباع، بإلهامهم فرداً فردا، وتفجير طاقاتهم، وإبراز مواهبهم، واستثمار وتوجيه إمكاناتهم، وعندها لا يعود لنقاط ضعف الأتباع أي تأثير سلبي لأن نقاط قوة الآخرين تعوّض عنها.
ومن رواد هذه النظرية (غرين ليف 1977)، و(هاولي1993)، و(دوبري 1989 )، و(كيفر9219).
تعني القيادة بالإلهام: التأثير في أرواح الآخرين بدلاً من التحكّم بهم. إنّ العناية الروحية بالأتباع هي جزء هام من ممارسات القائد، حيث على القائد أن يفكر، ويساهم في مساعدة الآخرين على الارتباط به، ومن فهم الأتباع جيداً، واستنهاض طاقاتهم الدفينة، وإبراز مواهبهم، ومن ثم تحريكهم، ودعمهم في إنجاز الأهداف وتحقيق الرؤى.
وبحسب قدرة القائد على استنهاض أتباعه، وتحفيزهم، يكسب احترامهم وثقتهم ومحبتهم، وولاءهم، وإنتاجهم. ولا ننسى تفاوت الأتباع في الاستجابة للعوامل التي تؤثر على حافزيتهم ودافعيتهم للعمل، فالأمر يختلف من فرد لآخر ومن مؤسسة لأخرى، فمنهم من يمكن حفزه عن طريق الألقاب المهنية، ومنهم عن طريق إلهاب الحماس بالرؤيا المستقبلية، ومنهم عن طريق الحوافز المالية.
لقد استخدم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم مع كل شخص من الصحابة النوع الذي يناسبه من التحفيز بحسب إمكانياته وقدراته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأشدهم حياء عثمان، وأقضاهم علي، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أُبي بن كعب، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح”[2].
وقد استعمل صلى الله عليه وسلم الحوافز المالية كما فعل في غزوة حنين حين وزّع الغنائم، واستعمل الحوافز المعنوية كما فعل مع جعفر بن أبي طالب حين عاد من الحبشة متزامناً مع فتح خبير، حيث قال رسول الله عليه وسلم: “ما أدري بأيهما أنا أفرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر”[3]، واستخدم الفخر والشهرة كما فعل مع أبي سفيان في فتح مكة، فقال عليه الصلاة والسلام: “من دخل دار أبي سفيان فهو آمن”[4].
ومن أهم الأمثلة عن هذا النوع من القيادة: هو نموذج ونستون تشرتشل حينما تحدث عن أجمل ساعة في بريطانيا في معاركها مع ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، فقال: “يعرف هتلر أنه يتوجب عليه كسرنا على هذه الجزيرة أو خسارة الحرب، وإذا استطعنا مواجهته فستصبح كل أوروبا حرة، ويمكن لحياة العالم أن تسير للأمام تجاه المرتفعات الواسعة المشرقة، ولكن إذا فشلنا، فإن العالم بأسره وبما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وبما في ذلك جميع من عرفنا واهتممنا بهم، سيغرقون في درجات العصر المظلم الجديد، وسيصبح العالم أكثر فساداً، وربما أكثر تأخراً بواسطة أضواء العالم المنحرف. فدعونا لذلك نلتزم بواجباتنا، ونفهم أنه إذا استطاعت إمبراطورية بريطانية ودول الكومنولث أن تستمر لألف سنة، فإن الناس حينذاك سيستمرون في القول: (كانت تلك أفضل ساعاتهم) “.
وكذلك الإلهام الرائع الذي قام به مارتن لوثر كينغ في حديثه لأتباعه عن حلمه لأمريكا: “أخبركم اليوم يا أصدقائي أنه بالرغم من الصعوبات والإحباطات التي أواجهها هذه اللحظة فإني مازلت أمتلك حلماً، إنّه حلم متأصل في الحلم الأمريكي. لدي حلم بأنّه في يوم ما ستنهض هذه الأمة لتعيش المعنى الصحيح لدستورها القائل: ونؤمن بالبديهية الواضحة أن كل الناس خلقوا سواسية، لدي حلم أنه في يوم ما وعلى التلال الحمراء لجورجيا سيكون أبناء العبيد السابقين، وأبناء ملاك العبيد السابقين قادرين على الجلوس معاً على مائدة الأخوّة. لدي حلم في أنه في يوم ما حتى ولاية المسيسيبي، الولاية الصحراوية القابعة في حرارة الظلم والإضطهاد ستتحول إلى واحة من الحرية والعدل. لدي حلم أنّ أبنائي الأربعة سيعيشون في يوم ما في أمة لا تحكم عليهم طبقاً للونهم، ولكن بمحتوى شخصياتهم. لدي حلم اليوم ..”. لقد حول مارتن لوثر كينغ حلمه الشخصي إلى صوت جهوري أشعل حركة ذات هدف كبير.
إنّ سبب نجاح كنغ وتشرتشل وغيرهم من القادة العظماء في التاريخ هو أنهم عرفوا ذواتهم، وعثروا على أصواتهم، وعرفوا أتباعهم، وساعدوهم في العثور على أصواتهم، وكان لديهم رؤية شخصية فعّالة استطاعوا أن يشاركوا أتباعهم بها.
وأخيراً فإن الإلهام والتحفيز يتم بالاستحواذ على القلوب، وبلورة الصورة المشرقة للمستقبل، وتحقيق الاستقرار العائلي، والإصغاء الفعّال للمقترحات والآراء المقدّمة من الأتباع، والتواصل المتبادل مع الأتباع، وإشعار الأتباع بملكيتهم للمشروع وشراكتهم في الهدف، وإسقاط الحواجز المعنوية بالتقليل من المستويات الإدارية، والشفافية أو نشر الأسرار، والمشاركة في السراء والضراء، وتعزيز التعلّم والتدريب، والتمكين وتحرير الفعل.
دكتوراه في التخطيط الاستراتيجي
تحميل كتاب القيادة المرتكزة على المبادىء
[1]كوفي، ستيفن، العادة الثامنة من الفعّالية إلى العظمة، دار الفكر بدمشق، الطبعة الأولى 2006، عدد الصفحات (578 )، رقم الصفحة (147).
[4]محمد الرشيد، عبد الله، القيادة العسكرية في عهد الرسول، الطبعة الأولى، سوريا، دار القلم، 1410 هـ، الصفحة (217).