بسم الله الرحمن الرحيم
الهـروب مـن وادي الذكريـات !!
الماضي لو كان يسعد القلب لما رحل القلب إلى عالم الحاضر والآن .. فلا تذكروني بذلك الماضي فإن السيرة تجلب الدموع إلى المآقي .. فهي ذكريات حين ترد تحرق الفؤاد وتنبش جروحا مدفونة في الأعماق .. وحينها تتدفق حمم الآلام والويلات .. وتفوح روائح الأنات والحسرات .. فالماضي هو ذلك الجرح المرفوض الذي يجلب النواح والصياح .. فكم وكم تتحاشى النفس تلك الذكريات .. وتتجول بعيدةَ في عوالم النسيان .. سيرة قاتمة تدمع الأعين متى ما ترد في ساحة الأذهان .. وجحافل من الهموم والأحزان تجتاح سواحل الوجدان .. وعندما تهب رياح الماضي تنتفض النفس بقشعريرة وتتراجف تلك الأوصال .. وهي تلك النفس التي تعلم مكنونات الأسرار فيا لها من أسرار .. وتجتهد النفس دوماَ لتغسل سيرة الماضي بمياه النكران .. ولا تريد التجوال مرة أخرى في أروقة المشانق والخذلان .. ورغم ذلك فإن ذلك المنادي ينادي من سواحل الماضي مجاهراَ يـا أيها الإنسان .. وعندها نجعل الأكف فوق الآذان حتى لا نسمع إذاعة البيان .. ثم نركض هاربين بعيداَ عن الماضي بالقدر الذي يخرس أصوات اللسان .. بها نتقي ويلات الجروح من الماضي ونتباعد عن سواحل الطوفان .. ويوم الرحيل عن سواحل الماضي كان القسم جازماَ بعدم الالتفات إلى الوراء مهما تكون قوة البيان .. فمن هو ذلك البائس اليائس الذي يحن ويتوق لويلات الامتحان ؟؟ .. وكيف لعاقل فطن أن يرتد لساحات الموت والنار والدخان ؟.. ومن هو ذلك الأحمق الأعمى الذي يعشق السير مرة أخرى فوق حمم البركان ؟.. فيا من تنادي من مجاهل الماضي دعني وشأني فإني قد تخلصت من قبضة الشيطان .. فلا تذكروني بالماضي في حضرة الحاضر ذلك الحاضر في أروقة الجنان .. وتلك أقدامي قد وطأت بساطاَ مفروشاَ بالأزهار والورود والألوان .. في محراب سعادة تعزف فيه الملائكة أروع الألحـان .. فالماضي هو ذلك المرفوض بالأدلة والبينات .. ولو كان في المقدور لقطعنا دابر ذلك الماضي والذكريات .
ــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش