مقالات اليوم
الشعب يواجه النظام!



أ. د. حلمى محمد القاعود
21
يونيو
2012
05:12 PM


قبل أيام كتب صحفى من أتباع النظام مقالة طويلة يشيد فيها بالشخص الذى رشحه النظام ليسرق الثورة، وهدد بتحويل ميدان التحرير إلى سلخانة يذبح فيها أحرار الوطن بحجة استعادة الأمن، بعد أن قام النظام بتجربة مذبحة العباسية ونجح فى قتل أحد عشر شهيدًا، وأصاب المئات، واعتقل الآلاف، واقتحم مسجد النور، وأسر من داخله العشرات من الفتيات، وسلط أبواقه المزورة لتتهم رواد المسجد بتخزين السلاح!

الصحفى المذكور حدثنا عن بطولات مرشح النظام وإسقاطه للعشرات من طائراته فى الجو، فهو النسر الجوى من طيارى المقاتلات الذين أثبتوا المهارة والجسارة فى مواجهة الطيارين اليهود الذين لاذوا بالفرار بطائراتهم إلى قواعدهم فى فلسطين المحتلة وتخلصوا من حمولات القنابل والصواريخ بإلقائها فى الحقول وفوق البحر بعدما عجزوا عن الوصول إلى أهدافهم فى العمق وباءت بالفشل محاولات التسلل إلى قواعد الصواريخ فى الجبهة!

ويضيف الصحفى الموالى للنظام أن النسر الجوى - كما يسميه - ورفاقه الطيارين المقاتلين لم يعرفوا الراحة من الطلعات الجوية المتلاحقة ضد الطائرات اليهودية المعادية، وصنعوا مظلة حماية للمطارات المصرية فى العمق وقواعد الصواريخ فى الجبهة، وكان الرئيس السادات يتابع بنفسه معارك الطيران المصرى ويعتبرها نقطة تحول فى الحرب بعد العبور وإقامة رءوس الكبارى فى سيناء! .. إلخ.

نسى الصحفى الحكومى أن مئات الألوف من أبناء مصر البسطاء عاشوا فى الخنادق والملاجئ، وكانوا يلتحمون مع أفراد العدو فى معركة تاريخية نادرة، ولم يأخذوا شيئًا من الحكومة أو النظام، ولم يتكلم عنهم هو وأمثاله من أبواق الزور والبهتان والتضليل والتدليس!

ما كتبه الصحفى الموالى للنظام لم يأت عفوًا ولا عشوائيًا؛ فقد جاء وسط سيل من محاولات تلميع مرشح النظام مقابل تشويه مرشح الثورة، والتمهيد لما سيأتى من مصادرة لإرادة الشعب، وازدرائه واحتقاره علنًا وعلى رءوس الأشهاد، كى يعود النظام الفاسد البائد برموزه وممارساته وتجلياته القبيحة الشريرة.

الآلة الدعائية للنظام على المستويات الرسمية والخاصة والحزبية، لم تذكر شيئًا عما يوجه إلى النسر الجوى من فساد، لأنه الابن المدلل للنظام الذى حظى بما لم يحظ به نظراؤه؛ فقد ظل أطول فترة قائدًا للقوات الجوية فى مصر(استمر فى هذا المنصب مدة 6 سنوات) بعد أن ظل مدة مقاربة رئيسًا لأركان هذه القوات؛ ووزيرًا للطيران لمدة أطول، قبل أن يعينه أستاذه المخلوع آخر رئيس لوزراء مصر فى التاسع والعشرين من يناير 2011؛ لتخفيف حدة التظاهرات الضخمة، والاحتجاجات الشعبية الواسعة، وكان قد برز اسمه بين الأسماء المرشحة لخلافة الرئيس المخلوع حسنى مبارك، قبل قيام ثورة 25 يناير بأيام، وأشارت إلى ذلك (ديسمبر 2010م) صحيفة وال ستريت جورنال الأمريكية تحت عنوان "منافس جديد يبرز فى مصر".

يُتّهم مرشح النظام بأنه تسبب فى زيادة المديونية باقتراضه مليارات ليبنى المطارات، وكان يقوم بتسريب المناقصات إلى أصدقائه وفى مقدمتهم مجدى راسخ مذ كان فى القوات الجوية، كما كان من أشد المدافعين عن محمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان الأسبق، لأنه- كما يقول الاتهام - قام بإعطائه أراضٍ بالتجمع الخامس ليبنى عليها قصورًا له ولأولاده، فضلاً عن تستره على الطيار سمير عبد المعبود، ثم ما يقال عن تبديد أموال صندوق كوارث الطيران مقابل إنشاءات شكلية، وهناك اتهامات عديدة كان من المقرر إعلانها فى مؤتمر صحفى بنقابة الصحفيين تم إفشاله وضرب القائمين عليه بوساطة من يعنيهم الأمر!

ثم هناك بلاغات أمام النائب العام عن فساد عظيم وصلت إلى ستة وثلاثين بلاغًا، لم يتم البت فيها حتى الآن، ولم يقل النسر الجوى كما يصفه الصحفى الموالى للنظام هل هى كاذبة أم صادقة؟

هذا النسر الجوى قد يُنصّب قبل نشر هذا الكلام رئيسًا لمصر الثورة، ضد إرادة شعبها المظلوم، وإعادة النظام الفاسد الذى لم يفصل فى الاتهامات الموجهة إليه منذ عام ونصف حتى الآن، مما يعنى أن دماء الشهداء ضاعت هباءً، ودون عائد يذكر!

لقد سقطت الأقنعة عمن كان الناس يحسنون الظن بهم، حين سخروا إمكانات الدولة لإنجاح النسر الجوى المتهم بالفساد، ولم يرقبوا إلا ولا ذمة حين حركوا قوى الشر والفساد وقسم الشائعات ليواجهوا ثورة الشعب المظلوم ويطفئوا فرحته، ولم يتورعوا عن إعادة الطوارئ فى ثوب جديد والتكويش على السلطات، واستخدام المادة 28 من الإعلان الدستورى لتمرير ما يريدون.

فى خبر نشره مراسل "الفاينشيال تايمز" على موقعه 19/6/2012،  ذكر أن مصدرًا أمنيًا مصريًا أخبره أن نتيجة الانتخابات الرئاسية ستكون لصالح النسر الجوى، وسيعلن حظر التجول فى البلاد، حتى لا يعبر الشعب عن رفضه للجريمة المتوقعة، وأى عاقل لا يستبعد أن يحدث ذلك، فى بيئة أسفرت عن وجه كالح للاستبداد والظلم المقيت!

لقد عدّ الكاتب البريطانى الأشهر "روبرت فيسك" أن نهاية الثورة المصرية باتت وشيكة،‮ ‬وأن من الممكن أن نرى هذه النهاية فى القريب العاجل‮، ‬وقال فيسك فى مقاله بصحيفة‮ "‬الإندبندنت‮" ‬البريطانية 16/6/2012: إن ما يحدث فى مصر الآن يستدعى إلى الأذهان ما كانت تشهده الجزائر فى بداية تسعينيات القرن الماضى‮.  ‬وتنبأ فيسك أن تشهد مصر ما شهدتها الجزائر بعد ذلك من فرض قوانين طوارئ،‮ ‬تعطى الجيش سلطات استثنائية،‮ ‬ثم تشهد البلاد عمليات ملاحقة أمنية للنواب المنتخبين،‮ ‬يتخللها أعمال قمع وتعذيب واعتقالات،‮ ‬ثم ينتهى الأمر بحرب عصابات‮!

من المؤكد أن الشعب المصرى المظلوم لن يستسلم للاستبداد والقهر، وليت المستبدين يتذكرون أن هذا الشعب قد أدخل مستبدًا سابقًا القفص فى محكمة الجنايات وشاهدته الملايين فى أرجاء الأرض.. فاعتبروا يا أولى الألباب!.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 67 مشاهدة
نشرت فى 22 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

301,557