شهدت مصر -في الفترة الأخيرة عقب سقوط النظام السابق – ظاهرة خطيرة، وهي  السعي إلى امتلاك السلطة ؛ وتمثل ذلك في تزايد عدد المرشحين لرئاسة الجمهورية. وفي الواقع، ترتبط هذه الظاهرة بسلوك يننتشر في منظمات الإدارة العامة والمحلية، وهو الشغف بامتلاك السلطة والتشبث بها؛ حيث قلما نشهد استقالة طواعية من قبل  المسئولين في العديد من منظمات الإدارة العامة والمحلية في مصر والعديد من الدول العربية.

  ومع كل الاحترام والتقدير لجميع المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية في مصر، فإن السلطة مسئولية؛ لذا يطلق على كل صاحب سلطة لقب "مسئول"؛ فهو مسئول أمام من أعطاه هذه السلطة، ومسئول أمام من يمارس عليهم هذه السلطة، ثم إنه أولا وأخيرا مسئول أمام الله. وهكذا يخضع المسئول للمساءلة أمام جهات متعددة؛ وبالتالي يخضع للمحاسبة عند التقصير؛ فالمسئول محاسب إن جانبه الصواب سواء بقصد أو غير قصد؛ حيث ترتكز المحاسبة بالأساس وفي البداية على حدوث الخطأ، وليس على المقصد. ولن يفلت المسئول من المحاسبة،مهما طال الآجل، وخاصة من محاسبة الله العلي القدير.

  ويجب أن يدرك صاحب السلطة أن الصلاحيات والمزايا التي يحصل عليها هي من أجل أن تعينيه على الإطلاع بمسئولياته والقيام بواجباته؛ حتى يصبح مسئول يمكن مساءلته ومحاسبته؛ وذلك إنطلاقا من المبدأ الإداري المهم : تعادل السلطة والمسئولية؛ فكلما زادت سلطاتك وصلاحياتك، كلما زادت واجباتك ومسئولياتك.

   كما يتعين أن يدرك صاحب السلطة أنه يخضع للرقابة من قبل رؤسائه، ومن قبل الجهات الرقابية، ومن قبل الله أولا وأخيرا؛ حتى يتم مساءلته ومحاسبته، فصاحب السلطة مراقب ومساءل ومحاسب؛ وهكذا فالسلطة عبء وتكليف وليس تكريم، والسلطة قلق وهم وليست راحة.

  ولقد أدرك السلف من الصالحين كل هذه الحقائق وخطورة السلطة؛ لذلك آثروا الابتعاد عنها؛ حتى إن الإمام أبو حنيفة النعمان رفض تولي سلطة القضاء؛ مما أدى إلى اضطهاده وسجنه وتعذيبه.

 وأخيرا ، اللهم إني أعوذ بك من  هذا السعي الشديد إلى السلطة ومن هذا الحب المقيت لامتلاكها والتشبث بها.

 

 

المصدر: د.أحمد السيد الدقن
PLAdminist

موقع الإدارة العامة والمحلية- علم الإدارة العامة بوابة للتنمية والتقدم - يجب الإشارة إلى الموقع والكاتب عند الاقتباس

  • Currently 870/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
196 تصويتات / 1239 مشاهدة
نشرت فى 29 مايو 2011 بواسطة PLAdminist

عدد زيارات الموقع

808,693

ابحث