هل مكافحة الفساد الإداري مهمة الأجهزة الرقابية فقط ؟

أ.د. محمد ماهر الصواف

    إن ظاهرة الفساد الإداري ظاهرة بشرية  لا يقتصر وجودها في المجتمعات النامية ، بل نجدها أيضا قي المجتمعات المتقدمة وإن كان ذلك بدرجات متدنية مقارنة بالدول النامية، فالفساد في الدول النامية له جذور عميقة تأخذ أبعاداً واسعة تتداخل فيها عوامل مختلفة يجعل من الصعوبة التعامل معه . 

   والفساد في اللغة : هو فى (فسد) ضد صَلُحَ ،وقد يأتي التعبير على معانٍ عدة بحسب موقعه. فهو قد يعني الطغيان والتجبر كما في قوله سبحانه " الذين طغوا في البلاد فاكثروا فيها الفساد، فصب عليهم ربك سوط عذاب، إن ربك لبالمرصاد " ( الآيات 11-14 من سورة الفجر)  وقوله تعالى " ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون " ( الآية 41 من سورة الروم). فالقرأن الكريم يشدد على تحريم الفساد بكل صوره وأنواعه.

    وبالنسبة للفساد  الإدارى اصطلاحيا : فرغم عدم إتفاق الباحثون على تعريف محدد، إلا أنه يمكن القول أنه قد ينظر إليه على أنه إساءة إستعمال السلطة العامة أوإستغلال الوظيفة العامة لتحقيق مكاسب شخصية . ويمكن النظر إليه بمفهوم واسع حيث يمتد ليشمل إهدار وقت العمل والمال العام والإهمال أو الإخلال بواجبات  الوظيفة ،. كما أن الإنحرافات الأخلاقية والسلوكية  للموظف العام  كالقيام بأعمال مخلة بالحياء فى أماكن العمل أو أن يجمع بين وظيفته وأعمال أخرى خارجية مخالفاً بذلك القانون، أو يتم شغل الوظائف العامة بأشخاص لا يملكون الكفاءة والمهارات المطلوبة للقيام بمهام الوظيفة ، وغير ذلك من الأشكال  .

    ولا شك أن الفساد الإدارى له آثاره المدمرة التى تقلل من قدرة مؤسسات الدولة  على تلبية احتياجات المجتمع الأساسية وتجعلها عاجزًة عن الوفاء بها . لذا لا يمكن للمجتمع الفاسد أن يكون قويًا أو أن تكون الدولة التى يداهمها الفساد قوية ، فالفساد يعد ظاهرة إجتماعية تمس المجتمع بأسره ويبطىء من حركة تطوره ويعيق عملية التنمية .

   ولا ننكر أن القيادة السياسية فى مصر واعية تماما بخطورة ظاهرة الفساد بالجهاز الإداري للدولة  وتسعي لمكافحته من خلال عدة آليات منها على سبيل المثال :

-          منح الأجهزة الرقابية المركزية مثل جهاز الرقابة الإدارية، والجهاز المركزى للحاسبات  مزيد من السلطات والصلاحيات ،

-          محاولة الفصل بين الموظف مقدم الخدمة والمواطن عن طريق تطبيق الحكومة الإلكترونية .

-         إصدار قانون جديد لنظام الخدمة المدنية يتبنى أسلوب جديد للتعيين فى الوظائف الحكومية الشاغرة؛ حيث يتم الإعلان عنها على موقع بوابة الحكومة ويتم إجراء إمتحانات للمتقدين مركزياً، ويكون التعيين بحسب الأسبقية الواردة فى الترتيب النهائى لنتيجة الإمتحان؛ حتى يمكن الحد من الوساطة والمحسوبية عند شغل تلك الوظائف .

ونرى أنه من الأهمية تفعيل دور المجتمع في رفض الفساد ، فمن المعروف أن المواطنون كثيرا ما يطالبوا الدولة بمكافحة الفساد، لكنهم يتسامحون أو يتواطؤون مع ممارسته في حياتهم اليومية ، فالمواطن ليس ضحية الفساد في مجتمعنا، بل هو شريك فيه، فيجب أن  يعى أنه مسؤول على ما يحدث فى مجتمعه، ايضاً لابد من  تفعيل دورالإعلام والقنوات الفضائية والصحافة فى التوعية العامة بخطورة الفساد ، والتأكيد على أن الحد منه يستلزم ضرورة  ابلاغ المواطن عن أى حالة فساد  قد تعرض لها عند تعامله مع الأجهزة الحكومية أو علمه بها، ويتعاون مع الأجهزة الرقابية فى كشف مظاهر الفساد المختلفة  بالمنظمات العامة. والله ولى التوفيق 

المصدر: أ.د. محمد ماهر الصواف
PLAdminist

موقع الإدارة العامة والمحلية- علم الإدارة العامة بوابة للتنمية والتقدم - يجب الإشارة إلى الموقع والكاتب عند الاقتباس

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 1356 مشاهدة
نشرت فى 29 ديسمبر 2016 بواسطة PLAdminist

عدد زيارات الموقع

749,137

ابحث