أ.د.محمد ماهر الصواف
إن تحديد معايير نجاح المنظمات ما هو إلا نتاج لتطور الفكر الإدارى فكما نعلم ركز الفكر التقليدى على معيارين هما: الكفاءة الإنتاجية والفعالية لذا إهتمت المنظمات الهادفة للربح على زيادة الإنتاجية وتحقيق الأهداف المرسومة مع خفض تكلفة الإنتاج . إلا أنه نتيجة إهمال المتطلبات الإنسانية للعاملين ظهرت حركة العلاقات الإنسانية والمدارس السلوكية التى كشف عن البعد الإنسانى والإجتماعى للعاملين, ونبهت الأذهان إلى ضرورة إشباع حاجات العاملين فى المعيشة الكريمة الإنسانية والأمان وحاجاتهم لإحترام الذات وتقدير كفاءتهم وقدراتهم. واضافت الجهود العلمية الآخرى فى هذا المجال اهمية تمكين العاملين ومشاركتهم فى صنع القرارت لكونهم أكثر إحتكاكا وإدراكا للأنشطة الإنتاجية ولمشاكل العمل، وبالتالى فهم الأقدر على تقديم الحلول وتقديم بدائل التطوير والتحديث.
وجاءت نظرية القرارات لتؤكد أن نجاح المنظمات تتوقف على قدرتها على صنع القرارات التى توازن بين المصالح المختلفة (مصالح أصحاب رأس المال، ومصالح العاملين وإحتياجاتهم، ومصالح المتعاملين مع المنظمة )، إنطلاقا أن بقاء المنظات يرتبط بوفائها بإحتياجات عملائها وولائهم لها . كما كشفت هذه النظرية أن هذه المصالح متنافسة ويجب على المنظمات التعامل معها والموازنة بينها عند صنع قراراتهم، وأن نجاحها يرتبط بقدرتها فى الموازنة بين هذه المصالح. وقد أكدت جهود علمية متعددة أهمية رضاء العملاء مثل نظرية الجودة الشاملة وبطاقة الأداء المتوازن. ولا ننكر فى هذا الصدد ما أضافته نظرية النظم حيث أبرزت أهمية البيئة المحيطة بالمنظمات حيث أوضحت أن نجاح المنظمات يتوقف على قدرتها فى التعامل مع ماتفرضه البيئة المحيطة من معطيات وضغوط وما يستجد من متغيرات اجتماعية وتكنولوجية وسياسية وقيمية وغيرها .
ورغم أن المعايير السابقة تتفق ونشاط كافة المنظمات الخاصة أو العامة، إلا أنه يجب ان نوضح أن المنظمات الحكومية تستأثر بإمتياز وسلطات كما أنها تستعمل المال العام بغرض تحقيق النفع والصالح العام ومن ثم كان لزاما أنه يحكم نشاطها إطار قانونى يتضمن عدد من الإجراءات والقواعد يجب عليها إحترام نفاذها، علاوه على إلتزامها بالقواعد الأخلاقية العليا التى تتمثل فى مبادئ العدل والمساواه .
وإستنتاجا مما سبق يمكن أن نحدد معايير نجاح المنظمة الحكومية كما يلى:
- تحقيق درجة عالية من الكفاءة الإنتاجية من خلال المحافظة على المال العام وترشيد الإنفاق والحد من فرص الفساد وإهدار المال العام .
- مدى الإلتزام بمبدأ المشروعية فى استخدام السلطة، وإحترام مبادىء العدل والمساواة والوصول إلى مستويات عالية من الرضاء المجتمعى من خلال التطبيق الفعال للحكومة الإلكترونية، وتيسيط إجراءات الحصول علي الخدمة العامة، والمعاملة الكريمة مع العملاء.
- مدى مراعاة الإحتياجات الإنسانية للعاملين والوصول إلى مستويات عالية من رضاءهم من خلال مشاركتهم فى إتخاذ القرارات وتمكينهم وحثهم على التعلم وتنمية قدراتهم للإبداع والإبتكار.
ويجب التأكيد هنا أن هذه المعايير تعد أساسية لا يمكن إهمال إحداها إهمالاً تاماً ، إذ لا بد من توافر نوع من التوازن بينها ، كما أنه من المفترض أن يتفرع من كل منهم عدد من المعايير الفرعية والمؤشرات التى تشير إلى مدى الإلتزام بهذه المعايير.
المصدر: أ.د. محمد ماهر الصواف،
موقع الإدارة العامة والمحلية- علم الإدارة العامة بوابة للتنمية والتقدم - يجب الإشارة إلى الموقع والكاتب عند الاقتباس
نشرت فى 10 فبراير 2016
بواسطة PLAdminist
عدد زيارات الموقع
808,695