الرئيسية مقالات اليوم


34 Share on print طه خليفة 05 يوليو 2012 07:54 PM

 

توقفت أمام ما قالته المستشارة تهاني الجبالي بأن الرئيس محمد مرسي ليس لديه خبرة في إدارة الدولة والرئاسة؛ لأنه كلام يأتي من شخصية يفترض أنها قانونية مثقفة مسيسة واعية.

سريعًا وجدت على "الفيسبوك" ردًّا طريفًا، لكنه عميق، يقول لها: "معلهش بقى يا هانم، أصل الوحيد عندنا اللي عنده خبرة واخد تأبيده".

المستشارة تهاني الجبالي نائب رئيس المحكمة الدستورية هي في الأصل محامية، وعُينت بالمحكمة عام 2003 لتحمل من يومها وصف أول قاضية مصرية، ويقال إنه كان وراء التعيين سوزان مبارك؛ لتكون في مصر نساء قاضيات، وحتى يقال إنها تحمل لواء الدفاع عن المرأة وتمكينها. الهانم كانت تُقدَّم على أنها مهتمة بقضية المرأة حتى تظهر أمام الغرب كسيدة أولى عصرية حضارية، وحتى تحصل على الإشادة والجوائز، وكانت تطمح لجائزة نوبل فأسست شيئًا هلاميًّا اسمه "حركة سوزان مبارك الدولية للمرأة من أجل السلام"، وكانت تعقد مؤتمرات وندوات لهذه الحركة، تستضيف فيها الكثيرين من دول العالم في أفخم الفنادق والمنتجعات على حساب الشعب الفقير.

ماذا كانت خبرة أو تاريخ السيدة تهاني في القضاء الدستوري عندما تم تعيينها وليس اختيارها من بين متنافسات ؟. ما قرأته عن تاريخها المهني لم أجد فيه ما يشير إلى أنها كانت تتمتع بالخبرة الدستورية الواسعة، أو الدراسات العميقة في هذا المجال. إذن ليس بالضرورة أن يولد الإنسان خبيرًا ، فالخبرة تكتسب بوسائل عديدة، ثم تتراكم.

لكن ما هي مواصفات الرئيس صاحب الخبرة في إدارة الدولة والرئاسة؟، هل هو حمدين صباحي مثلاً؛ باعتباره من نفس التيار الذي يبدو لي أنها تنتمي إليه ؟، أم هو أحمد شفيق الذي كل خبرته وإنجازاته بناء مطار يعتبر ركنًا في مطار إمارة اسمها دبي؟.

الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا أولاند كل خبرته هي رئاسة الحزب الاشتراكي منذ سنوات، وقد فضَّله الفرنسيون على الرئيس الخبرة ساركوزي، فهل هم أغبياء؟. وهل كان أوباما صاحب خبرة عريضة في الحكم والإدارة عندما حصل على أغلبية أصوات ناخبي الحزب الديمقراطي خلال تنافُسه مع مرشحي الحزب وأبرزهم هيلاري ، وجون بايدن، ثم فضّله الأمريكان على جون ماكين مرشح الحزب الجمهوري - وهو بطل عسكري، وسيناتور قديم، وسياسي محنك - ليرأس القوة العظمى في العالم. وبيل كلينتون الذي حقق ازدهارًا اقتصاديًّا كانت خبرته هي المحاماة وحكم ولاية صغيرة. وريجان الممثل المتواضع صار واحدًا من أهم رؤساء أمريكا في الأربعين سنة الأخيرة. وعبد الناصر كان ضابطًا برتبة مقدَّم في الجيش. وليخ فاونسا، العامل في حوض بناء السفن، الذي ترأس بولندا. وفاكلاف هافيل الأديب الذي صار رئيسًا لتشيكيا. ولولا دا سيلفا، ماسح الأحذية، صاحب نهضة البرازيل. والكثير من الشخصيات العادية التي وصلت للرئاسة بلا خبرة وأنجزت في بلدانها.

سأحيل الأستاذة تهاني أيضًا إلى ما كتبه أمير طاهري في "الشرق الأوسط" الجمعة الماضي، قائلاً: لا أتفق مع الأشخاص الذين سخروا من مرسي؛ لأنه كان "احتياطيًّا"، حيث يمتلئ التاريخ بالأمثلة التي تُبْرز نجاح "الاختيارات الثانية" كزعماء أقوياء، فهل كان أحد يتصور يومًا أن يصبح كلوديوس العجوز العاجز إمبراطورًا لروما ويتفوق على الكثيرين من أسلافه؟!. مَن كان يتصور أن هاري ترومان الذي كان يعمل بقالاً في ولاية "ميسوري" سوف يصبح من بين أقوى الرؤساء في تاريخ أمريكا؟. وماذا عن جورج بومبيدو، الذي كان يوصف بالمدرس القادم من "أوفيرني"، الذي خلَّف الجنرال شارل ديجول في رئاسة فرنسا وأصبح أكثر رؤساء الجمهورية الخامسة نجاحًا؟.

جماعة الإخوان لا تجامل، ولا تلعب، وإذا لم يكن مرسي سياسيًّا من النوع الثقيل لما دخل مكتب الإرشاد، ولما كان رئيس كتلة الإخوان في برلمان 2000-2005، الذي حصل فيه على أفضل برلماني بالعالم لأدائه الرفيع، ولما اختارته الجماعة ليكون رئيس أول حزب لها، الحرية والعدالة، ولما كان مرشحها للرئاسة مع خيرت الشاطر، بل هو، في رأيي، كان أفضل من الشاطر، وقد لعب القدر لعبته وصار الرئيس.

ماذا كانت خبرة مبارك حينما تولى الرئاسة؟!. نائب رئيس بلا عمل، وقبله كان جنرالاً لا علاقة له بالواقع خارج الثكنات والمطارات العسكرية، لا علم ولا ثقافة ولا رؤية ولا سياسة لديه، وبقي 30 عامًا في الحكم وخرج منه مطرودًا بثورة شعبية، بعكس مرسي الذي لديه قيمة علمية وأكاديمية وخبرة سياسية وشعبية ونضالية كبيرة.

لماذا لا تنظر السيدة تهاني إلى نصف الكوب الملآن، أو لتحتفظ بآرائها لنفسها؟، والمدهش أنني أراها ضيفًا دائمًا في الفضائيات، وعلى صفحات الصحف، فلا أجد رئيس المحكمة، ولا نائبه الأول، ولا أحدًا من المستشارين، أو هيئة المفوضين يتحدث للإعلام في الشأن السياسي ولا حتى القضائي ، وفي حدود علمي أن هناك قرارًا من المحكمة بمنع أعضائها من الظهور في الإعلام للحفاظ على هيبتها وهيبتهم وحتى لا ينخرطوا في نقاشات خلافية، لكن واضح أن القرار لا يسري عليها.

منصب الرئيس ليس معادلات رياضية ولا كيميائية معقدة، وليس نظريات فيزيائية عويصة، فهذه من أوهام ومخلفات عصر الفرعونية، الذي سقط بلا رجعة، إن شاء الله.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 75 مشاهدة
نشرت فى 6 يوليو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

305,786