5
محمد سيف الدولة
17
يونيو
2012
12:34 AM


قطعت القرارات الأخيرة للمحكمة الدستورية، الشك باليقين، فى النوايا الحقيقية للمجلس العسكرى المناهضة للثورة: فقرار حل البرلمان استنادًا على عدم دستورية قانون الانتخابات الذى أصدره المجلس العسكرى بيده، ليس سوى عدوان صارخ ومبيَّت منه على السلطة التشريعية المنتخبة، باستخدام مطرقة السلطة القضائية الخاضعة لسيطرته.

وكذلك قرار تحصين أحمد شفيق، بشرعية قانونية باطلة، ضد الثورة وكل ما تمثله، وهو ما تم أيضًا من خلال لجنة الانتخابات الرئاسية، التى أصبحنا نعتبرها جزءًا لا يتجزأ من السلطة التنفيذية.

ليتيقن مَن كان لا يزال متشككًا، من أننا نتعرض منذ بداية الثورة لخطة مدروسة منهجية ومنظمة، بقيادة المجلس العسكرى للقضاء على الثورة وإجهاض مشروعها وتصفية قواها، ولينتهى بنا المطاف بعد كل هذه الجهود والتضحيات إلى الوضع البائس الذى نعيش فيه اليوم من حل للبرلمان المنتخب، واستعادة العسكر للسلطة التشريعية، وتقدم شفيق فى جولة الإعادة وربما إلى منصب رئيس الجمهورية بغطاء قانونى غير مشروع وتزوير متقن لم نسبر أغواره بعد، مصحوبًا بحالة تحريض رسمى ضد الثورة والثوار، مع انقسام حاد فى صفوفنا.

***

وحيث إن هذا أمر متوقع من النظام القديم، وسيستمر فيه إلى أن ينتصر أو ينهزم، فإن الأجدر بنا الآن أن نركز على أخطائنا نحن التى ساعدت الثورة المضادة وسهلت لها مهمتها وأمدتها بالوقود اللازم فى أوقات كادت أن تتعثر فيه مخططاتها:

الخطيئة الأولى بلا شك كانت هى الصفقة الكبرى التى عقدناها جميعًا، بدون استثناء، مع المجلس العسكرى حين ارتضينا تفويضه لإدارة المرحلة الانتقالية.

غياب التنظيم الثورى الموحد لقيادة الثورة الذى يمتلك مشروعًا وطنيًا ثوريًا علميًا ضد التبعية والطبقية والاستبداد، ويمتلك خطط عمل واضحة وتفصيلية.

تحول مواقفنا فى كثير من الأحيان إلى ردود فعل تلهث وراء الأحداث المتعاقبة والمفاجئة بدون امتلاك رؤية إستراتيجية واضحة.

صمت القوى الوطنية على عدم تقديم مبارك ورجاله إلى المحاكمة عن الجرائم الأخطر التى ارتكبوها والتى تمس السيادة الوطنية والأمن القومى ونهب الثروة وإفقار الشعب وإفساد الحياة السياسية وتزوير الانتخابات وغيرها، بما أضفى شرعية على استمرار ممارسة ذات الجرائم بعد الثورة.

التنازل عن الثوابت الوطنية لحساب المصالح السياسية الحزبية والتبارى فى نسج الجسور مع الولايات المتحدة الأمريكية والتعهد لها بمواصلة الالتزام بذات السياسات الخارجية لنظام مبارك.

قبولنا بالتعديلات الدستورية على الوجه الذى صدرت به والتى اكتشفنا فيما بعد، ما فيها من كمائن وألغام خاصة فيما يتعلق بالمادة 28 التى حصنت قرارات اللجنة الرئاسية والمادة 60 التى أهملت معايير انتخاب الجمعية التأسيسية.

انقسامنا إلى تيارات إسلامية وغير إسلامية، الذى بدأ مع الاستفتاء ولا يزال مستمرًا، والذى تم استدراجنا له جميعًا، ليبعدنا عن التصدى للقضايا الحقيقية فى مواجهة النظام الحاكم.

السماح لأنصار النظام القديم من رجال الأعمال باختراق صفوف الثورة بأموالهم وأحزابهم وصحفهم وفضائياتهم، بالإضافة إلى تساهل بعض المؤسسات السياسية والمدنية فى تلقى وقبول التمويل الأجنبى الغربى أو الخليجى، مما أشاع أجواء من الفساد والشكوك الحادة بين القوى الوطنية.

صمت الأغلبية على تضليل المجلس العسكرى وإعلامه وتبريراته لجرائم ماسبيرو وما بعدها، مما فتح الباب على مصراعيه لمزيد من المذابح بهدف تخويف الناس من التظاهر والاعتصام.

الامتناع عن إعداد قائمة وطنية موحدة فى الانتخابات المختلفة، وما تبع ذلك من استئثار الأغلبية الإسلامية من إخوان وسلفيين بأغلبية المقاعد النقابية والبرلمانية والسيطرة على الجمعية التأسيسية وتقديم مرشحهم الخاص للرئاسة، مما زاد من حالة الاستنفار والاستقطاب المضاد، ووضعهم فى موقع الخصم الرئيسى لدى غالبية القوى الأخرى بدلاً من النظام القديم ومجلسه العسكرى، مع انقسام التيارات غير الإسلامية فيما بينها إلى عشرات الأحزاب والائتلافات، وبروز النزعة الذاتية لدى غالبية القيادات والشخصيات العامة والشبابية على حساب قيم وروح العمل الجماعى.

تزاحم القوى السياسية على تصدر المشهد السياسى والإعلامى على حساب التواصل مع الجماهير فى مواقعها وتوعيتها وتسييسها وتنظيمها.

سقوط الجميع فى خطأ عدم التوافق على مرشح رئاسى موحد فى مواجهة مرشح الدولة.

 كانت هذه بعض أخطائنا التى ارتكبناها فأدت إلى هزيمتنا فى الجولة الأولى من الثورة، فهل نعترف ونتعظ ونراجع ونتدارك؟

الله أعلم

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 34 مشاهدة
نشرت فى 17 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

306,203