بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وجهــة نظــر تســتلزم الوقفــة   !!

كم تكون السليقة روعة حين ترفض الشروط .. وتكون سلسة عذبة بالفطرة التي تخلو من براثن التدخل البشري السافر بحجة الإصلاح المتفلسف .. تلك القواعد الموضوعة التي تكبل الإبداع .. وهنالك في الناس من يرى ضرورة وضع الأثقال فوق أجنحة الطائر المتمرد  ..  ويرى الجمال في الاتزان حين يتحكم في تحديد مسار الطائر حسب شروط قد لا تطرب الأمزجة  .. كما لا تتكيف مع انطلاقة الطائر بتلك الأريحية المطلقة .. ولا تجاري أمزجة رواد المسرح من السامعين والمشاهدين .. لأنها مشوهة بتلك التعاليم المكبلة للرقصة الحرة .. وذلك الاجتهاد المتفلسف لا يروق كثيراَ ذلك الطائر الذي يعشق التحليق حراَ في الأجواء المفتوحة  .. يمتطي الهواء كيف يشاء ومتى يشاء ..  ويرقص في الهواء بإيقاعات تخالف التناسق المقيد بشروط الفلسفة والفلاسفة .. وهو ينتشي بذلك التمرد الذي يواكب حرية الحركة في كل الاتجاهات بنمط فوضي أخاذ .. ذلك الإرباك الفطري النابع من قمة الإبداع .. والذي يطرب الطائر كما يطرب المشاهدين .. والإنسان المبدع في كل الأحوال يحس بمنتهى التحرر حين يتجنب قيود النهي والمنع والانتقاد .. وفي هذا العصر نلاحظ أن المجالات الإبداعية بدأت تتحرر من تلك القيود وتعلن التمرد الصريح كما تعلن التمرد المبطن .. وعالم اليوم يفضل مواكبة السليقية دون الالتزام بالقواعد الموضوعة سلفاَ من فلاسفة البشر .. والتجارب أكدت أن الذوق الإنساني يفقد الروعة حين تكون مجالات الإبداع مليئة بإشارات التوجيه الحمراء والخضراء .. تلك القاتلة للعطاء الحر .. والتي تدخل ضمن إطار النقد والانتقاد .. فهي إشارات تعيق السلاسة كما تعيق وحي البراءة .. ولكنها في نهاية الأمر لا تسيطر على الفوضى ولا تتحكم في الصيانة بذلك القدر المجدي .. والنفوس الذواقة لا تكتفي إطلاقاَ على صنف واحد من الطعام .. ذلك الصنف الذي يجاري المواصفات بكل الشروط .. ولكنها تجد الحلاوة حين تمتزج عثرات المرارة بقمة الحلاوة .. والشهد هو ذلك العسل المطلوب حين يجاري القليل من لسعات الحموضة والمرارة  .. ولا يكون كذلك حين يجاري شروط العذوبة بذلك القدر المفرط اللاذع .. وفي تلك الحالة ترفضه النفوس بعد رشفة أو رشفتين .. ولكن حين يكون فالتاَ يراوغ المذاق بين الحلاوة والمرارة  فإنه يشكل ذلك المرغوب المطلوب الذي تتلهفه الأنفس .. وذلك الشاعر المبدع حين يجود بالعطاء يمتطي الإلهام المتدفق ويجاري السليقة في مواكبة الحروف والكلمات بالقدر الذي يراقص الأفئدة والقلوب .. دون أن يكترث كثيراَ بمجرور كان يفترض في السياق أو بمنصوب يواجه الاختناق .. أو بقافية تجب أن تجاري بالوفاق .. ومع ذلك هنالك دائماَ ذلك الجدل الذي يرجم بالراجمات ويجاهر بالتنديد والاستنكار .. وذلك النوع من النقد أصبح في هذا العصر مجرد إشارات تنبيه لا تقدم ولا تؤخر .. لأنه جدل عادة يأتي بعد انتهاء مواسم الإبداع من الكلمات والحروف .. حيث لا يؤثر ولا يفيد كثيراَ وقد رقص الراقصون في حينها مع أنغام الحروف والكلمات  .. وتغنى المغنون بها .. وعزف العازفون عليها .. وانفض الرواد بعد أن اكتفوا من روعة الانتشاء .. دون أية دلالات توحي بأن تلك الشروط والقواعد كانت ضرورية ..  فلم يتوقف الراقصون بحجة الفاعل المنصوب .. كما لم يتوقف العازفون بحجة المفعول المجرور .. كما لم تقتل الحروف قائلها بحجة التمرد والأخطاء ..  ومع ذلك نجد ذلك المتحاجج   الذي يرى العيوب في المسار لأنه لم يراعي القواعد ولم يفي بشروط الفلاسفة .. انتقاد يفقد المفعول بذلك الحسم الرادع .. ويصبح مجرد انتقاد يعني التنبيه ولا يوجب إعادة الصلاة بحجة البطلان !! .. ولا يعني الأمر أن يتمرد المبدعون على تلك القواعد والشروط .. ولكن يجب عدم التشدد في تلك الشروط التي تمثل الوسائل إذا كانت تعيق روعة الغاية والهدف  .. لأن الهدف في الأول والأخير هو المطلوب .. وهو الذي يجب أن يلامس شغاف القلوب ويطرب الأفئدة .. ويوجد اللحظات السعيدة  دون أن تفقد تلك اللحظات روعة الحلاوة بكثرة الإشارات الضوئية !! .. والذي يجتهد لكي يراعي تلك القواعد والشروط بحذافيرها يجد نفسه محاطاَ بالمعوقات التي تماثل تلك الصخور الصلدة التي تقيد الاتجاهات وتقيد الانطلاقة الحرة .. وتحجب جمال الإبداع  بكثرة السواتر والحجب .. وفي النهاية تخلق ذلك المسخ من الإبداع الخالي من النكهة والنشوة .. إبداع لا تدغدغ أوتار القلوب .. ولا تراقص عمق الوجدان .. فالقيود والشروط تكبل أقدام الراقص المتلهف بالسلاسل .. وتفسد المشوار بكثرة الأوامر كما تفسد الطعام كثرة التوابل .. وتلك الشروط إذا أصبحت جادة بالمرصاد فإنها تمثل ذلك الحائل القاتل .. التي تشوه مرونة الألحان بكتل من الإرشادات  .. وتحجب عبق الأزهار بقواعد وشروط تمنع فوضى النسمات . 

ــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

 

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 120 مشاهدة
نشرت فى 2 أكتوبر 2014 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

807,382