بسم الله الرحمن الرحيم
أستمـع للنهايـة ثـم احكــم ؟!!
وجهات النظر قد تختلف من شخص لآخر .. ولا ضير أن تتعارض الآراء .. وكل إنسان يملك المجال للنظر في قضية من القضايا بزاوية تختلف عن الآخرين .. ثم هو يضع الصورة التي يراها صحيحة في ذهنه .. وقد يكون محقاَ في حكمه ذاك وقد يكون مخطئاَ .. ولذلك فإن الحوار الحضاري بين أطراف بعقليات حضارية تملك العقول المتفتحة يصحح تلك المفاهيم بين المتحاورين حتى يصوبوا مخزون الأحكام الخاطئة .. وذلك هو جوهر المقاصد والأهداف من الحوار والنقاش والمجادلة الهادفة .. غير أن البعض يخرج عن مفاهيم المنطق والعقل ليتمسك بالرأي الذي أوجده في ذهنه خاطئاَ ثم يدافع عنه بشدة وقوة حتى الرمق الأخير .. فهنا نرى الحوار والنقاش يخرج عن الغاية الأساسية ليأخذ مساراَ مختلفا يدخل في مسميات الحروب الكلامية المقرونة بالضغائن الشخصية .. المبطنة سلفاَ بالكيديات والنوايا العدائية بين أطراف الحوار والنقاش .. والصورة أصبحت متكررة في لقاءات وحوارات الإخوة العرب في القنوات الفضائية .. يختلفون في الآراء والأفكار ثم يجلسون للحوار والمجادلة .. وحتى تلك النقطة فهم على الصواب .. ولكن عند البدء والدخول في الحوار تحس بأنهم قدموا وكل طرف يحمل في جوفه الكم الهائل من الضغائن والعداء للطرف الآخر .. ثم لا يجري الحوار بينهم على أساس الوصول للحقيقة التي تصوب الأخطاء في الأفكار والآراء في أجواء تسودها الإخاء والمودة .. إنما فجأة تنفجر النوايا المبطنة ويشهر كل جانب سلاح الفجور الذي يوسم به المنافق عند الخصام .. فيسقطون كمتحاورين ولا تسقط الأفكار موضع الحوار التي تظل بعيدة عن الغاية .. وهنا نحس بأن أطراف الحوار قدموا وكل يخزن في جعبته القدر الكبير من أسرار العيوب التي يريد أن يوسم بها الطرف الآخر .. وبالتالي فإن كامل الدراما يخرج عن الهدف والإفادة .. فالحوار يفقد المفعول والمشاهد لا يستفيد من الإشهار ونعوت الخصوم .. فيكون الحوار العربي بعيداَ وعلى بون شاسع من الحوار الحضاري الذي يفيد المتحاور ويفيد المشاهد والمستمع .
حـدة الحوار في صلب الرأي والقضية لا تضير .. وإثبات وتقديم قوة البراهين والأدلة أيضاَ يفيد ويثري الحوار المفيد .. ورب صفعة يفيق نائماَ مخدوراَ قد تكون ضرورية عند اللزوم .. وحتى لا يتمادى في غيه ذلك المخدوع .. ورب حقائق يكشفها الحوار تكون غائبة لدى طرف من الأطراف .. كل ذلك يجوز في الحوار والنقاش الهادف .. ولكن دون أن يقترن ذلك بالضغائن والأحقاد والنوايا الشخصية المبيتة .. ومتى ما ألتزم الطرف المتحاور بالأدب والسكون والهدوء في الحوار والنقاش فأعلم أنه على الجانب الفكري الحضاري .. بغض النظر عن صحة الفكر أو الرأي الذي يتناوله .. ومتى ما تهافت طرف من الأطراف لتغطية الساحة بالنباح والصياح والمقاطعة المستمرة فأعلم أنه يفقد عدة الحقائق وهو مجرد بوق وطبلة جوفاء لا يفيد ولا يستفيد .. فالحوار أدب وذوق وعلم وفن .. وسبحان الله رب العرش العظيم حين يقول ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) .. أمر من رب العالمين يختصر الحوار في الجانب الحضاري الذي يفيد ويستفيد .. ويبعد الحوار والنقاش والمجادلة عن ساحة الضغائن والكيديات الشخصية .. فتكون المجادلة والحوار للفائدة عند الحاجة .. بعدها تلتقي النفوس المتحاورة في مودة وإخاء دون أن تتأثر بمجريات الحوار والنقاش .
ـــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
ساحة النقاش