التطور التاريخي لعلم الإدارة العامة
زادت أهمية الإدارة العامة نظراً لتضخم أعباء ومهام الجهاز الإدارى للدولة وتدخله فى النشاط الإقتصادى والإجتماعى بالإضافة إلى الوظائف التقليدية المتعلقة بالحفاظ على النظام والأمن العام، ونتيجة للمتغيرات العالمية السريعة والتطور التكنولوجى فقد أصبح من العسير إدارة الدولة ومنظماتها العامة بالأسلوب التقليدى الذى يعتمد على الخبرات الشخصية للقادة إذ أنه من الضرورى الإستفادة من الأسس والمبادىء الإدارية العلمية، والإهتمام بالأبحاث العلمية فى هذا المجال .
فمن المعلوم أن العمليات الإدارية عُرفت منذ الحضارات القديمة - فالحضارة الفرعونية كانت على جانب كبير من التنظيم الهرمى، ففى قمة الهرم فرعون ملك مصر وتحت القمة كان ينتظم فى تسلسل تنازلى أخذاً فى الإتساع النبلاء ثم كبار موظفى الدولة ثم الكتاب والحرفين ثم العمال غير المهرة ثم الفلاحون، كما كان اهتمام مصر القديمة اختيار أفضل العناصر الإدارية لتوجيه دفة حياة المجتمع فى جميع الظروف .
أما الصين القديمة فقد عرفت أقدم نظام فى التاريخ لشغل الوظائف العامة على أساس عقد اختبارات للمتقدمين لدخول الخدمة واختيار الأصلح من بينهم .
كذلك عرفت الحضارة الإسلامية الإدارة العامة ومارست العملية الإدارية بمفهومها الحديث بصفة خاصة عند إدارة الدولة والمرافق العامة فقد كان الإسلام سباقاً فى إقرار مبدأ مشاركة العالمين وإستشارتهم فى صنع القرارات، ايضاً عرف الإسلام التخطيط أحدى العمليات الإدارية الهامة، ومن شواهد ذلك جاء فى القرآن الكريم قوله تعالى على لسان نبيه يوسف عليه السلام: }قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُون (47) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ{ (49) صدق الله العظيم (يوسف :47-49) .
وعلى أية حال يعتبر العلماء أن ظهور الإدارة كعلم له اصوله وقوانينه ومبادئه ونظرياته كان فى نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ومن الأسباب التى أدت إلى ظهور علم الإدارة وتطوره هى :-
وفيما يتعلق بحقل الإدارة العامة فقد ظهرت عدة نماذج وإتجاهات فكرية ولعل من أهمها ما قدمه العالم الألمانى ماكس فيبرMax Weber (1864-1920) حيث وضع نظريته "البيروقراطية" وهو من أهم علماء الإجتماع، ولذلك فإنه لم يهتم فقط بإدارة المشروعات الفردية وإنما كان إهتمامه بالمنظمات العامة والحكومية كبيرة الحجم .
ويرجع الفضل فى تأسيس علم الإدارة العامة فى اوروبا العالم الألمانى لورانس فون شتاين L.von stein"" حيث اصدر أول مؤلف بعنوان علم الإدارة العامة عام 1865، وقد تميز هذا المؤلف بأنه ابرز الجانب الإجتماعى لعلم الإدارة العامة ولم يعتمد إعتماداً كاملاً على الجوانب القانونية لإدارة الأجهزة الحكومية السائدة فى هذا الوقت. كما قدم عدد من الأسس الإدارية الواجب إعمالها فى تلك المنظمات بالشكل الذى يرفع من كفاءتها فى الأداء.
ويعد وودرو ويلسون" Woodrow Wilson " أول من كتب فى الولايات المتحدة الأمريكية عن الإدارة العامة حيث نشر مقالته الشهيرة " دراسة الإدارة" The Study of Administration فى المجلة الفصلية الأمريكية للعلوم السياسية فى يونيو عام 1887، ونادى فيها بمراعاة الرشد فى إدارة الأموال العامة والفصل بين السياسة والإدارة العامة، حيث تبنى الإتجاهات السائدة فى إدارة الأعمال .
وفى عام 1926 نشر ليونارد هوايت Leonard D. White كتاباً بعنوان "مقدمة فى الإدارة العامة" ودعى إلى استقلال علم الإدارة العامة.
وهكذا يمكن القول بان دراسة الإدارة العامة قد تطورت من تدريب ميدانى فى الواقع أثناء العمل إلى دراسة مرتبطة بالقانون ثم إلى دراسة مرتبطة فى إطار العلوم السياسية حتى استقلت وأصبحت ميداناً متخصصاً فى الدراسة، يتضمن علاوة على دراسة العمليات الإدارية دراسة المنظمات العامة، دراسة الخدمات الإدارية والمالية، دراسة النظم الإدارية المقارنة، دراسة إدارة التنمية والإصلاح الإدارى، تحليل السياسات العامة وإدارة المدن والإدارة المحلية .
ومما هو جدير بالذكر أنه فى عام 1954 انشئ معهد الإدارة العامة بالقاهرة بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة، وقدم د. محمد توفيق رمزى أول مقرر دراسى للإدارة العامة من منظور القانون الإدارى فى برامج كليات الحقوق عام 1955، ثم أدخلت فى برامج كليات التجارة أواخر الخمسينيات وبعدها فى برامج أقسام العلوم السياسية ، وتكونت الجمعية العربية للإدارة العامة فى 1959 .
موقع الإدارة العامة والمحلية- علم الإدارة العامة بوابة للتنمية والتقدم - يجب الإشارة إلى الموقع والكاتب عند الاقتباس
نشرت فى 13 يوليو 2019
بواسطة PLAdminist
عدد زيارات الموقع
809,982