يتفق  العلماء علي أن رغبة الإنسان لإشباع حاجاته النفسية والفسيولوجية والاجتماعية هي التي تحرك سلوكة وتنشط فكره وتدفعة لنهج سلوك معين أو الإمتناع عن أنماط أخري من السلوك ، فالسلوك الإنساني هو سلوك هادف. وكل فرد منا يناضل من أجل إشباع حاجاته. ويؤكد إبراهام مازلوا أن كل إنسان يشعر باحتياج لأشياء معينة، وهذا الاحتياج يؤثر على سلوكه، وأضاف أن هذه الاحتياجات تتدرج  في هرم يبدأ بالاحتياجات الأساسية اللازمة لبقاء الفرد وهي الحاجات الأساسية الفسيولوجية مثل الحاجة للطعام ثم تتدرج فى سلم يعكس مدى أهمية الاحتياجات  واوضح أن الحاجات غير المشبعة لمدد طويلة قد تؤدي إلى إحباط وتوتر حاد قد يسبب آلاماً نفسية،
    وما يهمنا هنا الإشارة إلي الحاجة إلي تقدير الذات  والتي إعتبرها مازلوا من الحاجات الهامة للإنسان . وتؤكد الدراسات  أن الحاجة إلي سماع التقدير والثناء علي السلوك والعمل الجاد والمتميز من أهم الحاجات الإنسانية التي تساعد علي تحقيق الذات وتسبب الشعور بالسعادة ولعلنا نلاحظ سلوك الأطفال في السعي لإشباع هذه الحاجة حيث نشاهد الطفل يقوم بآداء بعض الأفعال مثل الرسم ويذهب لوالدته ليعرض عليها ما رسمة وينتظر الثناء وإذا حصل عليه يكرر هذه الأفعال  ليسعد بالثناء مرة أخري ، ويمكنك أن تري كيف تغمره السعادة بسماعه الثناء والمديح . ولا شك ان كل منا ينتظر الثناء إذا  قمنا بعمل جيد ونشعر بالضيق والإحباط إذا لم نحصل عليها حتى أن أحد علماء الإدارة يري أن علي المرؤس في هذه الحالة ان يتوجه لرئيسه ويسأله عن رأيه فيما أداه من أعمال حتي يحصل علي الثناء ولا يصاب بالإحباط ويتأثر أداءه  سلبا . وتؤكد الدراسات أن المديح والثناء الصادق يمكن أن يكون له تأثير قوي في تقدير الشخص لذاته و يطلق  لدية الطاقة المكبوته داخلة ويرفع من معنوياته وتتجدد طاقته.
     ومن الغريب أننا في المجتمع العربي  لا نسمع عبارات المديح  إلا بعد موت شخص ما  فنبحث عن إنجازاته وأفعالة المتميزة ونثني عليها ، فلماذا ننتظر حتي يموت كي نقول شيئا جميلا في حقة. إن من حق كل شخص أن يحصل علي التقدير والإحترام الذي يستحقة في أفضل لحظات حياته.
إن الثناء والمدح يعد القوة التي تثير النشاط العقلي وتساعد علي استخدام كل القدرات والمواهب وتحقيق كل إمكانيات الإنسان الكامنة وتنميتها إلي أقصي مدي يمكن أن تصل إليه.  ، ويجب التأكيد أننا نقصد هنا الثناء البعيد كل البعد عن النفاق والكذب. إذ يجب ان أن يكون الثناء عن أفعال حقيقية ومتميزة .
    وفي إعتقادي  أن من أبرز ما تعانيه المجتمعات العربية  هو وجود إهمال من كثير من الآباء والمدرسين والرؤساء في البحث عن الأفعال الجيدة للأفراد سواء الأبناء أوالطلاب أو المرؤسين للتعبير عن تقديرهم وتقديم الثناء لهم والعمل علي تشجيعهم للإستمرار في آداء مثل هذه الأفعال المتميزة ، فبحق يقول أحد العلماء يجب أن تضبط إبنك أو مرؤوسك وهو يؤدي شيئا حسنا لتجد الفرصة لتقديم الثناء لهم وتشجيعهم لأهمية ذلك لتحسين مستوي الأداء  ومواصلة الجهود الجيدة . ولا ننكر في هذ الصدد أن هناك بعض الحالات التي تقوم بها الدولة  بمنح بعض الأوسمة وشهادات التقدير ، وإن كان ذلك لا يرتبط بالضرورة بالأعمال المتميزة ، إذ قد تتدخل بعض الإعتبارات السياسية في منحها.
    ومن المؤسف أن نجد في مجتمعاتنا أحيانا من يتعمد  الإقلال من شان  المجتهدين والمتميزين والمخلصين ومهاجمة جهودهم لأغراض شخصية أو إنتقامية  وكما يقال الهدم دائماً أسهل من البناء.
    ولا شك أن هذ الثقافة الهدامة تفسد الود المتبادل بين الناس وتؤدي إلي الإحباط وإنخفاض الدافع نحو التميز والإبداع . أن تقدم المجتمعات يرتبط  بثقافة الثناء والتقدير للأخر، وليس ثقافة التحقير والإقلال من شأن الإنسان . وعلي كل منا سواء في داخل الأسرة أو في المؤسسات التعليمية المختلفة أو في أماكن العمل المتعددة أن نتعلم التعبير عن تقديرنا لأطفالنا  أو لطلابنا  أو لمرؤوسينا في العمل ولكل من  قام بعمل أو آداء جاد ومخلص. وأن نبتعد عن الإساءة الي المجتهدين والمخلصين في العمل -  إذ أن ذلك يدعم الصحة النفسية لهم وينمي قدراتهم علي الآداء الخلاق والجاد مما يعود علي المجتمع بالخير والتقدم .
 

 

 

 

المصدر: أ.د. محمد ماهر الصواف ، http://kenanaonline.com/drelsawaf
PLAdminist

موقع الإدارة العامة والمحلية- علم الإدارة العامة بوابة للتنمية والتقدم - يجب الإشارة إلى الموقع والكاتب عند الاقتباس

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 877 مشاهدة
نشرت فى 6 مارس 2016 بواسطة PLAdminist

عدد زيارات الموقع

818,656

ابحث