بسم الله الرحمن الرحيم
عالــــم الطفـــولة !!
حلم البراعم دائما هو ذلك اللهو واللعب والتراكض فوق بساط البراءة .. قلوب بيضاء يافعة لا تحمل الأحقاد في جوفها أبداَ ،، أنفس فيها تتساوى أغلفة الكتاب بالمحتويات دون ذلك الإضمار .. وسرائرها وسائد طاهرة تقبل التلاقي والتصافي دون تلك الوساوس والأحقاد .. جملة من محاسن الصفات التي تجري أحداثها في أروقة الفراديس والجنان .. بيئة بريئة محصنة من كيد الشرور ومن كيد الأضرار .. وهم أحبـاء الله والملائكة تحرسهم ثم تقبل تلك الوجنات من حين لآخر .. وجنات غضة نضرة تماثل أللآلي المخبوءة في أعماق الأصداف .. ومضات من زينة الحياة تجلب الواحة والراحة للأنفس مهما كانت قوة الأحزان .. ليست في أحلامها صور الأذية والدموع والدماء .. والأطفال يمثلون الصفوة الجاذبة للقلوب بروعة السماحة الخالية من ألوان الرياء .. سرائرها صفحات بيضاء كالجليد المنقى دون خدش يعكر جمال الصفاء .. تلك السرائر البعيدة عن تلاعـب الماكرين والخبثـاء .. وتلك سماء الطفولة تمنع أمطار السواد أن تهطل فوق أجواء الأبرياء .. ومراحل الطفولة كلها مرح وفرح ثم باقات من الأشجان .. وأنفاس الطفولة كلها عبق ومسك وكافور وريحان .. وسنوات الطفولة كلها فجر وإشراق وقبس من طيبة الغزلان .. فهي سنوات نعمة من أفضل السنوات في عمر الإنسان .. ثم رويداَ ورويداَ ترحل مراكب الطفولة لسواحل العصيان .. وعندها يقف في الانتظار والاستقبال ذلك الليل وتلك الأوجاع والهموم والأحزان .. وترحل الملائكة عن ساحة الطفولة حين تدرك أن الإنسان بدأ يقترب من شجرة الشيطان .. تلك الشجرة المحظورة الممنوعة الوحيدة التي لا تعني شيئاَ بالمقارنة لأشجار الجنان .. ولو كان الإنسان حكيماَ لبقاَ لأكتفي بالكثير من تلك الأشجار دون شجرة وحيدة تعني الحرمان .. ولكن هو ذلك الإنسان لا بد أن يعصي ويتخطى يوماَ لسياج المنع والطفولة والطهارة ليرتع في بساتين الشيطان .. وعندها يتمثل ذلك الكائن العجيب الذي يفقد الروعة والمكانة والبراءة والأوزان .
ـــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش