جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
بسم الله الرحمن الرحيم
العاقل لا يؤمـل في ثمـار السـراب !.!!
في هذا الزمن الكل يتسلق جبال الأوهام .. والآمال الكبيرة لدى الجميع هي الوصول لواحات السعادة المزعومة عند بلوغ القمم .. تلك الواحات التي لم تكن حقيقة في يوم من الأيام .. وقلة الخبرة تجعل من الأعمار التي تكون في بدايات الخطوة لتكون هي الأشد يقيناَ وتلهفاَ لبلوغ تلك الواحات .. ثم بالتجارب وبواقع الحال تتراجع الهمم يوماَ بعد يوم مع تقدم الأعمار .. لأن التجارب تثبت لهم مع مرور السنوات بأن الدنيا هي في النهاية دار مكابـدة .. وثمار الدنيا ملقحة بلقاح السراب .. والسراب وهـم في ذاتـه وفي ثمـاره .. فالواهم الجاهل هو ذلك الذي يواصل الجهد والتسلق لبلوغ قمـة هي ليست موجودة من الأساس .. أما ذلك الفطن اللبق فلا ينطلق مع الخائضين بـليداَ مغمضـاَ العينين .. بل يتوقف عن تسلق تلك الأوهام عند العلامات الأولى .. فيجتهد متواضعاَ بالمقدور ويقتنع بما هو متاح .. ويجعل القناعة في القدر الذي يتوافق مع المنطق والمعقول .. وهو بذلك يمتطي حكمة القناعة .. والقناعة كنز لا يفنـى .. ويؤمن يقيناَ بحسابات الأقـدار .. وهنا الزمن يشير إلى تلهف الناس بغير هدى وتفكيـر صائب في كل المسارات .. حيث نرى في كل الساحات الهالات الكبيرة من جبال الأوهام .. ونرى البحار والبحار من أحلام اليقظة التي تحيط بأذهان الناس .. وتلك الأحلام عند الضرورة لا تتحقق بالأمنيات .. إنما هي تتحقق بالعلم وبالتخطيط وبالمثابرة وبالتضحيات .. الملايين من الأجيال الشابة اليوم تظن أن الأحلام تتحقق بالإبدال والتغيير والنقض والثورات والفورات .. وهـي في ذلك واهمة ولا تخدع إلا نفسها .. والبدائل من البشر والزعامات والقادة ما هي إلا عدد مظهرية تمثل الصفر في تحقيق الأحـلام التي تراود النفوس .. والنصيحة الحكيمة للأجيال تكمـن في تناول العمل الجاد والإنتاج المثمر والبذل والجهد في كل الاتجاهات .. وتلك هي شعارات العالم المتقدم اليوم من حولنا .. والذي نبذ مظاهر الفوضى والجهالة والبلطجة .. ولحظة إنتاج وخدمة تحت عزيمة صادقة مقترنة بالوطنية أفضل مليون مـرة من تلك التجمعات في الميادين بهدف المناوشات السياسية وبهدف تحقيق ثمار السراب .. ويظنون بجهالة مفرطة بأن الرخاء والنماء والسعادة في إيجاد البدائل من الرموز ومن الأطراف الضبابية التي تمثل في الغالب نمور من كراتين الورق .. ويظنون أن التقدم بالبلاد وإصلاح الأحوال تكمن في التناحر والتحزب والتشتت والحروب الأهلية .. فنراهم بجهالة مبالغة يرقصون ويطربون لمجرد تبديل الأشخاص في الساحات السياسية .. ويرقصون لمجرد مكاسب سياسية عاطفية هوجاء ليس فيها الحكمة الجادة .. معارك سياسية وهمية .. الخاسر فيها هو الخاسر والكاسب فيها هو الخاسر .. والزمن تبدل والآن في العالم مقولة ( الهـدف العاقل ) .. والهدف العاقل ليس في كسب جولات التنافس السياسية .. ولكن الهدف العاقل في تحقيق التنمية والرخاء والعدالة الاجتماعية وفي توفير الأمن والعلم والأمن والصحة .. أما تلك المكاسب أو الخسائر الوهمية البليدة في جولات التنافس السياسي فهي جدل في الفارغ .. ومضيعة للوقت ما بعدها مضيعة .. لأن معاناة الشعوب ستظل قائمة حتى ولو تم تجربة حكم كل زعامات البلد .. وحتى ولو تم تجربة كل أجندات الفرق المتناحرة .. فالرخاء لا يكون بالتبديل والقتال والاعتماد فقط على أحلام اليقظة .. ولا يمكن لأحد أن يوجد شجرة مجرد صورة في لوحة ثم يتوقع ويطلب ثمارها .. ذلك من المستحيل .. فالذي يريد أن يأكل ثمـرة جادة عليه أن يوجد الأرضية الصالحة ثم يوجد البذرة الصالحة .. ثم يجتهد في مراحل النمـاء بالسهر والرعاية وفي النهاية سوف تكون هناك الثمرة التي تفيد .. وبغير ذلك فلو أجمعت الأمة في رسم ملاين الأشجار في لوحات السراب والأوهام فلن تكون لها ثمـار تنفع الأمـة .. ولو جلست الأمة طوال حياتها في ميادين الثورات بغير إنتاج وجهد فهي في النهاية خاسرة ومضيعة لأوقاتها .. وتدخل البلاد تحت رحمة التناوشات السياسية العقيمة .. وتبقى الساحة فقط للتناحر والتنافس والاقتتال .. وعند ذلك فلا خير في متملك للذمام وهو يهدر الوقت في التناوشات .. ولا خير في ثائر يهدر الوقت في الكيديات .. وكل الصور الحالية مقلوبة تمثل أخطاء جسيمة .. والساحة خالية من عقول عالية كبيرة تفكر تفكيراَ مجرداَ من العواطف والمواقف والاتجاهات .. ومع الأسف الشديد فمجريات الأعمال الطفولية في أحداث الساحات اليوم تظهر وتؤكد حقيقة المقولة بأن إنسان العالم الثالث يفضل أن يكون تحت وطأة مداس الاستبداد والعسكر .. وتلك مقولة كنا نتمنى أن تتخطاها الأجيال الجديدة بعقلية العصر المبنية على الحكمة والعلم وخرائط التنمية البعيدة عن مناوشات الجهل والجهلاء .. ولكن يا حسرة فإن الأجيال الجديدة نرى خطواتها هي في نفس خيبة خطوات الكبار .. دون نقلة نوعية حضارية عالية تؤكد أن الشعوب العربية بدأت في المسار الصحيح في ممارسة الديمقراطية .. ولكن كانت الخيبة كبيرة عندما تأكد لنا أن مفهوم الديمقراطية في العالم العربي هو مفهوم البلطجة حيث القاعدة ليست بأصوات الأغلبية .. ولكن بأصوات القوة وبأصوات التحايل التي تفرض واقعاَ من أقلية على أغلبية .. وتلك إذن ليست الديمقراطية السليمة .. ولكن هي ديمقراطية العرب الظالمة التي رأينا أمثالها في تجارب سابقة في دول عربية أخرى .. فالمعارضة في الدول الحضارية من حولنا لا تفرض البلطجة لتؤكد الذات .. ولكن تنتقد الأنظمة القائمة في أعمالها بشدة وتكشف إخفاقاتها وتعريها أمام الشعب لتكون الدورة لها في الانتخابات القادمة .. ولا يمكن أن يتخيل العقل أو المنطق أو ديباجة العالم المتحضر أن يقوم الحزب المعارض في أمريكا بإسقاط أوباما بقرار من أي جهة ومهما كانت تلك الجهة .. إنما تترصد المعارضة المتحضرة في تلك البلاد لأخطاء الحكم القائم وتنتظر حتى تكمل الدورة الدستورية دورتها ثم تحاسبها حساباَ عسيراَ .. وعند ذلك فللمعارضة أن تأخذ القيادة .. تلك هي الديمقراطية في العالم المتحضر .. أما ديمقراطية العالم العربي فهي تلك المهزلة التي ليس بعدها مهزلة .. ثم في النهاية نجد أن معاناة الشعوب مازالت قائمة .. وأن دورة المكايدات ما زالت جارية على قدم وساق .. فلا يسكت المسقوط ليترك الساحة ويغادر نهائياَ .. ولا يهنأ المجتهد بالإسقاط بنعمة الأحوال .. بل بالمزيد والمزيد من مراحل الفتن والقتل والفوضى والتناحر والشتات .. وفي النهاية الشعوب هي تدفع الثمن .. وهي التي تعاني في كل المسارات .. فيا أسفاَ على أمم ما زالت تعيش في أحلام الشعارات الجوفاء .. ولا تفكر بعقلها .. بل دائماَ وأبـداَ تنادي بعواطفها .
ــــــ
الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد
هنا ينابيع الكلمات والحروف تجري كالزلال .. وفيه أرقى أنواع الأشجار التي ثمارها الدرر من المعاني والكلمات الجميلة !!! .. أيها القارئ الكريم مرورك يشرف وينير البستان كثيراَ .. فأبق معنا ولا تبخل علينا بالزيارة القادمة .. فنحن دوماَ في استقبالك بالترحاب والفرحة .
ساحة النقاش