بستـان دوحة الحروف والكلمات ! للكاتب السوداني/ عمر عيسى محمد أحمد

موقع يتعامل مع الفكر والأدب والثقافة والخواطر الجميلة :

بسم الله الرحمن الرحيم

تـأكد مـن أي سـلة كـانت العينـة  !!

لا يجود الإناء خالياَ .. إنما يجود الكل بما يملك  .. والجود بالتأكيد لا يكون إلا بالموجود المتاح  .. فلا يلام من يقدم ويبذل المتاح في مستودعاته الذهنية والأخلاقية ..  وفاقد الشئ يستحيل أن يعطي أكثر مما يملك .. والعطاء لا يكون إلا من مثقلات المخزون في المستودعات .. فالذي يملك المحاسن ويملك ارث الفضائل والأخلاقيات هو ذلك الفاضل في الصفات .. لأنه يقطف الثمرات من مكتسباته  .. تلك المكتسبات الخالية من العيوب .. ويقدم دائما للناس ذلك القبس العالي من المحاسن والأخلاقيات الرفيعة  .. ثم يكسب بذلك صفة الكرم والنبل  .. كما يكسب بذلك لقب الكريم ابن الكرام  .. والأصيل ابن الأصيل .. أما ذلك الذي تعج مستودعاته بالمساوي وقبائح الأعمال والأفعال والأقوال والصفات فهو لا يملك إلا أن يعطي من تلك الموبقات والمهلكات ..  وحين يعطي ويبذل فلا يقدم إلا تلك القبائح التي تغم الصدور .. وتزكم الأنوف بالنتانة ..  وهو ذلك الممقوت بالسيرة الذي يرتع في خانة اللئام .. ويكسب دائماً لقب اللئيم ابن اللئام  .. فإذن المحك والأساس دائماَ وأبداَ يكمن في ذلك الإرث وفي ذلك المنبع الذي يمد الناس بالصفات في البدايات  .. فهنالك من هو إرثه شموخ الصفات .. وأعالي الأخلاق .. وطيب العبق وروعة الخصال ..   وهو عادةَ ينتمي لسلالة تأتي من أجود ماضي العشيرة والأجداد .. ونشأته في منبع الكرام .. يترعرع في بيئة الفضائل والمكارم والمعالي .. رضاعته وفطامه من أنقى وأطهر الصفات .. زاده الشرف والعفة والعزة والسؤدد  .. وسلاحه الرجولة والشهامة والمروءة .. وتربيته تلك المستمدة من أصلاب رجال في طهر الملائكة الكرام .. وهنالك من إرثه قبائح الصفات والأفعال والأعمال والأقوال .. عادةَ ينشأ في بيئة عامرة بالسلوكيات المتدنية القبيحة المقبوحة  .. تلك البيئة التي تعادل حظائر الحيوانات والخنازير .. فكل مكتسباته وتصرفاته وأقواله وأفعاله تليق بما يليق بأهل الحظائر .. والحظائر عادة لا تفوح إلا بتلك الروائح النتنة الكريهة  ..  ذلك النوع من البشر عادةَ يفنى جل عمره وهو يفتقد محاسن الصفات وكرم المعاملات .. ومن سخرية الأحوال فإن ذلك النوع من البشر يظن أن العالم كله مبني بتلك الشاكلة ..  وعندما يعطي ويبذل القبائح من الأقوال والأفعال والصفات فإنه لا يتوقع أن يتلقى إلا المثل من القبائح في المقابل  .. ولكن ليس كل البشر في الأرض يرضع من أثداء الأوحال والمفاسد .. بل تتعالى تلك النفوس الراقية عن مجاراة صفات التدني بالمثل .. وتلك النفوس حتى ولو حاولت فإنها لا تملك تلك العدة من المساوي والقبائح في مستودعاتها .. فلذلك يسقط صاحب الصفات الدنيئة سقوطاً مهيناَ سريعاَ في ميادين الشرفاء والنبلاء  .. حين يتعالى ويتعفف صاحب النفس الراقية عن مجاراته .. والمرء بصفاته وأخلاقياته .. فهنالك ذلك المسكين المحروم من أطايب الصفات والأخلاق .. وهو يستحق الشفقة من الناس ولا يلام  ..  حيث أنه يفتقر تلك المحاسن في مخزوناته  .. وهو البعيد جداَ عن جادة الملائكة الكرام  .. ومستودعاته خالية خاوية تشتكي النقص من صفات النبل والكرم والأخلاقيات المجيدة ..  وتنوء فقط بتلك الأثقال التي يندي لها الجبين .. وحين يجادل ويرمي الآخرين فإن لسانه لا يملك المحاسن إنما يقذف بتلك الحمم من فظائع الأقوال والفحش .. وأهل الحكمة يعذرون صاحب النقص في حسن الصفات والأفعال  .. ويشفقون عليه ويعذرونه لأنه لا يمتلك غير تلك السفاسف من السلوكيات ..  والعيب فيه قد يكون إرثاَ من ماضي الأجداد والأسلاف  .. حيث البدائية والجهالة في سلالم الرقي والتقدم والحضارة والثقافة  .. وإن لم يكن فالعيب قد يكون في إرث لبيئة منحطة خالية من تربية المعاني الفاضلة الحسنة .. وإن لم يكن فقد تكون تلك الخصال ناجمة عن الرضاعة في أسرة هابطة المستوى حيث المرتع الذي يتصف بالجهل والبدائية والضحالة في الأفكار والثقافة .. وحينها لا يمكن لشجرة الحنظل أن تثمر تفاحاَ أو عنباَ ..  إنما هي تلك الأم بصفة المرارة .. وتلك أبنتها الثمرة من رحمها بالأشد في المرارة  .. فلا طابت الأم ولا طابت الثمرة .   

ــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد

 

OmerForWISDOMandWISE

هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 148 مشاهدة
نشرت فى 4 مايو 2014 بواسطة OmerForWISDOMandWISE

ساحة النقاش

OmerForWISDOMandWISE
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

801,248