موقع الأستاذ الدكتور محمد عبد البديع السيد جامعة بنها

يهتم بالبحوث الأكاديمية وفنون العمل الإذاعي والتليفزيوني

لا شك أن حسن اختيار الأخبار التى ستقدم فى الإذاعة يتوقف على كفاءة وسعة أفق القائمين بالاتصال وهناك معايير يطلق عليها عادة القيم الخبرية وهي العناصر التي إذا توفرت في أحد الأخبار كلما زادت فرصته فى النشر أو الإذاعة ومن الواضح أن وسائل الإعلام تركز على نوعية خاصة من الأخبار وهى الأخبار الحديثة أي تلك الأخبار التى يتحقق فيها عنصر الجدة أو الحداثة أو تلك التى تشكل ما اصطلح على تسميته بالسبق الصحفي  .

 

  وفيما يلى أهم هذه المعايير :

    الحداثة أوالحالية: إن إمكانية نقل الأحداث فور وقوعها من أهم ما يميز إذاعة كوسيلة إخبارية كما أن جمهور الإذاعة ينتظر أخباراً حديثة وحالية وعلى هذا الأساس فإن عنصر الحداثة أو الحالية من أهم العوامل التى تؤثر فى اختيار الأخبار وتفضيل خبر على آخر وقد أتاحت وكالات الأنباء والتقدم المذهل فى تكنولوجيا الاتصال إمكانيات متعاظمة للإذاعة فى توفير عنصر الحداثة والحالية فى الأخبار التى تقدمها بحيث أصبحت الإذاعة من أكفأ وسائل الإعلام فى تقديم الأحداث فور وقوعها  ولذلك نسمع فى الأخبار الإذاعية كلمة الآن واليوم وصباح اليوم وظهر اليوم ومنذ قليل وغير ذلك من التوقيتات التى تفصح عن حداثة الخبر الإذاعى .

 

والحداثة أوالحالية تختلف عن الجدة إذ تتعلق بالأحداث التى تكون مجرد حديث الناس وقد تكون وسائل الاعلام نفسها هى التى أثارت موضوعا ما وأبرزته حتى يكسب صفة الحالية . ويحدث ذلك عندما ترى إحدى هذه الوسائل أن وجها من أوجه الحياة الاجتماعية يستحق تغطية خاصة . فتقوم بتعيين أحد المحررين أو مجموعة منهم لتغطية هذا الجانب ، ثم يتحول الأمر الىحملة اعلامية تجذب بقيةوسائل الآتصال للمشاركة فيها طالما أصبح الموضوع محل اهتمام الناس .

 

    وهناك لبعض نوعيات من الأحداث قوة دفع ذاتية تجعلها محور اهتمام الجمهور لفترة من الوقت ، أنها تولد أنباء تلقائيا لاكتسابها صفة الحالية .

 والأمثلة لهذه النوعية من الأحداث متعددة سواء فى الداخل أو الخارج وهناك حالتان معروفتان بصفة خاصة للمواطن العربى ، أولهما أوراق البنتاجون ، والثانية فضيحة ووترجيت ، وكلاهما وقع فى الولايات المتحدة .

 

والحالة الثانية هى التى أدت إلى استقالة الرئيس الأمريكي نيكسون ، كما هو معروف وهي تتعلق بتجسس الحزب الجمهورى على الحزب الديمقراطى وقيامه ببث أدوات تصنت في مقر اجتماعات للحزب الأخير التى عقدت في فندق ووترجيت . وقد أنكر نيكسون معرفته بهذا الأمر ، ثم لما اتضح كذبه اضطر للاستقالة من منصبه .

المهم في هذه الحالة أن تجسس الحزبيين الأمريكيين كل على الآخر مسألة معروفة تماما لكل العاملين بوسائل الإعلام ، ولكن تصعيد الحملة بهذا الشكل الذى حدث والتطورات التى نتجت عنها مثال للحالات التى تقوم وسائل الاتصال فيها بأثارة موضوع يصبح محل اهتمام الجمهور ثم يتحول إلى شبة حملة صحيفة تنتج تلقائيا سيلآ من الأخبارالتى تتصف بالحالية.

    والمثال الذى عايشناه فى المنطقة العربية منذ وقت قريب هو موضوع انتشار المخدرات وهو موضوع مفتعل إلى حد ما لأن المشكلة قائمة فى بعض البلدان وان لم يكن بالشكل الذى صورته لنا وسائل الإعلام بالتأكيداتخذت هذه المشكلة شكل حملة إعلامية على كافة المستويات وأصبحت مشكلة الادمان هى الغول المخيف الذى يهدد أمن وسلامة المنطقة .

 وأنتج سيلا من الأفلام والمسلسلات والبرامج التى تتناول قضية الساعة هذه ، ثم خمد الموضوع فجأة كأن شيئا لم يكن . هذا الموضوع أثارته فى الأصل وسائل الاعلام واكسب صفة الحالية بمعنى أنه أصبح مثار الاهتمام ، وصار كل ما يتعلق به خبرا يجد طريقة للنشر .

القرب :    ليس المقصود به القرب الجغرافي فقط ولكنه يمتد إلى القرب السيكولوجي أو العاطفى فالمعروف أن الأفراد يهتمون بالدائرة المباشرة المحيطة بهم وأنه كلما كانت الأخبار تعبر عن أحداث وقعت فى مكان قريب من المستمع زاد اهتمامه بها فبالتأكيد سيثير ذعرك حادث السرقة الذى وقع فى الشقة الملاصقة لك، وستثير اهتمامك السرقة التى  وقعت في نفس الشارع الذى تسكن به، وقد تلفت نظرك إذا وقعت في منطقة أخرى من نفس الحى الذى تقيم به.

 

أما إذا وقعت في مدينه أخري، فالأغلب أنك لن تعيرها أي اهتمام. ولهذا نجد أن نشرات الأخبار تبدأ باستمرار الأخبار المحلية قبل الخارجية، وهي طريقة جيدة للاستحواذ علي انتباه الجمهور، علي أن تتوافر فيها شروط أخرى. هذا القرب الجغرافى يمكن أن نطبقه على مستويات متعددة فسكان المنطقة العربية سيهتمون بالضرورة بأخبار المنطقة قبل المناطق الأخرى ، وسكان افريقيا بأخبار القارة قبل القارات الأخرى ، إلى آخره .

 

أما القرب العاطفى فلا يتعلق بمنطقة دون غيرها . فنحن كمسلمين يهمنا بالتأكيد المعاناة التى يتلقاها إخواننا فى الدين فى جبال أفغانستان أو أحراش الفلبين، بالرغم من بعد الشقة بيننا وبينهم . والقرب العاطفى بدوره يمكن تطبيقه على مستويات مختلفة كما هو الحال بالنسبة للقرب الجغرافى. وقد تتغلب عوامل أخرى على عنصر القرب الجغرافى أو العاطفى ،ونعنى بذلك خاصة الروابط الاقتصادية . فزيادة أسعار النفط فى بورصات العالم البعيدة سوف تستأثر بالتأكيد على انتباه أبناء الدول المنتجة للبترول ، بالرغم من بعد المسافة وانتفاء العلاقات العاطفية .

 

وبالتالى يتعين على الإذاعة أن تعطى الاهتمام الأكبر للأخبار الداخلية غير أن هناك رأياً مخالفاً لهذا الرأى إذ يرى أن الإذاعة يجب أن تقدم الخبر المهم والمؤثر فى حياة الجماهير بصرف النظر عن مكان وقوع الحدث الذى يتضمنه هذا الخبر أياً كان الأمر فإن على الإذاعة أن تنتقى أخبارها من المصادر المختلفة بحيث يتوافر عنصر التوازن فى الأبعاد الجغرافية المختلفة فى الأخبار المقدمة سواء كانت داخلية أو خارجية .

 

      الإثارة : يقصد بها أن يتضمن الخبر أفكاراً باحتمالات تؤثر فى الفرد سواء كان مجال هذا التأثير حياة الفرد نفسه أو حياة الآخرين فبقدر ما يوحي الخبر للناس من احتمالات وأفكار وما يثيره من اهتمام فى نفوسهم تكون أهميته ومثال ذلك :

·   الأخبار الخاصة بالطاقة الذرية والتفجيرات الذرية  

      الأخبار الخاصة بغزو الفضاء والأخبار الخاصة باكتشاف طرق جديدة لعلاج السرطان والأخبار الخاصة بعمليات زرع القلب .

 

 التأثير :  ويقصد به أنه كلما اهتمت قطاعات كبيرة من الجمهور بضمون الخبر كانت فرصته فى النشر أكبر فالخبر الذى يؤثر على سكان منطقة جغرافية قد لايهم سكان المناطق الأخرى ويعنى التأثير بشكل خاص ان معرفة الجمهور بخبر معين يجعل الأمر مختلفا لهم عما لو لم يعلموا به .

 

وتأتى أهمية تفسير النتائج المترتبة على حدث ما من أن آثار هذا الحدث قد لاتظهربشكل مباشر، أو أن الفرد العادى قد لايدرك خطورة عواقبها .فالزيادة الطفيفة فى سعر أحدى العملات الرئيسية،تعنى المزيد من الأعباء على الدول المستدينة ، وقد تعنى اضافة ضرائب جديدة أو زيادة أخرى فى الأسعار ، وكلها تنعكس عل الفرد العادى . أما نشر الخبر مجردا فانه لايعنى شيئا فى حد ذاته فى أحوال كثيرة .

 

     الضخامة : إذا توافر عنصر الضخامة فى الخبر فإن ذلك يكسبه أهمية خاصة وبالتالي يكون محل تفضيل عند اختيار الأخبار التى ستقدم فى الإذاعة والضخامة قد تكون كمية وقد تكون نوعية وتتوافر الضخامة الكمية فى الخبر إذا كان يمس أكبر عدد ممكن من الأفراد أو الأشياء وتتوافر الضخامة النوعية إذا كان الخبر يمس مرفقاً حيوياً يهم المجتمع أو يمس مشكلة من أكبر المشكلات السياسية أو الاقتصادية أو الخلقية التى تهم المجتمع ويرتبط بعنصر الضخامة ما تلجأ إليه بعض الخدمات الإذاعية من التهويل فى الأرقام التى يتضمنها الخبر وهذا يتنافى مع أخلاقيات الوظيفة الإخبارية للإذاعة .

 

     الاهتمام الإنساني : يكتسب الخبر أهمية خاصة إذا ما توافر فيه العنصر الإنساني لأن هذا العنصر يجذب اهتمام الجماهير  وهناك نوعيات من الأخبار يتوافر فيها العنصر الإنساني مثل الأخبار الخاصة بالأمور العاطفية والمشاعر والأحاسيس الإنسانية ، والأخبار ذات المضمون الاقتصادي كالأخبار الخاصة بالتموين ومواد الغذاء  .

 

     الصراع :  أي حوادث تتضمن صراعا بين أشخاص أو مؤسسات أو دول فالصراع من الأمور التى يهتم بها الناس وتثير الحماس والاهتمام فى نفوسهم ومن الأخبار التي يتوافر فيها عنصر الصراع : الأخبار الخاصة بالقتال والمعارك الحربية والمباريات الرياضية والانتخابات والأحزاب السياسية والجرائم والصراع بين الطبقات أو الجماعات .

 

وقد يكون صراعا ماديا ، ولكن الأكثر احتمالا أن يكون اختلافا بين الآراء والتاريخ الانسانى  عبارة عن صراع مستمرأن لم يكن بين أفراد أو دول ، فهو صراع مع الطبيعة أو صراع بين الخيروالشر والواقع أن معظم الأنباء تحمل فى طياتها صراعا غير منظور . فعندما تصدر وزارة الاسكان فى احدى الدول التى تعانى من مشكلة السكن، قرارا ببناء عدد من الوحدات السكنية فهو نتيجة لضغوط الأفراد الذين يعانون من المشكلة ، فى الوقت الذى تحتاج فيه الدولة إلى توجيه مواردها لعلاجها مشاكل اقتصادية أكثر الحاحا . والحروب نفسها نتيجة تراكم صراع اقتصادى أو أيديولوجى بين الدول . وينطبق نفس الأمر على جميع المسائل إذا فكرنا فيها من هذا المنظور.

 

على أن وسائل الاعلام تميل إلى التركيز على العناصر الظاهرة فقط من هذا الصراع أو الأشكال المباشرة له فى غياب أى تحليل للظروف البنائية السابقة للحدث. ويعنى ذلك ، تقديم الأحداث كما لو كانت نتيجة أفعال أفراد ، وليست محصلة للصراع الاجتماعى .

 

وتفضل نشرات التليفزيون نتيجة لاهتمامها بالسمات البصرية للوسيلة ما يسمى بمشاهد الحركة التى تؤدى   بالضرورة الى تركيز الاهتمام على الشكل المباشر للحدث وتجاهل ما يعنيه والنتائج المترتبة عليه ويذكر أحد الرؤساء السابقين لشبكة التلفزيون الأمريكية ( سى بى أس ) : أن التلفزيون وسيلة درامية  -    وأن ما ينطبق على الكل ينطبق على الجزء أيضا ، فنشرات الأخبار بدورها دراما . والواقع  أن هذا التأكيد المستمر على الصراع قد يكون له تأثيرات ضارة للغاية من ناحية خلق التوتر المستمر فى نفوس المشاهدين والاحساس بعدم الأمان ، وابراز الاختلاف دون التوافق .

 

وهذه نفس أحاسيس الكثيرين الذين أقاموا فترة فى الولايات المتحدة وتابعوا برامج التلفزيون فيها  وتعالج  نشرات التلفزيون هذه الانطباعات بشكل قد يكون مبتذلا عندما تقوم بتخصيص الفقرة الأخيرة من النشرة لحدث طريف يعيد البسمة لوجوه المشاهدين .

 

المهم فى ذلك كله أنه كلما كان الصراع ظاهرا فى أى حدث من الاحداث كلما زادت فرصته فى النشر زادت قيمته الاخبارية ولذلك تجد أخبار المظاهرات والاضطرابات والحروب مجالا خصبا فى وسائل الاعلام

 الشهرة : وقد تعنى شخصية معروفة أو مؤسسة مفتوحة على الجمهور  وقد تعنى أيضا دولة ذات وزن خاص  فالجماهير شغوفة دائماً بأخبار المشاهير وتشوقهم لأخبار هؤلاء المشاهير مثل رجال الفن والأدب والسياسة والعلوم وغير ذلك من مجالات الشهرة أياً كانت هذه المجالات ولا يقتصر اهتمام الجماهير على الأخبار الخاصة بمجال الشهرة وإنما أيضاً الحياة الشخصية لهؤلاء المشاهير .

 

      وهناك قول مأثور فى هذا المجال بأن الأسماء تصنع لأخبار،وهذا حقيقى من ناحية أن أقبال الجمهور على الأخبار التى تتناول المشاهير من الأفراد أمر منطقى لأن أحلام الفرد العادى تتركز فى الوصول إلى المكانة الشهرة التى يتمتع بها هؤلاء  ففضوله لمعرفةحركاتهم وسكناتهم ، فضول لا يشبع ولايقف عن حد والهالة التى تحيط بالمشاهير و خصوصا فى مجالات معينة كالفنون تجذب الجمهور كما يجذب الضوء الفراش تماما  .

 

   أما شهرة المؤسسات والدول فيرجع تأثيرها إلى ما قد يكون لهذه الجهات فى ذهن الجمهور من وزن سياسى واقتصادى أو غيرة قد يتوافق أو لا يتوافق مع الحقيقة وقد تكون المسألة فى أحيان كثيرة مجرد انبهارمشابه للذي تحدثه حياة وتصرفات الأفراد المشاهير وهناك مثال شائع فى الكتب الدراسية الأمريكية مؤداه انه عندما يقوم مدير بنك باختلاس مائة دولار ، فهذا خبر هام ، وأما إذا اختلس موظف بسيط مائة ألف ، فهذا أمر عادى ولا نستطيع أن نوافق على مثل هذا الإسراف في التركيز على موقع الأفرادأو مكانتهم كعنصر من عناصر القيمة الإخبارية فشهرة الفرد وحدها ليست كافية فيجب أن نسأل أنفسنا هل تستوجب أفعال أو أقوال هذا الفرد الأهتمام بسبب أهليته أو لمجرد سمعته ؟  فالملاحظ أنه عندما يصل فرد من الأفراد إلى درجة معينة من الشهرة فان وسائل الإعلام تجعل من كل كلمة مأثورة وكل تحرك يقوم به عبقرية نادرة. ويتمثل هذا فى كثير من البرامج الإذاعية بشكل خاص ، وأكثراها مدعاة للسخرية عندما يطلب من فنان التعبير عن رأيه فى مشكلة دولية معقدة أو ظاهرة اجتماعية تختلف حولها الآراء .

      الغرابة أو الطرافة : أى تلك الأحداث التى تخرج عن المألوف أو عن نطاق الخبرة اليومية للأفراد.  وتوجد الغرابة أو الطرافة فى كل خبر يتناول شيئاً أو أحداثا غير مألوف وفى الإنسان نزعة طبيعية للاهتمام بكل ما هو غير مألوف الأمر الذى يجعل الإذاعة تفضل الأخبار التى تتوافر فيها الغرابة أو الطرافة إرضاء لهذه النزعة وليس غربياً أن نجد بعض الإذاعات يقدم خبراً طريفاً فى النشرة الإخبارية كما أن هناك لإذاعات تقدم مجموعة من الأخبار الطريفة بصورة مستقلة.

     ولا يمكن تفسير شهية وسائل الاتصال لهذه النوعية من الأنباء إلا بأنها استجابة لدافع سيكولوجى لدى الكثيرين من الناس . ويمكن وصفة بأنه نوع من الملل والرغبة فى الأثارة الناتجة عن ركود وتكرار المشاهد والأحداث اليومية  وقد وصف أرسطو هذه الحالة بأنها تفريج عن الانفعال والرغبات الدنيا مكبوته لدى الأفراد  وان أوعز إلى المسرح الفضل فى تنقية نفوس المشاهدين . والمسألة اعقد من هذا بكثير ، ولكن الذى يهمنا فى هذا المجال أن وسائل الأعلام أغرقت فى هذا الاتجاه بحيث أصبحت موضعا للانتقاء الشديد. 

ولعلنا نذكر هذا التعريف السخيف للخبر بأنه إذا عض كلب شخصا فليس هذا بخبر ، ولكن عندما يقوم رجل بعض كلب ، فنحن أمام خبر ، وهو إغراق في السخف لأن وسائل الاتصال لو اقتصرت على ذلك لكان من باب أولى إغلاقها بالشمع الأحمر .

 

  وقد أردنا الغرابة كعنصر من عناصر القيمة الأخبارية بالرغم من إنه موضع خلاف وخاصة في بلدان العالم الثالث التى ترى أن الخبر يجب أن يقتصر على النواحى الإيجابية وحدها باعتبار وسائل الإعلام أدوات هامة للتنمية . ولكننا لايجب مع ذلك أن نهمل الاحتياجات السيكولوجية للأفراد و قد أشرنا اليها ، ولكن في حدود معينة بدون اسفاف وبدون ا فراط أيضا .

 

      الدقة : ويقصد بها أن يكون الخبر متضمناً جوهر الحقيقة فى الحدث فإذا وقع حادث معين وراح ضحيته عدد من الأفراد ووقعت بسببه بعض الخسائر المادية وكان هذا الحادث نتيجة أسباب معينة فإن الدقة تقتضي معرفة عدد الضحايا وحجم الخسائر بالضبط وكذلك الأسباب الحقيقية للحادث وإلا افتقد الخبر صفة الدقة ويخرج من كونه خبراً دقيقاً الى كونه خبراً مشوهاً أو دعاية سخيفة .

 

      الصدق : ويعنى أن يكون الخبر معبراً عن حدث وقع بالفعل ففي ظروف معينة تطغى الدعاية على المادة الأخبارية وتقدم أخباراً عن أحداث زائفة بمعنى أنها لم تقع كأن تقدم إذاعة معينة أخباراً عن مظاهرات دامية فى الدولة المعادية فى الوقت الذى لم تقع فيه أية مظاهرات وتقدم بعض وسائل الإعلام الأخبار الكاذبة فى إطار الحرب النفسية والدعاية لغرض سياسي أو عسكرى على نحو ما كان يحدث فى الحرب العالمية الثانية .

 

      التوقع : ويتوافر عنصر التوقع فى الأخبار التى تجعل الجمهور يتلهف على معرفة تطورات الحادثة التى يعبر عنها الخبر مثال ذلك : الأخبار الخاصة باختطاف الطائرات واحتجاز رهائن واختفاء الأفراد أو الأشياء فى ظروف غامضة مع استمرار البحث عنها والأخبار الخاصة بالأزمات التى يحتمل أن تحل بأكثر من أسلوب .

 

   يتركز اجماع الممارسين الإخباريين حول ثلاثة عناصر للقيمة الاخبارية هى الحداثة والصراع والشهرة ،باعتبارها أهم العناصر. ويشير أحد علماء الاجتماع الأمريكيين فى هذا المجال أن المجتمع ككل هو الذى يحدد ما هو هام ، وما هو ظاهر، بمعنى أننا لايجب أن نلوم الصحفيين لالتزامهم بمعايير هى من وضع المجتمع نفسه. ويدلل على ذلك بأنه فى فترة من  الفترات ، كان المجتمع الأمريكى يعتبرالسود والأقليات العرقية على هامش المجتمع ، وقد استخدم فى وصفهم تعبير خاص ، وهو أنهم كانوا غير ظاهرين أو غير منظورين ونتيجة لذلك ، فإن الأخبار التى كانت تنشر عن هذه المجموعات الاجتماعية كانت قليلة إلى حد ملفت للنظر فما لم يتورط أحد أفراد هذه المجموعات فى سلوك إجرامى ضد شخص أبيض من الطبقة الوسطى فإن أحداً لايلتفت إليهم فإذا ما  قتل شخص أسود مجموعة من السود فإن ذلك ليس مدعاة لإثارة الاهتمام ولكن بتغير سمات البناء الاجتماعى فإن سمات المحتوى الإخبارى تتغير بدورها فقد أصبح الزنوج قوة اجتماعية اليوم وبالتالى فإن أخبارهم تجد طريقها للنشر ومن النادر أن يقتصر آى خبر على عنصر واحد فقط من العناصر المذكورة ولكن  كلما زادت هذه العناصر  أصبحت فرصة الخبر أكبر فى الإذاعة والاتجاه الغالب أنه بغض النظر عن العناصر التى يحتوى عليها الخبر فإنه يجب الاهتمام بجانب هام للأخبار هو الجانب الإنسانى وسبب اهمية هذا الجانب يرجع إلى أن وسائل الإعلام قد اكتشفت أن تقديم الحقائق بشكل جاف لايجعل أفراد الجمهور يتجاوبون معها أو يفهمونها على عكس مما لو ألبست ثوباً إنسانياً .

المصدر: سعيد محمد السيد ، إنتاج الأخبار فى الراديو والتليفزيون ، الطبعة الأولى ، القاهرة ، عالم الكتب ، 1988 . صابر عبد المهيمن عبد الكريم ، مدير إدارة التحرير الأجنبى ومدير مركز الأخبار العالمية المصورة ، مقابلة فى مكتبه يوم الثلاثاء , 9 / 7 / 2002 .
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 2355 مشاهدة
نشرت فى 29 سبتمبر 2016 بواسطة abdelbadea

ساحة النقاش

الدكتور محمد عبد البديع السيد جامعة بنها

abdelbadea
أهتم بفنون الإعلام المختلفة ( الإخراج الإذاعي -سينما تسجيلية - تحرير الأخبار الإذاعية - بحوث الإذاعة والتليفزيون - التحرير الصحفي الالكتروني ) »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

21,156