6- فضائل الصحابة

قال الله ﻷ:(إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) (الحج:38).يخبر ـ أنه يدفع عن عباده الذين توكلوا عليه وأنابوا إليه شر الأشرار وكيد الفجار ، ويحفظهم ويكلؤهم وينصرهم ، ومن هؤلاء الأشرار الفجار الشيعة الاثنى عشرية الموجودون في إيران والعراق ولبنان وغيرهم ، أولئك الذين يزعمون أن الصحابة ي ارتدوا عن الإسلام إلا ثـلاثـة أو أربـعـة أو سـبعـة ، علـى اختلاف أساطيرهم.
وكيف يقال مثل هذا القول في أشرف جيل عرفته الإنسانية ، وأفضل قرن عرفته البشرية ، في قوم نقلوا لنا الدين ، وشهدت بفضلهم آيات القرآن العـظـيمة ، ونـصوص السـّنة المطـهّرة ، ووقـائـع التـاريـخ الصـادقة.
 يباهي الله ﻷ بهم ملائكته:
وتأمل كيف يباهي الله ﻷ بهم ملائكته ، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ تقَالَ:خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ ، فَقَالَ:مَا أَجْلَسَكُمْ؟ قَالُوا:جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ.
قَالَ:آللهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟
قَالُوا:وَاللهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ.
قَالَ:أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَمَا كَانَ أَحَدٌ بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللهِ ص أَقَلَّ عَنْهُ حَدِيثًا مِنِّي ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صخَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ:« مَا أَجْلَسَكُمْ؟».
قَالُوا:جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا.
قَالَ:« آللهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ؟»
قَالُوا:وَاللهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ.
قَالَ:« أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ ، وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللهَ ﻷ يُبَاهِي بِكُمْ الْمـَلَائِكَةَ»(رواه مسلم).
فطوبى لمن أحبهم ، وسلك سبيلهم ، وترضى عنهم ، ويا ويل من أبغضهم أو أبغض بعضهم ، وذلك من علامات الخذلان ، وأمارات الخيبة والخسران.ومبغضهم ومنتقدهم نابح الكواكب النيِّرات وناطح الجبال الثابتات.
فالسعيد من تولى جملتهم ، واهتدى بهديهم ، وتمسك بحبلهم ، والشقى من تعرض للخوض فيما شجر بينهم ، واقتحم خطر التفريق بينهم ، وأتبع نفسه هواها فى سب أحد منهم.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ تقَالَ:قَالَ رَسُولُ اللهِ ص:«إِنَّ اللهَ قَالَ:مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْـحَرْبِ »(رواه البخاري).
قال الحافظ ابن حجر:قَوْله (مِنْ عَادَى لِي وَلِيًّا) الْـمُرَاد بِوَلِيِّ اللهِ الْعَالِم بِاللهِ الْـمُوَاظِب عَلَى طَاعَته الْـمُخْلِص فِي عِبَادَته.وَقَدْ اُسْتُشْكِلَ وُجُود أَحَدٍ يُعَادِيهِ لِأَنَّ الْـمُعَادَاةَ إِنَّمَا تَقَعُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَمَنْ شَأْن الْوَلِيِّ الْحِلْم وَالصَّفْح عَمَّنْ يَجْهَل عَلَيْهِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْـمُعَادَاةَ لَمْ تَنْحَصِرْ فِي الْخُصُومَةِ وَالْـمُعَامَلَةِ الدُّنْيَوِيَّةِ مَثَلًا بَلْ قَدْ تَقَع عَنْ بُغْضٍ يَنْشَأُ عَنْ التَّعَصُّبِ كَالرَّافِضِيِّ( ) فِي بُغْضِهِ لِأَبِي بَكْرٍ ، وَالْـمُبْتَدِع فِي بُغْضِهِ لِلسُّنِّيِّ ، فَتَقَعُ الْـمُعَادَاةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ، أَمَّا مِنْ جَانِب الْوَلِيِّ فَللهِ تَعَالَى وَفِي اللهِ ، وَأَمَّا مِنْ جَانِب الْآخَر فَلِمَا تَقَدَّمَ.اهـ من (فتح الباري).
وهؤلاء الشيعة الاثنا عشرية يعادون أولياء الله ﻷ من الصحابة ي ـ فمن دونهم ـ فكيف يواليهم مسلم؟وكيف تنطلي عليه خدعتهم وكيف يركن إليهم؟ والله تعالى يقول (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ) (هود:113).
وهؤلاء الشيعة ظالمون ومن بعض ظلمهم أنهم يظلمون أبا بكر وعمرب ، فكيف يواليهم مسلم والله تعالى يقول:(وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأنعام:129) ، إنه لا يواليهم إلا ظالم ، ومن يرضى أن يكون ظالمًا لأبي بكر وعمر وعثمان وأبي عبيدة وطلحة والزبير؟ ومَن يرضَى أن يكون في الصف المقابل للصحابة وأئمة الاجتهاد من هذه الأمة؟ ومن يرضى أن يكون أداة بيد الذين يستحلون دماء المسلمين وأموالهم؟
تقوم عقيدة الشيعة الإثنى عشرية على سب وشتم وتكفـير الصحابة ي.ذكر الكليني فـي (فروع الكافـي) (كذبًا)عن جعفر:« كان الناس أهل ردة بعد النبي ص إلا ثلاثة ، فقلت:من الثلاثة؟ فقال:المقداد بن الأسود ، وأبو ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ».
وذكر المجلسي فـي (حق اليقين) أنه قال لعلي بن الحسين مولى له:« لي عليك حق الخدمة فأخبرني عن أبي بكر وعمر؟ فقال:إنهما كانا كافرين ، الذي يحبهما فهو كافر أيضًا».
وفـي تفسير القمي عند قوله تعالى:( وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْـمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ) (النحل:90) قالوا:الفحشاء أبو بكر ، والمنكر عمر ، والبغي عثمان.
ويقولون فـي كتابهم(مفتاح الجنان):« اللهم صل على محمد وعلى آل محمد والعن صنمَيْ قريش وجِبتَيْهِما وطاغوتَيْهما وابنتيهما..إلخ» ويعنون بذلك أبا بكر وعمر وعائشة وحفصة ي.
وفـي يوم عاشوراء يأتون بكلب ويسمونه عمر ، ثم ينهالون عليه ضربا بالعصي ورجمًا بالحجارة حتى يموت ، ثم يأتون بسخلة( ) ويسمونها عائشة ، ثم يبدؤون بنتف شعرها وينهالون عليها ضربًا بالأحذية حتى تموت.كما أنهم يحتفلون باليوم الذي قتل فـيه الفاروق عمر بن الخطاب ت ، ويسمون قاتله أبا لؤلؤة المجوسي:بابا شجاع الدين ، رضي الله عن الصحابة أجمعين وعن أمهات المؤمنين.
وللشيعة عيد يقيمونه في اليوم التاسع من ربيع الأول ، وهو عيد أبيهم (بابا شجاع الدين) وهو لقب لَقَّبوا به (أبا لؤلؤة المجوسي) قاتل عمر بن الخطاب ت.
قال الإمام مالك /عن الشيعة:« إنما هؤلاء قوم أرادوا القدح في النبي ص فلم يمكنهم ذلك ، فقدحوا في أصحابه حتى يقال:رجل سوء ، ولو كان صالحًا كان أصحابه صالحين ».
وقال الحافظ الكبير أبو زرعة الرازي /:« إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب النبي ص فاعلم أنه زنديق ؛ وذلك أن القرآن حق ، والرسول ص حق ، وما جاء به حق ، وما أدى إلينا ذلك كله إلا الصحابة.فمَن جرحهم إنما أراد إبطال الكتاب والسنة ، فيكون الجرح به أليق ، والحكم عليه بالزندقة والضلال أقْوَم وأحَق».
قال الإمام الطحاوي الحنفي في عقيدته المشهورة:«ونحب أصحاب الرسول ص ولا نفرق في حب أحد منهم ، ونبغض من أبغضهم وبغير الخير يذكرهم ، محبتُهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان».
فهؤلاء الشيعة يريدون أن يهدموا الصحابة ليبطلوا القرآن والسنة ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)(الصف:8).
لا تركنَنَّ إلى الروافِـــضِ إنَّهمْ شتَموا الصحابةَ دونَ مَا برهانِ
لعِنوا كما بَغَضُوا صــحابةَ أحمدٍ ووِدَادُهُم فرضٌ على الإنســانِ
حُبُّ الصحابةِ والقــــرابةِ سُنَّةٌ ألقَى بها ربِّي إذا أحَيــــــــاني
 من هو الصحابى؟
الصحابى مَن لقي النبي ص مؤمنًا به ، ومات على الإسلام ، فيدخل في (من لقيه) مَن طالت مجالسته له أو قصرت ، ومن روى عنه أو لَم يرو ، ومن لَمْ يره لعارض كالعمى.
 عدة الصحابة ي:
توفى رسول الله ص وقد دخل فى الناس فى دين الله أفواجًا كما بشره الله ﻷ بقوله:( إِذَا جَاء نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا) (النصر:1 ، 2).
ونقل الإمام الشافعى / أن النبى ص قبض والمسلمون ستون ألفًا:ثلاثون ألفًا بالمدينة ، وثلاثون ألفا فى قبائل العرب غيرها.
وقد ذكر القرآن صحابيًا هو زيد بن حارثة ت ، بقوله تعالى:( فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا)(الأحزاب:37) ، وأضمر صحابيًا آخر هو أبو بكر الصديق ت بقوله تعالى:(إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا ) (التوبة:40).
وإذا ثبت لرجل أو لامرأة الصحبة فلا يمكن أن يخرج من حظيرتهم ولا يقبل لمزة بالنفاق إلا بإسناد صحيح كذلك ، ولهذا لا يصح قول من قال:إن ثعلبة بن حاطب الأنصارى ـ وهو ممن شهد غزوة بدر ـ هو المقصود بقوله تعالى:( وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (التوبة:75).
وهذه القصة ـ التي يذكرها كثير من الخطباء أثناء حديثهم عن الزكاة ـ لا تصح سندًا ولا متنًا ، أما سندًا فهى من طريق معان بن رفاعة عن على بن يزيد ، وكلاهما لا يصح حديثهما.
وأما متنًا فالنبى ص قرر أن مانع الزكاة تؤخذ منه قسرًا ، وحارب أبو بكر الصديق ت مانعى الزكاة ، فكيف يرفض أخذها رسول الله ص وأبو بكر وعمر؟
 عدالة الصحابةي ووجوب محبتهم ونصرتهم:
اتفق أهل السنة على أن جميع الصحابة عدول ، وعدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله ﻷ لهم ، وإخباره عن طهارتهم ، واختياره لهم ، فمن ذلك قوله تعالى:(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (آل عمران:110).وقوله ﻷ:(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)(البقرة:143).وقوله ﻷ:( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْـمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ) (الفتح:18).وقوله ﻷ:( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْـمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ ) (التوبة:100).
ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله ص كما وصفهم الله ﻷ فى قوله:( وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )(الحشر:10).
وطاعةً للنبى ص فى قوله:«لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ»(رواه البخاري ومسلم).
ومَعْنَى الْحَدِيث:لَا يَنَال أَحَدكُمْ بِإِنْفَاقِ مِثْل أُحُد ذَهَبًا مِنْ الْفَضْل وَالْأَجْر مَا يَنَال أَحَدهمْ بِإِنْفَاقِ مُدّ طَعَام أَوْ نَصِيفه.
و أهل السنة والجماعة يقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ، ويفضلون من أنفق من قبل الفتح ـ وهو صلح الحدييية ـ وقاتل ، على من أنفق من بعدُ وقاتل ، ويقدمون المهاجرين على الأنصار ، ويؤمنون بأن الله ﻷ قال لأهل بدر وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر:« لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ:اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ » (رواه البخاري ومسلم).
ويؤمنون بأن النبي صقال:«لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ » (صحيح رواه أبو داود) ، بل لقد رضي الله عنهم ورضوا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة ؛ قال الله ﻷ:( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْـمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا)(الفتح:18 ، 19).
ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله ص ، كالعشرة وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم من الصحابة ي ، ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين على بن أبى طالب ت وغيره ، من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ، ويثلثون بعثمان ويربعون بعلى ي.
وعَنْ عَمْرو بْنِ الْعَاصِ تأَنَّ رَسُولَ اللهِ صبَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ:أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟
قَالَ:عَائِشَةُ.
قُلْتُ:مِنْ الرِّجَالِ؟
قَالَ:أَبُوهَا.
قُلْتُ:ثُمَّ مَنْ؟
قَالَ:عُمَرُ ، فَعَدَّ رِجَالًا».(رواه البخاري ومسلم).
وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ تقَالَ:قُلْتُ لِأَبِي(أي على بن أبى طالب ت):أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ ص؟ قَالَ:« أَبُو بَكْرٍ » ، قُلْتُ:ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:«ثُمَّ عُمَرُ » ، وَخَشِيتُ أَنْ يَقُولَ عُثْمَانُ ، قُلْتُ:ثُمَّ أَنْتَ؟ ، قَالَ:« مَا أَنَا إِلَّا رَجُلٌ مِنْ الْـمُسْلِمِينَ» (رواه البخاري).
قال الحافظ ابن حجر في (فتح الباري):« وَهَذَا قَالَهُ عَلِيّ ت تَوَاضُعًا مَعَ مَعْرِفَته حِين الْمَسْأَلَة الْمَذْكُورَة أَنَّهُ خَيْر النَّاس يَوْمئِذٍ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ بَعْد قَتْل عُثْمَان ، وَأَمَّا خَشْيَة مُحَمَّد اِبْن الْحَنَفِيَّة أَنْ يَقُول عُثْمَان فَلِأَنَّ مُحَمَّدًا كَانَ يَعْتَقِد أَنَّ أَبَاهُ أَفْضَل ، فَخَشِيَ أَنَّ عَلِيًّا يَقُول عُثْمَان عَلَى سَبِيل التَّوَاضُع مِنْهُ وَالْهَضْم لِنَفْسِهِ فَيَضْطَرِب حَال اِعْتِقَاده وَلَا سِيَّمَا وَهُوَ فِي سِنّ الْحَدَاثَة...وَقَدْ سَبَقَ بَيَان الِاخْتِلَاف فِي أَيّ الرَّجُلَيْنِ أَفْضَل بَعْد أَبِي بَكْر وَعُمَر:عُثْمَان أَوْ عَلِيّ؟ وَأَنَّ الْإِجْمَاع اِنْعَقَدَ بِآخِرِهِ بَيْن أَهْل السُّنَّة أَنَّ تَرْتِيبهمْ فِي الْفَضْل كَتَرْتِيبِهِمْ فِي الْخِلَافَة ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ ».
ثم نقل عن الْقُرْطُبِيّ فِي (الْـمُفْهِم شرح صحيح مسلم) أن الْمَقْطُوع بِهِ بَيْن أَهْل السُّنَّة بِأَفْضَلِيَّةِ أَبِي بَكْر ثُمَّ عُمَر ، ثُمَّ اِخْتَلَفُوا فِيمَنْ بَعْدهمَا:فَالْجُمْهُور عَلَى تَقْدِيم عُثْمَان ، وَعَنْ مَالِك التَّوَقُّف ، وَالْمَسْأَلَة اِجْتِهَادِيَّة ، وَمُسْتَنَدهَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة اِخْتَارَهُمْ اللهُ تَعَالَى لِخِلَافَةِ نَبِيّه وَإِقَامَة دِينه فَمَنْزِلَتهمْ عِنْده بِحَسَبِ تَرْتِيبهمْ فِي الْخِلَافَة ».اهـ بتصرف من (الفتح).
بلِّغ الأشواقَ والحُبَّ الصَّحَابَةْ سَادَةَ القومِ وأَرْبَابَ النَّجَــابَةْ
هُمْ حُمَاةُ الدِّينِ أَبْطَــالُ الرَّدَى بَلْ غُيُوثُ البَذْلِ بَلْ آسَادُ غابَةْ
حُبُّهُمْ دِينٌ ومَــنْ يُبْغِضْهُمُوا ربُّنا في نارِهِ الأخْــــرَى أذَابهَْ
(غُيُوثُ جمع:غيث:وهو المطر ، والمعنى أنهم كثيرو البذل).
 فضائل الصحابة من كتاب الله ﻷ:
1- قال الله ﻷ:(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) (البقرة:143).
( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) أي:عدلًا خيارًا ، فجعل الله ﻷ هذه الأمة ، وسطًا في كل أمور الدين ، وسطا في الأنبياء ، بين من غلا فيهم ، كالنصارى ، وبين من جفاهم ، كاليهود ، بأن آمنوا بهم كلهم على الوجه اللائق بذلك.
ووسطًا في الشريعة ، لا تشديدات اليهود وآصارهم ، ولا تهاون النصارى.
وفي باب الطهارة والمطاعم طهارتهم أكمل طهارة وأتمها ، وأباح الله ﻷ لهم الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمناكح ، وحرم عليهم الخبائث من ذلك ، لا كاليهود الذين لا تصح لهم صلاة إلا في بيعهم وكنائسهم ، ولا يطهرهم الماء من النجاسات ، وقد حرمت عليهم الطيبات ، عقوبة لهم ، ولا كالنصارى الذين لا ينجسون شيئًا ، ولا يحرمون شيئًا.
فلهذه الأمة من الدين أكمله ، ومن الأخلاق أجلها ، ومن الأعمال أفضلها.
ووهبهم الله من العلم والحلم ، والعدل والإحسان ، ما لم يهبه لأمة سواهم ، فلذلك كانوا ( أُمَّةً وَسَطًا ) ليكونوا ( شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) بسبب عدالتهم وحكمهم بالقسط ، يحكمون على الناس من سائر أهل الأديان ، ولا يحكم عليهم غيرهم ، فما شهدت له هذه الأمة بالقبول ، فهو مقبول ، وما شهدت له بالرد ، فهو مردود.
فإن شك شاكٌّ في فضلها ، وطلب مزكيًا لها ، فهو أكمل الخلق ، نبيهم ص ، فلهذا قال تعالى:( وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا).
ومن شهادة هذه الأمة على غيرهم ، أنه إذا كان يوم القيامة ، وسأل الله المرسلين عن تبليغهم ، والأمم المكذبة عن ذلك ، وأنكروا أن الأنبياء بلّغَتْهم ، استشهدَ الأنبياء بهذه الأمة ، وزكاها نبيها ص.
وفي الآية دليل على أن إجماع هذه الأمة ، حجة قاطعة ، وأنهم معصومون عن الخطأ ، لإطلاق قوله:( وَسَطًا ) فلو قدر اتفاقهم على الخطأ ، لم يكونوا وسطًا ، إلا في بعض الأمور.
وقوله:( لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ ) يقتضي أنهم إذا شهدوا على حكم أن الله أحله أو حرمه أو أوجبه ، فإنها معصومة في ذلك.
والآية وإن كانت فى حق سائر الأمة فإن الصحابة ي هم المشافَهون بهذا الخطاب.
2- قال الله ﻷ:( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْـمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (التوبة:100).
قال الحافظ ابن كثير /في تفسير هذه الآية:« يخبر ﻷ عن رضاه عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ، ورضاهم عنه بما أعدَّ لهم من جنات النعيم ، والنعيم المقيم.
فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان:فيا ويل من أبغضهم أو سَبَّهم أو أبغض أو سبَّ بعضهم ، ولا سيما سيدُ الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم ، الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة ت.
فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويُبغضونهم ويَسُبُّونهم ، عياذًا بالله من ذلك.وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة ، وقلوبهم منكوسة ، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن ، إذ يسبُّون من رضي الله عنهم؟ وأما أهل السنة فإنهم يترضّون عمن ت ، ويسبون من سبه الله ورسوله ، ويوالون من يوالي الله ، ويعادون من يعادي الله ، وهم متبعون لا مبتدعون ، ويقتدون ولا يبتدون ولهذا هم حزب الله المفلحون وعباده المؤمنون.»اهـ بتصرف من (تفسير القرآن العظيم).
وقد قيل:المراد بـ ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ ) جميع المهاجرين والأنصار.
قال محمد بن زياد:قلت يوما لمحمد بن كعب القرظى ت:ألا تخبرنى عن أصحاب رسول الله ص فيما بينهم؟ ـ وأردت الفتن ـ ، فقال:إن الله قد غفر لجميعهم محسنهم ومسيئهم ، وأوجب لهم الجنة فى كتابه.
فقلت له:فى أى موضع أوجب لهم؟ فقال:سبحان الله ألا تقرأ ( وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ ) إلى آخر الآية ، فأوجب الله الجنة لجميع أصحاب النبى ص.
وقال الشنقيطى / في (أضواء البيان):«ولا يخفى أنه تعالى صرح فى هذه الآية الكريمة أنه قد رضى عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان ، وهو دليل قرآنى صريح في أن من يسبهم ويبغضهم أنه ضال مخالف لله ـ جل وعلا ـ ، حيث أبغض من ت ، ولا شك أن بُغض من تمضادة له جل وعلا وتمرد وطغيان».
3- وقال تعالى:( لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْـمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا * وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) (الفتح:18-19).
ومن رضي الله عنه لا يمكن موته على الكفر ؛ لأن العبرة بالوفاء على الإسلام ، فلا يقع الرضا منه تعالى إلا على من علم موته على الإسلام.
قال الحافظ ابن كثير /:«يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين الذين بايعوا رسول الله ص تحت الشجرة ، وقد كانوا ألفا وأربعمائة ، والشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية.قوله:(فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ )أي:من الصدق والوفاء ، والسمع والطاعة ،
( فَأَنزلَ السَّكِينَةَ ):وهي الطمأنينة ، ( عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ):وهو ما أجرى الله على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم ، وما حصل بذلك من الخير العام المستمر المتصل بفتح خيبر وفتح مكة ، ثم فتح سائر البلاد والأقاليم عليهم ، وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة ؛ ولهذا قال:(وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا * وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا )»اهـ بتصرف من (تفسير القرآن العظيم).
4- وقال الله ﻷ:( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) (الفتح:29).
قال الحافظ ابن كثير /:«يخبر تعالى عن محمد ص أنه رسول الله حقًا بلا شك ولا ريب فقال:( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ ) وهذا مشتمل على كل وصف جميل ، ثم ثنَّى بالثناء على أصحابه ي فقال:(وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ) (الفتح:29) كما قال ﻷ:(فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْـمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) (المائدة:54).
هذه صفة المؤمنين أن يكون أحدهم شديدًا عنيفًا على الكفار ، رحيمًا برًا بالأخيار ، عبوسًا فى وجه الكافر ، ضحوكًا بشوشًا فى وجه أخيه المؤمن ، كما قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً ) (التوبة:123).
ثم قال تعالى مادحًا لهم:(تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا) (الفتح:20).وصفهم بكثرة العمل وكثرة الصلاة وهى خير الأعمال ، ووصفهم بالإخلاص فيها لله ﻷ والاحتساب عند الله تعالى جزيل الثواب ، ورضاه تعالى عنهم ، وهو أكبر من الأول كما قال تعالى:( وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللهِ أَكْبَرُ ) (التوبة:72).
ثم قال ﻷ:( سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال على بن أبى طلحة:يعنى السمت الحسن.
وعن زائدة عن منصور عن مجاهد:(سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ) قال:الخشوع.قلت:ما كنت أراه إلا هذا الأثر فى الوجه فقال:ربما كان بين عينَىْ من هو أقسى قلبًا من فرعون.
الصحابة ي خلصت نياتهم وحسنت أعمالهم ، فكل من نظر إليهم أعجبوه فى سمتهم وهديهم.قال مالك ت:بلغنى أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة ي الذين فتحوا الشام يقولون:« والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا».وصدقوا فى ذلك فإن هذه الأمة معظمة فى الكتب المتقدمة وأعظمها وأفضلها أصحاب رسول الله ص وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم فى الكتب المنزلة والأخبار المتداولة ، ولهذا قال سبحانه وتعالى ههنا:( ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ) (الفتح:29).
ثم قال:(وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ )أى:فراخه ( ) ( فَآزَرَهُ ) أى:شده (فَاسْتَغْلَظَ ) أى:شب وطال.
( فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ ) أى:فكذلك أصحاب رسول الله ص آزروه وأيدوه ونصروه ، فهم معه كالشطء مع الزرع ( لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ).
ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك / فى رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة ي ، قال:لأنهم يغيظونهم ؛ ومن غاظه الصحابة ي فهو كافر لهذه الآية ، ووافقه طائفة من العلماء ي على ذلك.
ثم قال ﻷ:(وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).
و (مِنْ) هنا لبيان الجنس لا للتبغيض ، والمعنى:وعد الله جميع الصحابة الجنة ، ووعد الله حق وصدق ، لا يخلف ولا يبدل ، وكل من اقتفى أثر الصحابة ي فهو فى حكمهم ، ولهم الفضل والسبق والكمال لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة ي وأرضاهم ، وجعل جنات الفردوس مأواهم ، وقد فعل».اهـ بتصرف من (تفسير القرآن العظيم).
5- وقال تعالى:( لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى ) (الحديد:10).
قال الحافظ ابن كثير /:قوله:( لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ) أي:لا يستوي هذا ومن لم يفعل كفعله ، وذلك أن قبل فتح مكة كان الحال شديدًا ، فلم يكن يؤمن حينئذ إلا الصديقون ، وأما بعد الفتح فإنه ظهر الإسلام ظهورًا عظيمًا ، ودخل الناس في دين الله أفواجا ؛ ولهذا قال:(أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى ).
والجمهور على أن المراد بالفتح هاهنا فتح مكة.وعن الشعبي وغيره أن المراد بالفتح هاهنا:صلح الحديبية.
قوله ﻷ:( وَكُلا وَعَدَ اللهُ الْـحُسْنَى) يعني المنفقين قبل الفتح وبعده ، كلهم لهم ثواب على ما عملوا ، وإن كان بينهم تفاوت في تفاضل الجزاء ، وإنما نَبَّه بهذا لئلا يُهدرَ جانب الآخر بمدح الأول دون الآخر ، فيتوهم متوهم ذمه ؛ فلهذا عطف بمدح الآخر والثناء عليه ، مع تفضيل الأول عليه ؛ ولهذا قال:(وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) أي:فلخبرته فاوت بين ثواب من أنفق من قبل الفتح وقاتل ، ومن فعل ذلك بعد ذلك ، وما ذلك إلا لعلمه بقصد الأول وإخلاصه التام ، وإنفاقه في حال الجهد والقلة والضيق.
ولا شك عند أهل الإيمان أن الصديق أبا بكرت له الحظ الأوفر من هذه الآية ، فإنه سيّد من عمل بها من سائر أمم الأنبياء ، فإنه أنفق ماله كله ابتغاء وجه الله ﻷ ولم يكن لأحد عنده نعمة يجزيه بها».اهـ بتصرف من (تفسير القرآن العظيم).
وهذه الآية نص صريح فى تفاوت الصحابة ي فى الدرجات والمراتب ، ونص صريح أيضًا فى كون جميعهم فى الجنة.
وفى الآية دليل على أن الفضل للسابق ، وعلى أن أفضلية العمل على قدر رجوع منفعته إلى الإسلام والمسلمين ، لأن الأجر على قدر النصب.
6- قال تعالى:(لِلْفُقَرَاء الْـمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ * وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ * وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) (الحشر:8-10).
(أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ):أي في إيمانهم حيث تركوا ديارهم وأموالهم وهاجروا ينصرون الله ورسوله.
( وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ):أي والأنصار الذين نزلوا المدينة ألِفُوا الإيمان بعدما اختاروه على الكفر.
( مِن قَبْلِهِمْ):أي من قبل المهاجرين.
( وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً ):أي حسدًا ولا غيظًا.
(مِّمَّا أوتُوا ):أي مما أوتِىَ أخوانُهم المهاجرون من فَيْءِ بنى النضير.
(وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ):أي في كل شيء حتى إن الرجل منهم تكون تحته المرأتان فيعرض أن يطلق أحداهما ليزوجها مهاجرًا.
(وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ):أي حاجة شديدة وخلَّة كبيرة لا يجدون ما يسدونها به.
( وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ):أي ومن يَقِه الله تعالى حرص نفسه على المال والبخل به.
( وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ) أي من بعد المهاجرين والأنصار من التابعين الى يومنا هذا فما بعد.فيدخل تحت هذه الآية جميع الأمة الإسلامية الذين جاءوا بعد الصحابة من التابعين إلى قيام الساعة قطعًا بشرط استغفارهم للمهاجرين والأنصار ي.
( يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ )
قال الإمام القرطبى:« هذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة لأنه جعل لمن بعدهم حظًا فى الفيء ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم والاستغفار لهم ، وأن مَن سبَّهم أو واحدًا منهم أو اعتقد فيه شرًا إنه لا حق له في الفيء ، رُوى ذلك عن مالك وغيره ، قال مالك:من كان يبغض أحدًا من أصحاب محمد ص ، أو كان في قلبه عليهم غل فليس له حق في فيء المسلمين ، ثم قرأ:( وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ )الآية.
وعن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه عن جده علي بن الحسين ي ، أنه جاءه رجل فقال له:يا ابن بنت رسول الله ص ، ما تقول في عثمان؟ فقال له:يا أخى أنت من قوم قال الله فيهم:( لِلْفُقَرَاء الْـمُهَاجِرِينَ ) الآية؟.قال:لا !
قال:فوالله لئن لم تكن من أهل الآية ، فأنت من قوم قال الله فيهم:( وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ )الآية؟.قال:لا !
قال:فوالله لئن لم تكن من أهل الآية الثالثة لتخرجن من الإسلام ، وهي قوله تعالى:(وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ ) الآية.
وقد قيل:إن محمد ابن علي بن الحسين ي روى عن أبيه:أن نفرًا من أهل العراق جاءوا إليه ، فسبوا أبا بكر وعمر بثم عثمان تفأكثروا ، فقال لهم:أمِنَ المهاجرين الأولين أنتم؟ قالوا لا.
فقال:أفمن الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم؟ فقالوا لا.
فقال:قد تبرأتم من هذين الفريقين !!أنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله ﻷ:(وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) قوموا ، فعل الله بكم وفعل » ! ! ذكره النحاس. اهـ بتصرف من (الجامع لأحكام القرآن).
7- قال تعالى:( يَوْمَ لَا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (التحريم:8).
قوله ﻷ:( وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ) معطوف على النبي ص ، ففيه تعريض بمن أخزاهم الله من أهل الكفر ، واستحماد للمؤمنين على أنه عصمهم من مثل حالهم ، فآمَنَهم الله من خزيه ، ولا يأمن من خزيه في ذلك اليوم إلا الذين ماتوا والله ﻷ ورسوله ص عنهم راضٍ ، فأمانهم من الخزى صريح في موتهم على كمال الإيمان وحقائق الإحسان ، وفي أن الله لم يزل راضيًا عنهم وكذلك رسوله ص.
8- الصحابة ي هم أولى الناس بالدخول في الآيات العامة التي يَعِدُ الله فيها عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالفوز بالرضى والجنات ، لأنهم سادات المؤمنين وأكثر الناس حظًا من الأعمال الصالحة ، وذلك مثل قوله تعالى:( قَدْ أَفْلَحَ الْـمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ) (المؤمنون:1-10).
وقوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ) (المطففين:18-28).
والآيات من هذا القبيل كثيرة جدًا يصعب استقصاؤها ، وأولى الناس بها أصحاب رسول الله ص ورضي الله عنهم أجمعين ورزقنا سلوك سبيلهم والسير على منهاجهم وطريقهم وحشرنا معهم فى زمرتهم.
حُبُّ النَبِيِّ وحُبُّ الصحبِ مفتَرَضٌ أضْحَوْا لتابعِهم نـورًا وبرهانَا
مَن كان يَعـــــــــلمُ أّنّ اللهَ خالقُه فلا يقولَنّ في الصّـــدِّيقِ بُهتَانَا
ولا يسبُّ أبا حَفْـــــــصٍ وشيعتَه ولا الخلــــيفةَ عثمانَ بنَ عفّانَا
ثُــــــــمَّ الوَلِيُّ فلا ينسَى المقالَ له هُـــمُ الذينَ بنَوْا للدينِ أركانَا
همْ عمادُ الورَى في الناسِ كُلّـــهِمُ جازاهمُ اللهُ بالإحسانِ إحسانَا

 

 

المصدر: دليل الواعظ
abdosanad

الاختيار قطعة من العقل

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 42 مشاهدة
نشرت فى 1 ديسمبر 2011 بواسطة abdosanad

ساحة النقاش

عبدالستار عبدالعزيزسند

abdosanad
موقع اسلامي منوع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

313,990