5
محمود سلطان
06
يونيو
2012
07:37 PM


فجأة.. حددت المحكمة الدستورية العليا، جلسة 14 يونيو الجاري، لنظر قانوني "العزل" و"مجلس الشعب". اللافت أن "الدستورية العليا" قررت نظر القضيتين "معًا" وفي وقت واحد.. ولعل القرار يأتي كـ"ثمرة" للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد الآن.

كان من المتوقع ـ وفق سياق الأحداث ـ أن تُنظر قضية "العزل" وحدها ومنفصلة، استجابةً إلى ضغط المَيدان الذي بات في سبيله إلى استعادة روح ثورة 25 يناير، مطالِبًا بـ"تطهير" الجهاز الإداري للدولة من بقايا النظام السابق وفلوله.. غير أنه ليس بوسع المراقب إلا أن يرى في "التلويح" بقانون "مجلس الشعب" بالتزامن مع قانون "العزل" من قبيل إظهار "العين الحمراء" في سياق يتعلق بالصدام الخشِن الجاري الآن بين السلطتين: التشريعية والقضائية، بعد الأحكام التي أصدرها المستشار أحمد رفعت ضد مبارك ونجليه ووزير داخليته وكبار قادة وزارة الداخلية السابقين.

المسألة هنا ربما تتعلق بالصراع بين "الدولة" و"الميدان".. فالأولى تملك أدواتها، والثاني أيضًا أداة ضغط أثبتت كفاءتها في أكثر من منعطف خلال عمر الثورة القصير نسبيًّا.. خاصة أن "البرلمان" لم يعد ـ بعد الأحكام ـ يمارس نشاطه كشرعية "متعالية" على "الميدان"، بل انتقل الأول لينتظم في الحشد المليوني الذي بدأ منذ يوم الثلاثاء الماضي.. ولئن كان ثمة جدل لم ينتهِ إلى نتيجة حتى الآن بينهما، بشأن بعض المطالب وعلى رأسها تشكيل "مجلس رئاسي مدني" بديلاً عما سيفرزه الصُّندوق، إلا أن ثمة قواسم مشتركة جمعتهما على قلب صوت واحد، وهو تفعيل "قانون العزل"، وإعادة محاكمة الرئيس السابق وكبار مساعديه، عن الثلاثين عامًا التي قضاها في الحكم، وليس على الأيام العشرة الأخيرة من حكمه.

لا شك أن ثمة غضبًا لم يعد مكتومًا، داخل مجتمع القضاة، بسبب الانتقادات الجارحة التي صدرت من تيارات سياسية ومن مجلس الشعب، لمنظومة العدالة بعد أحكام جنايات القاهرة ببراءة الجلادين الدمويين الستة الكبار.. ولم تخفِ مرجعيات قضائية كبيرة تهديدها بتقديم استقالات جماعية حال استمرت الانتقادات على هذا النحو الذي يخلو من "التأدُّب" مع هَيبة وجلال القاضي.. وهو التهديد الذي لا يمكن أن يكون حلاً بعد أن بات القضاء طرفًا بشكل أو بآخر في صنع الأزمة، وعليه أن يتحمل مسؤوليته في حلها من خلال التواصل، وليس القطيعة مع السلطات الأخرى المعنية بالرقابة والتشريع.. فالشارع غاضب وساخط.. والميادين مشتعلة، ودم الشهداء راح هدرًا.. والجناة طلقاء.. ونظام مبارك على مرمى حجر من قصر الرئاسة.. وملفات فساد شفيق مجمدة في مكتب النائب العام.. وقانون عزله في حوزة القضاء وتأخير البت فيه عمَّق من أزمة الثقة، وعزز من مشاعر القلق والشك في "الحيدة" المفترَضة.

كنت أتمنى أن تحدَّد جلسة "العزل" وحدها فقط بدون التلويح بقانون "مجلس الشعب"؛ لأن ربط القضيتين معًا، وعلى هذا النحو لا يخلو من "تهديد" ضمني للبرلمان، ومن منطق "سِيب" وأنا "سِيب".. فهذا منطق لا يليق بالعدالة "العمياء".. ولا يعبأ بالمصلحة العليا.. وقد يُدخل البلاد في أزمة سياسية عميقة، يصعب حلها إلا بفاتورة باهظة تفوق قدرة الحواسب الإلكترونية على تقديرها

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 48 مشاهدة
نشرت فى 7 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

309,453