طارق آل سعيفان بين عتبات الكتابة

يشتمل على العديد من الأصناف الأدبية مثل المقالات والقصص القصيرة والخواطر، كلها كتابات شخصية هادفة

 

الفجوة مع الأبناء
 
 لعل المتأمل في حياة الأبناء في المجتمعات الحديثة ، قد أصبح يلحظ مدى تنامي و تزايد الفجوة الموجودة بين الأجيال المعاصرة لبعضها البعض، خاصة حينما يرتبط الموضوع في العلاقات بين الأبناء و الآباء .
من هنا فإننا نجد أن اتساع الفجوة بين الكبير و الصغير ليست مقتصرة على زمان محدد بذاته، ولا على مجتمع دون المجتمعات الأخرى، و إنما أصبحت ظاهرة تستحق الدراسة و البحث فيها ؛ الأمر الذي جعلها محط أنظارنا في هذه المقالة.
و مما لاشك فيه أن لهذه الظاهرة العديد من الأسباب التي تساهم في تنميتها في واقعنا الذي نعيش، و من أبرز هذه الأسباب التي نستطيع أن نذكرها بداية ، هو تنوع المجالات التي تلعب دورًا بارزًا في التأثير على الأبناء مثل : المدرسة، و البيئة المحيطة ، و رفقاء الشارع، و أفراد الأسرة، و لكل منها أثره الموجه أو غير المقصود في تزويد الأبناء بمعطيات تؤثر في تكوين شخصياتهم، و جعلها مختلفة في التفكير و الاعتقاد؛ سواء كان هذا الأثر إيجابيا أو سلبيا ، إلا أنه يغذي ظاهرة الفجوة التي نحن بصددها.
و أما الجانب الثاني فهو متعلق بتنوع وسائل التكنولوجيا كالهاتف و الحاسوب ، و ما يلحق بها من برامج ، و مواقع إلكترونية متعددة، لسنا بصدد إحصائها، ولا يمكن السيطرة عليها، إلا أنها قد أصبحت متاحة في هذا الزمان؛ كنتيجة للانفتاح الذي جرى في معظم المجتمعات التي تدعي التقدم، و لكنها بلا خلاف لا تدرك استخدام هذه التكنولوجيا بالشكل الذي يخدم نهضتها التي تسعى إليها ، مما جعلها كالسيف في غمده ، يجهل الكثير مدى خطورته.
و من ناحية أخرى فإننا نجد  للجانب الثالث، أهمية لا تقل عما ذكرنا سابقا ، لتعلقه باختلاف التربية التي نشأ عليها الأباء جراء تغير العادات و التقاليد التي كانت موجودة في زمانهم عمّا هو موجود في زمان الأبناء الذي يعيشونه بكل حرية في العصر الحديث ، مما نتج عنه اختلاف في التصرفات و ردود الأفعال تجاه الكثير من المواقف، فما يقوم به الأبناء و يتقبلونه كحرية شخصية، قد يرفضه الأباء نتيجة لمعتقداتهم النابعة من العادات و التقاليد التي تربُّوا عليها.
و إضافة إلى هذا فإن للجانب الرابع ضرورة ، لابد من مناقشتها ، بسبب ارتباطه باختلاف الميول و الاتجاهات لدى الأبناء الذين يبحثون فيها عن متاع الحياة و غرورها، و عيشها بلا أهداف أو غايات، بل لا يسعون إلى أي تطلعات فيها ، في حين أن الآباء يشغلهم طلب الرزق و السعي في مناكب الأرض، لتأمين احتياجات بيوتهم و أسرهم على أكمل وجه، مما يجعلهم يغيبون عن بيوتهم لفترات طويلة جدا، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الفوارق في التفكير بينهم، كنتيجة حتمية لما يحدث.
و مع ذلك كله فلعل عدم وجود مؤسسة دينية محددة ، تتبنى رعاية الأبناء، أو التأثير بهم، لتوجيههم نحو ما يخدم تطلعات الآباء تجاه أبنائهم، و يجعلهم ضمن نماذج مميزة ترقى و تنهض لرفع شأن المجتمع ، أمرًا يجعل من المؤسسة الدينية تؤثر في هذه الفجوة باعتبارها الجانب الخامس الذي يساهم في تنامي الفجوة بين الأبناء و الآباء، التي هي موضوع ظاهرتنا المطروحة.
و بناء على سبق فإن من الواجب على كافة أطياف الدولة الممثلة في المجتمع، بمؤسساته، و أسره، و أفراده التكاتف و التكافل لوضع الخطط و الإستراتيجيات القريبة و البعيدة الأمد ، للمساهمة في وضع حلول و خطوات عملية ، لتقليل فارق الفجوة بين الأبناء و الآباء التي إن لم نتنبه لها ، ستزيد من تفشي هذه الظاهرة بين أرباب الأسر و أفرادها، و لنحد منها في التأثير على مخرجات  المجتمعات المعاصرة.
و خلاصة القول بإن هنالك العديد من الجوانب أو العوامل التي يمكن أن تؤثر في زيادة الفجوة بين الأباء و الأبناء ، أو في الحد منها و السيطرة عليها، قد يتم طرقها في أبواب و مباحث أخرى.

 

المصدر: كتابة شخصية لطارق آل سعيفان
TariqAlSuaifan

طارق آل سعيفان

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 117 مشاهدة

طارق محمد إبراهيم آل سعيفان

TariqAlSuaifan
»

المقالات الأدبية والقصص القصيرة والخواطر

طارق آل سعيفان بين عتبات الكتابة

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

9,976