د. محمد عمارة   |  13-01-2012 15:23

إذا كان التاريخ العربى للقدس قد تجاوز الآن ستين قرنًا ، منذ أن بناها العرب اليبوسيون فى الألف الرابع قبل الميلاد ، فإن مكانة هذه المدينة قد أضافت إلى عروبتها العريقة دخولها ضمن عقائد الإسلام .

فالرباط بينها كحرم وبين الحرم المكى عقيدة دينية إسلامية تجسد عقيدة وحدة الدين الإلهى الواحد والرباط المقدس بين قبلة أمة الرسالة الخاتمة وقبلة النبوات السابقة (المسجد الأقصى ) أى الحرم القدسى الشريف (سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ) سورة الإسراء

والقدس : هى القبلة الأولى للمسلمين التى توجهوا إليها فى صلواتهم طوال العهد المكى ، وثمانية عشر شهراً فى العهد المدنى ، أى نحو خمسة عشر عاما من عمر الدعوة النبوية البالغة ثلاثة وعشرين عامًا.

وحتى بعد تحول القبلة الإسلامية إلى الحرم المكى ، أول بيت وضع للناس فى الأرض ظلت القدس حرمًا إسلاميًا مقدسًا مع مكة والمدينة وظل مسجدها الأقصى حرمًا شريفًا ، وأحد المساجد الثلاثة التى نشد الرحال إليها .

ولأن الإسلام هو الإحياء لملة إبراهيم - عليه السلام - ولأن إبراهيم هو الذى أعاد بناء البيت الحرام بمكة ، وهو الذى تغرب فى أرض فلسطين المقدسة ، فإن الرباط بين الحرمين المكى والقدسى قد غدا تجسيدا لوحدة النبوات والرسالات التى انحدرت من ملة أبى الأنبياء إبراهيم عليه السلام .

ولقد رمزت إلى هذه الحقيقة _حقيقة ربط ملة إبراهيم بين الحرمين المكى والقدسى قد غدا تجسيدا لوحدة النبوات والرسالات التى انحدرت من ملة أبى الأنبياء إبراهيم عليه السلام ولقد رمزت إلى هذه الحقيقة حقيقة ربط ملة إبراهيم بين الحرمين المكى والقدسى مناسك الحج الإسلامية ، التى أحيت مناسك ملة إبراهيم عليه السلام فى الطواف والسعى وزمزم والصلاة عند مقام إبراهيم .

كذلك كانت القدس مكان معجزتين من معجزات رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم : معجزة الإسراء التى حملت اسمها سورة من سور القرآن الكريم ، ومعجزة المعراج (والنجم إذا هوى ، ما ضل صاحبكم وما غوى ،وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحى يوحى ، علمه شديد القوى ، ذو مرة فاستوى ، وهو بالأفق الأعلى ، ثم دنى فتدلى ، فكان قاب قوسين أو أدنى ، فأوحى إلى عبده ما أوحى ، ما كذب الفؤاد وما رأى ،ولقد رآه نزلة أخرى ، عند سدرة المنتهى ، عندها جنة المأوى ، إذ يغشى السدرة ما يغشى ، ما زاغ البصر وما طغى ، لقد رأى من آيات ربه الكبرى ) النجم : الآيات من 1-18 .

فبهذه الآيات الكبرى ، تم الربط فى العقيدة الإسلامية بين الحرم المكى - المسجد الحرام - وبين الحرم القدسى - المسجد الأقصى - .. بين أول بيت وضع للناس فى الأرض ، وعُبد الله فيه قبلة النبوة الخاتمة .. وبين قبلة النبوات التى سبقت نبوة محمد عليه الصلاة والسلام .

وهكذا تجاوزت القدس مكانة أعرق المدن العربية فى التاريخ ، التى بناها اليبوسيون العرب فى الألف الرابع قبل الميلاد ، لتصبح بالإضافة إلى ذلك حرما إسلاميا مقدسا ، دخل ضمن عقائد الإسلام ، ولذلك فإن القدس -اليوم- ليست مجرد أرض محتلة يجب تحريرها .. وليست مجرد قضية وطنية للشعب الفلسطينى ، وقضية قومية للأمة العربية ، وإنما هى - بالإضافة إلى ذلك كله - عقيدة من عقائد الإسلام .




    تعليقات حول الموضوع

عمل مقالات عن

اشرف حنفي | 14-01-2012 07:55

 سعادة الاستاذ الدكتور محمد عمارة حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل ممكن عمل مقال عن الذين باعوا دينهم ووطنهم لاعداء الامه حتى يصلوا الى الحكم وكيف تخلص منهم هؤلاء الاعداء بمجرد انتهاء مهمتهم، على حلقات، حتى يفيد ابناءئنا. وشكراً





القدس فى القلب

ابو حاتم | 14-01-2012 00:58

 جزاك الله خير الجزاء على هذا المقال الرائع .. لكن يبدو هناك خطأ مطبعى فى نقل ايات سورة النجم والصحيح هو قوله تعالى " فاوحى الى عبده ما اوحى@ ما كذب الفؤاد ما رأى @ افتمارونه على ما يرى @ ولقد رءاه نزلة اخرى @ عند سدرة المنتهى@.... "الايات





رجلا والرجال قليل

حسام الدين | 14-01-2012 00:11

 بارك الله فيك دكتور محمد عمارة وبارك الله في صحتك وامد في عمرك -- فمصر بعد ان تحررت تحتاج اليك والي امثالك من اجل البناء والتعمير - واني احبك في الله دكتور عمارة

abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 54 مشاهدة
نشرت فى 27 يناير 2012 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

299,899