جمال سلطان22يونيو201209:08 PM

الصورة أصبحت واضحة كالشمس فى كبد السماء كما يقول العرب، وهي أن الدكتور محمد مرسي فاز بسباق الرئاسة، أصبحت تلك معلومة مسلمة داخل مصر وخارجها، وجميع المنظمات والصحف والفضائيات والقضاة الذين شكلوا لجان رصد ومتابعة انتهوا إلى أرقام متطابقة كلها تقول إن الفائز هو: محمد مرسي، وبنفس الفارق المعلن وهو قرابة تسعمائة ألف صوت، والإعلام الدولي يجمع على هذه المعلومة أيضًا، لم تعد تلك المسألة محل نقاش أو جدل أو غموض، وإنما النقاش والغموض كله حول المدى الذي يمكن أن يصل إليه "الملعوب" ، سواء من قبل المجلس العسكري أو لجنة الانتخابات الرئاسية، هل سيتم الاستجابة للشياطين في بعض الأجهزة الأمنية، الذين ورطوا مبارك من قبل في التزوير ويريدون توريط العسكري اليوم للتلاعب بالنتيجة في اللحظات الأخيرة ، ويشكلون الآن خلية طوارئ لبث الشائعات وتضليل الرأي العام، أم سيكون الحسم للعقلاء في المجلس العسكري بالاستجابة في النهاية لإرادة الشعب المصري؟، هذا هو السؤال الحقيقي والوحيد والجوهري الذي يشغل بال الرأي العام المصري، وكل ما يحاول اصطناعه معسكر الفلول واللوبي المرتبط بهم والمهيمن على مساحة هائلة من الفضائيات والصحف هو إبداء الغضب المصطنع من الإعلان عن النتيجة قبل أن تعلنها اللجنة العليا للانتخابات، رغم أن هذا عرف سار في كل ديمقراطيات العالم التي تتميز انتخاباتها بالشفافية، وليس فيه أي شيء جديد أو غريب، كما أن هذا ما مارسته تلك الصحف والفضائيات نفسها في الانتخابات الرئاسية الحالية للمصريين في الخارج وعرفنا النتيجة بالتفصيل الكامل وبالأرقام الدقيقة قبل أن تعلنها اللجنة العليا بأيام وكانت هي نفس الأرقام تقريبًا، فما الجديد، ولماذا تنتفخ الأوداج بصورة مسرحية الآن بالقول إن هذا استباق للجنة صاحبة الحق وأنه وضع يد على الصندوق، هل ذهب أحد إلى تنصيب محمد مرسي مثلاً وبدأ في حلف اليمين، أم أنه الشعور بالمرارة والإحباط من خسارة المعركة رغم كل الحشد والتلاعب والثقة المطلقة في الفوز بها، قبل أن يفاجئهم الشعب المصري ويحبط مخططاتهم ديمقراطيًا.

مصر الآن أمام مفارق طرق تاريخية وبالغة الخطورة، إما أن تكون لها سلطة واحدة وشرعية واحدة وتبدأ بناء نهضتها وتستعيد عافيتها ومكانتها، وإما الانهيار الكامل، حيث تكون لديها سلطتان وانقسام غير مسبوق للشرعية، فلو نجحت "الوساوس الشيطانية" التي تلعب بها حاليًا أجهزة أمنية بإلحاح في رأس المجلس العسكري لتحويل النتيجة إلى أحمد شفيق، فسوف يكون لدينا خلال المرحلة المقبلة رئيسان، رئيس شرعي منتخب وصاحب الشرعية الحقيقية ومفروض بإرادة الشعب، ورئيس مزور مفروض بقوة السلاح على الشعب وليس له أي شرعية، وسيضاف ذلك إلى وجود سلطة تشريعية شرعية منتخبة في برلمان شرعي أتى باختيار ثلاثين مليون مصري ويتمسك الشعب المصري بشرعيته وما زال النزاع القانوني قائمًا حوله في مقابل سلطة تشريعية مغتصبة بقوة السلاح استولى عليها المجلس العسكري، وربما يضاف إليهم وجود مؤسسة شرعية منتخبة لإعداد دستور جديد للبلاد أمام مؤسسة مغتصبة لإعداد دستور على مقاس المجلس العسكري وبإرادته المنفردة، أي أن أي حساب خاطئ في اليومين المقبلين سيجعل مصر أمام انقسام حقيقي وعميق وخطير للسلطة والشرعية، وهو ما يعني انعدام الثقة في "الدولة" المصرية تمامًا، داخل مصر وخارجها، سياسيًا واقتصاديًا ومؤسسيًا، بكل ما يخلفه ذلك من "خراب" شامل وفوضى في كل المجالات، لنكون أمام أعظم جريمة تُرتكَب ضد مصر وشعبها منذ عهد محمد علي.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 54 مشاهدة
نشرت فى 22 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

315,414