حوار مع ابنتى

ذات مساء تبادلت حوارًا مع ابنتى الكبرى البالغة عشرين عامًا، وتحدثت معها شأنو فى ذلك شأن كل الأمهات اللاتى تحرصن دومًا على توجيه النصح لبناتهن وخصوصًا فى هذه المرحلة من العمر، وتطرق الحديث بيننا عن طبيعة العلاقات بين الشباب وكيف لها أن تكون فى إطارها السليم حتى لا يحدث ما لا يُحمد عقباه فى ظل ما نراه الآن من أحداث بعيدة كل البعد عن ثقافتنا وما آل إليه حال الأخلاق فى الوقت الحالى بسبب ما نعايشه من انفتاح ثقافى وفكرى لا محدود، سواء من خلال الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي 

واستطردت فى حديثى إليها عن ما نراه الآن من حوادث مؤسفة يمر بها الكثير من الشباب إما بسبب خيانة الصداقة أو بسبب نقص الخبرة لديهم الذى عادة ما يُوقِعهم فى مشكلات كبيرة.

وحرصت أثناء الحوار على توجيه العديد من النصائح ونتائج التجارب التى مررت بها فى حياتى وكيف استفدت من دروسها وعللت لها أن ما دفعنى لسرد هذه الحكايات التى مر عليها زمن بعيد، هو رغبتى فى الحفاظ عليها وتجنبيها الوقوع فى أزمات مشابهة فيما بعد 

كانت ابنتى تستمع جيدًا لما أقول وتنصت باهتمام لحديثى، وبين الحين والحين كانت تطمئنني 

واثبات أنها لم تقع فى مشكلات من هذا النوع، وكأنها تؤكد لى فطنتها 

وأصررت أنا على نصحها وارشادها محاولة اقناعها بأنه من المؤكد انها ستكون بحاجة إلى نصائحي وأنها ستكون الفائز الأول اذا ما استمعت الى تجارب لم تتكلف عناء المرور بها 

كان منطق ابنتى مختلفًا عندما أدهشتني بقولها

لا داع لكل هذا القلق لسبب بسيط أن ما يواجهون الآن لم يكن موجودًا فى السابق ( تقصد جيل الأمهات مثلى) 

فكل ما هو سيء معروض أمامهم ويتعرضون لما لم نتعرض له نحن فى شبابنا 

وهنا قفزت إلى ذهنى مقولة الإمام على  كرم الله وجهه "لا تربوا أبناءكم كما رباكم أباؤكم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم"

وإذا تأملنا قليلًا هذه المقولة لأدركنا صحتها، فقد تربينا فى السابق على السمع والطاعة وكان النقاش غير مسموح إلا فى أضيق الحدود، أما الآن فمساحات الحوار صارت متاحة إلى حد بعيد وأدرك الأبناء حقهم فى إبداء رأيهم ومناقشة الأمور التى تهمهم

لذا نحن بالفعل نحتاج إلى تعديل طرق وأساليب تربية أبنائنا لتناسب متغيرات وتحديات هذا العصر 

فكل امر فيه نصح لابد من تجديده وأن تعاد صياغته 

فاذا كنا نطالب بتجديد الخطاب الدينى فعلى نفس المنوال يجب ان يسير تأديبنا لأبنائنا وتربيتهم

عدد زيارات الموقع

3,313