جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
الأعراض الإكلينيكية للقلق النفسي .
1 – القلق الحاد :
أ - حالة الخوف أو الهلع(1) وهنا يظهر التوتر الشديد ، والقلق الحاد المصحوب بكثرة الحركة وعدم القدرة على الاستقرار مع سرعة التنفس والكلام السريع غير المترابط ، مع نوبات من الصراخ والبكاء تكون مصحوبة بجفاف الحلق واتساع حدقة العين وشحوب الجلد ، والارتجاف الشديد للأطراف سواء الذراعين أو الساقين ، وقد تؤدي سرعة التنفس أحياناً إلى تقلصات عضلية أو إغماء يصيب الفرد الإعياء الشديد بعد هذا الهلع ، وقد أصبح الآن اضطراباً منفصلاً علن القلق .
ب- حالة الرعب الحاد(2) وأهم ما يميز هذه الحالة هو عدم الحركة والسكون المستمر مع تقلص العضلات والارتجاف مع ظهور عرق بارد عزيز ، وهنا لا يستطيع المريض إعطاء معلومات واقية عن حالته ، بل أحياناً لا يعرف المكان والزمان ، وكثيراً ما يعترض هذا السكون الحركي اندفاعاً مفاجئاً يجري أثناءه دون هدى ، وفي المواقف العسكرية أحياناً ما يجري نحو العدو ، أما في المواقف الأخرى فكثيراً ما يهاجم بل أحياناً ما يقتل من يقابله ، وينتشر هذا القلق الخبيث في المجتمعات البدائية ويسمى في الشرق الأقصى بالأموك Amok .
ج – إعياء القلق الحاد(3) : عندما يستمر القلق لمدة طويلة يصيب الفرد إجهادا جسيماً ويصاب بأرق شديد لعدة أيام ويظهر هذا الإعياء أثناء الانسحاب العسكري والبراكين والزلازل والحرائق والكوارث العامة ، ويبدو الوجه جامداً دون عاطفة شاحباً غير منفعل مع التبلد الذهني والسير بطريقة أتوماتيكية بطيئة دون معرفة اتجاهه ، أما إجابته على الأسئلة فتأخذ نمطاً واحداً مختصراً ، وأهم مميزات هذه الحالة هي الأرق الحاد الذي لا يستجيب أحياناً للعقاقير المنومة ، ولذا نلجأ في هذه الحالة إلى حقن وريدية ، ويتعرض المريض أثناء شفائه لنوبات من الهياج والفزع والكوابيس ، وعندما يستمر القلق الحاد لمدة طويلة دون شفاء أو عندما يكون الإجهاد بطيئاً بحيث لا يسبب أي نوع من أنواع القلق الحاد ، فهنا يتعرض المريض لما يسمى بالقلق المزمن .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Withdraw . (2) Anxiety Exhaustion Syndrom
(3) Terror State .
2 – القلق المزمن :
وله عدة أعراض أهمها الأعراض الجسمية وهي أكثر أعراض القلق النفسي شيوعاً ، فنحن نعلم أن جميع الأجهزة الحشوية في الجسم متصلة وتتغذى بالجهاز العصبي اللاإرادي والذي ينظمه الهيبوثلاموس المتصل بمراكز الانفعال ، ولذا فقد يؤدي الانفعال إلى تنبيه هذا الجهاز وظهور أعراض عضوية في أحشاء الجسم المختلفة ، بل وأحياناً يكبت المريض الانفعال ولا يظهر إلا الأعراض العضوية ، وهنا يتجه المريض نحو أطباء القلب والصدر والأمراض الباطنية حسب نوع الأعراض .
وأهم هذه الأعراض :
(أ) الجهاز القلبي الدوري :
هنا يشعر المريض بآلام عضلية فوق القلب والناحية اليسرى من الصدر ، مع سرعة دقات القلب ، بل والإحساس بالنبضات في رأسه ومخه مما يجعله في حالة ذعر من احتمال حدوث انفجار في المخ ، والذي بالطبع لن يحدث ، كذلك يشعر المريض ببعض ضربات القلب غير المنتظمة وتكون الصدمة الكبرى عندما يقيس ضغط الدم ويجده مرتفعاً بعض الشيء من جراء الانفعال وإن أخطأ الطبيب وأخبره أنه يعاني من الضغط المرتفع يبدأ المريض المسكين في سلسلة من الأبحاث والإشاعات ورسم القلب مما يزيد من قلقه وبالتالي من أعراض الآلام والنبضات والضغط ، وهكذا يدخل في حلقة مفرغة تنتهي أخيراً بعلاجه النفسي والسبب في كل هذه الأعراض هو الانفعال الظاهر أو المكبوت والذي ينبه الأعصاب اللاإرادية للقلب .
(ب) الجهاز الهضمي :
وهو من أهم الأجهزة المعبرة عن القلق النفسي ، ويكون في هيئة صعوبة في البلع أو الشعور بغصة في الحلق ، أو سوء الهضم والانتفاخ وأحياناً الغثيان والقيء أو الإسهال أو الإمساك ، بل ويعترض المريض أحياناً إلى ألام مغص شديد يحتار الأطباء في تشخيصه ، كذلك نوبات من التجشؤ تتكرر كلما تعرض الفرد لانفعالات معينة ، وتلاحظ هذه الظاهرة في النساء فقط وخصوصاً المتزوجات واللائي يختلفن في شخصياتهم عن الأزواج وعن طريقة التعبير عن الانفعال وكثيراً ما يكون القيء علامة رمزية للاحتجاج على موقف معين أو الشعور بالتقزز أو الاشمئزاز من شخص ما .
(ج) الجهاز التنفسي :
وهنا يشكو المريض من سرعة التنفس والنهجان والتنهيدات المتكررة مع الشعور بضيق الصدر وعدم القدرة على استنشاق الهواء وأحياناً ما يؤدي فرط التنفس إلى طرد ثاني أكسيد الكربون ، وتغيير درجة حموضة الدم وقلة الكالسيوم النشط في الجسم مما يجعل الفرد عرضة للشعور بالتنميل في الأطراف وتقلص العضلات ودوار وتشنجات عصبية وأحياناً الإغماء ، وتبدأ القصة بأن المريضة تذهب إلى مكان مزدحم أو مغلق أو تتعرض لانفعال شديد من فقدان عزيز أو وفاة ... الخ ، فتبدأ في الشعور بالتنميل ثم الدوخة ثم تشنج ويغمى عليها ، وما حدث هو أن القلق أدى إلى فرط التنفس اللاشعوري لأننا عادة لا نحس بإيقاع التنفس إلا إذا أشتد وغير طبيعته وأحياناً ما تتهم هذه المريضة بالدلع والحساسية .
(د) الجهاز العصبي :
ويظهر القلق هنا في شدة الانعكاسات العميقة عند فحص الجهاز العصبي للمريض ، مع اتساع حدقة العين وارتجاف الأطراف خصوصاً الأيدي مع الشعور بالدوار أو الدوخة والصداع .
(هـ) جهاز الغدد الصماء :
حيث يسبب القلق الكثير من أمراض الغدد الصماء ومن أهمها زيادة إفراز الغدة الدرقية والبول السكري مع زيادة هرمون الأدرينالين من الغدة فوق الكلوية .
(و) الجلد :
يكون القلق النفسي عاملاً أساسياً في أسباب ونشأة الكثير من الأمراض الجلدية ويقال أن الجلد يبكي مثل حب الشباب ، والأكزيما ، والارتكارية ، والصدفية ، والبهاق وسقوط الشعر وغيرها مما جعل أطباء الجلد يهتمون بعلاج الناحية النفسية لمرضاهم أو إحالتهم إلى الطبيب النفسي عند فشلهم في معرفة سبب الصراع .
(ز) الجهاز البولي والتناسلي :
يتعرض معظم الأفراد لكثرة التبول والإحساس الدائم بضرورة إفراغ المثانة وذلك عند الانفعال الشديد ، كما يحدث قبل الامتحانات وعند التعرض لمواقف حساسة ، وأحياناً ما يظهر عكس ذلك من احتباس للبول ويلاحظ ذلك في بعض الأفراد في المراحيض العمومية حيث يصابون بهذا الاحتباس رغم الرغبة الشديدة في التبول ، والسبب الرئيسي في ذلك هو تنبيه الجهاز السمبثاوي أو البارسمبثاوي من جراء القلق .
ومن أهم أعراض القلق النفسي في الجهاز البولي التناسلي هو فقدان القدرة الجنسية عند الرجال (العنة) أو ضعف الانتصاب ، أو سرعة القذف وهي من الأعراض التي تسبب ألماً شديداً عند الرجل ، فالإثارة الجنسية تسبب تنبيهاً هي الأعصاب البارسمبثاوية وبالتالي انتفاخ الأوردة في القضيب مما يسبب انتصابه ، أما عملية القذف والارتخاء فمن اختصاص الأعصاب السمبثاوي التي تقلل من كمية الدم في القضيب .
وكما أشرنا أن القلق يثير الجهاز السمبثاوي ، ومن ثم يسبب فقدان القدرة الجنسية بل وغالباً ما تبدأ الحالة بانتصاب عادي ثم عندما تبدأ المحاولة الجنسية يصاب الرجل بالضعف وأحياناً بالقذف المبكر ، فيبدأ بالخوف على رجولته ومحاولة ثانية ويبدأ في سلسلة من الأبحاث ولا مانع من ذهابه إلى طبيب أمراض تناسلية وأحياناً يأخذ بعض هرمونات الذكورة وهي بالطبع تزيد من رغبته ولكنها لا تقلل القلق ، ومن ثم تزيد الرغبة والضعف ثابت ويمر في دائرة مفرغة تنتهي به عند الطبيب النفسي .
وكثيراً ما تحدث العنة في أوائل شهر العسل عندما يكون الرجل في حالة من التوتر أو القلق نظراً لقلة أو انعدام خبرته أو لحبه الشديد لزوجته أو لوجوده في مكان أهل بالأخوة والأخوات مع وجود الحماة ويطلق عليه شعبياً (مربوط) والبعض قد يذهب للعلاج النفسي وكثيراً ما يصاب الرجل بالضعف الجنسي عند مواجهته لتأنيب الضمير أو الشعور بالذنب أو الخوف من الأمراض ... الخ ولا شك أن السبب الرئيسي في كل هذه الأحوال هو القلق النفسي .
وبذلك فإن معظم حالات الضعف الجنسي وسرعة القذف قبل سن الستين هي حالات من القلق النفسي والاكتئاب ، لأن الأسباب العضوية قليلة ومن السهولة تشخيصها بعمل الأبحاث اللازمة والكشف الدقيق على الجهاز العصبي ، أما في المرأة فالبرود الجنسي وعدم الاستجابة ما يكون سببها في معظم الأحوال القلق النفسي ، بل أحياناً ما يسبب اضطرابات في الطمث من انقطاع تماماً إلى كثرة تردده إلى آلام شديدة قبله ... الخ وعادة لا يفيد علاج الهرمونات في مثل هذه الأحوال .
(ح) الجهاز العصبي :
يتردد معظم المرضى على الأطباء يشكو من آلام مختلفة في الجسم ومن أكثر الأنواع شيوعاً الآلام العضلية ، وهنا يعاني المرضى من آلام في الساقين أو الذراعين والظهر وفوق الصدر وكثيراً ما تشخص هذه الآلام بروماتيزم ويبدأ المريض في تناول عقاقير الروماتيزم دون فائدة واضحة .
والكثير من هذه الآلام نفسية بحتة بسبب القلق النفسي حيث لا يستطيع الفرد أحياناً التعبير عنه وعن الصراعات المختلفة إلا من خلال هذه الآلام بل لقد لوحظ على بعض المرضى وقد أجرى لهم عمليات جراحية لاستئصال الزائدة الدودية والمرارة واللوزتين ... الخ للتخلص من هذه الآلام التي لم تختفي إلا بعد فهم الصراعات المختلفة في حياة الفرد وعلاجها نفسياً وطبياً .
المصدر: جزء من رسالة ماجستير للباحث ناجى داود إسحاق
مع اطيب امنياتى بحياة سعيدة بناءة من اجل نهضة مصر
ساحة النقاش