قانون الجمعيات الأهلية الجديد وشفافية العمل التطوعي
أ.د. محمد ماهر الصواف
مبدأ الشفافية من الأمور التي تعد بمثابة حجر الزاوية في العمل التطوعي فكل متطوع ينتظر أن يعلم العائد من تطوعه على المجتمع، وهل مساهمته ستدعم عملية تحقيق الأهداف المعلنة للجمعية أم لا؟ وهل ما يتبرع به ينفق بالفعل لتحقيق أغراض خيرية أو إنسانية؟ فضلاً أن الإنسان بصفة عامة يتمتع بغريزة حب الاستطلاع ، الفضولcuriosity، وكسب المعرفة، وإخضاع كل شيء للسؤال، هذا الفضول عند الإنسان وما يكتسبه من معرفة يؤثر بلا شك على سلوكه وتصرفاته المستقبلية، ومن ثم على مدى استعداده للتعاون مع منظمات المجتمع المدني وتقديم التبرعات المادية أو المعنوية للجمعيات الأهلية . لذا يعد مبدأ الشفافية في إدارة الجمعيات الأهلية من الأهمية نظراً لكونها توفر مناخ صحى يسوده الثقة .
والمفهوم العام للشفافية تعنى حرية تدفق المعلومات وسهولة الحصول عليها لكل الأطراف المعنية، وتعرف بأنها توفير المعلومات والعمل بطريقة منفتحة تسمح لأصحاب الشأن بالحصول على المعلومات الضرورية للحفاظ على مصالحهم واتخاذ القرارات المناسبة واكتشاف الأخطاء .
وبنفس المضمون تعرف الشفافية بأنها "حق كل مواطن في الوصول إلى المعلومات ومعرفة آليات اتخاذ القرار المؤسسي، وحق الشفافية مطلب ضروري لوضع معايير أخلاقية وميثاق عمل مؤسسي لما تؤدى إليه من الثقة، وكذا المساعدة على اكتشاف الفساد، وهكذا تؤكد الشفافية على مصداقية أي منظمة أمام الرأي العام .
ونظراً لأهمية التزام الجمعيات الأهلية بالشفافية فقد حرص المشرع في قانون الجمعيات الجديد على نص ذلك صراحة في مادته رقم 25 والتي تنص على أنه : تلتزم الجمعية بالشفافية والعلانية والإفصاح وبإعلان مصادر تمويلها وأسماء أعضائها وميزانيتها السنوية وأنشطتها، ونشر ذلك على الموقع الرسمي لها وعلى الموقع الإلكتروني للوزارة المختصة وداخل مقراتها ، كما ألزم القائمون علي إدارتها بالتحفظ علي الوثائق والمكاتبات والسجلات الخاصة بها وكذا الإشعارات والخطابات البنكية.
ونصت المادة 26 على التزام الجمعية أيضاً باطلاع أي عضو من أعضائها على سجلات الجمعية، ووثائقها ومستنداتها متى طلب العضو ذلك رسمياً من الجمعية كما يجب على الجمعيات تحديث بياناتها وتفاصيل مشروعاتها، وصيغ التعاون التي تبرمها، وجهات تمويلها على قاعدة البيانات دورياً وتحدد اللائحة التنفيذية للقانون مواعيد التحديث الدوري للبيانات .
ورغم أن البعض ينظر بحظر لهذه الالتزامات اعتقادا من أن الغرض الأساسي منها هو فرض مزيد من الرقابة على الجمعيات إلا أننا نعتقد أن هذه النصوص هي انعكاسا لما تردد عن سوء استغلال القائمون على إدارة بعض الجمعيات لأموال المتبرعين، علاوة على الاتصال بالهيئات الأجنبية والحصول على منح مقابل القيام ببعض الأنشطة ذات الطابع السياسي .
ويجب الإشارة أن هذا القانون قد أنشأ هيئة عامة جديدة تختص بالرقابة على الجمعيات الأجنبية.