حسام فتحى
21
يونيو
2012
05:14 PM


تمر مصر المحروسة بحالة غير مسبوقة على الإطلاق من اللخبطة، والتداخل والتدخل، والارتباك والإرباك، والفتاوى والفتاوى المضادة، والأحكام والأحكام الناسخة، والمعلومات الموثوقة وتكذيبها.. لا أعتقد أنها مرت بها فى تاريخها الحديث!!

ولا أعتقد أيضًا أن المصريين وصلوا على مدى تاريخهم إلى هذه الحالة من الانقسام والتحزب والصراع الذى نتج عنه حالة فصام للعديد من أفراد المجتمع الذين لا يستطيعون الثبات على موقف واضح.. مع مرسى أو شفيق، أو مع الإخوان المسلمين أو ضدهم، مع المجلس العسكرى وقراراته أو معارضين لهم.

ويبدو أن محاولة (فطام) المصريين عن النظام القمعى الراحل إلى غير رجعة والدولة البوليسية التى عاشوا فى كنفها عقودًا طويلة ونقلهم إلى رحاب الديمقراطية ومصاف العالم الأول ستكون أصعب وأعقد مما ظننا جميعًا.

نعم فى مصر الآن حالة غريبة عجيبة من الالتباس والتغييب الجميع فيها منفعلون ومرتبكون: الإخوان المسلمون أعلنوا فوز د.مرسى.. وهم بذلك فرحون!

وأنصار "الشفيق فريق" أعلنوا فوزه بمقعد رئاسة مصر بفارق مليون صوت عن منافسه مرسى، مؤكدين أن لديهم من الوثائق والأرقام ما يثبت صحة زعمهم وهم بذلك مسرورون!

وكارهو الرئيس السابق مبارك استغربوا من الجلطة، التى قيل إنها أصابت (قلبه) وقيل إنها ضربت (مخه) وذلك شكًا منهم فى وجود

الاثنين!  لكنهم نصحوه بأن كثرة عدد مرات الموت قد تضر بصحته!! ومع ذلك اعتمدوا خبر وفاته اعتمادًا على خبر وكالة الأنباء الرسمية المصرية وهم لله شاكرون!

ومحبو مبارك أكدوا أنه لا يزال حيًا اعتمادًا على التليفزيون المصرى الرسمى، وطالبوا بسرعة نقله إلى ألمانيا وهم لله ممتنون!

وتجمع «قضاة من مصر» أعلن أن مرسى هو الرئيس بشهادة القضاة أعضاء الحركة التى تحظى باحترام كبير، وأنه حصل على 13 مليونًا و238 ألفًا و335 صوتًا، بينما حصل الشفيق فريق على 12مليونًا و351 ألفًا و310 أصوات، والسادة القضاة والمستشارون من ذلك «متأكدون»!! والمستشار فاروق سلطان- رئيس اللجنة العليا للانتخابات- يؤكد أن كل الأرقام التى أعلنت غير صحيحة وأن الأرقام الحقيقية ستعلن بعد فحص جميع الطعون!!

ومعجبو الفنان خالد الصاوى فرحون بالوعى السياسى الناضج الذى فاجأهم به فى تعليقاته على ما يحدث، ومن لا يعجبهم فن الصاوى وشخصيته شمتوا فيه بعد أن تم منع عرض مسلسله الجديد (على كف عفريت) فى شهر رمضان الكريم على الرغم من بث إعلانات عن عرضه فى الشهر الفضيل!

ومؤيدو جسارة الروائى علاء الأسوانى وموقفه الشهير مع الشفيق فريق عندما كان رئيسًا للوزراء سعداء بتأييد علاء لمرسى ضد شفيق على الرغم من كونه ليبراليًا، ومؤيدو الشفيق يروجون أن الأسوانى بدأ يعد أوراق الهجرة بعد التأكد من فوز الشفيق بل راجت إشاعة أنه سافر بالفعل!! وخادمو ننوس عين أمه جيمى وتابعه الأكبر عيلاء فرحون بقرار مصلحة السجون بإعادتهما إلى سجن المزرعة، حيث ملاعب التنس والرياضات المميزة والزيارات المتكررة، أما الحاقدون الكارهون فيقولون انظروا كيف تخلوا عن رفقة أبيهم المسكين الطاعن السجين فى محنته وكانا لخدمته مستطيعين!!

وبين كل ذلك يتشتت المصريون بين المعارضة والتأييد، متأرجحين بين احترامهم وتقديرهم لخير جند الأرض، والذى جبلوا عليه، وبين ما يرونه ويسمعونه عن مكرهم وتلاعبهم بمقدرات البلاد ومستقبل العباد، فيقعون فى الارتباك ويغرقون فى الالتباس ولا يفرقون الخيط الأبيض من الأسود، ثم يلجأون إلى القضاء الذى طالما وصفوه بالشموخ والعظمة وأنه الحصن المنيع الذى لا يخترق، فيجدون أن هناك قضاة أيضًا شامخين عظماء لا يخترقون يصفون أحكام أعلى درجات القضاء بأنها فاسدة ويشوبها العوار من كل حدب وصوب، بينما زملاء لهم يجلسون على منصات الحكم بين الناس بالعدل يغالون فى نقدهم مطالبين بتطهير الجسد القضائى ممن أسموهم بـ «قضاة مبارك»، فى إشارة واضحة إلى صنعهم واستخدامهم من قبل النظام السابق، ويدللون على ذلك بعشرات الوقائع ليس أهونها الإشراف القضائى على انتخابات 2010 التى قيل فيها ما قاله مالك فى الخمر ومع ذلك رفضت دعاوى حل مجلس 2010 المزور، وتم حل مجلس الشعب المنتخب!، وكان المصريون يتمنون البعد بالقضاء عن لعبة السياسة، ولكن يبدو أن هناك من يريد أن يكفر المصريين بكل ثوابتهم وقيمهم ومثلهم العليا وكل ما جبلوا على توقيره واحترامه!

ووصل الأمر بين المصريين إلى أن يضرب الابن أمه، وينتحر الشباب، ويطلق الرجل زوجه لخلافات سياسية على تأييد هذا المرشح أو ذاك التيار أو تلك الجماعة.

والحل؟.. الحل أنه ليس أمام المصريين إلا الدعاء لله عز وجل أن يرفع مقته وغضبه عنهم.. فادعوا معى:

اللهم لا إله إلا أنت، رحمتك نرجو، فلا تكل المصريين إلى أنفسهم طرفة عين، وأصلح لهم شأنهم كله، شأن الدنيا والآخرة، فى عفو منك وعافية، لا إله إلا أنت سبحانك.. عليك توكلنا وإليك مصيرنا كله، لا إله إلا أنت الحليم الكريم، يا حى، يا قيوم، برحمتك نستغيث، ربنا لا شريك لك، نسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته فى كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به فى علم الغيب عندك أن ترفع مقتك وغضبك عنا وتولى علينا من يخافك ويرحمنا.. واحفظ مصر بلدنا من كل سوء يا رب العرش العظيم.

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 73 مشاهدة
نشرت فى 22 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

319,158