د. محمد عمارة   |  24-12-2011 14:57

قبل أكثر من أربعة عشر قرنًا، وعندما لم يكن هناك من يعترف بالآخر، فضلا عن أن يحترم هذا الآخر، ويحمى خصوصياته ومقدساته .. وعندما كان الرومان يعتبرون من عداهم "برابرة وعبيد" ليست لهم أية حقوق .. أعلن رسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم - سنة 631م ميثاق التعايش مع الآخر اليهودى، فى رعية دولة المدينة المتعددة الديانات، أعلن ذلك فى دستور هذه الدولة فجاء فيه: لليهود دينهم وللمسلمين دينهم ومن تبعنا من يهود فإن لهم النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم .. وإن بطانة يهود ومواليهم كأنفسهم وإن اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين، على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم .. وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة (الدستور) وأن بينهم النصح والنصيحة .. والبر المحصن من أهل هذه الصحيفة دون الإثم ..

وبالنسبة للآخر (النصرانى) أعلن رسول الإسلام - صلى الله عليه وسلم - ما على المسلمين وعلى المسلمين ما عليهم حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم وفيما عليهم .. وأن أحمى جانبهم، وأذب عنهم وعن كنائسهم وبيعهم وبيوت صلواتهم ومواضع الرهبان ومواطن السياح حيث كانوا .. وأن أحرس دينهم وملتهم أينما كانوا بما أحرس به نفسى وخاصتى وأهل الإسلام من ملتى ..

ولأن هذا الموقف الإسلامى من الآخر هو دين وليس مجرد سياسة تتغير بتغير الملابسات فلقد أعلنه المسلمون وطبقوه وصاغوه فى مواثيق دستورية وعهود قطعوها لأهل البلاد التى حررتها الفتوحات الإسلامية من القهر الرومانى الذى دام عشرة قرون .. ففى العهد العمرى الذى كتبه الراشد الثانى الفاروق عمر بن الخطاب (40 ق هـ -23 هـ /584 - 642م) لأهل القدس عند تحريرها سنة15هـ 636م جاء :

هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل (إيليا) (القدس) - من الأمان:

أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تُسكن كنائسهم ولا تهدم ولا ينتقص منها ولا من حيزها، ولا من صليبهم، ولا من شىء من أموالهم، ولا يُكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا أمانهم، ومن أقام منهم فهو آمن، ومن أحب من أهل (إيليا) (القدس) أن يسير بنفسه وماله مع الروم، ويخلى بيعهم وصلبهم فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وتعلى صُلبهم حتى يبلغوا مأمنهم، ومن شاء سار مع الروم ومن شاء سار رجع على أهله، فإنه لا يؤخذ منهم شىء حتى يحصد حصادهم.

هكذا أعلن الإسلام - الدين والدولة - قبل أكثر من أربعة عشر قرناً مواثيق التعايش والحقوق والتعددية، عندما بنى الدولة على التعددية الدينية فى الأمة وجعل لغير المسلمين كل ما للمسلمين، وتعهد دينيا بحماية الآخرين بما يحمى به المسلمين ودين الإسلام، وبعبارة رسول الإسلام: وأن أحرس دينهم بما أحرس به نفسى وخاصتى وأهل الإسلام من ملتى فهل يعرف ذلك الذين يفترون على الإسلام ورسول الإسلام.


 
    تعليقات حول الموضوع

المعرفة ليست هي المشكلة

محمد دياب | 25-12-2011 13:02

 معرفة الحق ليست هي المشكلة لأن الحق أبلج ولكن قبول الحق وإخضاع النفس له وإتباعه هي المشكلة الحقيقية، والإعراض عن الحق يكون إما لاتباع هوى النفس أو بسبب المعصية الأولى والأزلية والتي لن تنتهي إلا بقيام الساعة إلا وهي الكبر ، الكبر الذي منع إبليس من السجود لآدم ثم ورثه العديد من بنى آدم .





ثوره اخلاقيه

عبدالله التميمي | 25-12-2011 12:49

 نعم ثوره اخلاقيه هذا مانحتاجه نحن المسلمون في مصر الاخلاق اولا فالكلمه الطيبه صدقه امل من الشيخ محمد حسان ان يوسع الفكره وينشرها





الإعتراف بالأخر وإشكالية المعتقد..

Saber Abbas | 25-12-2011 09:03

 أسرائيل تعلن أن دولتهم دولة يهودية ولا يعترض أحد وكل دول الغرب تعلن أن ديناتهم المسيحية ولا يعترض أحد.. أما أن يعلن المسلمون أن دينهم الإسلام فتقوم الدنيا ولا تقعد... رغم سماحة الإسلام وعدله واعترافه بكل رسالات السماء واعترافه بالأخر حسب التعبير الحديث.. بينما اليهود لا تعترف بالمسيحية ولا بلإسلام مطلقافلا تعترف بالأخر...وكذلك المسيحية لا تعترف بالإسلام مطلقا فلا تعترف بالأخر... كانت الأمور واضحة في ظل الدولة الإسلامية العادلة.. أما في عهود الضعف والفساد والظلام قد لا يستطيع المرء التميز..





الأخ أبو جلمبوأنت فعلا أبو جلمبو

د.فؤاد قرطام | 25-12-2011 07:43

 يا أخي الفاضل في حد لا يعرف الدكتور محمد عماره حتى تقول ايها الشيخ الجليل .الدكتور يبين لنا كيفية التعايش مع الآخر من خلال ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعده الخليفة الثاني سيدنا عمر بن الخطاب . انظر يا أبو جلمبو كيف كانوايعطوا المواثيق لأهل الأديان الآخرى حتى يعيشوا في آمان وهم مضمئنين تماما على أنفسهم واموالهم وأعراضهم وعقيدتهم ، على عكس ما يحدث هذه الأيام من عدم قبول الآخر . صلى الله عليك وسلم يا سيدي يا رسول الله ورضي الله عن خليفتك الثاني





الأخ أبو جلمبوأنت فعلا أبو جلمبو

د.فؤاد قرطام | 25-12-2011 07:09

 يا أخي الفاضل في حد لا يعرف الدكتور محمد عماره حتى تقول ايها الشيخ الجليل .الدكتور يبين لنا كيفية التعايش مع الآخر من خلال ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعده الخليفة الثاني سيدنا عمر بن الخطاب . انظر يا أبو جلمبو كيف كانوايعطوا المواثيق لأهل الأديان الآخرى حتى يعيشوا في آمان وهم مضمئنين تماما على أنفسهم واموالهم وأعراضهم وعقيدتهم ، على عكس ما يحدث هذه الأيام من عدم قبول الآخر . صلى الله عليك وسلم يا سيدي يا رسول الله ورضي الله عن خليفتك الثاني





الأخ الفاضل المستغرب جداً

سمير كمال - كندا | 25-12-2011 04:38

 حال ظرف صحى طارئ دون الرد على تعليقك الكريم الذى وجهته لى تحت مقال الأستاذ جمال سلطان بالأمس ... أتفق معك تماماً فى ما ذهبت إليه أن سلوكيات كثير من الناس تُفاقم من مشاكل المرور وتعزز الفوضى العارمة فى شوارع مصر ... وقد قرأت اليوم تصريحاً رائعاً لفضيلة الشيخ محمد حسان يقول فيه أن مصر فى حاجة إلى ثورة أخلاقية ... وأرى أنه وضع يده على بيت الداء لمعظم إن لم يكن كل مشاكل مصر ... أشكرك للغاية على تعليقك الكريم وأعتذر عن تأخرى فى الرد





إقتراح

أبوجلمبو | 25-12-2011 02:45

 لماذا لايلجاء المسلمون المقيمون في دول ألأتحاد ألأوربي إلي القضاء ضد عنصرية تلك الدول وخاصة فرنسا واليونان لمواطنيها المسلمون دافعوا الضراءب وإستعمالها لبيان ثقافة ألأسلام والمسلمون تجاه غير المسلمون في الدولة المسلمة عبر التاريخ ماضيا وحاضراً نريد تحرك إعلامي علي مستوي محترم وبمشاركتك أيها الشيخ الجليل.لقد صدعوا رؤؤسنا بحقوق ألأقليات تباً لخبثهم.





ما قل ودل - والله العظيم شركاؤنا فى الوطن يعلمون ذلك

المستغرب جدا - علم فى المتبلم يصبح ناسى | 25-12-2011 00:47

 يعلمون الاسلام وعظمته أكثر منا نحن المسلمين ولكنها النطاعه والاخلاق التجاريه التى تريد مزيدا من المكاسب بأقل مجهود.يريدون أستغلال فوز الأسلاميين حتى نطبطب عليهم أكثر ومعلهش يا نظتظ ماتخفش ياحبيبى الاسلام حلو والمسلمين حلوين يقوم نظنظ يدلل أكثر طيب أنا عاوز وعاوز . أنا لا أبرأ شركاؤنا مما يحدث الأن خاصة بعد تصريح قليل الأدب صبرى زخارى وتهديده لرأس الدوله بأنه عارف أحنا نقدر نعمل أيه .ووجه الخنزير وأستغاثته بالغرب لمنع الأسلاميين من الوصول للحكم. أنهم منظمون ولهم خبرات عاليه ويجب أن نفيق





المهم ان يعرف المسلمون هذا

صلاح | 24-12-2011 19:09

 الاخ الفاضل د. عماره الأهم من ان يعرف هذا أعداء الاسلام. ان يعرفه المسلمون، ليس فقط العامه منهم، ولكن ان يعرفه الدعاة . الذين يعلمون الناس دينهم لا يتطرقوا الي تلك الموضوعات الا من باب الدفاع عن الاسلام، والاولي بهم ان يعلموه للناس كمباديء أصيله من اصول الاسلام.





يسلم لسانك

محمد :إيهاب | 24-12-2011 15:52

 الله أكبر يسلم لسانك أيها الشيخ الجليل وبارك الله فيك وأكثر من أمثالك وأطال الله عمرك ياليت الكثير من المسلمين يعلم ذلك فللاسف الشديد هناك من المسلمين لا يعرفون دينهم كما يجب لأنهم إن عرفوه كما ينبغي كانت لهم العزة والكبرياء

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 95 مشاهدة
نشرت فى 27 يناير 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

298,671