د. محمد عمارة   |  07-01-2012 14:22

عبر التاريخ العريق لمدينة القدس العربية والذى يبلغ الآن ستين قرنًا اقتحمها عدد من الغزاة.. ولقد قام كل هؤلاء الغزاة باحتكار القدس إبان غزوهم لها وسيطرتهم عليها..

 احتكرها العبرانون فى العاشر قبل الميلاد 415 عاما.. واحتكرها البابليون عندما غزوها، ودمروا الوجود اليهودى فيها بالسبى البابلى الشهير «٥٩٧-٥٣٨ ق.م».. واحتكرها الإغريق والرومان لمدة عشرة قرون.. سواء فى عصر وثنيتهم أو فى عصرنصرانيتهم- قبل ظهور الإسلام - أما فى التاريخ العربى لهذه المدينة المقدسة فإن قدسيتها وبركتها كانت مشاعة بين العالمين.. ولقد تكررت هذه الظاهرة بعد ظهور الإسلام.. فالتحرير الإسلامى للقدس سنة ١٥هـ / سنة ٦٣٦ م قد حرر القدس من الاحتكار الرومانى، وأشاع قدسيتها بين جميع أصحاب المقدسات وذلك انطلاقا من تفرد الإسلام بالاعتراف بكل الآخرين وجعله حماية كل المقدسات لكل الديانات فريضة إسلامية واجبة على المسلمين «ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا" سورة الحج 40

فالمسلمون هم الذين أطلقوا على هذه المدينة المقدسة اسم «القدس» و«القدس الشريف» والحرم القدسى الشريف.. وأضفوا القداسة والحماية على مقدسات النصارى فيها.. وأعادوا إليها اليهود الذين كانوا مطرودين منها وممنوعين من سكانها إبان العصر الرومانى.. وهم الذين أعادوا الطهر والطهارة إلى الأماكن التى سبق وعُبد الله منها بعد أن دنسها الرومان.. ولقد ظلت القدس العربية الإسلامية حرما آمنا مفتوحة أبوابه أمام كل أصحاب المقدسات من كل الديانات حتى غزاها الصليبيون واحتلوها قرابة التسعين عاما «٤٩٢-٥٨٣ هـ ١٠٩٩-١١٨٧م » فاحتكروها لأنفسهم، وذلك بعد أن أبادوا الوجود الإسلامى والوجود اليهودى فيها وحولوا المسجد الأقصى إلى كنيسة لاتينى ومخزن سلاح واسطبل للخيول..

وعندما حرر صلاح الدين الأيوبى القدس من الاحتلال والاحتكار الصليبى «٥٨٣ هـ ١١٨٧م» فتح أبوابها وأشاع قداستها بين جميع أصحاب المقدسات من جديد.

وها هى القصة تتكرر بعد الغز الصهيونى للقدس فى ٧ يونيه ١٩٦٧م لقد فرضوا عليها القانون الصهيونى ونظم الإدارة والقضاء حتى على القضاء الشرعى الإسلامى.. وعلقوا على أبوابها «تميمة الباب» اليهودية «ميزوازاف» باعتبارها «بيت اليهود» وحدهم دون الآخرين.

كذلك شهد هذا التاريخ العريق لمدينة القدس العربية ظاهرة تكررت عبر هذا التاريخ فكل الغزاة قد سفكوا فيها الدماء عند غزوهم لها.. صنع ذلك العبرانيون فى القرن العاشر قبل الميلاد.. والبابليون فى القرن السادس قبل الميلاد.. والإغريق فى القرن الرابع قبل الميلاد.. والصليبيون فى القرن الحادى عشر الميلادي.. والإنجليز ١٩١٧ والصهاينة ١٩٦٧.. وحدهم هم المسلمون الذين عاملوا القدس معاملة الحرم الذى لا يجوز فيه القتال ولا سفك الدماء.. صنعوا ذلك عندما حرروها من القهر الرومانى ١٥ هـ /٦٣٦م .. وعندما حررها صلاح الدين الأيوبى من الصيليبين.. ذلك لأن الحرم- القدس.. ومكة.. والمدينة هى بيوت الله التى وضعت للعبادة وليست لسفك الدماء.


    تعليقات حول الموضوع

وأين نحن من كل هذا ؟؟

غريب الــــدار | 08-01-2012 10:37

 متى تتجه الأبصار ناحية "بيت المقدس" لتطهره من "نجـس" بنى صهيون"؟.. ندعوا ليل نهار "اللهم حرر القدس"".. ولم نعمل عملا واحدا يساعد على ذلك.. هلا أسكتنا الألسن، وجهزنا لملاقاة عدو ((الله)) وعدونا من بعد ذلك؛ التجهيزات والامكانات لتحقيق هذا الأمر، ثم دعونا بعد ذلك: بـ"اللهم أأذن بتحرير القدس".. المسلمون غرقى لـ"شوشتهم" فى الهطل، وترف الأفكار والكلام..فكيف يحررون "قدسـهم" ؟؟





 صلاح الدين

 حفيــد الصحــابة | 08-01-2012 07:55

 هل من صلاح الدين يعيد لنا مجدنا التليد ، هل من صلاح الدين يقضى على عدونا البغيض ، هل من صلاح الدين يرد لأمتنا الكرامة ويقرب الأمر البعيد





القدس ليست حرما

هيثم محمد حيدر | 08-01-2012 05:12

 جزاك اله خيرا على جهودك الطيبة في مجال العلم والمعرفة الإسلامية والإنسانية لا سيما في مجال التاريخ الإسلامي الذي أبدعت فيه، ولكن أنوه لحضرتك أن المسجد الأقصى على شرفه ومكانته الرفيعة وأنه أولى القبلتين ومنه أسري بالرسول صلى الله عليه وسلم لكنه ليس حرم، فالحرم في الإسلام مكة والمدينة فقط وللحرم ولهما أحكامه الخاصة به، وليست أحكام الحرم هذه للمسجد الأقصى، مرة أخرى جزاك الله خيرا على جهودك الطيبة ومقالك الرائع العظيم كمثلك سيدي .





وحدهم هم المسلمون الذين إحترموا حرمة المقدسات

 Said, USA | 08-01-2012 03:58

 جزاكم الله خيرا أستاذنا الفاضل الدكتور محمد عماره،وهذا خير دليل أن الإسلام برئ تماما من الدعوات الكاذبة التى يروجها أعداء الإسلام على أنه دين إنتشر بالسيف،ودين متعطش إلى سفك الدماء،ولكن الواقع هو العكس تماما ،فمقابر مسلمى البوسنه والهرسك الجماعيه ليست ببعيدة عنا،والذين تم تصفيتهم على يد الصرب الصليبيين،فلم يرحموا طفلا،ولاإمرأه ولاشيخ

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 51 مشاهدة
نشرت فى 27 يناير 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

299,898