مع رغبة الدول في أن تحقق التقدم المنشود لمجتمعاتها، ينبغي الأخذ بثقافة التقدم والقضاء على الظواهر السلبية في المجتمع التي تعوق التقدم في الشارع والعمل والبيت ومختلف الأماكن؛ فلا يمكن أن يتحقق التقدم المنشود في ظل ظواهر سلبية مثل عدم احترام النظم والقواعد وعدم احترام خصوصيات الآخرين وعدم احترام العمل وإزعاج مستمر من قبل أفراد للآخرين وتنشئة الأطفال على العنف وعدم احترام الأفراد بعضهم لبعض والتعامل غير المهذب بين أفراد المجتمع بشكل عام، واستغلال من قبل تجار أو سائقي تاكسي أو حرفيين أو أي مقدم خدمة أو سلعة للمستهلكين وطالبي هذه الخدمات، وإلقاء قمامة في الطرقات وفوضى باعة جائلين وألعاب نارية يتم إطلاقها في أي مكان وأي وقت وتعقيدات بيروقراطية وإضاعة وقت الجمهور لتأدية خدمات صغيرة يمكن تأديتها عبر التليفون أو الانترنت أو غير من وسائل التكنولوجيا؛ ففي ظل هذه السلوكيات السلبية لا يمكن توفير البيئة الملائمة للعمل والانتاج والإنجاز والإبداع وانتعاش الاستثمار والصناعة والتجارة والسياحة والتسوق.
ولتحقيق ثقافة التقدم؛ ينبغي القضاء على هذه الظواهر السلبية ونهذيب السلوك العام لمختلف أفراد المجتمع، وقد يقول البعض أن القضاء على هذه الظواهر السلبية التي نشأت عبر سنوات طويلة يتطلب وقتا طويلا، وأنه لا يمكن القضاء على هذه الظواهر في وقت قصير، وهذا هو العائق الرئيسي في نشر ثقافة التقدم؛ ذلك أن الوصول إلى هذه الثقافة يتطلب قناعة راسخة بإمكانية القضاء على هذه الظواهر السلبية عبر المدى الزمني القصير، وهذه القناعة الراسخة تعقبها إرادة صلبة من مختلف المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والأفراد في إمكانية التغيير، ويعقب هذه الإرادة الصلبة العزيمة القوية التي لا تفتر والتي تقود إلى العمل الجاد الفوري لتحقيق الصعب والتغلب على كافة العقبات وشطب كلمة المستحيل من قاموس الحياة.
وهذه الإرادة الصلبة المطلوبة لتحقيق التغيير المنشود لتقدم المجتمع يحب أن تعقبها إدارة علمية يتم تطبيقها من تخطيط وتنظيم وتوجيه ورقابة؛ فينبغي وضع خطط قصيرة للقضاء على هذه الظواهر السلبية من خلال قوانين صارمة وذلك بالتزامن مع وضع خطط متوسطة وطويلة الآجل لغرس الثقافة الجديدة؛ وذلك عبر مختلف وسائل التعليم والإعلام والثقافة والدين لتدريس وتعليم الجميع السلوكيات الصحيحة وأن الأخلاق هي أساس الدين وأن الدين هو المعاملة وأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم قال:" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، ثم ينبغي وضع النظم والقواعد للحياة والتعامل في مختلف المواقف والأماكن، ثم يأتي دور التوجيه من خلال البيت والمدرسة والجامعة والمؤسسات الدينية ووسائل الإعلام والثقافة، ثم يأتي دور الرقابة والمحاسبة من خلال الأجهزة الحكومية والمؤسسات غير الحكومية والبيت لأفراده ؛ وهكذا يمكن إيجاد ثقافة التقدم التي توفر الهدوء والاستقرار والاحترام المتبادل بين الجميع وتسهيل الاجراءات عبر الوسائل الإلكترونية؛ وبذلك يتوفر المناخ الملائم الهادئ المستقر للعمل والانتاج الوفير والإنجاز الكبير والمخترعات المتطورة والحياة السهلة والمعيشة الطيبة؛ بما يجعل المجتمع مقصدا للاستثمارات والخبرات والكفاءات والسياحة والتسوق من مختلف أنحاء العالم، وحينذاك يتحقق التقدم المنشود للمجتمع.