مرت أخبار التليفزيون بتغيير كبير فى الكم والكيف حتى أصبحت اليوم من أهم المواد التى يقدمها التليفزيون وزاد الوقت المخصص لها وتضاعفت القوى البشرية العاملة فى جميع ادارات وأقسام أخبار التليفزيون خلال العشر سنوات الأخيرة حتى بلغت ثلاثة أضعاف ما كانت عليه قبل خمس سنوات .
ومن المعروف أن أخبار التليفزيون قد بزغت من وسط أخبار الإذاعة لكنها سرعان ما رسمت لنفسها شخصية مستقلة تماماً وأخذت طريقاً ونهجاً يخالف طريق ونهج أخبار الإذاعة وقد واجهت صعوبات خاصة فى محطات التليفزيون الأوروبية حيث هناك قلة لديها مفهوم واضح عما يجب أن تكون عليه أخبار التليفزيون بالإضافة الى نقص المادة الإخبارية الفيلمية بصورة شديدة .
كما كانت تقارير الأحداث تقدم مصحوبة بالصورة المستمدة من وكالات الأنباء أو بالأفلام القديمة من أرشيف التليفزيون كما ظلت طريقة انزع واقرأ هى الصيغة الإخبارية الأساسية والمستخدمة فى غالبية محطات التليفزيون حيث تنزع أخبار التيكرز من أجهزة استقبال أنباء وكالات الأنباء العالمية وتقرأ كما هى ولم يزد الاهتمام بالعناصر المرئية والاهتمام بالصورة المتحركة إلا بعد فترة طويلة حتى أصبحت الصورة المرئية أفضل قيم التليفزيون الإخبارية .
ولقد كان لاستخدام الاتصالات الفضائية فى نقل أخبار التليفزيون عبر الأقمار الصناعية الأثر الواضح فى تحسن أخبار التليفزيون وكانت تكاليف استخدامها فى البداية عبئاً جديداً فكانت تكاليف إرسال متبادل لمدة عشر دقائق تصل الى 6400 دولار لكن نظراً للأهمية المتزايدة لدور الاتصالات الفضائية فى مجال نقل الأخبار وصور الشعوب فى معرفة ما يحدث حولهم تم تخفيض هذه التعريفة فيما بعد على أساس أنها خدمة عامة للشعوب حتى وصلت الى 15 دولاراً للدقيقة الواحدة فى عرض اليوروفزيون الذى تقدم به لاتحاد إذاعات الدول العربية لبث اليوروفزيون ( 1 – صفر ) الإخباريتين وتصل مدتهما الى 45 دقيقة .
الأخبار التلفزيونية فىعصرالسموات المفتوحة:
و كانت ليلة السادس عشر / السابع عشر من يناير 1991 نقطة تحول في تاريخ البث التلفزيونى وخاصة فى مجال الأخبار التلفزيونية. ففي تلك الليلة كانت قوات التحالف الدولى تقصف مدينة بغداد العراقية وفى نفس الوقت كانت محطة سى إن إن تنقل صور القصف الجوى الذي كان يضئ سماء العاصمة العراقية حيا على الهواء إلى جميع أنحاء العالم .
وكانت تلك أول واقعة يقوم فيها المجتمع الدولى بمعايشة حدث على هذا القدر من الأهمية دقيقة بدقيقة بل لحظة بلحظة . وكانت تلك الواقعة خير دليل على مدى فعالية الأخبار التلفزيونية فى توحيد العالم وتجسيد مفهوم القرية الكونية .
ويتزايد انتشار التكنولوجيا الحديثة فى مجال التلفزيون بسرعة مذهلة حتى أنه يقال عائلة من بين كل خمس عائلات فى العالم تتلقى الآن البث التلفزيونى الدولى عبر القمار الصناعية أو القوابل . ومن خلال الأقمار الصناعية أصبح بالإمكان الآن متابعة الأحداث العالمية حية على الهواء أثناء وقوعها . وقد زادت القنوات التلفزيونية الإخبارية من الطلب على التغطيات الأخبارية الحية سواء كانت تلك القنوات تعمل على المستوى المحلى والاقليمى أو الدولى .
وهناك الآن حوالى ثلاثين قناة تلفزيونية تتخصص فى الأخبار فى جميع أنحاء العالم ومعظمها يعمل طوال ساعات اليوم . وبفضل هذه القنوات وغيرها من الخدمات الأخبارية التلفزيونية تعرف العالم على المأسى التى وقعت فى الصومال والبوسنة وزائير ورواندا . كما عايش العالم لحظات باسمة أخرى من خلال التلفزيون مثل لحظة سقوط حائط برلين وتوقيع اتفاقيات سلام الشرق الأوسط وخروج نيلسون مانديلا من السجن وسقوط سياسة الفصل العنصرى فى جنوب أفريقيا .
تطور الخدمة الإخبارية بالتليفزيون المصرى :
الخدمة الإخبارية فى التليفزيون المصرى فى الفترة 1960 – 1970 :
بدأ إرسال التليفزيون رسمياً فى مصر فى 21 يوليو عام 1960 تحت اسم التليفزيون العربى وكان افتتاحه فى إطار الاحتفالات بثورة يوليو عام 1952 ليكون بذلك أول تليفزيون وطنى فى المنطقة العربية حيث سبقته محاولات لقيام تليفزيونات تجارية فى دول أخرى فى المنطقة .
وكانت بداية الأخبار فى الستينيات بداية متواضعة بدأت بمكبرات للصوت 16 مم بشرائط ريفرسال بدون صوت وريفرسال ماجنتك بالصوت وكانت هذه الأفلام تحتاج الى فترة تحميض لاتقل عن أربع ساعات وهو وقت طويل يجعل تحرير النشرة فى حيرة من طول الصورة التى يستخدمها لخدمة النشرات والصعوبة كانت تكمن أيضاً فى أن التليفزيون لم يكن لديه معملاً لتحميض الأفلام وكان التحميض يتم فى معمل أبو الهول بالدقى وكان ذلك يشكل عبئاً ثقيلاً على كل العاملين فى الأخبار من حيث إعداد التحرير اللازم للمادة المصاحبة للأفلام .
استمر الحال هكذا الى أن أنشيء معمل تحميض الأفلام الخاص بالتليفزيون وكانت الأخبار المصورة لها الأولوية وتحميض البرامج يأتي فى الدرجة الثانية لم يكن للنشاط الإخبارى بالتليفزيون سوى أربعة سيارات فقط ولو علمنا أن المصادر الإخبارية متعددة وتغطيتها تحتاج الى جهد خارق فالوزارات أكثر من ثلاثين وزارة بالإضافة الى أخبار رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشوري والجامعة العربية والسفارات والأنشطة الدولية وفي كثير من الأحيان تكون المواعيد موحدة ( د . محمد معوض : 1993 ) .
وبالرغم من حداثة الخبرة فى التعامل مع التليفزيون وقلة الامكانيات وصعوبة التعامل معها نتيجة لتعقيدها واعتماد الكوادر البشرية فيه على الموهبة وليس الخبرة أو التدريب رغم هذا كله إلا أن بداية التليفزيون المصرى كوسيلة إخبارية كانت حدثاً كبيراً .
وقد أحدث التليفزيون ثورة فى علاقة الجمهور بالأخبار بل وقبل عصر التليفزيون كان الخبر المطبوع والخبر المذاع فى الراديو كان يتوجه إلي صفوة من الناس قادرة على التعامل مع ميزة هاتين الوسيلتين ميزة الصحافة وميزة الراديو جاء التليفزيون ليضع الأحداث على موائد الناس وأضفت الكاميرا واللون والحركة ورؤية الحدث نفسه مصداقية على تغطية الأخبار.
ومنذ اليوم الأول للبث التليفزيوني والبرامج الإخبارية كانت مادة أساسية فى هذا البث ولو نظرنا الى برامج الراديو نرى أن البداية كانت الأنتقال الى بيت الأمة لإذاعة خطاب رئيس الجمهورية جمال عبد الناصر بمناسبة الاحتفال بأعياد الثورة ثم بعد ذلك أذيع نشيد وطنى الأكبر للموسيقار محمد عبد الوهاب ثم بعد ذلك كانت نشرة الأخبار فمنذ اليوم الأول للبث التليفزيونى وجدت المادة الإخبارية وهذا له دلالته وهو أن التليفزيون كان ينظر إليه على أن وظيفته الأولى هو نقل معلومات إخبارية الى المتلقى ومازالت هذه الوظيفة باقية مع التليفزيون الى يومنا هذا .
وكانت الأحداث السياسية فى هذه الفترة متلاحقة وعلى قدر كبير من الأهمية والتأثير فى المجتمع المصرى والعربى فى ذاك الوقت نظراً للزعامة التى كانت تتمتع بها مصر . وكان على رأس هذه الأحداث مؤتمرات القمة العربية التى عقدت عام 1964 فى القاهرة والأسكندرية على التوالى وقد أتاح التليفزيون للمشاهدين صوتاً وصورة واحداً من أهم الأحداث وهوتحويل مجرى النيل بإنشاء السد العالى الذى أعطى إشارة بدئه الرئيس عبد الناصر والرئيس السوفيتى خرشوف وعدد كبير من زعماء العرب والذى تم نقله على الهواء مباشرة لتشهد أعين المصريين هذه اللحظة المهمة .
ولا يمكن أن نغفل نكسة عام 1967 التى جاءت غير متوقعة لدى الجميع بداية من الشعب المصرى وحتى أجهزة الإعلام وكنتيجة مباشرة لهذه النكسة جاء خطاب الرئيس جمال عبد الناصر يوم التاسع من يونيو من نفس العام خطاب التنحى الذى نقلته كاميرات التليفزيون على الهواء مباشرة ليراه ملايين المشاهدين الذين طوقت أنظارهم بأجهزة التليفزيون ورأى الناس شكل عبد الناصر وانفعالاته وملامح النكسة على وجهه والصدق فى عينيه كان لذلك رد فعل خطير .
وتسببت التغطية التليفزيونية لخطاب التنحى فى حدوث شيئين هما :
أولا : إن نسبة كبيرة من الجمهور المصرى حتى هذه اللحظة كانت لا تعلم أن هناك نكسة لأن وسائل الاتصال فى هذه الفترة ساهمت بشكل كبير على التعتيم على هذا الحدث الخطير فلم يعلم الناس حقيقة ما يجرى فى أرض المعارك لأن البيانات التى تصدر كانت غير صادقة وجاء خطاب التنحى لإفادة الناس بوجود هزيمة عسكرية .
ثانياً : رغبة عبد الناصر فى التنحى وترك المعركة لغيره ويعلن تحمله شخصياً المسئولية فهذه أثرت فى الجمهور تأثيراً كبيراً عكس ذلك أن الجمهور حينما يعلم بالنكسة فإنه يحمل النظام المسئولية والحقيقة حدث العكس فالجماهير احتشدت فى الشوارع وباتت يومين حتى أعلن عبد الناصر قبوله تحمل المسئولية مرة أخرى .
كان لابد لأجهزة الإعلام ومنها التليفزيون توظيف جهوده لخدمة الهدف المرتقب لهذه الفترة وهو التجهيز للمعركة ورفع الروح المعنوية لدى الشعب المصرى فتابع التليفزيون حرب الاستنزاف عن كسب وتوالت الأخبار المصورة من انفجار المدمرة إيلات والجولات الميدانية للرئيس عبد الناصر فى أرض المعركة ثم جنازة الشهيد عبد المنعم رياض والتى حضرها الرئيس ونقلها التليفزيون كرمز للتضحية من أجل المعركة .
وجاءت لحظة نقل جنازة الرئيس عبد الناصر على الهواء قاسية على وجدان الشعب المصرى حيث نزلت كاميرات التليفزيون الى الشارع وسط زحام لامثيل له لنقل وقائع جنازة غير عادية ومهما تم وصفها والكلام عنها لايكون مثل ما رأى المشاهد وقائعها بعينيه حيث يرى زحام الناس وهم فوق أعمدة النور وفى الشوارع والبلكونات وهم يبكون فمهما تكلمنا من وصف وبلاغة فليس هناك بلاغة مثل بلاغة الصورة وبلاغة الخدث الحى فالتليفزيون لديه خاصية ليس لدى وسيلة إعلامية أخرى وهى أنه يعيشنا الحدث وهو حى .
فى هذه الفترة يعد التقييم الإخبارى للتليفزيون شيئاً معقداً للغاية وذلك فى ظل قلة الامكانيات وندرة القدرات والأحداث السياسية والاجتماعية المتلاحقة فكان التليفزيون يعتمد الى حد كبير على وكالات الأنباء الفيلمية والوكالات العالمية التى كانت تنقل الأخبار من مختلف أنحاء العالم ثم يعاد تقديم هذه الأخبار بعد إجراء خطوات المونتاج الخاصة بها
توارد الأخبار التليفزيونية فى المجتمع المصرى وفى المؤسسات المصرية كان محدود للغاية لأن الامكانيات التكنولوجية التى كانت موجودة فى هذا الوقت كانت قليلة ومحدودة أيضا عملية النقل من مواقع الأحداث لم تكن تطورت بالشكل الذى نعرفه الآن فعلى سبيل المثال أن سيارات النقل الخارجى كانت كبيرة جدا فى حجمها وكانت تحتاج الى نوع من الإعداد المسبق قبل نقل حدث ما هذا الإعداد كان يتجاوز ثلاثة أو أربعة أيام على الأقل حتى يمكن نقل الاحتفال أو الاجتماع أو مؤتمر من المؤتمرات .
نما التليفزيون المصرى بسرعة لوجود كوادر جيدة من المذيعين والمذيعات الذين أحبهم الناس لأنهم كانوا على درجة عالية من الثقة والثقافة والذكاء أمثال أمانى ناشد وسلوى حجازى وليلى رستم واستطاعت هذه الكوادر أن تقود المسيرة الإعلامية الى النضوج رغم قلة الامكانات التقنية .
وكان " عم رفاعى " وهو من عاملى الخدمات المعاونة بالتليفزيون شخصية هامة فى مجال العمل الإخبارى بالتليفزيون المصرى منذ نشأته وقد كان يقوم يومياً بتسليم طرد مهم من مطار القاهرة الى التليفزيون لم يكن هذا الطرد سوى عدد من شرائط أفلام سينمائية تحمل لقطات لأبرز الأحداث التى مر بها العالم خلال اليومين الماضيين على أكثر تحديدا .
وبالطبع لم يكن التليفزيون المصرى بإمكانياته المحدودة يسعى وراء السبق أو المنافسة أو تغطية مساحة أكبر من الأحداث العالمية وإن كان قد شهد فيما بعد توسعات كبرى فى دوائر اهتماماته خاصة فيما يتعلق بدول المعسكر الشرقى والاتحاد السوفيتى حليف مصر وقت ذاك .
واستفاد التليفزيون منذ نشأته بالعديد من نجوم الفن الإذاعى وقتذاك وخاصة فى مجال العمل الإخبارى أمثال : صلاح زكى وهو أول إعلامى إذاعى يقرأ نشرة الأخبار فى اليوم الأول من بدء الإرسال بالتليفزيون وامانى ناشد وليلى رستم وسلوى حجازى وجلال معوض وكانوا من أبرز النجوم فى تلك المرحلة كما استعان التليفزيون بخبرات الصحافة فى التحرير والصياغة وأسلوب العرض وإن كان قد تحول فى فترة لاحقة الى أهم منافس للصحافة فى مجال صناعة الأخبار ( كانت هذه أهم سمات التعامل مع الخبر خلال أول عشرة سنوات من حياة التليفزيون المصرى ) .
وكان حرب أكتوبر 1973 نقطة تحول فى تاريخ مصر وكذلك فى صناعة الأخبار فقد اكتسب الإعلام المصرى المصداقية كبيرة بعد ذلك عمل على ألا يضيعها . ولم تكن حرب أكتوبر فقط هى أهم حدث فى هذه الفترة فهناك أحداث كثيرة شهدتها هذه المرحلة وكان الإعلام الإخبارى فيها له خدمة متميزة ومتفاعلة مع مصر.
الخدمة الإخبارية فى التليفزيون المصرى فى الفترة من 1970 - 1980 :
ارتبطت بداية فترة السبعينيات بولاية رئاسية جديدة للرئيس الراحل محمد أنور السادات وتواكب ذلك مع انتشار التليفزيون بشكل واسع فى المجتمع المصرى وقدم هذا الانتشار رفع الرسوم التى كانت تفرض عليه ولأن الإعلام يعكس السياسة ويصنعها فقد ارتبطت التغطية الإخبارية للتليفزيون بالوضع السياسي فمصر فى بداية ولاية جديدة تكتنفها تقلبات فى البنية الداخلية وكانت القضية الرئيسية لكل أفراد الشعب آنذاك .
وبدأت معدلات انتشار التليفزيون فى المجتمع المصرى تزداد بحكم ارتفاع مستوى المعيشة نسبياً والتغطية الأعلى والأوسع لمجتمعات كبيرة من المجتمع المصرى وهى الكهرباء بدأ التليفزيون يظهر كوسيلة إعلامية رئيسية فى مصر فى السبعينيات وهذا واكب عدد من التحولات فى المجتمع المصرى وتولى الرئيس السادات الحكم فى أوائل السبعينيات وهذا سبب رئيسى من أسباب زيادة أهمية التليفزيون.
تولى السادات الحكم ومصر تواجه قضيتين أساسيتين هما قضية سيناء المحتلة وكنا مازلنا نعانى تداعيات نكسة 1967 على الصعيد الداخلى كان هناك انقسام بحكم الغياب المفاجىء للرئيس جمال عبد الناصر فى تلك الفترة ثم انقسام نسبى فى الجبهة الداخلية وشيوع روح الانهزامية فبدأ الرئيس السادات يوجه اهتمامه نحو استخدام التليفزيون لتحقيق التماسك الداخلى فى الجبهة المصرية واستخدم التليفزيون بعد ذلك ببراعة فى تغطية أحداث حرب 1973 .
وتم العبور العظيم مسبوق باجواء اتسمت بسرية كاملة نتيجة حرص القيادة العسكرية على عنصر مفاجأة العدو . وإذا كانت أجهزة الإعلام قد عاونت فى أجواء السرية والتكتم قبل الهجوم فقد تميزت التغطية الإخبارية للأحداث بعد العبور بقدر كبير من المصداقية ونقلت عدسات التليفزيون خطاب النصر فى مجلس الشعب لتشاهده جموع الشعب وتشارك فى هذه اللحظة المجيدة . ( د . حمدى حسن : 2002 ) .
لو نظرنا الى المعالجة الإعلامية فى عام 1967 والمعالجة الإعلامية فى عام 1973 لنجد فارقاً كبيراً حيث كان مفهوم الإعلام فى 1967 يقوم على الدعاية التى لا تهتم بقول الحقيقة وإنما تريد شحن الرأى العام فقط وتتصور أنها تستطيع تعبئة الرأى العام بما تريد ولا تعرف أن هناك قنوات إعلامية أخرى يمكن أن يلجأ اليها الناس ولذلك كان الشعب المصرى يبحث عن الإذاعات الأجنبية لمعرفة حقيقة الأحداث الجارية فى مصر .
وفى عام 1973 حدث العكس أول بيان عسكرى عن الحرب استمع المصريون الى الإذاعات الأجنبية والى الإذاعة المصرية فوجدوا أن الإذاعة المصرية أسبق وأصدق فرجعوا مرة أخرى الى الإذاعة المصرية يستمعوا اليها ويعرفوا منها حقيقة الأحداث الجارية على أرض المعركة ومن هذه اللحظة اكتسب الإعلام المصرى المصداقية حيث بدأ يقول الحقيقة كاملة فمثلا لما حدثت الثغرة أثناء حرب أكتوبر لم يعتم التليفزيون عليها بل أذاع هذه الحقيقة .( رجب البنا : 2002 ) .
وبعد انتهاء الحرب اتجهت كل الجهود لترميم آثارها وكانت هناك جهود متميزة لرجال الأخبار تتلاحق لتسجيل ما يحدث ففى الخامس من يونيو 1975 افتتح الرئيس السادات قناة السويس مرة أخرى واتخذ شكل التغطية طابعاً يتناسب مع ما يمثله الحدث الكبير من أهمية على صعيد جنى ثمار السلام .
وتوالت التغطيات الإخبارية للافتتاحيات التى قام بها الرئيس السادات الذى كان مقدرا لدور العمل الإخبارى التليفزيونى الى حد بعيد فانفرد التليفزيون بتسجيل عدة حوارات مع الرئيس منها ذلك الحوار الذى أجرته الإعلامية همت مصطفى بمناسبة عيد ميلاده فى قريته ميت أبو الكوم عام 1975 بالإضافة الى لقاءاته مع الشباب وهو يجلس معهم مرتديا الجلباب ويتحدث معهم على اعتبار أنه يعطيهم خلاصة تجربته ولقاءاته مع طوائف الشعب المختلفة كالمحامين والأطباء والصحفيين والمهندسين .
هذه الفترة استطاع التليفزيون أن يجعل الشعب يعايش أحداثها يوم بيوم ولحظة بلحظة وهذا نوع من المشاركة والتربية السياسية للشعب حيث أن الشعب يرى بعينيه ويحكم بنفسه ويكون فكرته هو بنفسه وهذا أمر مهم جداً فى بناء الديمقراطية ولاشك أن للتليفزيون دور مهم فى تنمية الديمقراطية فى مصر والعالم العربى . ( رجب البنا : 2002 ) .
وعندما قال الرئيس السادات فى خطابه أمام مجلس الشعب عام 1977 : أنا مستعد للذهاب الى أسرائيل من أجل السلام تلقفت وكالات الأنباء العالمية هذا النبأ ليرسم السادات خطاً حاسماً على صفحة السياسة المصرية وراحت كاميرات الأخبار تلاحق التطورات وتنقلها للشعب أولا بأول .
وفى أثناء زيارة الرئيس السادات لإسرائيل يوم 19 نوفمبر 1977 قدم التليفزيون متابعة حية لاستقرار الرئيس وسط لفيف من رجال الدولة فى اسرائيل وصوت المذيع المصرى حلمى البلك ينقل الأحداث لحظة بلحظة ثم خطاب السادات فى الكنيست الإسرائيلى .
وأصبح التليفزيون يؤدى دوراً دبلوماسياً ويصل بين دول ليس بينها علاقات دبلوماسية وأوضح مثال فى أدبيات دراسات الإعلام هى زيارة السادات للقدس التى جاءت بعد خطابه أمام مجلس الشعب والذى أشار فيه ضمنا أنه يبذل الجهد ليجنب المصريين ويلات الحرب هذه رسالة نقلت الى دوائر صنع القرار والدوائر السياسية والدبلوماسية فى مجتمعات أخرى عبر التليفزيون التقطت هذه الرسالة وقام التليفزيون الأمريكى باستكمال الدور حينما أجرى مقابلة مع الرئيس السادات وسأله ان كان لديه استعداد لزيارة اسرائيل من أجل انهاء الحرب بين مصر واسرائيل فوافق ثم اتصل التليفزيون الأمريكى بمناحم بيجين رئيس وزراء اسرائيل وسأله فوجه الدعوة للسادات لزيارة اسرائيل وهكذا كان التليفزيون وسيلة من وسائل الاتصال الدبلوماسىبين دول ليس بينها علاقات دبلوماسية أصلا . ( د . حمدى حسن : 2002 ) .
ولما نزل السادات من على سلم الطائرة فى مطار القدس فى نوفمبر عام 1977 فى أول زيارة لمسئول مصرى لإسرائيل ركزت كاميرات التليفزيون على وجه الرئيس السادات تماما وظهرت لمعة خاصة فى عين السادات كانت لمعة البطل التاريخى الذى يفتح باباً جديداً للمنطقة العربية فى السلام العادل والدائم والشامل ( د . نازلى معوض : 2002 ) .
وبالرغم من اغتيال الرئيس السادات فى أكتوبر عام 1981 إلا أنه ينتمى الى فترة السبعينيات فهو نهاية درامية لسلسلة التغطية الإخبارية الكبيرة لهذه الفترة وتفرد هذا الحدث فى تاريخ مصر جعل من المعالجة الخبرية للحدث شيئاً عسيراً
ويرى المعنيون بالإعلام أن فترة السبعينيات تعتبر فى تاريخ التغطية الإخبارية التليفزيونية فترة مضيئة حيث :
تأصل فيها مبدأ المصداقية وانتشار أجهزة التليفزيون فى البيت المصرى مما أعطاه - كوسيلة إخبارية - ثقلاً خاصاً بين وسائل الإعلام المختلفة .
أصبح الشعب المصرى مدعوا لحضور كل المناسبات القومية وهذه فكرة جديدة أى أنه كان فى الماضى أن الذى يحضر الأحداث المهمة هو الذى توجه اليه تذكرة الحضور اما اليوم فالدعوة موجهة الى كل جموع الشعب المصرى بمجرد ضغط أى فرد على زر التليفزيون يستطيع أن يحضر كل الأحداث المهمة ( رجب البنا : 2002 ) .
شهدت فترة السبعينيات تطوراً فى المجال الإخبارى خاصة فى مجال الامكانيات والحريات العامة لأن تقديم أى خدمة إخبارية يتطلب مساحة أكبر من الحرية وإمكانيات تكنولوجية متطورة فتم إنشاء كليات للإعلام لتخريج كوادر متخصصة فى مجال العمل التليفزيونى والإذاعى أخذت حظها من خلال خدمات الإذاعة وطورت معاهد الإعلام وأقسام الإعلام برامجها التعليمية بما يتوافق واحتياجات السوق الإعلامية . ( د . سامى الشريف : 2002 ) .
أسهمت التطورات التقنية والمهنية التى طرأت على العمل التليفزيونى وخاصة العمل الإخبارى خلال فترة السبعينيات فى إحداث طفرة كبيرة فى شكل نشرة الأخبار على الشاشة الصغيرة فقد أدى صغر حجم الكاميرات التليفزيونية وتطور أساليب الإذاعة الخارجية الى زيادة مساحة البث الإخبارى وتطور المواد الإخبارية المقدمة عبر شاشة التليفزيون بمجرد نشرات أخبار الى برامج حوارية ولقاءات مفتوحة عبر الهواء .
زادت حرفية الكوادر الإعلامية العاملة فى مجال الأخبار خلال فترة السبعينيات حيث صقلتهم الأحداث الداخلية والخارجية المتعاقبة وازدادت قدراتهم الفنية على مستوى التحرير والتقديم ولمعت أسماء خلال تقديمهم لنشرات الأخبار منهم أحمد سمير وهمت مصطفى وعبد الوهاب عطا وزينب الحكيم .
كان اهتمام القيادة السياسية بالظهور المكثف على شاشة التليفزيون خلال فترة السبعينيات بمثابة إشارة واضحة على أهمية هذه الوسيلة الإعلامية فى إحداث التواصل بين القيادة والجماهير .
ومع التطور التكنولوجي الهائل فى مجال صناعة الأجهزة التليفزيونية ومعدات التصوير والإرسال كانت نهاية لمعاناة العاملين بالأخبار ولو أن دخول هذه الأجهزة فى الخدمة كان بشكل متواضع تزامن مع ظهور التليفزيون الملون فكانت البداية عدد 2 كاميرا فيديو كاسيت eng استخدمت الكاميرات فى تغطية أخبار رئيس الجمهورية فكانت بالألوان وباقى النشرة أبيض وأسود وظل الحال هكذا إلي أن دخل التليفزيون الملون بالكامل في آواخر السبعينيات وجلب معه الابهار للمشاهد المصري فى كل مكان .
وكان استخدام وسائل الإيضاح ضعيفاً فلم تستخدم فيها سوي بعض الخرائط والرسوم البيانية الصماء وأمام اندفاع التطور العالمي الهائل فى مجال الخدمة الإخبارية فى كافة القنوات الفضائية كان لابد من اللحاق بركب التطور الذي بات يسابق الزمن حتى أصبح الفارق الزمني بين أى جديد وأخر لا يتجاوز العام الواحد وأصبح لزاماً على المهتمين بالتطوير الإعلامي متابعة الاطلاع على كل جديد بصفة دورية سنوية . ( د . محمد معوض : 1993 ) .
ولم يقتصر التليفزيون المصرى فى تغطيته الإخبارية على الأحداث السياسية بل عايش أفراح المصريين وهمومهم على حد سواء فقد شهدت هذه الفترة وفاة علمين من أعلام الفن ليس فى مصر فقط بل فى العالم العربى حيث قام التليفزيون بنقل جنازة كوكب الشرق أم كلثوم فى فبراير عام 1975 على الهواء مباشرة كتعبير عما يمثله رمز أم كلثوم فى وجدان المصريين .
وقد تابعت كاميرات التليفزيون أيضاً حفلات وأغانى الفنان عبد الحليم حافظ وودعته الى مثواه الأخير فى 30 مارس 1977 .
الخدمة الإخبارية فى التليفزيون المصرى فى الفترة 1980 - 1990 :
نقلت كاميرات التليفزيون على الهواء من مجلس الشعب أداء اليمين الدستورية لرئيس مصر الجديد محمد حسنى مبارك الذى اتخذ قراراً جريئاً وهو الأفراج عن كل القادة والزعماء والمفكرين الذين اعتقلهم الرئيس السادات واستقبلهم فى القصر الجمهورى وكان هذا إعلاناً مدوياً بأن هناك مرحلة جديدة قد بدأت وقد نقلت كاميرات التليفزيون هذا مشهد استقبال الرئيس مبارك رموز مصر وهى خارجةمن المعتقل ويجلس معهم ويستمع اليهم ويعطيهم ما يستحقون من التقدير ( رجب البنا : 2002 ) .
ولم يغب عن أذهان رجال السياسة والإعلام أنه هناك أرضا فى سيناء مازالت مغتصبة وهى أرض طابا التى تم احالتها الى التحكيم الدولى وقام التليفزيون بتسجيل جلسات هذا التحكيم والتى انتهت برفع الرئيس مبارك علم مصر على آخر قطعة تم تحريرها وكانت كاميرات التليفزيون هناك تنقل هذا المشهد الى الشعب المصرى .
وخلال فترة الثمانينيات تطور الإعلام المصرى وتطورت الخدمة الإخبارية بما استحدثه اتحاد الإذاعة والتليفزيون باستخدام تقنيات جديدة فى البث التليفزيونى وهذا شهد انتعاشة كبيرة جدا فى صياغة الأخبار وتغطيتها لكل الاهتمامات . ( د . سامى الشريف : 2002 ) .
وأهمية الحدث لدى قطاعات كبيرة من المجتمع هو المعيار الذى يحتكم اليه العاملون فى الأخبار سواء كان حدثاً سياسياً أو اقتصادياً أو رياضياً لذلك كان طبيعياً أن يحظى صعود فريق مصر القومى لكرة القدم فى كأس العالم عام 1990 بعد فوزه على فريق الجزائر 1 / صفر بأهمية خاصة من التغطية التليفزيونية ومتابعة أخباره حتى عودته الى مصر . كما حظى أيضاً الأديب نجيب محفوظ بأهمية من التغطية التليفزيونية بعد فوزة بجائزة نوبل فى مجال الأدب عام 1988 ولأول مرة يفوز مصرى بهذه الجائزة العالمية وقام التليفزيون بنقل حفل توزيع الجوائز على الهواء مباشرة من السويد واستلام ابنتى نجيب محفوظ الجائزة نيابة عن والدهما بسبب مرضه .
وقد واكب الإعلام المصرى هذه الأحداث وحاول أن يكون له تواجد داخل مصر وخارجها وتم استئجار إحدى قنوات القمر الصناعى العربى عربسات الذى أطلق عام 1985 ولم يستفد به فى نقل الأخبار السياسية بشكل من الأشكال وإنما كان استخدام هذا القمر قاصراً على نقل ومتابعة بعض المباريات الرياضية التى لا يختلف بشأنها العرب . ( د . حسن عماد مكاوى : 2002 ) .
وتنتهى فترة الثمانينيات بحدث سياسي خطير وهو غزو العراق للكويت الذى تبارت جميع القنوات العربية والعالمية فى نقل تطوراته مثل أحداث المعارك التى تمت على أرض الكويت كانت تنقل على الهواء أولا بأول واتخذت التغطيات الإخبارية على شاشة التليفزيون المصرى طابعاً جديداً واكب تطور الخدمة الإخبارية عالمياً وأفرد التليفزيون مساحات واسعة للتحليل والتعقيب والنقل المباشر الفورى للأحداث . وأصبح المشاهدون ولأول مرة يشاركون فى الحرب من خلال مشاهتهم للطائرات وهى ترمى بذخيرتها على المواقع العراقية لتدميرها وأصبحت الحروب بعد حرب تحرير الكويت التى لم يسبق لها مثيل فى تاريخ البشرية حروباً تليفزيونية يعيشها المشاهدون .
وكان لحرب تحرير الكويت تأثير كبير فى نقل فكرة ما هو الخبر وما هو الإعلام بصفة عامة لأنها الحرب الأولى فى التاريخ التى تنقل على الهواء مباشرة وأصبحت المادة الإخبارية مادة أساسية نظراً لكبر وضخامة الحدث نفسه حيث بدأت الدول الأوروبية فى إنشاء قناة اليورونيوز و11 قناة إخبارية أخرى لمنافسة قناة السى إن إن الإخبارية الأمريكية ولأهمية الخدمة الإخبارية التى لم تعد المادة الثقيلة المنفرة ولكنها بدأت مادة محبوبة يدفع المشاهدون اشتراكات فى القنوات من أجل متابعتها وبعد أن حققت القنوات الإخبارية الأمريكية والأوروبية أرباحاً بدأت العديد من الدول فى إنشاء قنوات إخبارية متخصصة مثل مصر حيث أنشئت قناة النيل للأخبار حيث وجدت أنه من الممكن تسويق الأخبار كمادة يقبل عليها الناس ويشتروا أفلام هذه الأخبار شريطة أن يكون هناك واقع إخبارى جيد ونظرة جديدة مواكبة للأحداث وتنقل الخبر من موقع الحدث ووجهات نظر متعددة د . سامى الشريف : 2002 ) .
شهدت سنوات الثمانينات بداية انطلاق الإعلام المصرى الى العالمية حيث :
اشتراك مصر فى القمر الصناعى العربى عربسات الذى أطلق عام 1985 أدى الى توفير المجال الأوسع للبث إرسالاً واستقبالاً مما مكن التليفزيون المصرى من نقل الأحداث الداخلية الى كافة دول العالم .
وجود كوادر إعلامية متدربة على كيفية التعامل مع الأحداث المهمة ونقلها وتصويرها فور وقوعها مباشرة .
التطورات التكنولوجية الحديثة فى صناعة الإعلام عمقت من أهمية الوظيفة الإخبارية لوسائل الإعلام فى المجتمعات المعاصرة ولذلك لم يعد هناك مجتمع يستطيع أن يعيش بدون أخبار بل أنه لدينا المعايير لقياس التحضر فى المجتمع وهو معدلات استهلاك الأخبار لدى الناس فكلما زاد معدل استهلاك الأخبار كان ذلك مؤشراً لنمو الوعى السياسي ومستوى التحضر الذى وصل اليه مجتمع من المجتمعات .
تابع التليفزيون توسعاته خلال توصيل برامج القناتين الرئيسيتين الأولى والثانية الى منطقة القناة عن طريق مد شبكة ميكروييف كما أقيمت سلسلة من محطات تقوية الارسال التليفزيونى من القاهرة وحتى أسوان لتغطية أنحاء الجمهورية بالبث التليفزيونى الواضح .
يتوسع التليفزيون المصرى بعرض الأخبار العالمية المصورة بشكل كبير نتيجة اشتراك مصر فى اتحاد إذاعات الدول العربية وبدء استقبال إرسال القمر الصناعى العربى وبرزت أسماء فى قراءة نشرة الأخبار على شاشة التليفزيون مثل محمود سلطان ودرية شرف الدين وسمير التونى وزينب سويدان وحلمى البلك خلال فترة الثمانينات وكان موعدالسادسة والتاسعة مساء كل يوم موعدا مقدساً لدى المشاهد المصرى لمتابعة أخبار مصر والعالم من خلال نجوم العمل الإخبارى الذين تخلصوا شيئاً فشيئاً من هيمنة الأساليب الإذاعية والصحفية على أداء مهنة العمل الإخبارى التليفزيونى .
الخدمة الإخبارية فى التليفزيون المصرى فى الفترة 1990 – 2000 :
القرية الكونية الصغيرة تلك هى أبرز ما يميز فترة التسعينيات وكانت حرب الخليج الثانية عام 1990 نقطة تحول أخرى فى التاريخ الإعلامى التليفزيونى المصرى كما استكمل الإعلام المصرى منظومة السيادة عبر إنشاء سلسلة القنوات التليفزيونية الإقليمية بدءاً من القناة الخامسة التى تقدم خدماتها الى مشاهدى الأسكندرية والتى بدأت فى أكتوبر عام 1990 وانتهاء بالقناة الثامنة فى جنوب الوادى ثم كانت النقلة الكبرى بانطلاق القمر الصناعى المصرى نايل سات 101 وأصبحت سمات العصر الأساسية هى السرعة والتجديد وملاحقة الأحداث .
كما تميزت فترة التسعينيات بالتطور التكنولوجى والتقنى العالمى فى وسائل الإعلام وكان للتليفزيون نصيب الأسد فيها مما ساعد على نقل الأحداث بسرعة وفاعلية ( د . حمدى حسن : 2002 ) .
ولم تكد تمر أزمة حرب الخليج الثانية التى مثلت نوعاً من التحدى والمنافسة على مستوى الإعلام المصرى حتى برز تحدى آخر للإعلام الإخبارى المصرى على المستوى المحلى وهو زلزال أكتوبر عام 1992 الذى روع الجميع وكان فرصة جديدة للإعلام التليفزيونى واختباراً جديداً لقدراته على النقل الحى ورصد توابع هذا الحدث .حيث نزلت كاميرات التليفزيون الى الشارع ورصدت لحظة بلحظة كل شىء كما رصد انهيار عمارة مصر الجديدة واسخراج الضحايا من تحت الأنقاض أى أن التليفزيون يستطيع فى وقت الكوارث الطبيعية والأحداث أن ينقل الحقائق كاملة وبسرعة وهنا يمكن القول أن التليفزيون وصل الى مرحلة من النضج وقد بلغ سن الرشد ( رجب البنا : 2002 ) .
وتابع التليفزيون قضية أخرى على المستوى المحلى وهى حوادث الارهاب التى طفت على سطح المجتمع فى فترة ما منذ بداية التسعينيات فالعمليات الارهابية التى روعت مصر كانت دخيلة على المجتمع المصرى الا أنها استنفرت دوراً فكرياً كبيراً يقوم به التليفزيون فى خلق حالة من الوعى للظاهرة الخطيرة وسبل علاجها والى جانب ذلك احاطة المشاهد فى معرفة ما يحدث . . كان هناك دوراً فعالاً للتصدى للظاهرة من خلال بعض البرامج التى قدمت وعملت على ربط المشاهد بهذه الأحداث .
وفى إطار الحديث عن الارهاب لا ننسى المعالجة الإخبارية للتليفزيون المصرى لمحاولة الاغتيال الفاشلة التى تعرض لها الرئيس مبارك فى عام 1995 فى العاصمة الأثيوبية أديس أبابا .
تخطت التغطية الحدود الجغرافية وقدمت تحليلاً وافياً لمحاولة الاغتيال وتتابعت هذه التغطية حتى تأكد للجمهور من خلال شاشات التليفزيون من سلامة الرئيس مبارك واستطاع التليفزيون المصرى أن يذيع نبأ الحادث قبل أى إذاعة أو تليفزيون فى العالم رغم أن الحادث كان خارج الأراضى المصرية وكانت كل تليفزيونات العالم هناك إلا أن التليفزيون المصرى استطاع ان يحقق سبقاً فى ذلك ( رجب البنا : 2002 ) .
اهتم التليفزيون المصرى خلال هذه الفترة أيضاً بمتابعة عدد من المشروعات القومية الضخمة التى نفذتها الحكومة من أجل إعادة توزيع المواطن المصرى داخل الجمهورية من خلال انشاء وادى ودلتا جديدة لنهر النيل وتابعت الجماهير مشروعات توشكى وترعة السلام بشرق العوينات .
وعلى المستوى التقنى شاهد التليفزيون عدة تطورات حيث أصبحت سيارات الإذاعات الخارجية صغيرة الحجم وسرعتها اكبر واستخدام كاميرات رقمية يستطيع شخص واحد أن يتحكم فيها وأن يشغلها تحت مستوى إضاءة قليل للغاية يصل الى حوالى خمس شمعات فقط أى أن امكانيات التصوير أصبحت أعلى بكثير عما كان فى الماضى والقدرة على نقل الأحداث من مواقعها أصبحت أسهل وأيسر بالإضافة الى أن استخدام خطوط الميكروويف فى عملية النقل أو البث التليفزيونى أصبحت شائعة ليست فقط فى داخل الدولة وإنما يمكن النقل الى دول أخرى باستخدام تكنولوجيا الأقمار الصناعية التى حققت طفرة كبيرة فى عملية تطوير الخبر التليفزيونى وامكانية تحقيق القرية الكونية الواحدة ( د . حسن عماد مكاوى : 2002 ) .
وتوالت الافتتاحيات التى تثرى العمل الإعلامى وتزوده بامكانيات جديدة وذلك بدءاً من افتتاح الرئيس مبارك لاستديوهات مدينة الإنتاج الإعلامى مروراً بتوقيعه على وثيقة تصنيع القمر الصناعى المصرى نايل سات ثم لحظات اطلاق القمر التى نقلها التليفزيون على الهواء مباشرة ثم افتتاح الرئيس لقنوات النيل المتخصصة التى كان من بينها قناة النيل للأخبار والتى تواكب ظهورها مع مشارف القرن الحادى والعشرين لتكون بداية قوية لعصر ملىء بالتحديات والتجديد فى نقل الأخبار القائم على التخصص ( نشرات – حوارات – برامج – ندوات – تقارير المراسلين – أفلام تسجيلية ووثائقية – نشرات ومتابعات إخبارية لأهم الأحداث على مدار الساعة ) ، بالإضافة الى نشرات متخصصة فى الاقتصاد والرياضة ومتابعة حية ودقيقة لأهم الأحداث العالمية من مواقعها من خلال شبكة مراسلين فى عواصم العالم .
ومع دخول القرن الحادي والعشرين كان لابد من العمل بشكل مكثف وعاجل لتحديث الأجهزة التليفزيونية وتقديم خدمة متميزة فى مجال الأخبار ومع بداية الثمانينيات بدأت ملامح التطور تنعكس على الأداء الإعلامي بشكل واضح وكان ذلك على النحو التالي :
انفرجت أزمة الكاميرات مع التوسع الهائل فى التغطية الإخبارية للأحداث المحلية والعالمية فتم توفير ما يقرب من 15 كاميرا للأخبار وحدها يضاف إليها الكاميرات العاملة فى التليفزيون فى الأحداث الهامة والتى تحتاج إلي تغطية واسعة عبر جميع المحافظات كما هو الحال فى الاستفتاء لاختيار رئيس الجمهورية وغيرها من الاستفتاءات التي تحتاجها الدولة وفى انتخابات مجلسي الشعب والشوري والمجالس المحلية .
جري التوسع فى استخدام سيارات الإذاعة الخارجية لنقل الاحتفالات والأحداث الهامة على الهواء مباشرة لتحقيق الفورية فى التغطية الإخبارية .
بدأ التوسع فى استخدام الأقمار الصناعية فى إطار التغطية الإعلامية الفورية العالمية وكان ذلك يتم لنقل زيارات رئيس الجمهورية لمختلف بلدان العالم ثم فى الأحداث الهامة التى تحقق للمواطن المصرى حقه فى أن يعلم وأن يعلم عنه .
تم تطوير استوديو 11 الاستوديو الرئيسي للأخبار بتزويده بأحدث الكاميرات وأجهزة استخدام وسائل الايضاح الحديثة التى أصبحت مواكبة للتطور الإعلامي العالمي وأجهزة الفيديو فونت " الجهاز الكانت " الذي يستكمل المعلومة بالكتابة الالكترونية وكذلك تم استخدام أجهزة الادثوكيو وهو الجهاز الذي تظهر على شاشته صورة للأخبار التي يقرأها مذيع النشرة للقضاء على تكرار النظر فى نسخة النشرة التى توجد بين يديه( عبد السلام النادى : 1996 )
وقد خطت أخبار التليفزيون المصرى عدة خطوات تمثلت فيما يلي :
تعدد المصادر الإخبارية : التي يعتمد عليها التليفزيون فى تغطية أخباره الداخلية والخارجية مثل المندوبين والمراسلين والمحطات والقنوات الدولية فضلاً عن الشبكات الإخبارية الدولية الناطقة بمختلف اللغات الفرنسية والإنجليزية وغيرها مما يعطي توازناً للأخبار المعروضة فى النشرة .
الاتجاه الى المحلية والعالمية معاً : فى مجال الأخبار من حيث الاهتمام بالأخبار الدولية والعربية والمحلية فى نشرات الأخبار المختلفة فضلاً عن وجود قنوات فضائية مصرية تهتم بإذاعة الأخبار ضمن خريطة إرسالها اليومية كما أصبح هناك الأخبار المحلية التى تذاع عبر القنوات الإقليمية التى تتسم أخبارها بالمحلية وتغطية أخبار المحافظات المختلفة مما يعكس اهتمام القائمين على الخدمة الإخبارية بالوصول الى كل المشاهدين المصريين سواء فى الداخل أو فى الخارج . ( د . سوزان القلينى : 1998 : 9 : 19 ) .
أنشاء شبكة ميكروويف عبر محافظات الجمهورية بحيث يمكن بث الشرائط التي
ساحة النقاش