طارق آل سعيفان بين عتبات الكتابة

يشتمل على العديد من الأصناف الأدبية مثل المقالات والقصص القصيرة والخواطر، كلها كتابات شخصية هادفة

قصص قصيرة واقعية

edit

الأم الصغيرة

نبيلة فتاة في ريعان الطفولة لم يتجاوز عمرها الثالثة عشرة تبتسم كلما وجدت من يحبها بفمها الخاتمي الذي أبدع الله تعالى في رسمه، و عيناها الدائريتان اللؤلؤيتان اللتان تشبهان المها في تحديقهما، تظهران الفرح كلما نظرت لأخويها علي و ماجد اللذان يصغرانها في السن، هي تحنو عليهما مثل حنوّ الأم على أطفالها، لا تنفك تداعبهما كلما استيقظا من النوم و تقوم على رعاية كل منهما، نبيلة الصغيرة هي ابنة لأم فقيرة توفاها الخالق عز وجل أثناء ولادة أخيها ماجد، الذي يصغرها بأربع سنوات، فهي التي اعتنت به منذ ذلك الوقت، و ترعرع على حجرها و قد نشأ على حبها الذي كان يفطر قلبها كلما بكى، نبيلة لم تعرف منٍ والدها الكبير في السن إلا القسوة و التعب، فقد ألقى على كاهلها أعباء بيت فقير لا تكاد القطط الضالة تقبله مسكنًا، لم يعطِ والد نبيلة لها أي من ألعاب الأطفال و لم يشترِ لها الدمية الوردية في ثوبها الأصفر التي تمتلكها كل قريناتها في العمر، حتى أنها لم يكن لديها ذلك المشط البلاستيكي الزهري الذي لطالما حلُمت بشرائه من بقالة قريتها الجاثمة بين جبال الوادي البعيد، قسوة في العيش و مرارة في الحياة و حب لصغيرين هو كل ما نشأت عليه نبيلة، إلى أن اكتمل سوء الحظ معها، و حينما أصبحت في الصف السابع الإبتدائي، انتقل إلى قريتهم، أبو سمير الذي اشترى ذلك البيت الضخم الذي يقع في زاوية القرية و بين حقول سنابل القمح، أبو سمير الذي تعود على شراد ما يريد من أموال المراباة التي أحضرها معه من الحاضرة التي قد جاء منها، هذا الرجل الذي قد حفر على جبينه سواد الدهر ما لايزيله الطيب، نعم إنه يقارب من والدها في العمر، أنه رجل ثري ولا يعرف للعبادة درب، منذ أن رأى نبيلة البريئة بضحكتها التي تنم عن شغف الأطفال و عبق الورود،  قد وقع في قلبه حبها و تعلقها مثل الأطفال، 

أبو سمير و في ليلة جهماء بلا قمرٍ، قد قرر الإغداق على والد نبيلة بالعطايا السخية و بالديون الشريرة ، إلى أن أحكم عليه قبضته الفولاذية، تشجع أبو سمير في لؤمه و زاد في طغيانه و تقدم لطلب يد نبيلة للزواج؛ ولأن والدها الذي يعاني من الفقر المطقع، لا يملك حرية قراره فقد وافق مرغما لا مخيّرا. 

الطفلة الصغيرة  تزوجت من أبي سمير و أصبح لديها أب ثانٍ غير والدها، لم يختلف زوجها عن والدها في القسوة و إسدال القهر عليها، بل و زاد في الأمر أنها قد حملت في أحشائها طفلا صغيرا لم تكن تعلم حقيقته،هل ابنها أم هل هو ألم في المعدة أبوسمير  علم في الاستبداد والفساد، تسعة أشهر من الألم عاشت بها نبيلة و هي تدعو في جوف الليل، متى يحين الخلاص؟متى يحين الخلاص، ولأن القدر يريد لها النجاة ، فقد كانت إرادة الرب أن يتشابه المصير... 

و تنجو من مرارة الحياة،نبيلة الأم الحنونة، شاء الله تعالى أن تلحق بركب السابقين و تدفن بجوار أمها في مقبرة القرية الصغيرة.

TariqAlSuaifan

طارق آل سعيفان

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 799 مشاهدة
نشرت فى 11 يوليو 2018 بواسطة TariqAlSuaifan

طارق محمد إبراهيم آل سعيفان

TariqAlSuaifan
»

المقالات الأدبية والقصص القصيرة والخواطر

طارق آل سعيفان بين عتبات الكتابة

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

10,707