مختار نوح
21
يونيو
2012
05:10 PM


هل تعلمون قصة أهل "كَفْر العناد"...سأرويها لكم على أى حال.. فهى قبيلة يعاند فيها كل إنسان أخاه ويتسمون بإصرار كل منهم على رأيه.. وكان زعيم القبيلة قد دعاهم إلى وليمة لحم فى غاية الفخامة.. إلا أنهم اختلفوا فيما بينهم على من يغلق الباب حتى لا تدخل عليهم الكلاب فتأكل منهم الوليمة.. وامتنع كل فريق عن غلق الباب حتى لا يفقد موقعة أمام الوليمة.. وحتى لا ينتهز الآخر الفرصة فيأكل من اللحم أكثر من أخيه.. إلا أنهم فى النهاية وبعد خلاف شديد اتفقوا على أن يلتزم الجميع الصمت وأن من يتحدث أولاً بأى كلمة فإن عليه أن يقوم من مكانه ويغلق الباب وإذ ارتضى الجميع هذا الحل جلسوا فى صمت دون أن يفعلوا شيئًا ودون أن يأكلوا أيضًا.. حتى كاد اللحم أن يفسد.. وغاب عنه طعمه الجميل واستمر الليل فى غطاء القرية يغلف أطرافها.. وبدأت الكلاب تبحث عن طعامها.. وحصاد يومها الطويل.. فدخلت إلى حيث الوليمة ونظرت إلى وجوه الجالسين فوجدت أمامها قومًا صامتين لا يحركون ساكناً.. ولم يقل لها أحد "هِش".. حتى لا يضظر إلى غلق الباب أو أن يترك مقعده أمام الوليمة.. فبدأت الكلاب فى أكل اللحم و هى تجس نبض الجالسين والقوم فى صمت وعناد.. لا ينطق أحدهم بكلمة فلما استحسن الكلاب الأمر استمرت تأكل اللحم بصورة أسرع من سابقتها.. ثم بدأت تتسابق فى شراهة.. حتي إذا انتهت من أكل اللحم بدأت تأكل فى "الثريد".. والثريد لمن لا يعلم هو "الفتة" بالعامية المصرية.. حتى إذا ما انتهت الكلاب من أكل الثريد بدأت فى لعق وجوه الحاضرين من قبيلة "كفر العناد".. وما إن انتهت من لعق وجوه الحاضرين حتى همت بترك المكان ثم أرادت أن تداعب الحاضرين كدليل على الامتنان لصمتهم وتفرقهم.. فقام واحد من الكلاب بعضة خفيفة فى أنف أحد من الجالسين.. إلا أن العضة لم تكن خفيفة كما يظن الكلب فصرخ الرجل من شدة الألم.. فلما استمع القوم إلى صراخه قالوا له فى نفس واحد "قم فأغلق الباب".. وهنا تنتهى القصة.. وينتهى معها الدرس.. وما أروع القصص التى كنا نتداولها فى طفولتنا.. فكنا نتعلم منها ونقوى بها فطنتنا السياسية.. ومثل ذلك أيضًا قصة "الأب الذكى" فى كتاب المطالعة فى السنة الرابعة الابتدائية.. فيروى أن والدًا لثلاثة من الأولاد تلاحظ له إعجاب كل ذى رأى برأيه من أولاده.. وكل منهم يظن أنه الأقوى ويتصرف غير ناظر إلا إلى مصالحه.. وفى يوم من الأيام عادوا إلى أبيهم الثلاثة وقد أكل الذئب من كل واحد منهم بضاعته وثماره التى كان يتاجر فيها من طيور ولحوم.. فلما عادوا إلى أبيهم أعطى كل واحد منهم عودًا من الحطب وأمره أن يكسره.. فكسره بسهولة.. ثم جمع أعوادًا من الحطب و أعطاها مجتمعة لكل واحد منهم ليكسرها دفعة واحدة.. فعجزوا عن كسرها جميعًا وهى مجتمعة.. وبنهاية هذه القصة تعلمنا أن يد الله مع الجماعة وأن القوة فى الجماعة.. وأن النصر مع الجماعة.. والجماعة التى قصدها الحكماء طبعًا هى الجماعة الكبرى التى تضمنا.. هى مصر الأم التى يعيش على أرضها ثمانون من الملايين البشرية.. وهى أفكار وأنواع وألسنه وصفات.. وهى عقائد وانتماءات لا حياة لها دون أن تكون جماعة واحدة تتعلم كيف تختلف دون أن تتفرق أو تتزاحم على المغانم.. ومن أجل ذلك فقصتنا الأخيرة هى قصة عالم  الكتاكيت الفيلسوف.. فيروى أن عالمًا فى تربية الدواجن كان يمر على عنابر الكتاكيت كل يوم.. فينتقى كتكوتًا من الكتاكيت يجلس بعيدًا عن القطيع.. ثم يبعده تمامًا عن القطيع.. أو يبيعه.. فتعجب صاحب المزرعة من هذا السلوك وسأل العالم الفيلسوف.. لماذا تبعد هذه الكتاكيت عن القطيع.. فأجاب الفيلسوف..:

"من طبيعة الدجاج ومن سنن الفطرة فى الكتاكيت.. أن الذى يجلس منهم بعيدًا عن القطيع يكون هو الكتكوت الغريب عنها.. أو أن يكون هو الكتكوت المريض فيها….!!"

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 46 مشاهدة
نشرت فى 22 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

309,461