7
جمال سلطان
06
يونيو
2012
07:38 PM


تمثل الكتلة التصويتية القبطية أحد مرتكزين أساسيين يبنى عليهما أحمد شفيق رهانه، حيث تتراوح الطاقة التصويتية للأقباط بين مليونين ومليونين ونصف المليون صوت انتخابى، القسم الأكبر منها خاضع بصورة تامة لتوجيهات الكهنة الكبار فى الكنيسة الأرثوذكسية، وقسم صغير منها يتمرد على الهيمنة السياسية للكنيسة ويتفاعل بصورة مدنية وأكثر حميمية مع الشأن العام من خلال الحراك السياسى الوطنى الواسع، ومن المقطوع به أن نسبة 40%، مما حصل عليه شفيق فى المرحلة الأولى للانتخابات كان من الصوت القبطى، بما يعادل حوالى اثنين مليون صوت، ولذلك يبذل شفيق جهدًا هائلا من أجل مداعبة مشاعر القيادات الكنسية بالحديث عن تدريس الإنجيل ومنحهم مناصب رسمية رفيعة فى قيادة الدولة، ونحو ذلك من صفقات انتخابية لا يملك تحقيقها على أرض الواقع فى جوهر الأمر.

الكنيسة المصرية بوضعها الحالى جزء لا يتجزأ من مشروع الفلول للعودة إلى نظام مبارك، وكان البابا شنودة قد حسم اختياره فى السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك على دعم مشروع التوريث فى إطار صفقة بين الكنيسة وبين مبارك، وتسببت تلك الصفقة فى إحراجات شديدة للداخل المسيحى، لكن البابا كان يدافع عن صفقته ورهانه بعناد شديد وعلني، وفى حواراته الصحفية كان يردد دائمًا أن "جمال مبارك" هو الشخص الوحيد فى مصر الذى تثق فيه الكنيسة وتطمئن إلى أنه سيكون القائد المناسب لمصر فى المرحلة المقبلة، وكان يتحدى علنًا ويقول: هاتوا لى رجل فى مصر غير جمال يصلح لمنصب الرئاسة؟! وتعمقت رؤيته فى عدد كبير من الكهنة المحيطين به، وقد ارتبطت القيادة الكنسية بعلاقة وثيقة ومباشرة مع مؤسسة الرئاسة كانت تتجاوز من خلالها أى أطر مؤسسية أو دستورية أو قانونية أخرى فى الدولة، وكانت القرارات الحساسة المتعلقة بمصالح الكنيسة تصدر دائمًا بقرارات عليا غير معروفة المصدر، ويقوم الجميع بتنفيذها على دون تردد وأيًا كانت العواقب الاجتماعية، وخلال تلك السنوات تجذرت علاقة كهنة الكنيسة الأرثوذكسية بمشروع التوريث، وظل البابا شنودة والكهنة الكبار يدافعون عن نظام مبارك خلال الثورة حتى الأيام الأخيرة لسقوطه ويحذرون الأقباط من المشاركة ويبتهلون من أجل بقاء نظامه، وعندما جاء شفيق بمشروع واضح يتمثل فى إحياء النظام القديم وإعادة هياكله وحساباته، كان طبيعيًا أن يصطف معه كل من: الكنيسة وفلول الحزب الوطني، وهناك نشطاء أقباط ـ باحثون وصحفيون وسياسيون وحقوقيون ـ ارتبطوا بعلاقات خاصة ووثيقة مع القيادات الطائفية فى الكنيسة وتكشف مواقف الحسم والجدل السياسى الصاخب بوضوح عن مكنونات صدورهم واختياراتهم رغم حرصهم على الظهور فى صيغة مدنية غير طائفية، بالمقابل أفرزت الثورة المصرية جيلاً جديدًا من الشباب المسيحى أكثر حماسة للحراك الثورى الجديد، وأكثر رغبة فى المشاركة من خلال الحركة الوطنية غير المستقطبة طائفيًا، غير أن هذه المجموعات صغيرة ولا تمثل ثقلا شعبيا وبالأحرى لا تمثل ثقلا انتخابيا ككتلة تصويتية، ولكنها تمثل ضمير جيل قبطى جديد متمرد على الهيمنة السياسية للكهنة سيفرض نفسه بقوة على الساحة السياسية مستقبلا، إذا اكتمل انتصار الثورة وسيكون شريكًا حقيقيًا وإيجابيًا فى بناء الدولة الجديدة على معايير مدنية وإنسانية ووطنية جامعة.

وأتصور أنه من إهدار الوقت بذل قوى الثورة أو مرشحها جهدًا فى التواصل "الانتخابى" مع القيادة الكنسية الآن، لأنها غير قابلة للتطور السياسى لعدة سنوات مقبلة، وخيارها طائفى بامتياز وحسم، وأى حوار سياسى معها غير مجدٍ الآن، ورهانها ما زال على عودة نظام مبارك أو توسيد الأمر إلى أحد رجاله، وسيدفعون بكل ثقلهم خلف شفيق فى جولة الإعادة، غير أن احتشادهم مع الفلول سيساعد قطعًا على احتشاد مقابل فى الحالة الإسلامية، وأتصور أن أجواء الاستفتاء الدستورى واصطفافاته تعود بقوة هذه الأيام، ونتيجة جولة الإعادة ستكون قريبة إلى حد كبير من النسب المئوية لنتائج الاستفتاء، وإن كانت ستكون أقل من حيث عدد المصوتين.

إن الجهد الأهم والأجدى الآن هو التواصل مع الجيل الجديد من الشباب القبطى المرتبط بالحراك الوطنى والمؤمن بثورة يناير وأهدافها وأشواقها للوطن كل الوطن، وهو جهد أخلاقى قبل أن يكون جهدًا سياسيًا، ولكنه استثمار حقيقى مؤكد للمستقبل، إذا كنا نبحث عن وطن يشمل الجميع بروح العدالة والمساواة وشراكة المصير.

[email protected]

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 54 مشاهدة
نشرت فى 7 يونيو 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

309,427