بسم الله الرحمن الرحيم

بـكى الصبـر مـن طـول صبـري   !

نزعت يدي بقوة وتوقفت عن مجاراة المدار  .. وتيقنت بأني خاسر في نهاية ذلك المشوار ..  وجلست تحت شجرة أفكر في المصير وفي القرار .. وتلك رحلة عمر ضاعت في وعود تفقد الوفاء وتفقد الإصرار  .. وقد خليت من إشارات صدق تقربني من حافة الأنهار .. حيث مواسم جدب تلاحقني بالليل والنهار .. والآفاق تخلو من تباشير رحمة تلوح بنعمة الأمطار .. ضاع عمري سداَ في ديمومة رجاء مثلت في طول الانتظار .. وكل يوم أنتظر الغد بشغف على أمل الوفاء  ..  فإذا بالغد يأتي ثم يرحل دون ذاك العطاء  .. صبرت حتى فاق صبري صبر أيوب حال الابتلاء ..   فأشتكى الصبر من طول صبري وأشار بالكف والانتهاء  .. وقال الصبر أنت في الخلق أوهنت هيبتي ومسخت ذاك الرجاء  .. فقلت للصبر أصبرني على الصبر قولها :  أصبر يا من تريد التنعم في جنة الأوفياء  ..  فصبرت لعلمي بأن الجنة مستحيلة لا تنال إلا بالصبر والشقاء .. ثم رحلت مع الحزن طائعاَ في رحلة عذاب يلاطمني كيف يشاء .. وعشت بين سندان ومطرقة أشرب اللعنات من كأس الخبثاء .. ونصحني الناصحون ولما يئسوا هجروا سيرتي فصرت منبوذاً بغير رفقاء ..  وغضب الشيطان حين أدرك قوة صبري من أجل ذاك اللقاء .. وقال أنت بصبرك قاتلي وأنت أعجب سجين بين السجناء .. كما رحل العقل عني حين أدرك أن صبري غير صبر العقلاء ..  ولما طال صبري في العذاب رجوت خلي أن يبادر بالوفاء .. فقلت أنصفوني وقد طال تعذيبي في سجون الابتلاء .. فقالوا ألا تملك الصبر يا هذا فلما دائماَ تلح بالرجاء ؟!.. نراك تعجل اللقاء ولا تملك صبراَ يؤكد ذلك الإخلاص والوفاء ! .. فيا عجبا لأمري صبرت حتى بكى الصبر من صبري وأمعن في البكاء ..  فهل أنال الجزاء بصبري حين أرحل في زمرة الشهداء ؟ !! .. وكيف لصابر بكى الصبر من صبره أن يصبر فوق صبر الأنبياء ؟؟ . 

ــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد